الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسكندرية: مدينة التعايش المصرى 2011

شريف حافظ

2011 / 1 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما نحياه، لابد أنه أيقظنا، لأن نفهم، أن مطالب الأقباط إنما هى مطالب كل المصريين!! إن الإرهاب استهدف الجميع، فى حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية! إنه استهدف كل المصريين، بل واستهدف أيضاً الإنسانية، بما تحويه من تعددية، ولا يُمكن تبرير ما حدث، إلا فى حالة رغبتنا تبرير ما تقوم به الحرب "المزعومة" على الإرهاب، بينما تستهدف الآمنين الأبرياء، فى كثير من الأحيان!

إن الإسكندرية، هى عاصمة "التعايش" فى مصر، حيث كان يحيا فيها طوائف متعددة، دينية أو عرقية، فكان يحيا فيها المسلم والمسيحى، إلى جانب اليهودى، وكان هناك المصرى إلى جانب اليونانى والإيطالى والأرمنى!! كانت الإسكندرية، هى حاضنة كل الثقافات، ولذا دوماً نشعر بتلك المزية حين نحل عليها، حيث الانفتاح الثقافى، ما يُميزها!!

فالإسكندرية، كانت دوماً التمثيل الأفضل لمصر على مداها الجغرافى، بما تشمله من تعددية ثقافية وحضارية، أرساه تاريخها الطويل منذ العهود الفرعونية، وعهود البطالمة والإغريق والرومان والأقباط والمسلمين العرب والعثمانيين والمماليك وغيرهم، فجمعت فى طياتها، كل تلك الهويات، مُمتزجة فى قلبها، خالطة بينها، لتُصدر لنا مواطنًا مصرياً مُتسامحًا، لديه وعى بالآخر وبثقافته، وقُدرة على التواصل، منحها له البحر، الذى يأتى له كل يوم بالجديد!

فميناء الإسكندرية، يدخله يومياً الكثير من السُفن، الآتية على سطحها بأُناس كثيرين، مُحملين بأفكار كثيرة، مُغايرة لفكر المصريين، فإذا بتلك الأفكار يقذفها البحر إلى الشاطئ، فتمتزج بأفكارنا، نأخذ منها ما يُمكن أن يتعايش مع فكرنا، ونرفض الغث منه، ونُعيد إلقائه فى البحر مرة أُُخرى، ليذهب إلى مرفأ آخر، حيث أدرك المصرى، ما يقبله وما لا يقبله، فى حس حضارى، تُدركه حواسه الاستشعارية، دون وعى كامل منه لأن تلك طبيعته التى تحيا معه، لأن حضارة الأجداد، أياً كانت هويتهم، قد أثرت فى فكره، وكذلك أثر فيه الاختلاط بكل من يحل على الإسكندرية، وعرف كيف يختار ما يُفيد جمال مدينته من قيمة، وكيف يرفض ما يضرها!
لم تعرف الإسكندرية الرفض المطلق، لمجرد الرفض، ولم تتأثر لمجرد التأثر، ولكنها تأثرت بوعى منها، وعبر اختيار فاهم لطبيعة ما تتكون منه، وما إن حلت عليها الثقافة الوافدة، التى ترفض التعددية فيها، إلا ووجدناها وحيدة، منبوذة فى جنبات المدينة، على عكس غيرها من المدن المصرية، لأن الأصل فى الإسكندرية، ومنذ آلاف السنين، كان دوماً التعددية!! فلقد كانت عروس البحر المتوسط، شاهدة على بزوغ العلم، وحين حل عليها الغُزاة، أياً كانت هوياتهم (حيث لا أعنى هوية بعينها، لأن مصر تم غزوها على مدى تاريخها)، كانوا ينهلون من علمها، وشهد على ذلك كُتب التاريخ، وكيف أنهم استفادوا، ضمن أشياء كثيرة أُخرى، من مُهندسيها فى بناء مبان لا يزال التاريخ يشهد على شموخها فى كل البر المصرى بل والعالم كله!

وبالنسبة للقطر المصرى كله، فإنه ومنذ القدم، يجمع شعبًا منسجمًا، لا تُفرقه حتى الديانة، لأنها من أصل واحد، تُثريها ثقافة الوادى بالسلام والفكر والنمو، وطيبة الشعب المصرى، الودود لزائريه، وهو الأمر الذى يتحاكى به العالم حتى اليوم، ولذا، فإنه حينما جدت علينا، ثقافة أُخرى "دخيلة"، فى ظل مشاكلنا الاقتصادية المتنامية وكتابة مشوهة أُُحادية للتاريخ وتعليم غير مطور، على إثر حروب ثم فساد فى ظل عملية التنمية، حدث تخبط فى الثقافة المصرية، فتاهت عن الخط الطبيعى لها، مما أهل مناخاً لتنامى التطرف فى المجتمع!

إننا يجب أن نستعيد التعايش السكندرى سريعاً، ليس فقط عبر الكلمات المُنمقة، ولكن عبر مبادرة "عملية" لتطبيق هذا التعايش على الأرض، عبر مشروع مُتكامل له، يُمكن أن تتبناه "مكتبة الإسكندرية" كمنارة للعلم فى العالم أجمع، وليس فقط فى مصر.. يجب أن نُقيم المهرجانات الدولية، للسلام والفولكلور العالمى فى تلك البُقعة الغالية، من الحضارة الإنسانية والدولية، وليس فقط المصرية، لجعل الإسكندرية، مدينة التعايش العالمى للعام 2011، وأن نُدرج هذا المشروع، ضمن مشاريع اليونيسكو، لنربط ثقافتنا بالعالم، محترمين فى إطار هذا كله، القيم والمعايير الدينية والإنسانية التى تضمنا جميعاً!!

إن من يظن، أن من استُهدف فى مطلع العام 2011، هو الأقباط فقط، إنما هو واهم، لا يُدرك أن الجزء، يؤثر على الكل، فى مُعادلة الإنسانية، وهو ما يُحرك البشر فى كل مكان، للوقوف إلى جانبنا، فى تلك المأساة! وإن من يعتقد أن مطالب الأقباط بالعيش الآمن فى مصر، هى مطالب خاصة بهم فقط، إنما هو مشوش، لا يُدرك أن طمأنينة الأجزاء، كُلُ على حدة، يُشكل طمأنينة الجميع ومن ثم الأمة المصرية بأكملها، ومن ثم خلق بلاد مُكونة "لرُمانة الميزان"، فى منطقة بأكملها! إننا جميعاً استهدفنا فى كنيسة القديسين، وقد كان الغرض، أن يقول الناس على مستوى العالم، إن الإسلام دين إرهاب، وهو برىء من هذا الفعل، براءة الذئب من دم ابن يعقوب!

فلنجعل مشروعاً للتعايش فى الإسكندرية فى عامنا هذا، يرد على تلك الأكاذيب، ولنبنى تمثالاً للذكرى، بأسماء شُهدائنا فى تلك الموقعة التى لم تُعبر إلا عن ثقافة "وافدة" غبية، لا تستطيع أن تحيا إلا على الدم والأشلاء، ولنُعلى ثقافتنا نحن، القائمة على التعايش والمحبة وإزكاء القيمة والعلم والعطاء، فى عاصمة تعايشنا على مدى التاريخ، وحتى لا ننسى أبداً أننا مُستهدفون وأن توحدنا هو ما يجعل الحاقدين يتوقفون عن مُجابهتنا!

ومصر دائماً وأبداً، أولاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهم مكتبة الاسكندرية !
محمد بن عبد الله ( 2011 / 1 / 7 - 23:38 )
لم يمانع المسئولون المصريون في بناء المكتبة فهي ستجلب السياحة ولم تكلّفهم جنيها واحدا...فقد تحمل مجمل التكاليف دول أوروبا الساذجة...ولكن وكما نعرف فإن تكديس الكتب لا يفيد فالدابة لا تقرأ ما تحمل من أسفار ..

بعد سنة من انشاء المكتبة زرتها وسألت عن الكتب الدينية فتباهى المسئولون بمئات الكتب الصفراء في الدين الاسلامي..لكنني ألححت لمعرفة هل أجد كتبا مسيحية أو يهودية أو بوذية...فذهب المسئول يبحث ويبحث لمدة نصف ساعة وعاد منتصرا حاملا انجيلا وكان الكتاب الوحيد لتمثيل أديان الدنيا خلاف الاسلام !

بالفعل تكتظ المكتبة بالطلاب...لكنهم يدخلونها ومعهم كتب جامعاتهم المفلسة علما وثقافة ويستفيدون فقط بهدوء المكتبة وضوئها المجاني

و أخيرا ...و بدلا من عمالقة ينشرون الفكر المستنير أثمرت المكتبة بعض الموظفين من نوعية المتعصب يوسف زيدان فذكرنا بالسلف الصالح حارق المكتبة الأصلي

أوروبا تنفق وتبني...والتعصب يتنامى !!


2 - الحاكم الصالح من يبذل نفسه عن شعبه
حكيم العارف ( 2011 / 1 / 8 - 01:12 )
اذكر لى من هو محافط الاسكندريه و رئيس الامن بها اقول لك اى الجرائم تكون اكثر انتشارا .

من المعروف ان البوليس المصرى و المخابرات هى اقوى من فى منطقة الشرق الاوسط كله.

هل تريد ان تقول ان هذه الجريمه التى راح ضحيتها 22 قبطى بالأسكندريه لم يتم التخطيط لها بمباركة الامن المصرى !!!

النطام المصرى اهمل التربيه و التعليم فاثمر لنا ثمار الكراهيه و العنف التى نتج عنها الضحايا الابرياء ... و البقيه تأتى ... لأن الرغبه فى الاصلاح ليست وارده

و ان تركت العشب الشيطانى ينمو سيصبح شجره كبيره يصعب التخلص منها الا بالحرق و الدمار الشامل.

لقد اثبت الاخوان المسلمون انهم قوه عظيمه بالمنطقه ينافسون بها الجيش المصرى بل لهم افراد بالجيش يخططون لأنسحاب الامن من اى منطقه ليدخل الاخوان المسلمين و يدمروا المطلوب بدون مقاومه ... كما فعلوا بالأسكندريه مؤخرا .. و مايليها !!!

لعل الكمونى و مافعله السنه الماضيه كان بتخطيط اسرائيلى ايضا !!! كما تريد ان توهم القارئ ان جريمة الاسكندريه كانت بيد غير اسلاميه !!

صباح الخير يامصر - و لكن من اين يأتى الخير

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا