الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسيحيو الشرق ودموع التماسيح

حسان الجمالي

2011 / 1 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مسيحيو الشرق ودموع التماسيح

حسان الجمالي

لا تسقط ورقة واحدة من شجرة إلا بمعرفة الشجرة كلها

جبران خليل جبران


أثارت الجرائم الأخيرة التي ارتكبت في العراق ومصر والتي سببت مقتل عشرات المسيحيين الذين كانوا يؤدون واجباتهم الدينية داخل كنائسهم٬ موجة استنكار صاخبة تردد دون ملل بأن الإسلام بريء من أولئك الإرهابيين الذين ارتكبوا تلك الجرائم. وكانت كذلك مناسبة لتذكير الناسين أو المتناسين٬ وما أكثرهم٬ أن الإسلام دين تسامح ومحبة وأنه يحترم أهل الكتاب ويعترف بكتبهم وبرسلهم٬ بالإضافة إلى مقولات شبيهة ينفضون عنها الغبار في مناسبات كهذه.

كلام سهل لا يكلف شيئا ويمنحنا نحن المسلمين راحة واطمئنان أهل الكهف٬ ويريحنا من القلق الدائم الموجع الذي يصيب الحريصين على مواجهة الذات ورؤية عوراتهم في المرآة.

في نفس الوقت نمارس بهلوانية فكرية أتقنا فنونها (من الإفراط في الممارسة) متجاهلين٬ لا أقوال بن لادن٬ ولكن محتويات كتبنا الدينية المدرسية وخطب كثيرين من شيوخنا في الجوامع ودروس «الوسطي» القرضاوي على قناة الجزيرة وآخرين على فضائيات أخرى والتي تردد دون كلل أو ملل أن المسيحيين مشركين بالله (بسبب ثالوثهم المقدس) وأن اليهود أحفاد القردة والخنازير وأن الدين الوحيد الصحيح الذي لم يخضع كتابه المقدس للتحريف وعبث العابثين هو الإسلام الذي هو وحده دين السماء الرسمي٬ تماما مئل دين الدولة أو دين رئيسها في معظم بلدان التقوى.

وما أسهل أن ندعي أن لا علاقة للمذابح الطائفية بأفكار الذين يصرون على أسلمه الدولة و تطبيق الشريعة«الإلهية » ويرفضون المساواة بين المواطنين ناهيك٬ لا سمح الله٬ عن مساواة المرأة بالرجل!
وكم من المألوف أن يتنصل من المسؤولية أولئك الذين يرفضون الزواج المدني والقوانين المدنية ويتهمون من يطالب بها على أنه علماني كافر.
أصوات المدافعين اليوم عن المسيحيين مشبوهة ولا مصداقية لها لأنها جاءت بعد فوات الأوان. منذ سنوات يتعرض المسيحيون للاعتداء٬ بسبب الرسوم الكاريكاتورية أو بحجج أخرى. وكنا ساكتين.
قتل من قتل من صائبة العراق ودمرت بيوتهم وتشرد معظمهم ونحن ساكتون.
لم نتحرك يوما من أجل حماية أكراد العراق من المأسوف عليه صدام.
كما لم نتحرك حتى لتقديم المساعدات الإنسانية لأهل الدارفور. ذلك أن السلوك العربي العنصري مقبول على أساس تفوق العنصر العربي٬ والتمييز ضد الأقباط في مصر مشروع باسم تطبيق الشريعة على أهل الذمة.
وما زال التحول من الإسلام إلى المسيحية جريمة من المغرب حتى السعودية. وفي الباكستان يحكم على الكافر بالموت وقد ينفذ حكم الإعدام هناك بحق امرأة في الأيام القادمة٬ ولن ينقذها من الموت سوى استنفار الغرب الصليبي الكافر الذي أنقذ سكينة الإيرانية « الزانية » من الرجم.
الادعاء أن المسؤولية تقع على الإرهابيين والمتطرفين وحدهم فيه كثير من الكذب والنفاق حتى لا نصفه بالدعارة الفكرية. ليس بن لادن هو الذي فرض الإسلام كدين دولة والذي وضع في الدساتير مواد تميز بين مواطني الوطن الواحد. وليس بن لادن هو الذي فرض على الدول الإسلامية وضع تحفظات على مواثيق الأمم المتحدة في قضايا حقوق المرأة والطفل خاصة وحقوق الإنسان عامة. يكفي أن رجل قانون سوري صرح٬ مأخوذا بحميته الدينية٬ أن النصوص المعترض عليها في قوانين الأحوال الشخصية٬ طالما أنها مستمدة من أحكام الشريعة٬ فستبقى نقدسها ونجلها ونطبقها٬ حتى لو خالفت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود الدولية بما فيها حقوق الطفل!

اليوم الذي نعترف فيه أن مشكلتنا هي مع الحرية والتعددية ودولة المواطنة وحقوق المرأة نضع فيه قدمنا اليمنى أو اليسرى على بداية طريق الحرية وكرامة الإنسان. وهو نفس الطريق الذي سيؤدي إلى تحرير الإسلام من قيود الفقه ومن أثقال الشريعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت يا جمالي
نبيل كوردي من العراق ( 2011 / 1 / 7 - 02:40 )
السكوت الجبان هو الذي فرعن جُذام حسين (من مرض الجُذام) وحُثالات البعث علينا وسيفرعن اللاحقون صدقني، نحنُ من جبننا تنهالُ علينا الويلات، لا تصدق الشعراء حين يصفوننا بمرفوعي الجباه، الجباه المرفوعه لا تتعفر بالتراب، ونحـــــنُ جباهُنا (أمطينه). مع وافر الشكر لهذه المقاله القيمه والجريئه


2 - تحية إلى : حسان الجمالي
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 1 / 7 - 08:12 )
مقال واقعي شجاع نادر, مليء بالحقائق التي تتفجر من سنين عديدة على أرض الواقع في بلاد المشرق, وفي كافة البلاد العربية والإسلامية.
ما لم نطالب ـ بوضوح جري ـ بتصحيح كل ما ورد من آيات تشجع على كره الآخر ومحاربته وقتله وتضييق معيشته, والتي تتضارب مع جميع مبادئ حقوق الإنسان والمواطنة والعدالة... لن تنفع دموع التماسيح كما نوه السيد حسان الجمالي, ولن يتراجع الإرهاب المقنع زورا تحت راية الجهاد, ولن تتراجع الفتنة والكراهية بين مواطني الشعب الواحد, طالما لا نملك شجاعة التطور والتغيير...وخاصة التوافق مع العائلة العالمية...
هذه مهمة الفقهاء (الشجعان) اليوم..وكما نفضت المسيحية طغيان الملوك والكنيسة في القرون الماضية حتى تصل إلى النور والعدالة الإنسانية.. على المسلمين اليوم تفجير هذه الثورة الفكرية الإصلاحية, حتى ندخل في رحاب الإنسانية والتآخي بين الشعوب, ونبعد كل خفافيش الظلام...
مع كل تحياتي المهذبة للسيد حسان جمالي...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة

اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟