الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راس بوتين والحاكم بامر الله أمير المؤمنيين ..؟!!

سلام كوبع العتيبي

2011 / 1 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في الحادي والثلاثين من يوليو (تموز ) عام 1861 للميلاد ,مات في قلب الأقطار السرية الروسية ,عجوز في التسعين .قال الناس عنه في البلدة الصغيرة التي مات فيدور كوزمج :انه رجل مقدس 0
* * *
هذا الرجل المقدس العجوز فيدور كوزمج ,لا يزال يمثل بالنسبة للتاريخ لغزا يعييه حله .
صحيح ,إن صحائف التاريخ حافلة بإسرار لم يتمكن من معرفتها فغض الطرف عنها ,وكتب على هامش قصتها :
لم أصل إلى معرفة الحقيقة في هذا الأمر بعد .
والأمثلة كثيرة منها :
الرجل ,ذو القناع الحديدي في فرنسا .
جاستون هاوزر في ألمانيا .
الأميرة تراكانوفا ورأس بوتين في روسيا .
الأميرة وشيتا .في براري أمريكا .
الحاكم بأمر الله في مصر .


* * *
ولكن الغموض الذي لا يزال يغلف حقيقة عجوز سيبيريا فيدور كوزمج ,يجعل منها تحديا مثيرا للمؤرخين ,ويدفعا إلى تقليب صفحاته تلك .
والبداية . كانت في يوم من أيام سبتمبر عام 1836 .
دخل قرية كراسنوفيك في سيبيريا ,رجل في السبعين ,في ثياب راهب فقير .
جلباب بني اللون طويل وحذائين قديمين ممزقين .قبضوا عليه فور دخوله القرية .فما جاء براهب كهذا إلى جوف سيبيريا حيث تدور الشكوك على الفور في الغرباء .
وهذا ما سأله ضابط الشرطة المحقق في كراسنوفيك فاجاب :
- إنني ,أتجول في ارض الله الواسعة .
- امعك تصريح من جلالة القيصر بهذا التجوال ؟.
- معي تصريح من رب العالمين
- أوه .هذه الإجابات الغامضة .هه.من أنت ؟. ما اسمك ؟.ومن أين جئت ؟.
- اسمي فيدور كوزمج ,راهب ابحث عن الحقيقة .
- ما هو موطنك ؟.
- لا اعرف .
- أسرتك ؟.
- لااعرف .



- مهنتك قبل إن تدخل في سلك الرهينة ؟.
- لم تكن لي صناعة .
- أتريد مني إن اصدق إن رجلا في طولك وعرضك وقوتك رغم سنك لم يكن يمارس مهنة معينة ؟.
- لقد قلت لك كل ما اعرف .
- هيأتك وأسلوبك ,يدلان على انك حصلت على ثقافة عالية .هل أنت ضابط فار ؟.
- كلا .
- حسنا ,ستبقى في سجننا حتي نسال السلطات في سان بطرسبورغ
* * *
وأوشكوا إن ينسوه عندما تأخرت إجابات سان بطرسبورغ . وحين تذكروه ,ناداه المحقق من حبسه وقال له:
- أنت .ليس لدينا ما يدل على انك هارب سياسي .وعلى هذا , فقد قررنا جلدك عشرين جلدة ,ونفيك من قريتنا هذه .
- هذه إرادة الله
- إلا تسال بأية تهمة قررنا عليك هذا الحكم ؟.
- لا يهم .
- بتهمة التشرد .
- كلنا مشردون نبحث عن الحقيقة .
* * *

وجلدوه ..ثم طردوه .
وسار وحيدا حتى دخل قرية اونسك .وهناك ,استضافه فارس قوقازي في كوخه ,وطالت الضيافة عشرين عاما .اشتهر أمر فيدور كوزمج كقديس مستجاب الدعاء تقع بعض المعجزات على يديه . يعيش على السمك الذي يصطاده من المستنقع القريب ويقضي وقته كله في العبادة والتأمل ولاستغفار
ترى .الاستغفار من ماذا ؟. هذا هو سره الذي لم يكشفه قط لأحد ..السر الذي أوشك احد أهالي مدينة كراسنوفيك إن يصل إليه حين دخل على المحقق بعد إن انتهى الجنود من جلد العجوز وطرده وقال له :
- الم يداخلك الشك يافلاديفيج في حقيقة هذا العجوز الذي زعم إن اسمه فيدور كوزمج ؟.
- لا مجرد راهب متشرد .
- طوله وعرضه ووقاره .طريقة حديثه ,إصبعه الأيمن الذي كان يعلقه دائما في الحبل الذي يشده على وسطه ؟
- آه .لا افهم ماذا تعني بهذا يا بيسيل ؟.
- تعلم ,إنني سافرت ذات مرة إلى سان بطرسبوزغ أليس كذلك ؟.
- أ .. هكذا تقول زوجتك دائما .
- هناك ,شهدت موكب القيصر الكسندر الأول . ثم رايته وهو يترجل عن جواده ليضع النياشين على صدر بعض ضباطه الذين اشتركوا في هزيمة بونا بارت بعد فراره من موسكو .



- قد يكون هذا كله صحيحا .أ .. ما علاقته بالعجوز فيدور كوزمج ؟.
- العجوز فيدور كوزمج الذي أمرت بجلده ثم طرده من قريتنا ,هو بعينه القيصر الكسندر الأول .
- هل جننت يابيسيل ؟. القيصر الكسندر الأول ,مات وسبع موتا . مات في مدينة تاتميزوك على بحر الأزون في الخامس والعشرين من شهر مارس عام 1826 .إي منذ عشرة أعوام
- هذه حسب اعتقادي كذبة كبيرة .
- أيها المهرج .إن جثمان القيصر الكسندر الأول ,يرقد ألان في قلعة القديس بطرس في سان بطرسبورغ في مقابل أسرة رومانوف . هكذا يقولون .
- ولكني واثق بشئ واحد إن ذلك أرجل الذي جلدته ثم طردته ما هو إلا الكسندر الأول .
- الذي مات ؟.
- لو كان قد مات ,لما رأيناه في القرية .
- بعث حيا كالمسيح ؟.
- كلا .المسالة ابسط من هذا بكثير .الكسندر الأول قيصر روسيا ,لم يمت في تاتميزوك في بحر أزون كما زعموا .
وكذبوا الفلاح السيبري بيسيلي .ولكن إصراره على هذا الادعاء المثير , يدعو الى التأمل في الظروف التي مات فيها قيصر روسيا ..الكسندر الأول ...

* * *

المعروف تاريخيا .إن الكسندر جاء إلى العرش بعد مصرع والده نيكولا الأول ,وان الشائعات قد ثارت يومئذ باتهام الكسندر بالإيعاز لقتل أبيه .وان الكسندر بعد تحريره لبلاده من الغزو الفرنسي ,كان يتردد كثيرا على الأديرة والكنائس ويسال القساوسة والرهبان في سرية بالغة عن مصير قاتل أبيه . وانه عاش السنوات الأربع السابقة على موته في هم مقيت وحزن لا يعرف احد سببه .
وفجأة .يقرر إن يغادر سان بطرسبورغ لقضاء بعض شهور السنة في مدينة تاتميزوك على بحر أزون .
هي مدينة قليلة السكان ,.تغرق في الرطوبة والحرارة .
ترى . لماذا اختارها ؟. ولماذا قضى فيها فجأة بعد وصوله إليها مع القصيرة بثلاثة شهور .ماذا لو سألنا لجنة الأطباء المعالجين الدكتور برا سون مثلا ؟.
- اجل . إنا الذي قمت برعاية صاحب الجلالة الراحل في أيامه . الأخيرة . لست وحدي بالطبع , ولكن كان معي الأمير زولكوفسكي الصديق الشخصي لجلالته .
- أليس هو الذي حامت حوله الشبهات في مقتل نيقولا الأول والد الكسندر ؟.
- لاتعليق.
- حسنا .ما هو المرض الذي مات به الكسندر ؟.
- عندك التقرير الطبي للتشريح الذي أجرته اللجنة .
- لقد اختفى ذلك التقرير تماما من أرشيف سان بطرسبورغ .الديك تفسير لهذا ؟.



- كلا .لقد انتهت مهمتي عن تشريح الجثة والاشتراك في كتابة التقرير الطبي .
- لاشك انك تذكر سبب الموت ؟.
- التهاب الرئة المفاجئ . لم نستطع السيطرة على الالتهاب .
- في نفس الليلة التي أعلنتم فيها وفاة القيصر الكسندر , مات في مستشفى تاتمينرونغ ,جندي يشبه القيصر طولا وعرضا . مات بخراج في الرئة .
- لا اذكر شيئا كهذا .
- أ.. علمت من مصدر جدير بكل ثقة , إن جثة ذلك الجندي , نقلت إلى قصر القيصر في تاتمينرونغ في نفس الليلة . وان تلك الجثة , هي التي وضعت في التابوت القيصري الذي أغلق بحضور القيصرة ولجنة الأطباء . ما قولك في هذا ؟.
- هراء . كذبات سخيفة غير مقبولة .
- هل أدركت ياسيدي إدراكا واضحا ما اعني بما قلت لك ؟.
- لست غبيا ياسيدي . انك تتهمني إنا ولجنة الأطباء والقيصرة أيضا , بدفن جثة أجنبيه عن أل رومانوف في مدافنهم .
- تماما . مع إضافة صغيرة ولكنها بالغة الأهمية وهي إن الكسندر قيصر روسيا . لم يمت بتلك الليلة . بل تسلل من القصر في ثياب راهب فقير . ثم .. اختفى في ارض الله الواسعة .
- انك واسع الخيال ياسيدي . لماذا بحق السماء , يفعل قيصر روسيا شيئا كهذا ؟. ولماذا نشترك معه نحن في أمر كهذا ؟.



- إني أوجه نفس هذه الأسئلة إليك ياسيدي .
- لاتعليق .
* * *
لم نغادر سان بطرسبورغ , إلا بعد إن قابلنا القيصرة السابقة اليزابيت ,زوجة القيصر السابق الكسندر . قالت لنا بعصبية :
- ياسيدي . لماذا تحرك ما استقر واستكن ؟. قلت :
- من اجل الحقيقة ياسيدتي . قالت :
- ماذا تريد إن تعرف ؟. قلت :
- هل رأيت جثة زوجك توضع فعلا في التابوت الذي أرسل إلى سان بطرسبورغ والذي قوبل بكل مظاهر الحداد على طول الرحلة من تاتمينروغ إلى سان بطرسبورغ ؟.
- لا تعليق .
- أهي جثة زوجك أم جثة الجندي التي وضعت تلك الليلة في الصندوق ؟.
- لاتعليق .
- ياصاحبة الجلال , لقد سمع احد الخدم في قصر تاتمينرونغ في تلك الليلة القدرية ..سمع حديثا دار بينك وبين القيصر همسا . وسمعك تقولين له :
- آه . كان الله معك أينما حللت ياالكسندر .. إلا يمكن إن تعدل عن قرارك هذا يا عزيزي ؟. وأجابك القيصر :


- أنها إرادة الله ياالزابيت . فحان اجلي يا عزيزتي . اطلبي لي المغفرة من الله . فقد ارتكبت أبشع جريمة .
- يستر الله لك ياالكسندر , وليكن معك أينما ذهبت
- هاه ؟. ما قولك فيما بزعمه الخادم ؟.
- لاتعليق ياسيدي .
- في تلك الليلة ,غادر القيصر القصر من الباب المؤدي إلى المرسى البحري في ثياب راهب فقير , ثم اختفى بقاربه في بحر أزون في اتجاه الشرق .
- أي هراء هذا ؟. انك ياسيدي , تتهمني بدفن جثة أجنبية عن أهل رومانوف في مدافني .
- تماما ياسيدتي .. تماما . ودليلي . انك لم تقومي مرة واحدة لزيارة قبر زوجك المزعوم منذ دفن التابوت في سان بطرسبورغ لماذا ؟.لماذا لم يكن لعملك إن الجثة التي في التابوت , ليست سوى جثة جندي مات ليلة فرار زوجك ؟.
- أرجوك . أرجوك . دعني وحدي , الاتراني مريضة ؟.

* * *
ترى . ما وقع تلك الشائعات على قياصرة روسيا الذين جاءوا بعد الكسندر ؟. سألنا ذلك سان بطرسبورغ . وجاءنا من يقول :
- عندي لك مفاجأة ياسيدي . قلت :


- وما تلك ؟. قال
- فأعفنا من قراءة المطولات لو سمحت . وخبرني عما به باختصار
- آه . انك تقرا التفاصيل المثيرة . ومع ذلك , فيكفي إن اختصر لك ما في التقرير في هذه الجمل السريعة
حين بلغت تلك الشائعات إذن القيصر الكسندر الثاني ,أمر بفتح تابوت والده الراحل فوجد جثة الجندي .
- كلا . لم يجد شيئا .
وجد التابوت فارغا . فاكتفى بغلقه وإعادته مكانه . ولزم هو واللجنة الصمت . ثم جاء الكسندر الثالث , فأعاد الكرة مع التابوت عام 1889 ولم يجد بالطبع هو الأخر شيئا .فسكت مثل أبيه ولزم الصمت . ثم جاءت الحكومة السوفيتية وكونت لجنة لفتح التابوت . ورأس اللجنة النائب العام لوناكشاركي
- ولم يجدوا شيئا ؟.
- فأغلقوا التابوت وسكتوا .ولزموا الصمت .
- تعني , إن التابوت لا يحوي أي رفات ؟. لا رفات الجندي ولا رفات الكسندر الأول ؟.
- التابوت خاو تماما ياسيدى .
- لماذا والأمر مثير جدا والإلغاز متداركة .ما سبب هذا كله ياترى ؟.







- لا ادري السبب . إذا كان الأمر يهمك إلى هذا الحد , فعليك بسؤال ذلك الرجل المقدس الذي يعيش في مدينة تومسك في سيبيريا والذي يقولون انه يأتي بالمعجزات والخوارق .
وأسرعنا إلى تومسك .
لم نجد من يدلنا حتى على قبر المقدس فيدور كوزمج الذي تؤكد الملابسات انه هو الكسندر الأول قيصر روسيا الباحث عن التوبة من جريمة قتل أبيه . ولكن رجلا عجوز عاصره قال لنا :
- لقد كنت في الخامسة عشر حين رأيت المقدس كوزمج يحتضر مال القس عليه وسأله
- أيها المقدس فيدور كوزمج . ما اسمك الحقيقي ؟. فأجاب :
- الله وحده هو الذي يعلم ياايها القس .. الله وحده .
* * *
ولا يزال السر قائما .
ترى هل يصل التاريخ إلى حل اللغز الذي يعييه منذ عام 1861 للميلاد ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا