الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسؤلية نظام : مجزرة كنيسة القديسين ليلة عيد الميلاد بالأسكندرية

محمود الزهيري

2011 / 1 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في وطن يضن علي المنتمين إليه بالأمن .. لايصير هذا وطن , بل الأقرب لتوصيفه أن يكون هو والمنافي سواء , بل .. المنفي في أمان , خير من وطن الخوف والحرمان ..

في وطن يضن علي أهله بالحرية , تظل حياة الغابة حيث الوحوش الضواري , والحشرات القاتلة , أفضل من وطن الكبت وتقييد الطاقات وقتل الحريات والإبداعات ..

في وطن يقدم الهوية علي الذات , ويقسم المواطنين علي أساس معتقداتهم , حينئذ .. تصبح جهنم أفضل منه , حيث لايزال تخيلها شاخصاً في النفس والذات ..

في وطن تسوده عصابات منظمة من الساسة ورجال الدين , ولصوص الأوطان , لاتأمل في العيش تحت سماؤه خيراً , ولا تضمن أن تعيش بكرامة علي أرضه ..

في وطن الحاكم يعتقد في ذاته أنه إله , وأن أتباعه في منظومته الجهنمية أنصاف آلهة .. لاتنتظر إلا أن يكون مصيرك العذاب بنار هذه العصابة في الدنيا , بصورها التي لاتحصي .. في وطن يتقاتل المواطنين فيه علي رغيف خبز , وكوب ماء , واسطوانة غاز , لا تنتظر منهم إلا أن يكونوا من المنكسرين الأذلاء ..

في وطن تحترف نخبه الهرتلة السياسية , ورجال الدين يحترفون الدعارة السياسية بجدارة ..

في وطن يبحث قادته عن صناعة مجزرة , أو فضيحة , أو كارثة يتلهي فيها المأزومون بأحاديث الهراء والكذب والنفاق ..

في وطن علق كافة مشاكله وأزماته علي شماعة الصهيونية والإمبريالية , وأجهزة المخابرات بداية من الموساد , وحتي المخابرات الأمريكية , ماذا تنتظر من هذا الوطن العاجز الفاشل في تحقيق حد الكفاية من خبزه , وعلاجه , وسكناه , ومأواه ..

في وطن أصبح مثقفيه مرضي بممارسة أفعال سرية مخجلة ضد مزاعم متوهمة يسربها له توهماً , سادة الطغيان ولصوص الأوطان , وكارهي الإنسان ..

ليس بجديد علي هذا الوطن أن يستثمر أزمات مواطنيه , ويجعلهم منشغلين بغباوات نخبه , وخيابات مثقفيه , وترهات وأكاذيب رجال الدين فيه , وصراعات ساسته الخائنة للعدل والحرية والمساواة وحلم الرفاهة ..

مازال الصراع علي الهوية هو الصراع الذي تؤجج ناره أنظمة الطغيان والإستبداد , والذي تخلصت منه الأنظمة الديمقراطية بقدر معقول في حياتهم اليومية , وصار الصراع من أجل الرفاهية , وتحقيق ذات الإنسان .

ولكن مازالت المجتمعات العربية تعيش في حالات متعددة من توهم الدفاع عن الله , والحرب من أجله , وكأن الله أعطاهم تفويضاً أو أمراً مباشراً منه بذلك , وفي الحقيقة لم يكن الله من وراء المقصد , ولم يكن الدفاع عنه إلا للتحصل علي حزم من المصالح لأدعياء الدفاع عنه , حدث هذا ومازال يحدث في المنطقة العربية بين المنتمين للديانات الإبراهيمية , حيث المتوجب أنهم ينتموا لأب واحد توحيدي الديانة , إلا أن الصراع علي قدم وساق بين أصحاب الديانات السماوية الثلاث , ويبدأ من التضييق , ويصل إلي السب واللعن والتحقير , لينتهي بالتهديد والوعيد , والقتل والتفجير .

يحدث هذا في دول عديدة , وبدرجات متفاوتة , إلا أنه يأخذ مؤشر إجرامي في مصر , حيث الإستبداد والطغيان السياسي , يمثلان حالة وصلت لمرحلة إجرامية في اللعب علي مصالح الأقليات الدينية , والعرقيات , وإدارة صراعات وهمية تنتج آثاراً حقيقية لها مردود إجرامي علي أرضية الواقع الإجتماعي المشوه بفعل فسادات السياسة , والأنظمة التعليمية المتعددة والمختلطة مابين الديني والمدني , ومابين السماح لجماعات دينية بالعمل في الأوساط الإجتماعية كبدائل للطغيان وإنكسار الأحلام وتوهان الذات , وقبول الأمر الواقع , ورفض جماعات أخري, تتصارع من أجل المشاركة في الحكم والسلطة بدعوي المشاركة لا المغالبة لحين تهيوء الفرصة لتكون المغالبة بديلاً غير حضاري , بجانب رهانات ضد المجتمع بين العربان والرهبان, وتراهن السلطة الطغيانية علي تلك الجماعات في إستمرار وجودها , وكأن السلطة الحاكمة تمتلك مساطر دينية تقيس بها مؤشر الإعتدال والتطرف الديني , وإلا فماذا تعني المؤشرات التي وصلت إلي أن مصر تحتل الرقم 19 من ضمن الدول الأكثر إضهاداً للمسيحيين حسب مؤشر منظمة " أوبن دورز الدولية ".
الكائن في مصر أن جميع الجرائم التي يتم إقترافها ضد المصريين , بصفة عامة والأقباط بصفة خاصة , تنعقد مسؤلياتها علي النظام الحاكم , وأجهزته الأمنية المتعددة , والتي يصعب حصرها , والتي هي الحاكمة بالقول والفعل في مصر , حيث دوائر الخوف المتكررة والمتواصلة والتي تغطي أرجاء الوطن المرهوب والذي تعرفنا عليه بأن إسمه " مصر " , وبدلالة بسيطة مؤداها أن الإستبداد لايعيش ولا يقتات إلا علي أقوات المجتمعات المرهوبة والتي تعيش في دوائر متداخلة من الخوف , ورهاب السلطة الغاشمة التي تكون علي أهبة الإستعداد للتضييق علي حريات المواطنين , ومحاربتهم بأجهزتها , ومؤسساتها , بداية من المحليات والضرائب والتراخيص , والحرمان من الوظائف العامة , ووصولاً لتلفيق القضايا الجنائية , أو تلفيق جرائم تستوجب الإعتقال بدواعي ماتم التعارف عليه جنائياً بجرائم أمن الدولة في ظل قانون الطواريء وليد النظام والعائش معه منذ ولادته إلي ميعاد رحيله المنتظر .
وببساطة فإن جريمة ليلة عيد الميلاد أمام كنيسة القديسين بالأسكندرية , وكافة الجرائم في مصر , ترتكن في مسؤلياتها ونتائجها إلي جانب النظام المصري الحاكم , وكافة أجهزته الأمنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقا أن النظام المصري هو المسئول !
حسين عبد المعبود ( 2011 / 1 / 7 - 17:59 )
يعجبني رأيك ويروق لي ولكني أختلف معك في جملة واحدة وهي جعل مواطنيه ( منشغلين بغباوات نخبه وخيانات مثقفيه وترهات وأكاذيب رجال الدين وصراعات ساسته الخائنة للعدل والمساولة وحلم الرفاهة ) فأنا لا أعرف ساسة في مصر إلا إذا كنت تقصد قادة الأحزاب وحبذا لو بحثنا لهم عن اسم أخر غير الساسة أم تقصد الجالسين على كراسي الحكم مكممي الأفواه كاتمي الأنفاس وأنا أعتقد أنهم جلادون أغوات الحاكم بأمر الله !!! ويجعل كلامنا خفيف عليهم .

اخر الافلام

.. الناخبون المسلمون.. ورقة خاسرة للأحزاب المناصرة لإسرائيل بال


.. حسن المستكاوى: وقت الإخوان قالوا لى ملكش دعوة بالسياسة وخليك




.. كواليس جديدة عن ثورة المصريين وتمردهم ضد حكم تنظيم الإخوان ف


.. حسن المستكاوى: مش قادر أنسى الذكريات المؤلمة وقت حكم الإخوان




.. 153-An-Nisa