الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلوك والرواسب الكامنة

صاحب الربيعي

2011 / 1 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


على الرغم من أن سلوك الفرد مرتبط بعوامل المحيط من قيم تربوية ومكتسبات معرفية لكنه لا يخلو من تأثير ضمور بعض خلايا الدماغ أو وجود خلل في السلسلة الجينية، فكلما كانت السلسلة الجينية طويلة ابتعدت عن عالم الحيوان وإن قصرت اقتربت أكثر من عالم الحيوان. ومن ثم فإن حجم الرواسب الكامنة في الذات يكون كبيراً أو قليلاً، لكن حجم المكتسبات التربوية والمعرفية أو ضعفها تزيدها أو تقللها.
إن سلوك الإنسان على نحو عام سلوكاً قصدياً تحركه الرغبات الكامنة وعوامل المحيط والمكتسبات التربوية والمعرفية وتتحكم به خلايا المخ والجهاز العصبي السليمة ليكون سلوكاً سوياً يتوافق مع السلوك العام للمجتمع.
يخضع تفسير السلوك إلى وجهات نظر فلسفية كثيرة، فوجهة النظر الأولى تجد أن الطبيعة الخلقية للإنسان غير مكتملة النمو على نحو كلي لوجود أعضاء ضامرة من بقايا أصلها الحيواني. وبذلك لا يمكن عدّ البشر كائنات عاقلة على نحو كلي لتباين أزمنة تطور السلاسل الجينية وحجم الرواسب الكامنة ومن ثم آليات تحكمها وضبطها للسلوك فكلما أمكن تحديد النسبة المئوية للأعضاء الضامرة في الكائن البشري أمكن تحديد حجم رواسبه الكامنة ومن ثم تحديد امكاناته التحكم بالسلوك وضبطه.
يعتقد (( مييجنيكوف )) أن العدد الكثير جداً من الأعضاء الضامرة المتبقية في جسم الإنسان يدل على أصله الحيواني ويعدّ برهاناً إضافياً على التفسير الفلسفي للطبيعة البشرية ".
وجهة النظر الفلسفية الثانية تبحث في عقلانية الإنسان من عدم عقلانيته وجرى تصنيفه كائناً عاقلاً لتمييزه عن الحيوان لكن عقلانيته نسبية لأنها مرتبطة بسلامة خلايا المخ ومن ثم سلامة آليات التحكم والضبط الذاتي التي تحكمها عوامل المحيط الخارجي والرواسب الكامنة في الذات وتأثرها بالتوجهات التربوية من غرس مبادئ تربوية أو انتزاعها من الذات وعوامل المكتسبات المعرفية التي تقلل مساحة الرواسب الكامنة أو تزيدها ومن ثم تضعف آليات الضبط والتحكم أو تقويها للتحكم بالسلوك الذاتي ليكون منسجماً مع السلوك العام للمجتمع.
يجد (( باريتو )) " أن الإنسان كائن غير عقلاني بالأساس، فالتاريخ لم يزده تطوراً عقلياً كونه مازال منصاعاً إلى رواسبه الكامنة ".
أما وجهة النظر الفلسفية الثالثة فإنها تصف الإنسان كائناً عاقلاً على نحو عام لكنه لا يستخدم آليات عقله لاحكام السيطرة على سلوكه اليومي ويتصرف على نحو متعارض تماماً مع السلوك العقلاني للمجتمع. وبذلك معظم الكائنات البشرية تحكمها سلوكيات منافية للعقل لعدم قدرتها التحكم على نحو ذاتي في ضبط سلوكها ليتوافق مع السلوك العام للمجتمع، لذلك يجب فرض السلوك العقلاني عليها بالقوة للحفاظ على النظام الاجتماعي. يعدّ استخدام القوة لفرض النظام الاجتماعي مبرراً لأن معظم البشر يتصرفون على نحو منافي للقيم العامة والسلوك العقلاني ويتحايلون على النظام الاجتماعي لتمرير سلوكهم غير السوي المؤذي لأقرانهم البشر.
يعتقد (( ميكافيلي )) " أنه على الرغم من أن البشر كائنات عاقلة فأنهم يتصرفون على نحو منافي لأحكام العقل بعدّهم متقلبون، وكذابون، ومنافقون، وجبناء، وشرهون ".
تستند وجهات النظر الفلسفية السابقة الذكر في تفسيرها لسلوك الإنسان اليومي وممارسته في المجتمع إلى أن الرواسب الكامنة في الذات والمرتبطة أساساً بتطور سلسلة الإنسان الجينية من عدم تطورها التي تحكم سلوك الفرد ليتوافق مع السلوك العام للمجتمع. وبذلك فإنها تقر أن ليس كل الكائنات البشرية مخيرة بسلوكها وإنما مسيرة بأحكام رواسبها الكامنة ويجري أحياناً إغفال تأثير عوامل المحيط من غرس تربوي ليكتسب الفرد عضويته في المجتمع، فضلاً عن مكتسبات الذات المعرفية التي تقلل حجم الرواسب الكامنة ومن ثم زيادة فعالية آليات التحكم بالسلوك وضبطه على نحو سوي ليكون منسجماً مع السلوك العام للمجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو