الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل جديد من معارك نوال السعداوى

أحمد زكريا

2004 / 9 / 29
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


فصل جديد من معارك نوال السعداوى
ومجمع البحوث الإسلامية

بين حين وآخر تطل علينا د. نوال السعداوى بأحد أعمالها الفكرية أو الأدبية أو بحديث تدلى به لإحدى وسائل الإعلام يحتوى على آراء جريئة وساخنة تعبر عن مواقفها تجاه الدين والسياسة، وهو ما جعلها تتعرض لسيل من الاتهامات منها الجنون، وحبها للشهرة ودعواها للإباحية والفساد وأنها ضد الإسلام والشرعية وأنها عميلة للغرب الذى اعتبرها إحدى حملة مشاعل التيار التنويرى لدينا وكانت النتيجة الطبيعية مواجهتها لعديد من الصعوبات والمخاطر كمصادرة أعمالها والمطالبة بالتفريق بينها وبين زوجها ووضعها ضمن قائمة المطلوبين فى أجندة بعض القوى المتطرفة.

ومؤخرًا تردد اسمها وبقوة بعدما قرر مجمع البحوث الإسلامية مصادرة روايتها "سقوط الإمام" واعتبرها إساءة للدين الإسلامى وإنكار ما هو معلوم فيه ولم يقف بجانبها سوى بيان أصدره اتحاد الكتاب المصريين وعانت من صمت المثقفين والآدباء، هذه الرواية كتبتها بعد فترة توقف أعقبت صدور روايتها "الحب فى زمن النفط" عام 1991 وعبرت فيها عن رفضها للأوضاع التى يعيشها العالم الإسلامى وتعتبر صرخة فى وجه كل الانظمة والاستبداد ووالقهر فى كل دول العالم وحتى أمريكا.

الأسباب التى دفعتها لكتابة هذه الرواية يرجعها البعض لفترة اعتقالها وآخرين أواخر عهد الرئيس السادات وتحديدًا فى سبتمبر عام 1981 أو ما يسمى بخريف الغضب لمعارضتهم عقد اتفاقية سلام مع إسرائيل وقد كتبت فصلاً منها عندما كانت فى السجن فى العام نفسه واشتعل خيالها عندما كانت وسط السجينات من تاجرات المخدرات والمقبوض عليهن فى قضايا آداب وغيرهن والبعض يقول يقول إنها عاشتها منذ كانت تلميذة فى المدرسة وأنها خلاصة احتكاكها باخريات من دول إسلامية وعربية تعرضن للقهر مثل شهريا توشيراز الإيرانية التى حكت لها عن اغتصاب طفلتها فى السجن لأن جنود الخمينى رأس النظام الايرانى اعتقدوا أنهم بذلك سيحولون دون دخول هذه البريئة الجنة ولقائها بالسودانية فاطمة تاج السر التى رأت ابنها الغلام وزملاءه مقطوعى الأيدى بعدما طبق عليهم الرئيس السودانى الأسبق جعفر نميرى الشريعة بعدما سرق مشطا من الشارع وكذلك عندما التقت كوليت عتابى اللبنانية التى حاصرتها قنابل حزب الله.

ولعل ذلك يجعلنا نتطرق إلى سر تسمية روايتها بهذا الاسم وهو ما تفسره د. نوال بقولها: السادات كان يسمى نفسه بالرئيس المؤمن وأخذ الدين ستارًا للقهر والاستبداد، والامام هنا هو الزعيم السياسى الذى يستخدم الدين ويوظفه لأغراض سياسية، والإدانة تلحق بكل من كانوا على شاكلته، وقد زرت السودان مباشرة بعد خلع النميرى ودخلت قصره ضمن وفد وأدخلونا غرفة قالوا إنها للصلاة وبها باب سرى لغرفة الخمر رغم أنه هو الذى أعلن تطبيق الشريعة وتحريم الخمور وحتى فى أمريكا وأوربا هناك استغلال للدين فمثلا بوش نفسه يستند لقوة مسيحية أصولية يمينية متطرفة وخطيرة وكذلك شارون مثله وسط اليهود المتطرفين وفى أوروبا الكنيسة لها دور رهيب والتيارات الدينية المتشددة فى أمريكا أكثر بشاعة منها فى انجلترا.

وتبرئ الكاتبة نفسها من التهمة التى ألصقها بها مجمع البحوث الإسلامية وتتحداه وشيخ الأزهرإذا كانت روايتها بها أى تجاوز ضد الدين الإسلامى أوما يخالفه وتعلن أنها تفهم دينها جيدًا وتحترمه وكذلك كل الأديان وتؤكد ان الرواية إبداع فنى تكشف ازدواجية أخلاقية تجتاح العالم كله وهى ضد الاستبداد والقهر السياسى وتؤكد كذلك ان ذلك لم يمنعها فى أى وقت من مواصلة كتابتها فهى حاليًا تعكف على كتابة رواية جديدة لأنها تعتبر نفسها روائية بالأساس والكتابة عندها كالتنفس وتعبير عن ذاتها والتواصل مع الآخرين.

مواقف تصادمية

وتدين د. نوال موقف الوسط الثقافى والأدبى مما حدث لها فى معركتها الأخيرة مع مجمع البحوث الإسلامية وتتهمهم بأنهم أحد أسباب الركود الثقافى والأدبى الذى نعانى منه وتستشهد على ذلك بأن كاتبا كبيرًا فى صحيفة كبرى اتصل بها بعد قرار مصادرة الرواية مستفسراً عما حدث فطلبت منه أن يكتب فأخبرها أنه لا يستطيع بحجة أنه يأخذ راتبه ممن سيكتب ضدهم ويمكنهم الاستغناء عنه فى أى وقت وعندما دعيت لندوة أقامها اتحاد الكتاب المصرى اعتذر الناقدان د.سيد البحراوى ومنى طلبة قبل الموعد بدقائق، ولعل موقفها فى هذه الرواية يعبر عن رؤيتها وتفكيرها الذى يراه البعض تصادميًا منذ شبابها، وفى عام 1972 كانت مديرًا عامًا للثقافة الصحية ورئيسا لتحرير مجلة " الصحة" وبسبب مقالتها فى نفس المجلة عن "ختان الأناث "والعلاقة بين الصحة والاقتصاد والعدالة الاجتماعية اغلقت المجلة وتم نقلها للوادى الجديد، وبعد انتدابها للعمل بالمجلس الأعلى للفنون والآداب ثم كمستشارة لقضايا المرأة فى الأمم المتحدة وبعد عامين من عملها بأديس أبابا وبيروت قدمت استقالتها المسببة بقولها المرأة لن تتحرر أبدًا على يد الأمم المتحدة التى تراها خادمآ للولايات المتحدة وبعدها أودعت السجن.
وفى عام 1991 هاجمت حرب الخليج وسفر الجنود المصريين للعراق فاتهمت بتهديد السلام الاجتماعى والمصالح العليا للبلاد والإساءة لعلاقات مصر بالدول العربية والأجنبية وعشرات التهم الأخرى ومنعت من تكوين الاتحاد النسائى المصرى وكانت على قائمة اغتيالات الجماعات المسلحة مما دعا لحمايتها وتعيين أمن لها.

رواية بلا حدود

وبصفة عامة، فإن موضوع روايتها "سقوط الإمام" تعبر عن هذا المنهج التصادمى فهى تحكى قصة الإمام الذى نجد فيه خليطًا من ملامح عدد أصحاب السلطة فى أية دولة دون تحديد مكان أو زمان وتتلاشى الحدود الفاصلة بين الحلم والحقيقة وحتى بين شخصيات الرواية التى تتراوح بين "بنت الله" والفتاة الصغيرة التى لا تعرف سوى أمها "جواهر" وتكاد تكون كل منهما وجهًا للأخرى باعتبارهما ضحايا الامام الذى يعيث استبدادًا أو قهرًا من خلال شخصيات أخرى تعتبر أدوات له أهمها شخصية رئيس الأمن والبودى جارد الذى يلبس وجهًا مطاطيًا للإمام ليستقبل الرصاص الموجه نحوه حتى إذا سقط صريعا ينعم الإمام على زوجته بلقب أرملة الشهيد وكل مؤهلات هذا البودى جارد عدم التفكير مطلقا، ونرى الامام فى مرحلتين أولها قبل توليه السلطة من خلال علاقته بزوجته الأولى التى تصنعها الرواية أنها فى صورة سيئة لذلك يلجأ من خلال المجالس النيابية لحثه على الزواج فى مرحلته الثانية من زوجة جديدة شقراء يعجب بها ويحبها كاتب كبير كان زميلاً له خلال دراستهما ويدافع عنه رغم حالة العداء المختفى بينهما.

وللتعبير عن حال المعارضة وزواجها الخفى من السلطة ترصد الكاتبة علاقة المعارض الكبير بالامام من خلال السماح له بمعارضته كل القرارات ما عدا قرارات الإمام وتتطور أحداث الرواية فتجسد السقوط المدوى لرأس السلطة (الإمام) بقتله فى يوم عيده، ويتم اتهام ابنته غير الشرعية بذلك لما لها من دافع لقتله وتبدأ الرواية بالبحث عنها وهو تعبير عن أزمة الكاتبة وتوحدها مع الشخصية وأحداث الرواية التى تتوالى أحداثها حتى يتم القبض عليها ومحاكمتها التى لا تنشر فى الصحف ويغلق ملفها ويدفن فى بطن الأرض إلى الابد حيث ينبت صراعا واقعيا بين د. نوال السعداوى والمؤسسات الدينية فى مصر وتدور عجلة الجدل من جديد حول أحد مؤلفاتها الأدبية والفكرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | تفاصيل مفجعة عن شبكة لاغتصاب الأطفال عبر تيك توك ف


.. دور قوى وجوهرى للمرأة في الكنيسة الإنجيلية.. تعرف عليه




.. اغنية بيروت


.. -الذهنية الذكورية تقصي النساء من التمثيل السياسي-




.. الحصار سياسة مدروسة هدفها الاستسلام وعدم الدفاع عن قضيتنا ال