الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من -كنيسة القديسين- إلى الدولة الأكثر عدلا وتقدما

مجدي مهني أمين

2011 / 1 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد تأثرنا واهتزت قلوبنا للحادث المؤلم الذي أصابنا في كنيسة القديسين ، ولعل الكثير من العزاء في أن تحركت مصر كلها وعبّر العديد من الإعلاميين والفنانين والكتّاب ورموز المجتمع من المسلمين والأقباط عن مشاعرهم النبيلة كما تناولت احاديثهم العديد من النقاط مثل: تجريم الإرهاب ، والتأكيد على وحدة عنصري الأمة، وطرح مطالب المسيحيين في مصر. وقد عبروا عن عواطف نبيلة خفقت معها قلوبنا ، وإن كانت لم تطرح بالضرورة تحليلا كاملا للوضع المسيحي في مصر، أو تصورا متكاملا للحل المنشود.

وقد تستريح الدولة في التعامل مع هذا الحدث الراهن - ومع الملف القبطي برمته - باعتباره موضوعا "للوحدة الوطنية" بدلا من معالجته كموضوع "للتمييز ضد الأقباط"؛ ففي معالجة الموضوع في إطار "الوحدة الوطنية" تصبح الدولة هي الحكم الذي يدعو الناس للتعقل والعيش المشترك ، و تسير هذا السياق – بالطبع بدوافع نبيلة صادقة - كلمات وأعمال العديد من الفنانين والكتاب التي تتناول الوحدة الوطنية وتدعو الناس للعيش المشترك.

والواقع أنه لا توجد في مصر مشكلة وحدة وطنية رغم ما يبدو من الجماعات الإسلامية من تشدد، أو وما يتردد من خطب تحرض ضد الاقباط، أو ما يقومون به من أعمال إرهابية. رغم كل ذلك فالوحدة الوطنية ليست الجانب الحاد في الملف القبطي، نحن شعب راشد، كلنا بنعيش مع بعض في مصر، والدليل على ما أقول أن لا يوجد "جيتو" للمسيحيين في مصر.

مصر لا تفتقد الوحدة الوطنية إنما الأقباط يعانون تمييزاً ضدهم ، القضية هي "التمييز ضد الأقباط" ، وليست "الوحدة الوطنية."

والمتهم هنا هو الدولة والمسئولون وليس الشعب ، فالأقباط يعانون من الدولة في بناء الكنائس، وحرمان المسيحيين من تبوء الوظائف العامة ، أو الالتحاق ببعض المناصب في النيابة أو القضاء أوالشرطة أو بعض أجهزة الأمن، وحرمان الطلبة المسيحيين "المتفوقين" من حقهم في الالتحاق بالسلك الجامعي، والدولة هي من ترضي عن مناهج تعليمية تميز ضد المسيحيين، والدولة هي التي تتيح مساحة واسعة في الإعلام للجانب الإسلامي متجاهلة الجانب المسيحي وعلى حساب الجانب الثقافي والفكري والأخلاقي العام، والدولة هي التي تيسر الأسلمة وتطارد المتنصرين، الدولة لا تعدل ولا تحقق المساواة ولا المواطنة ولا العدالة.

أما المسئولون فالمسيحي يواجههم كل يوم في تعاملاته اليومية سواءً كمرءوس أو كصاحب مصلحة.

والدليل على تورط الدولة في التمييز ضد الأقباط هو عدم تحركها حتى الأن كي تصدر(أو تعمل على إصدار) القوانين التي ترفع التمييزالواقع على الأقباط ، أو القوانين التي تعلي من قيمة المواطنة. وكأنها تنتظر حتى تمر الأزمة وتبقى الأوضاع على حالها.

إننا أمام :
- حدث استثنائي جلل، وهوالحدث المؤلم لكنيسة القديسين؛
- ووضع دائم يسبق الحدث وهو وضع التمييز ضد المسيحيين في مصر.

إننا في هذه اللحظة في حاجة للمناداة بوقف أي شكل من أشكال التمييز ضد المواطنين على أساس الدين أو الجنس أو العقيدة ، لسنا في حاجة إلى قانون موحد للمسلمين والمسيحيين في بناء دور العبادة، إننا في حاجة إلى حرية بناء الكنائس أسوة بالحرية الممنوحة لبناء المساجد. إننا في حاجة إلى حذف خانة الدين من هويات المواطنين ، والتي تميز بين الناس على أساس الدين وهو ما يخالف الدستور، إننا في حاجة إلى استبدال حصة الدين بحصة للأخلاق والثقافة وقبول الآخر.

كما علينا أن ندعو لسن "قانون عدم التمييز" بين المواطنين الذي يتم على أساسه مقاضاة وتجريم ومعاقبة المسئول الذي يثبت أنه قام:
- بالتمييز بين الناس في حرمانهم من الحصول على حقوقهم في الجامعات أو الوظائف أو الخدمات المختلفة اسوة بأقرانهم ؛
- التقصير في الأداء، عن قصد أو بدافع التمييز، بما يضيع الحقوق أو يعرض المواطنين للخطر؛
- التحريض ضد الناس على أساس الدين أو الجنس أو العقيدة أو الاختلاف في الرأي، مثلما يحدث في: الفضائيات أو الصحافة أو الأنترنت.
- نبذ أو تجاهل المسيحيين مثلما يحدث في المناهج الدراسية والإعلام (وهنا تحاسب الجهات المسئولة التي تصدر مثل هذه الكتابات)

إننا كمواطنين في حاجة لمثل هذا القانون حتى نشعر جميعا بالأمان والمساواة أمام القانون ، ومقاضاة من يخرق هذا الحق الوطني الأصيل. أننا في حاجة أن يتحول التضامن والتعاطف بين الناس إلى بلد يعمل بروح جديدة عادلة تعمل من أجل التنمية "فنتميز جميعا."
إن الموقف يتطلب الآن إجراءات سريعة من الدولة ، كما يتطلب رصدا متأنيا علميا دقيقا حول المواطنة ومظاهر التمييز التي يمكن أن تقدم بشأنها الرسالات العلمية التي تبحث في الظواهر والأسباب وتقترح الحلول اللازمة لإنهاء مظاهر التمييز وإعلاء المواطنة وتحقيق التنمية .. نحن قادرون إن عملت كل فئاتنا من مواطنين ومفكرين وباحثين وفنانين وصناع قرار أن يأتي الحل (أو منظومة الحلول) من داخلنا فعلا.. وبدلا من أن نظل على حالنا ونميز فئة ضعيفة على فئة أكثر ضعفا منها في بلدٍ نامٍ ويزداد تدهورا ، أن نعمل كلنا سويا كي نضع بلدنا في مصاف الأمم ، وعلى قائمة الدول الأكثر تقدما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah