الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثير العوامل الكامنة في السلوك

صاحب الربيعي

2011 / 1 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعيش الإنسان عالمين في حياته اليومية، عالم ظاهري اجتماعي يتواصل خلاله مع الآخرين بأحكام المجتمع، وعالم باطني ذاتي أكثر تعقيد يكتنفه أسرار لا تبوحها الذات خلال شخصياتها الظاهرية التي يترضيها المجتمع. تعدّ الأسرار الكامنة في الذات عوامل داخلية ذي طبيعة وراثية أو مرضية أو نفسية تؤثر بمجمل عواملها السلبية أو الايجابية في السلوك، فكلما كانت أجهزة الضبط والتحكم الذاتية فعالة أحكمت سيطرتها خلال مرشحاتها على السلوك السلبي المتعارض مع القيم العامة للمجتمع. على خلافه كلما كانت أجهزة الضبط والتحكم الذاتية يشوبها الخلل، فقدت سيطرتها على السلوك السلبي وتعطلت مرشحاتها فيتعارض السلوك مع القيم العامة للمجتمع.
إن حالة القسر للسلوك الفطري الذي تمارسها الذات خلال أجهزة الضبط والتحكم يجعل السلوك المتعارض مع أحكام المجتمع يرتد إلى داخل الذات وتحفظه ذاكرة العقل اللاواعي، ومع الزمن يزيد حجمه ما يسبب ضغطاً لا شعورياً على الذات فتفلت على نحو لاواعي من أحكام أجهزة الضبط والتحكم للتعبير عن سلوكها الفطري الدفين على نحو سلوك غير منضبط ومتعارض مع أحكام المجتمع للتنفيس عن الذات تلافياً لإصابتها بالأمراض النفسية. وقد يكون الهروب بعيداً عن الواقع الاجتماعي لتخلص من قيود قيمه العامة التي تفرض أحكامها السلوكية على الذات أو للجوء إلى تغيب الوعي بشرب الكحول لإضعاف فعالية أجهزة الضبط والتحكم الذاتي لفترة زمنية ما لتحرر الذات وتتصرف على سجيتها الفطرية وتعبر عن سلوكها الكامن لتخفف من عبء ضغطها النفسي.
إن السلوكيات الفطرية للذات تحكمها رواسب كامنة ذو جذر حيواني يرفض الإنصياع على نحو دائم إلى أجهزة الضبط والتحكم الذاتي فيعبر عن ذاته خلال السلوك الفطري المتعارض مع الأحكام العامة للمجتمع، فيعدّ سلوكاً شاذاً لكنه في الحقيقة سلوك فطري كامن في الذات يعبر على نحو صريح عن الجذر الأساس للإنسان لتنفس الذات عن احتقانها السلوكي المرتد وتقلل حجم ضغطها النفسي بدالة الزمن.
يعتقد (( جوناثان ميلر )) " أنه في أعماقنا عالم حي ومعقد يقترب من عالم الواقع الذي نعيشه، وليس سهلاً بناء الأسوار العالية في أعماقنا الذاتية لحجبه ".
إن الإنسان أحد أسرار الكون ولكل إنسان أسراره الخاصة بعدّه ينتمي إلى منظومة ثنائية الجسد والروح، فالجسد هو الكتلة الوجودية التي تشغل موقعاً ما في الواقع الاجتماعي ومنصاعة على نحو كلي أو جزئي لأحكامه وقيمه العامة، أما الروح الطاقة الكامنة بطلاسم أسرارها في الكتلة الوجودية فإنها تعبر مرةً عن الموروثات الجينية خلال السلوك الفطري، ومرة أخرى عن أسرارها الذاتية المحجوبة بسلوك لاإرادي غير عقلاني بعدّه سلوكاً لا يتوافق مع أحكام العقل الجمعي.
يقول (( ديستوفيسكي )) : " إن رغباتي الذاتية تحكمها عوامل لاإرادية ملئية بالأسرار الغامضة ".
إن الأسرار الكامنة في الذات والروح مجساتها الحسية شبكة الأعصاب في الجهاز العصبي المتحكم بمنعكساتها السلوكية اللامرئية داخل الذات، وحين تمرر خلال مرشحات أجهزة الضبط والتحكم الذاتي تصبح سلوكيات مرئية متوافقة مع أحكام المجتمع في حالتها السوية ومتعارضة في حالتها غير السوية. لذلك فإن خلل الجهاز العصبي أو تعطل جزءاً من شبكاته الحسية يؤثر سلباً في السلوك المرئي المنصاع لمعايير أحكام المجتمع إن جرى تحليل السلوك الذاتي وتقيميه بمعايير السوية أو غير السوية.
يعتقد (( فيغوتسكي )) " أن تحليل السلوك يتطلب بحثاً دقيقاً وفحصاً متأنياً في آلية اشتغال العمليات العصبية والنفسية ".
لا يجوز إجراء تحليل علمي لسلوك الفرد على نحو عام من دون البحث في العوامل الكامنة وعوامل المحيط وأثرهما الايجابي أو السلبي في السلوك المتوافق مع أحكام المجتمع أو المتعارض معه بعدّهما يؤثران على نحو متضاد أحدهما في الآخر، كما لا يمكن التسليم كلياً بكل التفسيرات الطبية والنفسية للسلوك الظاهر وعدّها تفسيرات مقنعة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من