الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعتقدات الانسانية الحديثة-الرائيلية - 4( قصّة ألطوفان )

كامل علي

2011 / 1 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مقالة سابقة بعنوان (الرائيلية محاولة للتزاوج بين الدين والعلم) بحثت منشأ هذه العقيدة ومحاولة مؤلّفها استخدام العلم لكسب المؤيدين لدينه الجديد واتمنّى ان يطلّع القاريء العزيز على تلك المقالة الموجودة في موقعي الفرعي بهذا العنوان اضافة الى مقالة مكمّلة للمقالة الاولى وتحت عنوان (حوار مع رائيلي) لاخذ فكرة اوّلية عن الموضوع.
يبدأ رئيس الخالدين حديثه بمقدمة يقول فيها بأنّك ( مخاطبا رائيل ) ستجد في الكتاب المقدّس آثار الحقيقة التي تمّ تحريفها بعض الشيء من طرف النّساخ الّذين لَمّ يتمكّنوا مِن إدراك مثل هذه الاشياء تقنيا وعلميا ولَمْ يكن بوسعهم سوى نسب ذلك إلى عالم الروح والفوق طبيعيات ( الميتافيزيقيا )، وحدها الاجزاء المهمّة مِن الكتاب المقدّس هي الّتي ساشرحها لك امّا عدا ذلك فهي ثرثرة شعرية.
في هذه المقالة سنكمّل ما بدأناه في الحلقات ألسابقة من تأويلات رائيل لسفر التكوين من التوراة:
إذا أنتقلنا بعيدا في سفر ألتكوين ألإصحاح ألرابع: " ومرّت ألأيام فقدّم قايين من ثمر ألأرض تقدمة (...) إلى إيهافي. وقدّم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها." ( ألتكوين 4- 3 و 4 ).
ألخالقين ألمنفيين وألذين هم تحت حراسة عسكرية دفعوا الناس ليأتوهم بالمأكولات من أجل ألإظهار لكبارهم بأنّ مخلوقاتهم طيّبة ولن يتمردوا أبدا على أبائهم.
وهكذا جعلوا أوائل القوم يستفيدون من شجرة الحياة (الكتب ألعلمية) ألشيء ألّذي يفسّر عيش هؤلاء لمدّة طويلة: آدم 930 سنة، شيت 912 سنة، أنوش 950 سنة... ألخ. ( ألتكوين 5- 1إلى11 ).

" ولمّا بدأ ألناس يكثرون على وجه ألأرض وولد لهم بنات، رأى ألخالقون أنّ بنات ألناس حسان، فتزوجوا منهنّ كلّ من أختاروا." ( ألتكوين 6- 1 و 2 ).
أتّخذ ألخالقون ألمنفيون من أجمل بنات ألإنسان زوجات لهم.

" فقال ألإيلوهيم لا تدوم روحي في ألإنسان إلى ألأبد. فهو بشر وتكون أيامه مئة وعشرين سنة." ( ألتكوين 6- 3 ).
لم يكن طول الحياة وراثيا وأبناء ألإنسان لم يستفيدوا تلقائيا من شجرة ألحياة ( الكتب ألعلمية)، ألشيء ألّذي أراح كثيرا بال ألكوكب ألأم. وهكذا تلاشى ألسر وأبطيء تقدّم ألإنسان.

" حين عاشر بنوا ألإيلوهيم بنات ألناس وولدن لهم أولادا، وهم ألجبابرة ألذين ذاع أسمهم من قدم ألزمان." ( ألتكوين 6- 4 ).
لكم هنا ألدليل على إمكانية تناسل ألخالقين ببنات ألناس ألذين خلقوهم على صورتهم وأنجبوا منهم أبناء فريدين. ألشيء ألّذي أصبح خطيرا في أعين سكان ألكوكب ألأم، كان ألتقدم ألعلمي هائلا جدا في ألأرض فقرروا إلغاء خليقتهم.

"ورأى إيهافي أنّ مساويء ألناس كثرت على الأرض، وأنّهم يتصورون الشر في قلوبهم وأنّهم يتهيأون له نهارا وليلا." ( ألتكوين 6- 5 ).
يتمثل ألشر في أنّ ألإنسان يود أنْ يصبح شعبا يساوي خالقيه، شعبا علميا وحرا. إنّه إذا ما تطوّر ألإنسان يمكنه يوما ما أنْ يصل إلى خالقيه.
فقرروا أنْ يدمّروا ألحياة على وجه ألأرض، بإرسالهم لصواريخ نووية من كوكبهم ألبعيد. ولمّا أُخطِر ألخالقون ألمنفيون بألأمر، طلبوا من نوح أنْ يصنع صاروخا يمكنه أنْ يدور حول ألأرض عندما تنفجر ألرؤوس ألنووية على ألارض، وبداخل ذلك ألصاروخ جمع نوح من كلّ كائن حي زوجان ذكرا وأنثى لحفظهما من ألدمار.
وما هذه إلّا صورة. لأنّه في ألحقيقة يمكنه بواسطة خلية واحدة لكلّ كائن حي ذكرا كان أو أنثى خلق ألمخلوق كلّه، ومعلوماتكم العلمية ستمكنكم قريبا من فهم ذلك:
على غرار ألخلية ألأولى لمخلوق في بطن أمّه، فهي تحتوي على كلّ ألمعلومات ألّتي تمكّن من خلق إنسان كاملا يوما ما، حتّى إلى لون عينيه وشعره. وكان هذا عملا ضخما وهائلا ولكنه أُنجِز في ألوقت ألمحدد. ولمّا وقعت ألأنفجارات، كانت ألحياة في مأمن على بعد ألاف ألكيلومترات فوق ألأرض. فغمرت ألقارة بامواج أتت على ألحياة كلّها.

" (...) ألسفينة (...) فأرتفعت عن ألأرض." ( ألتكوين 7- 17 ).
وألملاحظ في هذا ألإصحاح أنّه يقول أرتفعت فوق ألأرض وليس فوق ألماء.
وبعد ذلك أنتظروا حتّى أنعدمت ألأمطار وألتساقطات ألضارة.

"(...) وتعاظمت ألمياه على ألأرض مئة وخمسين يوما." ( ألتكوين 7- 24 ).

ونزل ألصاروخ ذات ثلاث طبقات على ألأرض. (" سوف تجعلها من طبقات، ألسفلى، والثاني، والثالث.") وكان في ألداخل بألإضافة إلى نوح من كلّ جنس بشري زوجان.

" وتذكّر ألإيلوهيم نوحا (...) فأرسل ريحا على ألأرض فتناقصت ألمياه." ( ألتكوين 8- 1 ).
بعد مراقبة ألأشعة ألنووية وإزالتها علميا، طلب ألخالقون من نوح أنْ يبدا بإخراج ألحيوانات ليروا ما إذا كانوا يستحملون ألغلاف ألجوي، ألشيء ألّذي نجح. وبعد ذلك خرجوا إلى ألهواء ألطلق. فطلب منهم ألخالقون أنْ يعملوا وأنْ يتكاثروا ويظهروا ألشكر وألإعتراف بألجميل للذين خلقوهم وأنجوهم من ألهلاك.
فأخذ نوح على عاتقه أنْ يدفع جزءا من محصولاته أو مواشيه إلى ألخالقين كزاد ومئونة لهم.

" وبنى نوح مذبحا لإيهافي. وأخذ من جميع ألبهائم والطيور ألطاهرة بحسب ألشريعة فأصعد محرقات على ألمذبح." ( ألتكوين 8- 20 ).
وسعد ألخالقون لمّا تبيّن لهم أنّ ألإنسان يريد لهم ألخير وتعهدوا على أنفسهم أنْ لا يدمّروهم أبدا. لأنّهم أدركوا أنّه من ألطبيعي أنْ يسعى ألإنسان إلى ألتقدّم.

" (...) فألإنسان يتصوّر ألشر في قلبه منذ حداثته." ( ألتكوين 8- 21 ).
هدف ألإنسان هو ألتقدّم ألعلمي. وأنزل كلّ جنس بشري في مكان خلقه ألأصلي وكلّ حيوان أُعيد خلقه من ألخلايا ألّتي كانت محفوظة في ألسفينة.
" ومنهم تفرّقت ألأمم في ألأرض بعد ألطوفان." ( ألتكوين10-32 ).

في إستعراضنا لتأويلات رائيل للتوراة حول قصّة ألطوفان نلاحظ بأنّه حاول لي ذراع ألآيات ألتوراتية ليا شديدا إلى درجة أستطعنا سماع صوت ألعظام وهي تتكسر تحت ألضغط ألشديد.
قصّة ألطوفان وسفينة نوح هي نسيج أسطوري بدأت خيوطها بالتكوين في حضارات أرض ألرافدين، ثمّ أنتقلت عن طريق أليهود ألمسبيون في ألعراق إلى ألعهد ألقديم ( ألتوراة ) بعد إدخال ألتعديلات أللازمة عليها لتتناسب مع عقائد ألدين اليهودي، ومن ثمّ انتقلت إلى ألدين ألإسلامي بعد أختصارها وإجراء بعض ألتعديلات عليها لتتناسب مع عقائد ألدين ألإسلامي.

في مقالة سابقة بعنوان ( نوح وقصة الطوفان ) طرحت بعض ألتساؤلات حول الصيغة ألدينية لهذه ألقصّة وكما وردت في ألتوراة وألقرآن:

نعلم بانّ في الكرة الارضية ملايين من انواع النباتات والحشرات والحيوانات الاخرى بعضها في مكان اقامة نوح والارجاء القريبة منه، وقسم كبير في الارجاء البعيدة من منطقة اقامة نوح كالقطب الشمالي وافريقيا واستراليا وامريكا الشمالية والجنوبية واوروبا، فكيف جمع نوح هذا الحشد الهائل؟
ولو فرضنا بانّ اللّه بقدرته قد عاونه على جمع هذه الحشود، فهل يعقل ان سفينة مهما بلغت من الضخامة تستطيع ان تستوعب هذا الجمع مع مستلزمات عيشهم من الغذاء والماء؟
رائيل في تأويله يحاول حل هذه ألمعضلات بأللجوء إلى عملية ألإستنساخ للأحياء فبدلا من حشد ألبشر وألحيوانات في ألسفينة يدّعي بأنّ نوح حمل في صاروخه نماذج من خلايا ألاحياء ألمراد أنقاذها من ألكارثة ويفترض أنّ نوح كان عالما عبقريا مختصا في ألهندسة ألوراثية وصنع صاروخا لأنقاذ نسل ألأحياء من ألطوفان.

في النسخة القرآنية لقصّة ألطوفان نلاحظ بأنّ ألسبب ألّذي دعا ألله لإغراق ألكرة الأرضية هو كفر قوم نوح بألرغم من دعوتهم من قبل نوح للإيمان لمئات ألسنين، وفي ألتوراة ألسبب هو أنّ (مساويء ألناس كثرت على الأرض، وأنّهم يتصورون الشر في قلوبهم وأنّهم يتهيأون له نهارا وليلا)، أمّا رائيل فيطرح سببا آخر أو تأويلا للآية ألتوراتية:
(يتمثل ألشر في أنّ ألإنسان يود أنْ يصبح شعبا يساوي خالقيه، شعبا علميا وحرا. إنّه إذا ما تطوّر ألإنسان يمكنه يوما ما أنْ يصل إلى خالقيه )، أي أنّ ألإيلوهيم كانوا يخشون من ألتقدّم ألعلمي للإنسانية ورأوا فيه تهديدا لسلامة كوكبهم.
في إحدى أساطير ألطوفان لحضارات وادي ألرافدين نطّلع على سبب آخر للطوفان:

في مؤلفه ألرائع ( ألرحمن وألشيطان ) ينقل إلينا ألكاتب فراس ألسوّاح فقرات من ألملحمة ألرافدينية أتراحاسيس:
(( ويتّضح موقف ألألوهة ألمتناقض وألمتناوس بين ألخير وألشر، بشكل خاص، في شخصيّة وأفعال ألإله إنليل رئيس ألبانثيون ألرافديني. ففي ملحمة أتراحاسيس، وبعد خلق ألإنسان لخدمة ألآلهة، يتكاثر ألبشر وتكثر ضوضاؤهم ألتي تقض مضجع إنليل وتحرمه ألرقاد، فيضع خطة شريرة لإنقاص عددهم حتى يخلد إلى الراحة.
يأمر ألإله إنليل كبير ألآلهة بتجويع ألبشر بحبس ألمطر عنهم وقتلهم بمرض ألطاعون.( هذه جملة مختصرة من فقرة طويلة فيها تفاصيل التجويع والجفاف والأمراض ).
وعندما لم تنفع كلّ هذه ألاساليب في إنقاص عدد ألناس قرر أنليل إرسال طوفان عظيم يفنيهم عن آخرهم، وأقنع مجمع ألآلهة بالموافقة على ألقرار، عدا ألإله أنكي ألذي نقل ألخبر إلى حكيم ألقوم أتراحاسيس وأمره ببناء سفينة وفق مخطط معيّن، ليحمل عليها أهله وما يستطيع إنقاذه من حيوان ألبر وطير ألسماء، من اجل إستمرار ألحياة بعد ألطوفان )).
في ألحلقة ألقادمة سنكمل مشوارنا مغ تأويلات رائيل للتوراة وسنتناول قصّة برج بابل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل