الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة القبطية

سلمان محمد شناوة

2011 / 1 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المشكلة القبطية
يقول عبد الرحمن الراشد في مقاله في الشرق الأوسط إن المشكلة القبطية اكبر من زوجة هاربة ...وهذا حق لان الأقلية القبطية في مصر اكبر من تكون أقلية بعددهم البالغ ثمانية ملايين نسمة ...ولكن هذا العدد ضمن شعب تعداده 80 مليون وبذلك يبلغ 10% من الشعب المصري ...يمكن إن نطلق على المسيحيين في العراق أنهم أقلية حين يبلغ عددهم 500 إلف ضمن ثلاثين مليون أو نقول إن الصابئة في العراق أقلية حين يبلغ عددهم 16 ألف ضمن 35 مليون أو نستطيع إن نقول إن الايزيدية في العراق يعتبرون أقلية ...لكن كيف يكون الأقباط أقلية حين يبلغون ثمانية ملايين نسمة وبتعدادهم هذا ...يساوي عدد مجموعة من الدولة العربية (( الخليجية )) مجتمعة .....
إلا إنهم مع ذلك يعتبرون أقلية ...والتعامل معهم يشوبه كثير من التعنت أحيانا وكثير من الاضطهاد أحيانا أخرى ...وابسط مثال لذلك عدم السماح لهم ببناء كنائس جديدة أو ترميم كنائس قديمة ....يعتبرون أقلية حين يكون عدد النواب الأقباط اقل من العدد المتوقع إن يكون لهم ...يعتبرون أقلية حين نجد نواب مسلمين يتحدثون باسمهم في البرلمان المصري .....أو يعتقدون أنهم أفضل من الأقباط بتمثيلهم ...تكون لدينا مشكلة حين توجه كثير من البرامج دعاياتها وبرامجها للعقلية والنفسية الروحية للأقباط ...وتناقش كثير من الأفكار العقائدية ...فقط لإثبات إن الأخر على خطا .... كثيرا ما يحيرني بل يستفزني التساؤل جدا ...حين أرى إن كثير من الفضائيات تتوجه لمناقشة أفكار وعقائد الأخر ...والعمل بكل ما أوتى من قوة وحجة ومال ودعاية وأعلام ...موجه للأخر لتشكيكه في أفكاره وعقائده ... ولا يسمح للأخر إن يجلس معه أو يجالسه دون إثارة كل الأفكار والعقائد المختلف معها مع الأخر ...ولا يفهم حالة التعايش إلا بهذا الأسلوب وبهذه الطريقة .... ولا أقول هذا لأنه موجه فقط من المسلم الى مسيحي ...بل إن هذا كذلك موجه من السني تجاه الشيعي ....أو العربي تجاه الكردي ..أو التركماني ...أو بعبارة أخرى هي الأكثرية تجاه الأقلية ...
يقول الأقباط في بعض أدبياتهم ((المشكلة القبطية ( وإن كانت كلمة قبطي ابتدأت تزول بتأثير احتكار الغزاة وأتباعهم لكل شيء ) هي مشكلة غزاة يريدون إبادة كل شيء كان موجود وقت غزوهم وتثبيت كل ما أتوا به من دين ولغة وقومية وسلوك وحياة وقيم فالغازي يقول تكلموا لغتي ولا تتكلموا لغتكم , ويقول آمنوا بقوميتي وأنسوا قوميتكم , ويقول آمنوا بديني وأنسوا دينكم , ويقول : عيشوا كما أعيش وإلا الحرب والقتال ، عيشوا على نفقة الدولة بلا عمل ولا إنتاج , المشكلة أن الغزاة وأتباعهم يريدون كل شيء ويريدونا أن نختفي من الوجود , فهم يعترفون بإيمانهم 5 مرات علناً ونحن لا نعترف , وهم يبشرون بدينهم ونحن لانبشر , وهم يأخذون ناس منا كل يوم ونحن لا نأخذ أحد , وهم يطعنون في ديننا ونحن نسالمهم ( دينياً ) , وهم يمارسون ضدنا كل أنواع الجرائم دون عقاب , وهم يملكون كل المدارس ونحن لا نملك مدارس , وهم يمتلكون الراديو والتليفزيون والجرائد والمجلات , والكتب المجانية والمخفضة ، ونحن لا نملك شيء , وهم يتكلمون بفكرهم وروايتهم عن الدين والتاريخ والسياسة والقومية ونحن لا نتكلم , سياستهم أن يأخذوا كل شيء ونحن لا نأخذ أي شيء ، ويريدوا أن يستعلوا علينا في كل شيء ، ونحن نتلاشى ونختفي
هذه هي المشكلة ( مشكلة الإبادة ) وليست المشكلة كما يقول الكثيرون هي بناء الكنائس والوظائف العليا , بماذا تنفعنا الوظائف العليا والدولة إسلامية مخصصة لخدمة كل ما أتى به الغزاة على حساب دمار مصر ؟
فهل هذا حقا شعور القبطي داخل مصر ...
ربما هذا حقيقي ...وربما إننا نهول من الأمر ... ونستغل بعض أحداث بسيطة لخلق غول مرعب ...بين طائفتين الرحمة والسلام كل ما يجمعهما ...
أيضا ربما هذا صحيح ...
ولكن الصحيح الأخر..إن كل يمثله احد الأطراف ويدعو له , كل الرموز والاحتفالات الدينية لأحد الأطراف بالانتصار ...هو حزن للطرف الأخر وهزيمة صعبة على نفسية الأخر ...فالأبطال الشعبيون والدينيون لأحد الأطراف هم بطبيعة الحال ..قتلة ومجرمون للطرف الأخر ... فعمرو بن العاص مثلا يعتبر فاتح مصر ... وهو بنفس الوقت يعتبر الشخص الذي احتل مصر بنظر الطرف الأخر ...من هنا نجد إن الخطاب الثقافي والديني والحضاري لا بد إن يختلف من طائفة إلى أخر ...إذا ما حقيقة التعايش بين هذه الأطراف ...والحقيقة التي يصعب قولها ألان ...إن التعايش ممكن إذا كان الاهتمام بالحياة المدنية ..فنجد المسيحي والمسلم يتجاوران ويتزوران ويحضر احدهما احتفالات وإحزان الأخر ... حين يكون هذا بعيدا عن الأفكار والعقائد الدينية... ..لكنهما يتحولان إلى أعداء ..وعلى طرفي نقيض اذا حاول احد الإطراف تحويل الطرف الأخر إلى دينه ...والمشكلة إن هناك أمور تختص بالحياة الشرعية للطرفين ...فالمسلمون يعتبرون إن إسلام إحدى النساء بزواجها من مسلم منتهى الانتصار والذي يدخل إنسان إلى رحاب الدين , والفوز بالدنيا وبالأخرى, ويعتبر هذا نوع من الجهاد , يدعون له ويرحبون له في كل كتبهم وأحاديثهم , وفي الكتب التاريخية والشعبية الإسلامية كثير القصص من هذا النوع والتي تصور كيف استمات أشخاص تحولوا فجأة إلى أبطال حين ساهموا بإسلام امرأة مسيحية أو ساعدوها للهرب من المجتمع المسيحي إلى المجتمع الإسلامي ... لكن يراه الجانب القبطي منتهى التدخل في خصوصية الطائفة والدين ... وربما هذا ما ولد الشعور المتبادل بالعداء بين الجانبين ....
كذلك يرفض الجانب المسلم رفضا قاطعا إن تتزوج إحدى المسلمات من مسيحي ويعتبرونه ردة وخروج من الدين ...

دائما الأكثرية تشعر أنها تملك القوة والسلطة والسيطرة ...ودائما هي تمارس هذه السلطة والسيطرة ...إلى درجات كبيرة بحيث تتعدى الحدود أحيانا ... وتفرض أراء وأفكار غير مقبولة تماما من جانب الأقلية ... ودائما زيادة الضغط يولد الانفجار ... والمشكلة القبطية لاتخلو من هذا الأمر ...ومهما قلنا عن وحدة وطنية ..وتساوي بين كل فئات الشعب وأطياف المجتمع .. إلا إن الأقلية دائما تشعر بالظلم ...ودائما تشعر إن هناك خلل في التركيبة الاجتماعية ..أو حالة من عدم التوازن بين أطياف الشعب ... وهذه المشاعر دائما تبقى تحت السطح خلف صدور مغلقة .... وهناك عقلاء بين الطرفين يعملون دائما على تهدئة الأوضاع ..لكن دائما تكون هناك أحداث تشعل شرارة الأوضاع ...ولا يستطيع أبدا كل عقلاء الأطراف ذو الاحتكاك المباشر مثل (( المسيحيين والمسلمين )) أو (( الشيعة و السنة )) أو (( العرب والأكراد )) في العراق أو (( العرب والامزيغ )) في المغرب ...إن تشتعل فيما بينهم شرارة صغيرة ...تلتهم الأخضر واليابس ...ثمة تعود لتهدأ ...هل هي طبيعة الأشياء وقوانين الطبيعة والتي يجب إن تكون ...بدون إرادة من الشعوب ... ربما ولكن قضية كامليا هي من هذا النوع من الشرارات البسيطة والتي تشعل الأحداث ...ليس لأهمية القضية ...ولكن لان تحت السطح تقع فوهات مشتعلة ...تبقى تحت السيطرة ...حتى تأتي مثل هذه الشرارة لتطلق بركان ...أن له إن ينطلق ..... كذلك ن تفجير كنيسة القديسين هي نوع أقوى واشد , لأنها تمس الحالة الدينية شديدة الخصوصية بالعقيدة ...
لقد تابعت البرامج المصرية الحوارية خلال الأيام السابقة ... لقد وجدت هلعا وخوفا على وجوه المقدمين وهم يحاولون إن يجمعوا بين أكثر من محاور أو متحدث من الجانبين ... ومن خلال جمعهم بهذه الطريقة ...محاولة للقول إن هناك حمية وطنية وان مثل هذه الأحداث لا تستطيع إن تحدث شرخا بين طوائف المجتمع .
الحقيقة إن من قام بالتفجير عند كنيسة القديسين , لا يملك قنابل فقط يقتل بها عدد محدود أو يصيب بها عدد اكبر ...إنما كان توقيته واختياره للمكان محسوب بدقة ...فهو يستثمر الخلافات القبطية الإسلامية ...اكبر استثمار .. ويعرف جيدا ...إن توقيته وتفجيره يجب إن يحدث اكبر إصابات ..ويعمل على هدم الثقة بين المسلمين والأقباط .... ولنكن منطقين فالأقباط ...مهما كانوا معتدلين فلن يقفوا مع المسلم ضد القبطي ...وكذلك المسلم مهما كان معتدلا ...فلن يقف مع القبطي ضد المسلم ...وحادث من هذا النوع يركز على زيادة حجم الشق بين الطرفين ...وهذا الانفجار لابد إن يولد ردة فعل عنيفة لدى الجانب القبطي ...يؤدي بدورة إلى هجوم معاكس على المساجد الإسلامية والشخصيات الإسلامية ...وما رأيناه من الجموع وهي تهاجم موكب شيخ الأزهر مثال بسيط .....
يعجبني حقا الكلمة والتي تقال في إحدى الفضائيات المصرية " اغضب ..ولكن لا تخرب " لكن حقيقة ...كيف نستطيع كبح جماح هذا الغضب , والغضب كما يقال أعمى وغبي ...والإنسان الذكي العاقل ...حين يصبح فرد من جماعة متحركة يفقد عقله ورشده لصالح عقل ورشد الجماعة ...وفي كل الأحداث والفوضى التي حدثت في كل بلاد العالم ...متى كانت المجموعات المتحركة عاقلة أو رشيدة ...ومتى كانت الاضطرابات تولد عقلانية .......
هذا يذكرني فيما حدث في العراق , حين قامت جماعات محسوبة على القاعدة بتفجير ضريح العسكريين الشريفين ...حيث انفلتت كل الأفكار المضادة والاختلافات بين الطائفتين الشيعة والسنية في ليلة لم تستطيع الحكومة لجم جماحها وأدت إلى قتل وإحراق مساجد وأفراد لأبرياء لا علاقة لهم بالذي حدث وبقى العراق يعاني أكثر من سنة ...لان هؤلاء اختاروا مكان وتوقيت أدى إلى كل هذا ...ومهما كان لدينا من عقلاء ..إلا إن في تلك الفترة العقل تورى عن الأعين إلى مناطق مظلمة ...
المشكلة القبطية هي في الواقع صورة معكوسة من الواقع المصري ... وان كل الأفكار والتوجهات التي تمت خلال قرن من خلق الحالة الوطنية والتي يتعايش بها كل الأطياف والتي شعر الكل أنهم مواطنون من نفس الدرجة لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات ....هذا يمكن إن ينهار في لحظة واحدة بانفجار أمام كنيسة القديسين في مصر ...أو كنيسة سيدة النجاة في العراق ... إلا إن الواقع المصري يختلف عن الواقع العراقي ....إن المسيحيين في العراق يتناقصون عبر الزمن ويتوجهون في رحلات مستمرة إلى بلاد المهجر ...بينما الأقباط المصريون لايزالون متمسكون بأرضهم ومدنهم وقراهم ...لأنهم يعتقدون في انفسهم بأنهم الأصل إما العرب والمسلمون ...فهم طارئون على الواقع المصري ...إما العراق فلقد سيطر العرب والمسلمون على الساحة كاملة ...فلا يكون هناك منفذ للمسيحي إلا بالسفر لدولة المهجر ..... حتى إن أصواتهم سمعناها خافتة خلال الأحداث ...فلا يزال الخوف يسيطر عليهم داخل المجتمع العراقي كونهم أقلية ...حيث تستطيع مجاميعهم أو تكتلاتهم تستطيع إن تنشا جماعات مقاتلة توقف مد الأخر .... مثلما استطاعت الميلشيات الشيعة حين تشكلت بوقف المد السني في وقت زادت جرائم القتل والتهجير ضد طائفة معينة ...حتى الدعوة التي وجهها الرئيس الطلباني بتشكيل قوات شرطة من المسيحيين لحماية مناطقهم لا تنفع ...لأنهم قلة قليلة ينتشرون هنا وهناك خاصة في بغداد والبصرة ... إما الأقباط يختلفون نوعا ما ...فلقد سمعنا صوتهم قويا واحتجاجاتهم لها تأثير قوي تدخلت كل الحكومة المصرية لمحاولة راب الصدع الذي حدث ...الأقباط إذا تجمعوا يستطيعون إحداث تغير ...بخلاف المسيحيين في العراق ..والذين يشعرون أنفسهم أقرادا ...طريق النجاة الوحيد لهم هو الهجرة إلى الخارج ... ونحن رأيناهم خلال العقدين السابقين توجهوا بقوة للهجرة خارج العراق ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأغلبية هى الأرهاب
طاهر مرزوق ( 2011 / 1 / 5 - 08:57 )
كل شكر للأستاذ سلمان على تحليله المنطقى للمشكلة القبطية، أو مشكلة الأغلبية والأقلية فى نظر المسلمين، للأسف المسلم يعتبر نفسه هو الحاكم بامره فى أى بلد ما دام يملك الأغلبية العددية لأن الدين قال له أنه خير أمة أخرجت للناس ، لذلك من حقه السيطرة وحكم البشر مهما كانت أديانهم وأن يطلق عليهم لقب الكفار .
للأسف فى الثقافة الإسلامية مصطلح الآخر هو مصطلح للأستهلاك المحلى وللخطب والكلمات الإعلامية ، لكن الواقع غير ذلك ، فالجميع يعرف ما يقوله القرآن عن الآخر وعدم موالاته ودفع الجزية وهم صاغرون وغيرها من الآيات التى تجعل من الآخر مجرد فرد درجة ثانية فى مجتمع إسلامى وهذه هى هويته الوحيدة التى يطلقها المسلمون عليه.
شكراً للأستاذ سلمان على مقاله الذى أصاب الحقيقة والواقع، وأتمنى أن تكثر الأقلام التى تشرح القضايا بأسلوب محايد مثل الأستاذ سلمان.


2 - للتذكير فقط
سمير آل طوق البحراني ( 2011 / 1 / 5 - 16:29 )
ان كلمة الاكثرية اوالاقلية لا ميزان لها في الحقيقة تحت حكم ديكتاتوري.نحن في البحرين الاكثرية ـ اي الشيعة ــ ولكنن نعامل كما تعامل الاقلية فاين الخلل اذن؟؟. الخلل يقع في مذهب الدولة الرسمي وهو ليس بالضرورة مذهب الالكثرية كما حصل في الحكم الملكي في العراق علما بان اغلبية شعب العراق هم الشيعة.الحل الوحيد لمشاكل الدول العربية والاسلامية هو فصل الدين عن الدولة وليكن الدين لله والوطن للجميع. وبهذه المناسبة اوؤكد ان لا خير يرتجى للعراق اذا كان حكامه احزاب اسلامية وما كلمة الديموقراطية ودولة القانون الا ضحك على الذقون وما الاغلبية التي يتستسر بها حكام العراق الا وسيلة للحكم وليس غاية لان فاقد الشيء لا يعطيه والديموقراطية رجس من عمل الشيطان. ورحم اللهالمتنبي
ستبدو لك الايام ما كنت جاهلا *** وتاتيك بالاخبار ما لم تزود

شكرا لك.

اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah