الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة المواطنة هي البديل

حنان بكير

2011 / 1 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المشهد العربي بأحداثه ومشاكله وما ينتظره من مستقبل بات واضحا، وغير مجهول، وأنه ينبىء بمزيد من التدهور والتخلف. والسبب هو انعدام قيام دولة المواطنة والقوانين التي تساوي بين المواطنين، على اختلاف دياناتهم وأعراقهم.
في العراق، بوادر انقسامات باتت قيد التنفيذ، وما هي الا عملية وقت.. ليس فقط في انفصال الشمال، كدولة كردية، وانما تعدته بالمطالبة بإقامة كانتون أو غيتو مسيحي، بحجة حماية المسيحيين! وقد رفضه المسيحيون، عن وعي وادراك لمخاطر هذا المشروع، ولكن لا ندري إن كانت الأحداث سوف تفرض عكس ذلك.
في السودان، خير مثال على أن انعدام المواطنة والعدالة الاجتماعية.. اذ قادت الى الإنفصال الحتمي.. وتشكل حزمة الاغراءلت التي قدمها الرئيس السوداني، للجنوب من امداده بنصيب وافر من ثروات البلاد، خير اعتراف، بإنعدام المواطنة وتوزيع الثروات، ولكن عرضه قد جاء متأخرا ! وعلى قاعدة" اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب" كما نقول بالدارج.. ولم يتّعظ الرئيس السوداني، ولم يقرأ الدرس! فقد بادر الى الإعلان على أن الدستور سوف يتم تعديله، بحيث تصبح الشريعة هي مصدر القوانين في البلاد، في حال انفصال السودان! فكانت ردّة الفعل تحرك سكان دار فور وقبائل شمالية أخرى والمطالبة بالاستقلال، وان خمد صوتهم الآن، فإنما بانتظار ما ستسفر عنه نتائج الإستفتاء يوم الأحد المقبل! والأرجح، أنهم سيعاودون التحرك باتجاه الاستقلال، اذا ما مرّ الاستفتاء بسلام!!
الإعلام برمّته يتحدث عن تدخل خارجي في شأن السودان وانفصال جنوبه، وهذا صحيح بإعتراف أطراف عدة بهذا الشأن. ولكن في ظل دولة مدنية تسودها ثقافة المواطنة والعدالة الاجتماعية، فإن أي تدخل خارجي، لن يجد تربة خصبة للتدخل والتأثير!! وفي كل الأحوال يدفع المواطن الثمن الفادح، من تهجير طوعي أو قسري لا فرق، والعائلات التي ربطتها مصاهرات وأطفال قد أضحوا موزعين بين شماليين وجنوبيين.
الحال في تونس، قد لا يكون بذات السوء، لكنه ينبىء أيضا، ربما ببداية تحرك شعبي رافض للأوضاع، وقد أيقن أن ليس لديه ما يخسره، وهذا ما عبرت عنه حوادث الانتحار، رغم كونهم مسلمين، وأن الانتحار محرّم عليهم! لكنه اليأس الذي لم يجدوا مفرا للهرب منه، إلا بمغادرة الحياة كلها! وأيضا جاء الرئيس التونسي، بحزمة من الاصلاحات أو المعونات، وقدم بعض المسؤولين كبش فداء، لإسكات غضب الشعب! لو جاءت هذه التعديلات والمعونات، قبل الانتفاضة، ألم يكن أجدى وأنفع للطرفين؟ استقبل الرئيس، كذلك عائلة مصاب بالأحداث الأمنية، فلو طلبت هذه العائلة مقابلة الرئيس ، لحل مشكلة ابنهم العاطل عن العمل، فهل كان سيستقبلهم؟ وهل كانوا أصلا يجرؤن عن طلب تلك المقابلة؟ لكن الحمدلله، " ربّ ضارة نافعة"، فقد جاءت الاصابة تأشيرة لدخول قصر الرئيس، وربما كانت تلك العائلة، ما زالت تتحدث بحميمية تلك الزيارة!! ولكن هل ستكون هذه الانتفاضة، مثالا يحتذى لبقية الشعوب العربية، بعد أن تدرك، أن ليس لديها ما تخسره، الا الفقر واليأس؟ فتكون أمام خيار الانتفاض أو الاستقالة من الحياة كلها!
لكن هذه الأوضاع، تشي بعزلة الأنظمة عن جماهيرها، بعد أن حوّلت البلاد الى اقطاعيات خاصة، وجاهزة للتوارث، بعد تعديل دساتيرها ! وأن " الرُعيان بوادي والقطعان بوادي" !
وفي أكثر من بلد عربي مثل مصر والعراق، يتعرض المسيحيون فعليا، الى عملية إبادة وترهيب، لتحملهم على الرحيل. وأن على المسيحيين الدفاع عن إنتمائهم العربي، والتأكيد على أنهم جزء من أوطانهم التاريخية، والذي يشكل وجودهم فيه أسبقية، لأي دين من ديانات المنطقة! وهذا لا يخرج عن كونه مخطط يهدف الى جعل المنطقة، بلون واحد ودين واحد.. وفي قراءة لتاريخ المنطقة، ندرك أن المسيحيين، يتعرضون لمذابح تدفعهم للهجرة والتهجير، من وقت لآخر، فهذه المرحلة التي نشهدها، ليست طارئة ولا جديدة على المنطقة!
إن قيام هكذا دولة، تقوم على لون ديني واحد، غير مقبولة في عصرنا هذا، وإن هيمنة ديانة واحدة، سوف يؤدي الى قهر الديانات الأخرى، والعودة الى زمن الذمية، وهذا التعالي سوف يفتح الصراع على آفاق مجهولة. إن الدولة المدنية، حيث يقف المواطنون على قدم المساواة، دون أي اعتبارات، وأن يعطي المواطن ما لله لله وما لقيصر لقيصر، هو الحل الأمثل لمجتمعاتنا المتعددة الديانات والعرقيات.. وأن يتم حصر دور رجال الدين داخل دور عباداتهم وعدم السماح لهم بالتدخل بالشؤون السياسية.. فقد حدث أن استنجدت الجزائر برجال الدين للتدخل، لصالحها بالطبع، من غضب الجماهير قبل قرابة الشهر !! فقد أصبح لرجال الدين من السطوة ما لا تملكه كل القوى السياسية، وأن هذه القوى الدينية تستخدم من قبل السياسيين، لتثبيت ملكهم وتملكهم لرقاب العباد، أو لتمرير أجنداتهم السياسية، كما حصل مع السادات، حين أطلق العنان للإسلاميين، لتمرير زيارته للقدس، وكان أن قتل على أيديهم..
إن الإستقواء بقوى خارجية، لقهر وقمع الشعوب، كما أظهرت وثائق ويكليكس، انما هي موضة" فاشن" عربي بإمتياز! والسؤال الكبير الذي لن نجد له إجابة هو : لماذا تستسهل أنظمتنا الحكم البوليسي والأمني، والاستقواء بطائرات أجنبية لتركيع شعوبها، على" أن تؤسس لنظام مدني عادل لكل المواطنين؟ إن ميزانية الأجهزة الأمنية، تفوق بكثير ما يمكن أن تصرفه الأنظمة لتأمين ضمانات إجتماعية، تحفظ للمواطن كرامته وإنسانيته، وتستريح هي من غضبه!!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت