الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلوة مع الذات

هيفاء حيدر

2011 / 1 / 7
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


خلوة مع الذات
كان اليوم الأخير في السنة فرصة كي تحدثني صديقتي التي تعيش في دولة أوروبية عن خلوتها مع نفسها وعن أهمية الدقائق أو الساعات لا أدري التي عاشتها بمفردها, مع مفرداتها, في هذا اليوم وكم كان ضروري لها أن تعيش هذه الخلوة مع ذاتها ,لم أستغرب الفكرة بمقدار ما شعرت كم نحن بحاجة إلى ممارسة هذا الطقس والاختلاء الى أنفسنا نبوح لها ولكن بعد أن نعطيها فرصة الحديث عن ما تمتلك حولنا من ملاحظات وعن ما سببناه لها من أرق وتعب أرهقها لفترات ولم نشعر بها, نتحدث عن ذاتنا ونحملها ما لا طاقة لنا به على الاحتمال ونطلب منها أن تمدنا بالسكينة والهدوء وهي تنوء تحت حمل نئن من ثقله ووجعه.
كانت مكالمة صديقتي هامة إذ أعادت لي فتح أبواب حسبتها كانت مشرعة بيني وبين ذاتي وإذ بها موصدة , أدخلتني في مسار المراجعة والنقد من حيث لا تدري .وأنا ألتمس القليل من التصالح مع سنة عبرت بكل تلاوينها ومضت دون أدنى التفاتة لما تراكم من أثار الزمن على الجسد المتعب , وها هي السنة الأخرى تبدأ وصديقتي تقص علي بعض من أخبار البلد حيث تعيش .
حديثنا بدأ حول أحوال بلادنا التي لا تسر الخاطر وموجات العنف المجتمعي التي تسود الأردن هذه الأيام والإحساس بعدم الأمان الذي كنا نعيشه ونتفاخر به سابقاً ,عن أسباب هذا العنف الذي يولد كل هذا الحجم من الكراهية وردود الفعل التي تنفلت من عقالها من أحداث معان في الجنوب الى ساحات الجامعات التي تحولت من منابر للعلم والتعلم والانفتاح الى ساحات للمواجهة بين مجموعات من الطلبة وكأنها تدخل المدينة للتو,تخال نفسك وأنت تقرأ وتشاهد الصور وكأن حرب داحس والغبراء قد عادت من غياهب عصور مضت إلى حدود الألفية اليوم. وإذا ما زدنا على هذا المشهد مجزرة كنيسة القديسين في الإسكندرية فإنك حتماً لن تتوه بمعرفة أن الظلام دامس والعتمة مطبقة على عقول من فكر أن يمس ويزهق أرواح أبنائنا وإخوتنا وأحبتنا في مصر بغض النظر عن دينهم وفصلهم ولونهم وجنسهم .
وكان التساؤل لماذا يستكثرون علينا أن نعيش أدميتنا كبشر؟
أي فكر أسود هذا الذي يعشش في العقول والصدور؟
أي مصير ينتظر النساء وراعي الجامع الممسك بالمنبر كما لو كانت عصا بيده يقود بها القطيع يهش بها النساء متوعداً لهن ومهدداً فالويل لمن تحاول أن تدخل دوائر المحرمات التي سنها في غابته .في شرعه لا مكان لحقوق لهن لا في أربيل كردستان ولا الحال أفضل سيكون في بلدان مجاورة لها.
وددت أن انهي الحديث من جانبي باقتضاب ما تبقى من أخبار لدي بشيء مفرح ولم يخطر على بالي أي من الأخبار سوى ما ورد في وثائق ويكيليكس المسربة عن السفارة الأمريكية في عمان بما نقل حول الجنسية فكان خبر محزن حد الألم على واقع عربي بتنا نعيش فيه رجال ونساء .
ترى كم يهم الأمريكان إن كانت المرأة الأردنية لديها حق إعطاء أبنائها وزوجها جنسيتها الأردنية إن كانت متزوجة بأجنبي؟؟
ولماذا تورد في وثائقهم التي يقدمها دبلوماسييهم وبطريقة التجسس ردود الفعل على قضية نعتبرها نحن النساء شأن خاص بنا وبحقوقنا ونقدر الطريقة التي من شأننا أن نخوض من خلالها معركتنا من أجل الحصول على هذه الحقوق, وبالتضامن والشراكة مع نساء أخريات وقوى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في العالم وليس عن طريق سفارة يمتلئ تاريخها ببقع الدم لأطفال فلسطين والعراق وغيرها من البلدان ,كم هزيل موقف أمريكا هذه وهي تسيس الموضوع وتصدر الفتاوى لتؤجج من خلالها سموم الفتنة بإرجاع الموضوع لأصول إقليمية وطائفية بحيث تثبت للقريب والبعيد إنها تقف بالمرصاد لكل لحظة هدوء تطمح شعوبنا عيشها.
لم أنجح أن أبث خبر واحد مفرح لصديقتي فقررنا نقل الحديث إلى الضفة الأخرى للعالم على الخط حيث تعيش في أوروبا.وودت أن اعرف منها كيف يتعاملون مع ضغوطات الحياة لديهم؟
حتى أعود بها إلى الخلوة مع الذات علني أجد ما ينغص عليهم الحياة هناك.
فبادرتني القول لازم الناس تعطي نفسها وقت راحة,يعني الإنسان يحتاج دائماً لوقت لنفسه زمن يخصصه كي يرتاح من هموم وضغوطات أيام العمل .لذلك لدينا هنا تكنيك البوح الذاتي أن نفرغ ما بداخلنا كيفما يحلو لهذه الذات ,النفس البشرية ,أن تجد طريقة لذلك , بالحديث ,بالبكاء,بالضحك,بالصمت,بالصراخ ,وكل هذا يجري بين اثنين ,واحد يتحدث ,وآخر يستمع,
يستمع فقط, ولا يقاطع, لمدة زمنية لنقل ربع ساعة ,ويأتي دورك أنت الأخر ببدء جولتك من البوح والحديث وما تشاء من التعبير التي ما عليك سوى أن تتابع بلا رقيب لا داخلي ولا خارجي فالنفس وما حملت ,ليس لأحد تجاه الآخر أن يدلي بدلوه ولا نصائحه ولا تعاطفه أو عطفه ,الاحترام سيد الموقف ,وحرية التعبير تعلو على كل اعتبار,لو ضمني الآخر أو أخذ يمسد على يدي بلطف وهدوء فهذا سيساعد على أن أكمل حديثي ,أو يكمل حديثة حتى ينتهي الوقت الذي حددناه,لا طبيب نفسي هنا ,فأفضل العلاج ذاك الذي نشخص به ونداوي خلال مراحل الخلوة بين الاثنين.
ولو شئت لفعلت خلوتك لوحدك فأنت بحاجة لهذا ليس فقط في نهاية السنة أو بدايتها لربما في نهاية وبداية كل شهر دون موعد مسبق إلا مع الآخر الذي يعز وجوده في عالمنا نحن هنا طالما هناك من يعد عليك أنفاسك ويحبط أمانيك الجميلة وأنت تتطلع للحظات فقط تتعلم به التكنيك الذي حدثتني به صديقتي كي تخرج ما في قلبك وأنت جالس لوحدك في خلوة مع الذات ربما قد تسعفك فيها دموعك كي ترتاح قليلاً من عناء عام عبر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل عام وانت بخير
منال نصرالله ( 2011 / 1 / 7 - 11:56 )
الاخت العزيزة هيفاء، احاول ان اقرأ لك قدر الامكان وحسب ما يكرمني به وقتي الغارق في الانشغال.
لا يفرغ قلبا حتى لو خلق من -الفرح- من الآه على ما يمر به الانسان في هذا الزمن
حتى الزمن تعب من مشاكلنا ،قدرنا ان نعايش الحياة لا ان نعيشها
لكن مع ذلك لانيأس، فوجود انسان واحد يمكن ان يكون بقلبه معنا تستمر الحياة، ربما بخطوات فاترة الا ان الطريق فيه بالتاكيد مفاجأت


2 - اغتراب الانسان
بيان صالح ( 2011 / 1 / 7 - 12:52 )

العزيزة هيفاء
تحية طيبة
موضوع رائع ,تطرقني إلى أعماق الذات للاستكشاف الداخلي للإنسان وقت الخلوة مع ذاته
يقول ماركس إن العامل يحس بالاغتراب تحت الرأسمالية لان بقدر ما ينتج العامل من الثروة أكثر ويتزايد إنتاجه من حيث القوة والحجم ,يصبح أكثر فأكثر فقرا.
ونحن ألان بقدر ما نتقدم من تكنولوجيا المعلومات وتصاعد الإنتاج و دق طبول الليبرالية الجديدة بانتصار القطب الواحد بقدر ما نحس باغتراب سواء في الشرق او الغرب في ظل هذا النظام الرأسمالي الظالم حيث لا نحس بأمان في أي قطعة من الأرض وسط تصاعد نيران الحرب والفقر والجوع وزرع روح النزعة القومية و الطائفية والدينية المقيتة والتي تجرد الإنسان من إنسانيته


3 - العزيزة منال
هيفاء حيدر ( 2011 / 1 / 7 - 16:29 )
صدقت القول نحن نعايش الحياة ونجاري تفاصيلها أكثر مما نعيشها لدينا الكثير من الآمال والطموحات ويمكن لهذا نشعر بالتقصير اتجاه حياتنا وما تمليه طبيعتها علينا ,أقدر عالياً انشغال كل سيدة منا وحاجتنا الماسة لمزيد من الوقت كي نكمل ما هو مطلوب منا وما علينا فعله تجاه العديد من القضايا
كم شعرت بجميل عبارتك بانه علينا أن لا نياس هذا صحيح ودائماً أن يكون لدينا الأمل بالغد والمستقبل الذي نتعب من أجله
أشكرك وسعيدة بمعرفتك وتعليقك الرائع


4 - العزيزة بيان
هيفاء حيدر ( 2011 / 1 / 7 - 16:44 )
لعل من أكثر الأمور حراكاً هذه الأيام هو هذا التوق عند الإنسان كي يعود أدراجه نحو الداخل
داخله الذي بات يشعر باغتراب عنه لقد تم تسليع معظم ما نملك لذلك بتنا نشعر بهذا الحنين الى خلوة مع الذات نتصارح عبرها من جديد مع أنفسنا وأجسادنا قبل أن يأخذنا طوفان الفتاوي والتدين ونترك ننتظر عذاب موعود في الآخرة إذ ضمنت الرأسمالية عذابنا في الدنيا ألا تلاحظي معي يا بيان هذا التحالف ما بين الدين مجسداً بالخالق وما بين الراسمالية مجسدة باشكال عديدة لأرباب العمل وتقنيات العصر في اضفاء المزيد من العذاب والقهر والترويع لنا معشر البشر فاي تحالف مصالح هذا
أشكر لك تعليقك وابداء الراي


5 - الخلوة مع الذات
ديمة كرادشة ( 2011 / 1 / 8 - 09:30 )
الاخت هيفاء ..هناك من يرى ان هذه الخلوة قد تقودنا الى التصالح مع الذات وبالتالي التكيف مع الواقع الذي نعيش بكل قساوته والخروج من دائرة العتب واللوم للاخر واختيار الطريق الذي نريد . ولكن من جهة اخرى قد تجلب لنا هذه الخلوة التعرف على جوانب مخفية في حياتنا، حرمت علينا سواء كنساء أو كرجال ، تنقلها من كونها مجرد افكارفي اللاوعي الى حالة من الوعي وبالتالي ترجمتها الى افعال وممارسات تعود علينا باللعنة والسخط للحظة التي دخلنا فيها الخلوة وأوصلتنا الى الوعي الذي سيكلفنا الكثير!!


6 - عزيزتي ديمة
هيفاء حيدر ( 2011 / 1 / 8 - 10:58 )
أشكرك لقد أغنيتي الموضوع بإضافة مهمة أصدقك القول أن الخلوة ما هي سوى مراجعة لنا نساء ورجال وضروريتها تكمن في اكتشاف ما لم يكتشف بعد وبعدها ليس المطلوب ان نحكم على النتائج قبل ان ترى النور وليكن لماذا تبقى الأمور قابعة في دواخلنا ولا نسمح لها بأن تتحرر من حيزها ما دمنا نحاكمها بكل شفافية وعقلانية وتبصر عندما يشتغل العقل سوف لن نخاف النتائج لأنها حتماً لمصلحة الإنسان ولا أرى ضير في ان نمارس هذا النقد تجاه أوضاعنا بين الفترة والأخرى
أشكرك من جديد ومرحباً بك على الدوام


7 - sara
sara anwar ( 2011 / 6 / 13 - 11:28 )
الاستاذه العظيمه هيفاء ....كم اتسائل لماذا كل مقالاتك تعتريها عبارات تتسللين من خلالها لمعاداة الاسلام ....اخشى ان في داخلك شي يقول لك لماذا انت غير مسلمة ...اتبعي هذا الصوت وسترين انك ارتحت من مهاجمة عدو ظاهري وداخليا انت بحاجة اليه كالزوج المخلوع زوجتة تريدة لكنها تقنع نفسها بعكس ذلك ومهما حاولت فلابد لها من الرجوع اليه

اخر الافلام

.. -كفى!-.. مظاهرات في أستراليا تطالب بإنهاء العنف ضد المرأة ور


.. المحامية سيرين البعلبكي




.. مشاركة المرأة في القيادة ـ النساء في البلديات محور ورشة عمل


.. ورئيسة اللجنة العلمية بالاتحاد العام للأطباء البيطريين التون




.. أغنية المرأة العربية