الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الاسلام هو الحل...........؟

جريس سالم بقاعين

2010 / 12 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تسييس الدين أفرز ظاهرة التأسلم الشعبي.
وظاهرة التأسلم الشعبي دفعت الكثير من أبناء الوطن العربي إلى الاقتناع فعلاً بمقولة إن "الإسلام هو الحل".
جملة بسيطة.
وفحواها أبسط.
مفادها أن كل مشاكلنا التي نعاني منها، كل البلاء الذي نرزح تحت وطأته، كل الفساد والاستبداد والتخلف والجهل، يمكننا ببساطة أن نجد لها حلاً، بالعودة إلى الإسلام "الصحيح".
نبحث فيه.
ننقب في أرجاءه،
كي نجد حلاً!
ففيه تشخيصٌ لكل مرض.
وفيه علاجٌ لكل داء.
هو الحل.
ومشكلتي مع هذه المقولة اقتناعي بأنه في الواقع لا وجود "لإسلام صحيح".
لأن الإسلام ليس واحداً، بل متعدد.
أين إسلام السنغال من إسلام إقليم نجد؟
أين إسلام ماليزيا من إسلام طالبان؟
أين إسلام تركيا من إسلام تونس من إسلام إيران؟
متعدد.
متنوع.
مختلف.
ليس واحداً.
ومادام الأمر كذلك فإلي أي إسلام يجب أن أعود؟
إلى الإسلام الوهابي معجون بفكر الأخوان المسلمين؟
يوم اقتنعت به طالبان، تحولت حياة الأفغان إلى كارثة.
كابوس.
يوم شرّعته السودان ارتكبت المجازر.
يوم طبقته المملكة السعودية على أفراد شعبها، خنقت أنفاسهم.
ولم نسمع أن المملكة تقف اليوم متحدية الهند في تقدمها التكنولوجي والاقتصادي؟
لم نسمع أنها تنتمي إلى الدول المتقدمة الأولى في العالم.
كل ما علينا أن نفعله كي ندرك موقع المملكة اليوم الفعلي أن نزيل العامل النفطي من المعادلة.
ولحظتها سنرى صورتها الحقيقية.
مادام ذاك هو الحل، فلم لم يكن حلها.
أتدرون لماذا؟
لأنها شغلت نفسها بالصغائر.
هذه لازمة لمن يظن أن الحل في الدين.
"غطي شعرك ووجهك يا امرأة!".
"علينا بالفصل بين الجنسين. فثالثهما دائماً الشيطان!". وسلاماً على مليارات الريالات المدفوعة كي تفصل بين الجنسين.
"الصلاة لا تكون بالإرسال!".
" الأذان لا يكون صحيحاً إذا وردت فيه عبارة حي على خير العمل!".
صغائر هي لكنها مع الوقت تصبح كبائر.
ومع الوقت ننسي أن الدين إنما أتي للإنسان.
جاء من أجله،
لم يأت كي يكتم أنفاسه.
وبالطبع،
"عليك بكره الكافر أو المشرك أو النصراني أو اليهودي أو الرافضي بقلبك!!".
والأهم،
"عليكم بإطاعة ولي الأمر!".
هذا هو الأهم.
"الطاعة واجبة لولي الأمر"،
والطاعة واجبة حتى لو كان ولي الأمر هذا فاسداً، منحلاً، طاغياً.
وهو هكذا في العادة.
ذاك "إسلام نبرأ منه، ولا نريده
يخنقنا
ينتهك كرامتنا.
ويقتل إنسانيتنا.
لا يمثل إيماني بالكون الذي خلق نفسه بنفسه.
كما لا يمثل الحب الذي أجده في ذلك الإيمان.
لكن هذا هو "الإسلام" الذي يرون فيه الحل.
أي مصيبة هذه يا انسان؟
هذه واحدة.
الثانية والأهم، هو أنه لا يوجد دين على وجه الأرض يمكن أن يكون حلاً.
لا يوجد دين فيه الحل.
لا يوجد.
إسرائيل رغم قناعتها بأنها تؤسس لدولة يهودية، لم تعمد إلى التنقيب في ثنايا العهد القديم والتوراة في بناء دولتها الحديثة.
بررت لوجودها من خلالهما.
لكنها لم تعتمد عليهما في بناء دولتها.
كل التجارب البشرية التي حققت نجاحاً ملفتاً، أخرها في دولتي الهند والصين اللتين ينظر العالم إليهما اليوم معجباً مرحباً بالعملاقين الاقتصاديين الجديدين، ومتوجساً قليلاً، لم تبحث في دهاليز الدين عن حل.
بل على العكس.
وضعت الدين جانباً.
لم تشغل نفسها به كثيراً.
تركته للناس.
ثم تحولت إلى الإنسان.
اعتمدت عليه.
وضعت ثقتها فيه.
وهيأته لتولي المبادرة والمسؤولية.
ثم قالت له: "أنت الحل. أخرجنا من هذا الوحل".
ففعل.
الإنسان، لا الدين، هو الحل.
والإنسان، لا الإسلام، هو الذي بيده مفتاح التغيير.
الإنسان.
ذاك القادر على التفكير.
ذاك القادر على الإبداع والتنوير.
ذاك القادر على أن يغير ما بنفسه إذا أراد.
الإنسان الحر.
الإنسان العقلاني.
تمعنوا في الكلمتين هاتين "حر، وعقلاني".
تمعنوا فيهما جيداً......
و آخيرا لايسعني الا أن أترحم على شاعر الفلاسفة و فيلسوف الشعراء ابا العلاء المعري و الذي قال:
أيها الغر ان خصصت بعقل فاتبعه فكل عقل نبي
أفيقوا أفيقوا يا غواة فان ديانتكم مكر من القدماء
اثنان أهل الارض: ذو عقل بلا دين و آخر ديّن لا عقل له








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السهل الممتنع
عبد القادر أنيس ( 2010 / 12 / 31 - 22:54 )
بصراحة، لأول مرة أقرأ لك. وبدون مبالغة، لقد أبهرتني طريقتك الشعرية في الكتابة والتعبير بأبسط الكلمات على قضايا كبيرة وعميقة وإنسانية، إنه، كما يسميه الأدباء، السهل الممتنع.
تقبل كامل إعجابي وخالص تحياتي


2 - الاسلام السياسي اتى بهذا الوهم
بشارة خليل قـ ( 2011 / 1 / 1 - 00:09 )
بدل ما يكون الحل معرفة الذات والعمل باجتهاد للحاق بالمسيرة البشرية بالغوا بالتكاثر لينتجوا نسخ لعبيد الغد كعمالة رخيصة ليزيدوا عدد امة اخر الامم في كل شيء ,امة من قيمة الفرد فيها لا تساوي جزء مئوى من اي اسرائيلي (هذا واضح بتبادل الاسرى) واضطهدوا كل من يستطيعوا اضطهاده وزادوا الجرعة تخديرا بهذا الشعار المقلوب بينما بالواقع الاسلام هو اساس المشاكل بنسخته السلطوية
لا امل بامة تحتضر , علامات ذوبانها في باقي الامم جلية


3 - you are a amazing writer
Ashoor Alnamrodi ( 2011 / 1 / 1 - 02:25 )
Actually i returned back and read all your previous articles let me tell you one thing I salute you on your way of writing and your thoughts you are really wonderful.Regards


4 - حتى فى الفكر البشرى
Amir Baky ( 2011 / 1 / 1 - 06:42 )
على مستوى التفكير البشرى توضع الدساتير كمظلة للقوانين فالدستور أرقى من القانون. أما أصحاب الإسلام السياسى فيروجون بأن الإسلام هو الحل وتطبيق الشريعة (القوانين الإسلامية) هى الحل لجميع مشاكل المجتمع المعاصر. فمنهم من يروج لقطع يد السارق و الرجم و الجلد ...الخ من مظاهر العقاب فى القرون الماضية بالمجتمع البدوى. معتقدين أن تسيس الدين هو الحل. فإمتطاء الحكم و السيطرة السياسية على الشعوب تسهل جدا لو دخل السياسي من باب الدين. فيمرر ما يريده و يحمى نفسة بكلام ملفق على الله والرسول. يا سادة نحن أمام بشر تاجروا بأرقى ما يمتلكونه (الدين) لأجل مصالح ذاتية و شخصية. بل لم يضعوا الدين فى مرتبة الدستور وجعلوه كالقانون الوضعى لأجل مصالح فانية


5 - مقال رائع ككل مقالاتك
ضيف الله حامد ( 2011 / 1 / 1 - 22:49 )

الكتابه البسيطة التي تقدم الأفكار بطريقة واضحة ومقنعة هي ما يسمى بالسهل الممتنع. ليس هناك اي دين في العالم اسس للحروب بين شعوب الأرض عدا ما نسميه نحن العرب، بعنجهية تحتقر كل المعتقدات الأخرى، الديانات السماويه والتي تعتمد كلها على خرافات موسى. ادياننا كلها التي ندعي انها نزلت علينا من السماء -- ولا ادري فربما هي صعدت الينا فكيف نميز بين النزول والصعود في هذا الكون وما معنى السماء في المقام الأول -- ادياننا هذه تعترف ان لليهود حق في فلسطين. هل قرأ اصحاب الديانات السماوية التعاليم الرائعة لبوذا الذي حطم ابطال الإسلام تماثيله العظيمة في افغانستان ولم يخرج اي بوذي ليشجب هذا العمل البربري؟

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا