الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيرياليسون .....يا رب ارحم

أمنية طلعت

2011 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين"، " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
الآيات السابقة من سورة المائدة، فلماذا لا يسمعها المسيحيون في مصر تخرج من أفواه المشايخ، الذين يملأون فضاء مصر سماً من على منابرهم في كل الشوارع والأزقة والحارات؟. بات مسيحيو مصر على يقين من أن الإسلام دين يحض على العنف والكراهية ونبذ الآخر، باتوا يوقنون أنهم ليسو إلا كفار جاحدين لحق الله، في أعين كافة المسلمين، خاصة وأن هذا هو الخطاب الديني الإسلامي المعروف والمنتشر في مصر منذ ما يقرب من العشرين عاماً الآن. لن أتحدث عن الأزهر ومشايخه لأنه وبكل بساطة، فقد مسلمو مصر الثقة فيه واعتبروه هيئة حكومية بحتة، تعمل ضد مصلحتهم تماماً مثل الحكومة التي تسيطر عليه، لذا وعذراً للأزهر وكافة رجاله، لم تعودوا ذوي قيمة في البلاد، تحديداً أمام مشايخ القنوات الدينية المتطرفة، التي تركتها حكومتنا الغراء بمشايخها الأفاقين والمرتزقة، تعمل بمنتهى الحرية ودون ضوابط، فعاثوا فساداً في البلاد ونشروا ثقافة الجهل والتخلف والعنف والكراهية والتكفير بين كل الناس، حتى بات أغلب مسلمي مصر، يؤمنون تماماً بأن المسيحيين كفار وفاسقون وأن وجودهم بينهم يجلب عليهم غضب الله.
عقب حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية، لم يكن لدي ما أقوله، فأنا وبكل بساطة ضمن قائمة المغضوب عليهم من قبل التكفيريين الوهابيين، الذين يعبئون هواء مصر غازاً ساماً بأجندتهم الصحراوية، التي يتلقون مقابل تنفيذهاً أموالاً طائلة. فكرت كثيراً في كتابة مقال، لكنني لم أجد شيئاً لأقوله، أكثر مما قلته سابقاً وتم تكفيري على أساسه. فضلت الصمت، خاصة وأن الزفة الإعلامية التي رفعت شعار الهلال والصليب، طغت على جميع الأصوات، وتصدرت المشهد، فلم يكذب أجدادنا عندما قالوا " يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، فالإعلام المصري، حتى بمنافذه التي تدعي الاعتدال، كانت جزء من لوحة التطرف البشعة التي أصبحت تمثل صورتنا الآن، ولا يمكن تبرئتهم، بمشايخهم الذين يستضيفونهم في كل موضوع، ليشيعوا أفكاراً، وإن لم تكن تحض على الكراهية بشكل مباشر، إلا أنها لا تخلوا منه.
قررت أن أحضر قداس ليلة عيد الميلاد، بصفتي مواطنة مصرية مسلمة تتضامن مع أهلها في الوطن من المسيحيين، كنت أعزي نفسي قبل أن أعزيهم، أحاول أن أعلن أسفي وحزني على ما صار عليه وطني، أبكي لما حدث وأعلن عجزي وقلة حيلتي، حيث لم يبق لي سوى قلبي لأغير به. هيأت نفسي ببساطة لسماع عبارات كراهية ضد المسلمين، وقلت لنفسي أن ذلك سيكون أبسط حقوقهم، وأن علي أن أتقبل هذا الكلام، لكنني وعلى العكس تماماً لم أسمع سوى عبارات المحبة، فالقسيس بدأ خطبته، بتوجيه الشكر إلى كل مسلم تضامن مع مصابهم، وطلب من شعب الكنيسة، أن يصبر على المصاب الأليم، وأن لا يفعل شيئاً سوى الصلاة لمن استشهد والصلاة لمن اعتدى عليهم، حتى يرحمه الله ويهديه إلى الصواب. أؤكد لكم أن القسيس لم يعلم أن هناك مسلم بالكنيسة، فلقد ذهبت مع صديقتي المسيحية، باعتباري مسيحية أيضاً، وكان هذا هو الأمر الذي زلزلني من داخلي، فمشايخ الكراهية، لا يفعلون سوى الصراخ في الميكروفونات والدعاء على غير المسلمين، بأن تتم إبادتهم، في حين يصلي القساوسة من أجل هداية متطرفينا! ومن هنا قررت أن أكتب شيئاً، خاصة بعد أن تلى القسيس صلاة " كيرياليسون، يا رب ارحم"، والتي تحمل في مضمونها رسالة حب وسلام للكون كله، وتدعو لكل الكائنات بالخير.
أنا الآن لا أكتب مقالاً أحلل به ما جرى وما سيجري. أنا الآن لا أكتب مقالاً أدعوا فيه إلى نبذ العنف والتطرف والكراهية بين المسلمين والمسيحيين. أنا الآن لا أدعي كذباً بأننا مازلنا نسيج واحد وأن الهلال مازال يحتضن الصليب. أنا الآن لا أكتب منددة بحكومتنا التي عجزت عن حل كل الأزمات بما فيها أزمة المواطنة والوحدة الوطنية. أنا الآن لا أتهم جهات أجنبية بمسؤوليتها عن الحادث. ولا أتهم مشايخ الفتنة والتطرف بأنهم القاتل الحقيقي. ولا أشير بأصابع الاتهام إلى بعض الباباوات المتطرفين الذين قالوا عن المسلمين أنهم ضيوفاً في مصر، ولا ألفت النظر إلى كُتاب أقباط المهجر الذين يشيعون أن المسيحيين هم السكان الأصليين لمصر وأن المسلمين مجرد غزاة. أنا الآن لا أفعل سوى أن أرفع يدي عالياً بالدعاء لأقول " الرحمة يا الله"، " يا رب ارحم"..... كيرياليسون.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المشايخ
Salem Salem ( 2011 / 1 / 9 - 12:49 )
المشايخ هم فئة سيئة وسيئة جداٌ ، وهم فئة جاهلة متخلفة مليئة بالامراض النفسية ، تنفث امراضها وسمومها واحقادها على المايكرفون ، يتلقى الشباب العاطل عن العمل والجاهل ثقافيا هذه الكلمات ثم يتفاعل معها ، ثم تتلقى فئة اخرى من المشايخ هؤلاء الشباب وتمسح ادمغتهم وترسلهم للموت
الدولة غائبة في مصر ، لو أن الدولة موجودة لدخل العوا الى السجن ولدخل غيره ايضا ، في مصر لا يوجد دولة ولكن يوجد سلطة


2 - كنت اتمنى
بشـــار عيــسى ( 2011 / 1 / 9 - 19:37 )
مقالك جيد يااخت امنية فقد كنت(امينة) في تحليلاتك وتشخصيك للواقع الانساني وطبعا- من خلاله الواقع الديني بين شعوب الديانات المختلفة.. ونقلت مشاعرك النبيلة بتجرد وصدق وحيادية.. ولكن للاسف ليس من صاغ في عالمنا اليوم .. ولكن كم كنت اتمنى لو تطرقت قليلا لما حدث ويحدث من هول وتدمير وازالة للمسيحية كدين قبل منتميها في بلد قريب منكم كان يدعى العراق


3 - الدولة المدنية
خالد ابو شرخ ( 2011 / 1 / 9 - 19:42 )
فليسقط الهلال والصليب والشمعدان لتحيا الدولة المدنية, دولة كل مواطنيها


4 - اضم صوتي الى صوت الاخ خالد
بشارة خليل قـ ( 2011 / 1 / 9 - 22:29 )
لا بد لهذا النفق من نهاية فوجود الكاتبة الامينة والكاتبة فاطمة ناعوت وكثيرات غيرهن وانت وانا والكثيرين معنا وملايين الصامتين في كل الوطن العربي مع طيبة الانسان فيه كفيلة باخراجنا من هذا النفق عاجلا ام اجلا...هذا ما اؤمن به


5 - كرياليســـون ... يارب ارحـــم
كنعـــان شماس ( 2011 / 1 / 10 - 00:04 )
يا اخت امنية اصدق انك اطلعت وكنت امينــة وليرحم الرب وليخرج من يصدح بالقول يا جماعة ما علاقة شـــرذمة من نصارى بدو الحجاز المنقرضين قبل اكثر من الف عام والمطرودين اصلا من المسيحية الرسمية ماعلاقتهم بالمسيحية الواقع علاقة النصارى بالمسيحية هي مثل علاقة الزنادقـــة والقرامـــطة بالاسلام


6 - مطلوب تصحيح ومراجعة
لطيف شاكر ( 2011 / 1 / 10 - 05:27 )
ولا ألفت النظر إلى كُتاب أقباط المهجر الذين يشيعون أن المسيحيين هم السكان الأصليين لمصر وأن المسلمين مجرد غزاة
سيدتي الفاضلة ارجو ان تصدقيني لم يتفوه احد من اقباط المهجر بمثل هذه الكلمة لماذا؟ لان كل اقباط المهجر حصلوا علي الجنسية الامريكية بعد خمس سنوات من اقامتهم واصبحوا مثل سكان امريكا الاصليين فكيف للموجودين منذ 1400 عام
وسيادتك تعلمي تمام العلم ان الاقباط مثقفون واستطاعوا ان يصلوا الي اعلي الدرجات العلمية والوظيفية فكيف يقولون هذه العبارة وهم يعيشونها ان هذه العبارة من صنع المغرضين الكارهين للآخر وانت تعرفيهم تماما فهم كاذبون ويتقولون علي اقباط المهجر ليكرهوا الجميع لهم لانهم لم يستطيعوا ان يلحقوا بهم الاذي كاقباط مصر فديدنهم الدم والهدم والكراهية وانت انسانة مثقفة لايليق ترديد هذه العبارة


7 - إيه مسلمة دي ؟(كما ينطقها إخوتي في مصر
نور العلوي ( 2011 / 1 / 10 - 13:18 )
مقالك جيد
لكن لا أظن أنه على المثقف اليوم أن ينتمي لأي دين من هذه الأديان السومرية العتيقة
تحياتي لك


8 - الشهيدة سالى زهران
ماجد حنا ( 2011 / 2 / 27 - 21:53 )
الأستاذة امنية طلعت
مقالتك عن سالى زهران ابكتنى - - حقها سيظهر يوما ما لأن الله ليس بظالم - - مانستطيعه الآن هو ان نصلى ان يريح ربنا نفسها الطاهرة وان يبرد قلب والدتها وسائر ذويها واصدقائها
مستقبل مصر لابد ان يكون افضل صدقينى مدام هناك مثقفين وكتاب مثلك
لك خالص تحياتى ومحبتى

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س