الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يرتق الفتق غير من يفتق الرتق –ومحنة فيلم الرسالة

نبيل هلال هلال

2011 / 1 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يمل المشايخ من القول بانفرادهم بالتخصص في الدين وعدم جواز تعدي أهل تخصص مَّا على تخصص آخر, ولا يملون من تحذير غير المشايخ من النظر في الدين مثلما لا يجوز اللجوء لغير الطبيب للعلاج , وتلك قاعدة أرسوها وهم أول من انتهكها , فهم يزاحمون رجال العلوم غير الدينية في شؤونهم , فتراهم يقحمون أنفسهم في أمور علمية بحتة , فيفتون بلا علم , مما يَسِمُ النص الديني بمناقضته للعلم ويرمي المسلمين بالجهل والحماقة ويتهمهم بالخروج من العصر, فمن كبار المشايخ المعاصرين من يرفض القول بكروية الأرض ويهدر دم من يقول بها ! وآخَر من كبار المفتين يكفِّر القائلين بالصعود إلى الفضاء ومنهم من امتنع عن الموافقة على إخراج فيلم سنيمائي يدعو للإسلام -فيلم الرسالة-بدعوى أن الصورة والموسيقى حرام ! وقد أسلم بعد مشاهدة هذا الفيلم من أمريكا وحدها ثلاثون ألف شخص . وانظر الثقة الشديدة بالباطل والانخداع بأنهم أحاطوا بعلوم العصر من داخل "العلم" الديني بينما عجزت عقولهم عن مجاراة الواقع . واسترهب الفقهاءُ الناسَ وحظروا على غيرهم إبداء رأي في الدين ورأوا فيه تعد ٍعلى اختصاصهم , مع أن النبي قال : بلغوا عني ولو آية - لأن تبليغ الدين ليس حكرا على الفقهاء , وإنما من عَلِمَ مسألة أو آية فعليه إبلاغها , فمن علم مسألة فهو فقيه فيها .
وتعللوا بقَََصْر النظر في الدين على من درس الفقه وأصوله وعلوم التفسير والحديث واللغة والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول وعلم الجرح والتعديل , وكان على دراية بتخصيص العام وتقييد المطلق .....الخ , وهي علوم درسها "الفقيه" ولم تمنعه من القول بمثل الفتاوى الهزلية التي نسمعها في الفضائيات . وكأن الناظر في الدين من غير رجال الدين يلزمه أن يكون في ذكاء آينشتين وعقل سقراط وحكمة أفلاطون وفطنة أرسطو , علما بأنه قد سبق وصح دين الصحابة والتابعين وتابعي التابعين من دون الفقيه السلطاني وعلومه التي استحدثها , وكأنه أراد بها استعجام الأمر واستبهامه , فعَسّر ولم ييسر, ومن يرتق الفتق غير من يفتق الرتق .
ويضفي الكهنة الغموض والتعقيد على الدين حتى إذا استغلق فهمه على البسطاء جلّت حاجتهم إلى الكاهن فهو الواسطة إلى الله والجنة, وزعموا التفرد باستحواذ العلم الديني السري المقدس المعقد, وإضفاء الغموض والإبهام في الدين من آليات النصب القديمة التي عرفها الكاهن في مصر القديمة , فكان يتم مراعاة التدرج في إظلام أروقة المعابد وطرقاتها حتى يتم استرهاب " المؤمنين " , ويستمر هذا الإظلام إلى أن يغرق قدس الأقداس في ظلمة تامة ويُحظر رؤية الإله إلا على كبير الكهنة والفرعون شخصيا , فهما النصابان الكبيران اللذان يعرفان أن إلههما المفترَى إنما هو محض كذبة لا يعرف حقيقتها سواهما . وكلما كان الإله غامضا خفيا ومحاطا بالأسرار والألغاز ازداد نفوذ كهنته وزادت فرصهم في التحكم والسيطرة , فليس بوسع أحد فهم الإله أو الوصول إليه إلا عن طريقهم , وبطبيعة الحال كان للكهنة مصلحة حقيقية في الحفاظ على غموض إلههم بل وإحاطته بمزيد من الغموض عن طريق الأساطير المختلفة التي ينسجونها حول قوته وتأثيره على الإنسان , وبذلك يصبحون الوسطاء الوحيدين بين المعبود والناس . والمعبود المصري الأشهر (آمون) معناه الخفي , وطبيعته الخفية هذه أتاحت للكهنة نفوذا خاصا في نقل إرادته وتفسير مشيئته . فهو كائن محاط بالأسرار تجهل - حتى الآلهة - شكله الحقيقي وصورته ليست منتشرة في الكتب , وهو كبير فلا تُعرف ماهيته , وهو قوي فوق المعرفة والإدراك . وكان رسمه المعروف على شكل إنسان , وفي المواكب العامة كان يلف هيكله المحمول على أكتاف الكهنة بغطاء لحمايته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرسالة المفخخة لعقول السذج
محمد بن عبد الله ( 2011 / 1 / 4 - 21:39 )
راجت رسائل متفجرة في الأيام الماضية تنشر الرعب و الدمار في أنحاء أوروبا... لا علاقة مباشرة لهذه الرسائل بموضوع المقال لكن الشيء بالشيء يذكر

هل تصدق يا حضرة الكاتب أن ثلاثين ألف شخص أسلموا بمشاهدة فيلم كما زعمت ؟...وكيف نحكم على من يؤمن بدين بعد مشاهدة عمل سينمائي قد لا يكون أمينا لأحداث التاريخ ؟ ...
تزعم أن ثلاثين ألف من السذج ربطوا مصيرهم بعقيدة بمجرد مشاهدة ممثلين يؤدون أدوارا على الشاشة...يا لسذاجة هؤلاء بل الأحرى القول يا قلة عقل مصدقي مثل هذا الخبر !!!

تنتقد سخف عقلية الفقهاء وأصحاب الفتاوى ثم تؤكد مثل هذا الكلام ؟؟

يفقدك ما كتبت للأسف كل مصداقية


2 - نعم 30 ألف مشاهد وإن لم تصدق ذلك
نبيل هلال هلال ( 2011 / 1 / 4 - 23:23 )
نعم أخي الكريم ,وقد ذكر هذه الواقعة الخاصة بفيلم الرسالة مخرج الفيلم بنفسه مصطفى العقاد رحمه الله , في لقاء مع قناة الجزيرة الفضائية , وهو من حدد الرقم بنفسه ,وهو كان يعيش في أمريكا حيث عُرض الفيلم لأول مرة, لذا فهو أدرى منك ومني بشأن فيلمه, وليس المقصود أستاذنا الكريم أن من شاهدوا الفيلم أشهروا إسلامهم فور الخروج من قاعات السينيما,فلا يظن ذلك غير المغفل ,ولكن المقصود أن الفيلم أثار فضولهم مما د فعهم بالتأكيد إلى دراسة الإسلام أو القراءة عنه ,وأراك تتعجل بافتراض أن الفيلم قد لا يكون أمينا على التاريخ,كما رجمت بالغيب بالحكم على إيمان من آمن منهم ,وحكمت بقلة عقل من يصدق ذلك, ألا ترى أنك تنصب نفسك الناطق الرسمي باسم الصواب والحق, رحمنا الله جميعا , ,


3 - مصداقية الدراما التمثيلية
محمد بن عبد الله ( 2011 / 1 / 5 - 10:45 )
أولا أورد ما كتبت أنت يا عزيزي:

((وقد أسلم بعد مشاهدة هذا الفيلم من أمريكا وحدها ثلاثون ألف شخص ))

ثم تأتي الآن لتناقض نفسك كاتبا في ردك :

((نعم 30 ألف مشاهد ))......مشاهد....مشاهد....مشاهد
ألا ترى أن كلمة (((((مشاهد)))) هنا تغيّر المعنى تماما ؟
للخروج من تهمة التزوير الفاضح تأتي بالتعبيرات المعتادة (ليس المقصود..) !!
أين أمانة الكلمة؟ ولماذا تكتب ما لا تقصد يا سيدي الكريم ؟

فهل كل من شاهد الفيلم أسلم ؟ أتصدق ذلك حتى لو زعم العقاد بأن ذلك قد حدث ؟؟


ثانيا:
أشكرك على إثارة ما كنت قد تحرجت عن ذكره بشأن مصادر القصة...هل سيناريو الفلم يحكي الحقيقة التاريخية المعروفة وكل الحقيقة ولا شيء غيرها أي:

سيرة ابن هشام وابن اسحق
صحيحي البخاري ومسلم
ابن كثير
تاريخ الفتوحات بما فيها اخبار الصحابة (الكرام) خالد وعمرو و(بطولاتها) و إسالتهم للدماء؟

وهل جاء بالفيلم الملهم حديث الذبابة ورضاع الكبير وغزوة بني قريظة والزواج من عائشة و الكثيرات من غيرها كزوجة ابن صلعم وخلافه ؟


هل كان العقاد أمينا على الأحداث التاريخية الموثقة أم أن الفيلم يجب فهمه بنفس عقلية:((ليس المقصود ....لكن المقصود)) ؟؟؟

اخر الافلام

.. التركمان والمسيحيون يقررون خوض الانتخابات المرتقبة في إقليم


.. د. حامد عبد الصمد: الإلحاد جزء من منظومة التنوير والشكّ محرك




.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة