الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجرذان تغرق السفينة: عن إبادة المسيحيين في الشرق

خلف علي الخلف

2011 / 1 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم أعد أذكر أين قرأت؛ أو من القائل: كما أن ظهور الجرذان على ظهر السفينة يدل على أنها ستغرق.. فإن هجرة المسيحيين من هذه المنطقة دلالة على غرقها القريب!

اليوم لم تعد المسألة مجرد هجرة للمسيحيين من هذه المنطقة بل تحول الأمر إلى إبادة منظمة يشترك فيها الجميع بمن فيهم مسيحييو المنطقة أنفسهم.

فخلال أكثر من نصف قرن في هذه المنطقة كان الخطاب السائد خطاب يبث الكراهية، والتطرف الذي كانت صبغته قومية في البداية أكثر منها إسلامبة؛ لأجل انهاض الطاقات لمحاربة قوى الاستعمار.. بدأ ذلك مترافقا مع طلب التحرر والاستقلال.. وإذا كان ذلك يمكن فهمه وحتى تبريره؛ فإن الخطاب استمر بعد ذلك في ظل نشوء «شماعة» إسرائيل.

كانت الكراهية في حينها موجهة لليهود والصهيونية والاستعمار الذي يدعمها. وبقي هذا الخطاب مستمراً حتى تم تهجير آخر يهودي من العالم العربي.
مع بزوغ نجم الوهابية التي تلهت بداية بالالحاد والعلمانية و.. «الاتحاد السوفييتي» وشحن المجاهدين ضده إلى أفغانستان... حتى تم فناءه، ومع انتهاء الحكم العلماني من المنطقة العربية تقريبا.. تم تحويل السعار الخطابي إلى المسيحيين.

فطوال العشرين عاما الماضية ومع انتهاء «المسألة» الأفغانية- السوفييتية «أمريكياً وسعودياً» وارتدادها ضدهما، وقبل؛ وفي ظل محاربة بن لادن وأتباعه الذي تم تسميتهم سعودياً «الفئة الضالة» لم تكن تخلو خطبة في أي مسجد سعودي من تكفبر «للنصارى» والتحريض ضدهم وتعداد مايقومون به من مجون وفسوق... اشترك في ذلك الجهتان المتحاربتان «الفئة الضالة» ومحاربوها الرسميون والمتطوعون المتمسكين بالدين القويم وسماحته!.

وانتشرت الكتيبات المجانية التي يوزعها «المطاوعة» بكميات مهولة على المواطنين والمقيمين في السعودية وبكل اللغات؛ ولا يخلو أي كتاب منها من تحريض ضد النصارى ومن والاهم.

وإذا أخذنا بالاعتبار أنه خلال تلك الفترة كان وسطي المقيمين في السعودية أكثر من 5 مليون مقيم سنوياً، يتجددون في الغالب كل عامين فإنه وخلال العشرين عاماً تعرض حوالي 50 مليون حول العالم لهذا الفكر التحريضي! كان للمنطقة العربية وتحديداً مصر [بحكم كونها قدمت كتلة المقيمين الأكبر للسعودية] نصيبا وافرا منها، إضافة لباكستان وبنغلاديش والهند وإفغانستان واليمن.. والتي هي مراكز انتاج وتصدير التطرف اليوم إضافة للمنبع الأساسي.

وعندما بدأ عصر الفضائيات أصبح الأمر أكثر يسراً وسهولة ونقلت الفضائيات الممولة «وهابياً» أو «إخوانياً» حفلة الكراهية المستمرة ضد اليهود والنصارى، عبر الأثير إلى كل بقاع الأرض. ولأنه لم يعد هناك يهود في تلك الدول فقد تحمل المسيحيون وزر الإثنين معاً.

وصل الأمر إلى الأزهر المعتدل ووصل إلى بعض القوميين المتحولين إسلاماً بل أنه وتحت شماعة «التدخل الخارجي» شارك يساريون سابقون وحاليون في حفلة الكراهية والتحريض.. وشاركت الأنظمة الحاكمة في ذلك، محاولة منها لركوب الموجة الصاعدة واكتساب شرعية تفتقدها. فتم أسلمة المناهج وقوانين الأحوال الشخصية والقضاء، والتعليم والجامعات... كما تم أيضاً أسلمة الإعلام الحكومي، وحتى أجهزة الأمن.. الخ !

كل هؤلاء وأكثر شاركوا في حفلة الكراهية ضد المسيحيين التي بدأت «وهابية» وعمت المنطقة من كل المنافذ.
وفي ظل محاربة الدولة السعودية «للفئة الضالة » ودعوتها لحوار الأديان ظل هذا الخطاب مستمراً داخلها حتى اليوم وإن بوتيرة أقل مما سبق؛ ولكن الراية حُملت في كل الأمصار، وممن حملها الأخوان المصريون المعروفون بشطارتهم بترويج أي خطاب فما بالك لو كان خطاب تحريض ضد اليهود والنصارى «الذميين»... الخ

في ظل هذا الوضع وباستثناءات قليلة ظل مسيحيو المنطقة يرددون اسطوانة التآخي الإسلامي- المسيحي والتعايش التاريخي، ويشكروان حكام المنطقة على بث روح التآخي وحرصهم على التعايش.. يرددون ذلك وهم يسمعون صوت الخطباء في المساجد والمنابر والمناهج والإعلام تحرض ضدهم وتكفرهم وتخونهم وتدعوا المسلمين إلى التضييق عليهم في الطريق وعدم مبادئتهم بالسلام...

والآن بعد أن تصاعدت المذبحة بدأ يتساءل المسلمون ببراءة شديدة اللهجة من يقتل المسيحيين في الشرق ويدعو إلى إبادتهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يجب تغير خطابنا السني
محمود داية ( 2011 / 1 / 8 - 17:57 )
يا استاذ خلف يجب ان نسعى الى تغيير خطابنا ونصنا السني بشكل جذري اننا اصبحنا على كل شفة ولسان اي تستطيع ان تقول اننا المفضوحون في الارض,ولكن بالمقابل هل اذا غيرنا نصنا وخطابنا السني فهل نبقى سنة وهل تضمن ان لا يضحك علينا الروافض ويخلو اللي ما يشتري يتفرج


2 - مقالة عقلانية موزونة
نورس البغدادي ( 2011 / 1 / 8 - 19:15 )
نعم يا استاذ خلف لقد قلت الحقيقة وبفكر صافي نظيف غير متحيز ، نعم اصبحت الجرذان تعشعش في السفينة وأصبحت لها مناعة ضد المبيدات ، شعب مغيب لا مسؤول يتبع سيرة أموات عاشوا منذ قرون في بيئة صحراوية قاسية حلموا بأنهار من الخمر وآللبن وآلحوريات ولا زال الخلف يحلم نفس حلم السلف الى يومنا هذا ، انهم يعطوا ذريعة للأجنبي ان يتدخل ويحدث مزيدا من تقسيم الأوطان ، لقد طردوا وهجروا اليهود سابقا فما كانت النتيجة ؟ الآن جاء دور المسيحيين المسالمين ولكن ان طردوهم من ديارهم هل سيظلوا مسالمين ؟ انهم يخلقون لهم الأعداء ويدمرون دينهم وآوطانهم معا .... تحياتي للأخ خلف وللجميع


3 - آخر دقات ناقوس الخطر
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 1 / 8 - 23:04 )
آخر ناقوس خطر قبل غرق السفينة, وقبل اختفاء بحارتها بأكملهم. هجرة المسيحيين من العالم العربي وما يسمى العالم الإسلامي, يعني فراغ حضاري وفكري وتقدمي وإبداعي كامل, وعودة هذه البلاد إلى تصحر كامل في جميع المجالات. بعيدا عن أية فكرة عنصرية أو تمزقية, هذه هي الحقيقة الأليمة التي يمكن أن تصيب هذه المجموعة من العالم.
من يخطط لهذا المشروع المجرم الإبادي؟ الإسلاميون؟ رؤساء وحكام وملوك البلاد الإسلامية, الذين يشرعون غالبا بدعم إجرامي مفتوح, ومشاركة بالغنائم وتفقير وتجويع شعوبهم, أعني المشايخ وتجار الهلوسات الدينية وبائعي بطاقات السفر إلى الجنة؟؟؟!!!...
ما يصيب المشرق اليوم, وهذه الفتنة بين الطوائف, أكبر كارثة إنسانية,منذ ظهور الإسلام حتى اليوم.. وأضيف متابعة لجميع الكوارث التي أصابته.. والمصائب القادمة أعظم!!!...
بلا انتفاضة شاملة واسعة ضد الغيبيات الدينية وتفسيراتها وما تسببه من تمزق بين طوائف الشعب الواحد, من معتقدات مختلفة, وبغياب التفاهم الكامل وقبول الآخر ومشاركته الكاملة لأفراحه وآلامه.. نحن سائرون.. أوطاننا سائرة إلى التصحر والعدم والظلام الكاملين.. وعامل الزمن ضدنا... مع تحية مهذبة.
أحمد

اخر الافلام

.. زاوية جديدة للاشتباكات المسلحة في محيط الكنيس اليهودي في داغ


.. مشاهد تظهر استيلاء مسلحين على سيارة شرطة أثناء تنفيذ هجوم عل




.. 119-An-Nisa


.. عظة الأحد - القس موسى رشاد يوضح عمل الروح القدس




.. عظة الأحد - الروح القدس بتعمل إيه في الإنسان؟.. القس موسى رش