الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كراهية اليهود

جريس سالم بقاعين

2011 / 1 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم أصدق الخبر في البداية، فقررت التأكد بنفسي.
مضمون الخبر، الذي قرأته ضمن رسالة بريدية، هو أن موقع "أولادنا" للأطفال التابع لحركة الأخوان المسلمين المصرية يخصص بعض صفحاته لغرس كراهية اليهود في قلوب الأطفال.

لم أصدق الخبر لأن الأخوان المسلمين، يكررون دائماًَ أنهم لا يكرهون أحداً، وأن قراءتهم للدين الإسلامي قراءة سلام، وأن مشكلتهم ليست مع اليهود أو الديانة اليهودية، بل مع دولة إسرائيل وممارساتها القمعية ضد الشعب الفلسطيني.

ولذلك قررت التأكد بنفسي.
ذهبت إلى موقع الإخوان المسلمين المصري.
ثم بحثت فيه عن وصلة موقع أولادنا للأطفال.
وجدته.
دخلت الموقع.
وبحثت فيه هو الأخر.
حتى وجدت، ضمن وصلة علوم ومعارف وتحت بند "هل تعلم؟"، ما يجعلنا نخجل من أنفسنا.

هل تعلم أيها الطفل المسلم؟
"هل تعلم ن اليهود قتلوا 25 نبياًَ من أنبياء الله، وأن تاريخهم الأسود مليء بجرائم القتل والفساد."
"هل تعلم أن اليهود المجرمين أكثروا من سب وشتم ربنا عز وجل...."
"هل تعلم أن اليهود حاولوا قتل رسولنا الحبيب-ص- عدة مرات ولكن الله حفظه من مكرهم"
هل تعلم أن الفساد والانحراف المنتشر في العالم اليوم هو من فعل وتدبير اليهود الذين يريدون أن يضلوا الناس عن سبيل الله"
"هل تعلم أن اليهود الذي يحتلون أرضنا ومقدساتنا في فلسطين الحبيبة يدبرون لاحتلال باقي ديار المسلمين"
"ويخططون لإقامة إسرائيل الكبرى من الفرات للنيل ويريدون هدم قبر رسولنا الحبيب.."
"هل تعلم أن اليهود يحرضون العالم كله ضد الإسلام والمسلمين اليوم بحجة الحرب على الإرهاب"
و"يدبرون المكائد لباقي بلاد المسلمين كما دبروا للعراق وأفغانستان".

وكأن هذه "المعلومات" لا تكفي، فقرر أصحاب الموقع أن "يدعموها" برسم لشخص "مجرم"، هكذا يصورونه، يلبس قبعة يهودية، يبتسم بخبث، ويمسك بيده سكين تتساقط عليها قطرات الدم!

وفي مكان أخر من نفس الموقع، يتلقى الأطفال "معلومة" أخرى تقول إن "قتل الأطفال جزء من عقيدة اليهود"!

بالله عليكم ألا نخجل من أنفسنا؟
أي "معلومات" هذه التي يتم دسها في رؤوس أطفالنا؟
أي كراهية وحقد أعمى يتم بها حشو عقولهم؟

مثل هذا الحديث له أسم، وأسمه يتراوح بين خانتين "عنصرية صريحة موجهة ضد معتنقي الديانة اليهودية"، و"عداء مطلق لليهود".
عنصرية تقوم على كراهية معتنق الديانة اليهودية، لأنه يهودي لا أكثر ولا أقل.
لا نعرفه.
لا يهمنا أن نعرفه.
وفي الواقع لا نريد أن نعرفه.
يكفي أنه يهودي كي نكرهه.

وعداءٌ، لا علاقة له باحتلال أرض وتشريد شعب، لا علاقة له بمعاناة الشعب الفلسطيني المطحون يومياً بين احتلال لا يرحم إنسانيته أو يحترم كرامته، وفقرٌ يأكل أطفاله.

بل هو عداءٌ مطلق،
نابع من قناعة دينية.
قناعة تخيف.
تقول إن هناك جانبان "المسلمون" و"اليهود"، وإنهما في صراع أبدي، وإن أحدهما يجب أن يقضي على الأخر، وإن "المسلمين" سينتصرون حتماًَ، و"يبيدون" اليهود.
"يبيدوهم".
هل يجب أن أذّكر بحديث اليهودي والحجرة؟

لذلك يعمد أصحاب هذا الفكر إلى خلط الوقائع بالأكاذيب.
يخلطونها عامدين متعمدين.
"كل الفساد والانحراف في العالم من تدبير اليهود؟"
"اليهود المجرمين..".
"قتل الأطفال جزء من ديانة اليهود؟"
ثم " اليهود يحرضون العالم كله ضد الإسلام والمسلمين"؟

أكاذيب لا تعتمد على حقائق، معجونة بكراهية، وهي كراهية عمياء.

لكن الأمر لا يتوقف عند حد فكر ديني سياسي، يصر على إقناعنا إن صراعنا أزلي مع أصحاب الديانة اليهودية.
بل يتجاوزه إلى كراهية مستترة قائمة في لا وعينا.
موجودة.
سيكون من الصعب علينا أن ننكرها،
سيكون من الصعب فعل ذلك، خاصة وأن الكثير من مجتمعاتنا تستخدم كلمة "يهودي" كشتيمة.
شتيمة.
أنت "يهودي".
تخيلوا كيف سيكون شعورنا عندما تُستخدم كلمة "مسلم" أو "عربي" بنفس الطريقة.
كشتيمة.
ألن يحق لنا أن نغضب نحن أيضاَ؟


نتناسى عامدين متعمدين إنسانية هذا "اليهودي".
إنسان هو.
ليس وحشاًَ نجرده من أدميته كي نتمكن من قتله ونحن مرتاحو الضمائر.
أي والله.. هو إنسان.
تخيلوا؟
يحب ويكره، يعمل ويتعب، يتزوج وينجب الأطفال، ويحب أطفاله، يحنو عليهم.
إنسان.
لو رأى طفل على وشك السقوط من على هاوية لن يسأل ما هي ديانته، فأنا لا أظن أن أياًَ منا سيسأل طفل سيقع من على هاوية عن ديانته. بل سيمد يده له. يرفعه قبل أن يسقط.
إنسان هو.

يخاف كما نخاف.
يفرح كما نفرح.
ويبكي كما نبكي.
دموعه مثل دموعنا.. مالحة.
ويحاول أن يعيش، أن يحيا، تماماً كما نحاول أن نعيش، وأن نحيا.

إنسان هو.

ولأنه إنسان أولاَ، فإن سلوكه هو الحكم.
فعله هو الحكم.
ولذلك لا أستطيع أن اكرهه قبل أن أعرفه.
كيف أكره إنساناً لا أعرفه؟
كيف أحكم عليه بأنه "مجرم" و"قاتل أطفال"، قبل أن أعرفه؟

في الواقع لا أستطيع أن أكرهه قبل أن أعرفه.
لأنه إنسان.
إنسان أولاً.


أظن أنه قد حان الأوان أن نواجه أنفسنا لمرة،
نراها كما هي،
نواجه عنصريتها،
كراهيتها للآخر،
ونسمي أفعالنا بأسمائها.
بدلاًَ من صراخنا المخزي،
وإصرارنا على أن العالم بأسره يكرهنا،
بل الكون حاقد علينا.
لأننا،
نحن،
نحن مَن يكره،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
جمال جمال ( 2011 / 1 / 15 - 13:22 )
تحية لك عزيزي الكاتب كلمات من ذهب اتمنى من الكل ان يقرا هذا المقال وبالاخص الاخوان المسلمين


2 - من يزرع الريح يحصد العاصفـــــــــة
كنعـــان شماس ( 2011 / 1 / 15 - 13:30 )
الذي لاافهمة ان اليهود قد قالوا عن المسيح ومريم العذراء كل ســـوء واقبح مايقوله البشر ومع ذلك نطبع توراتهم مع الانجيل ليطلع عليها المسيحيين ولانخاف منهم ومن عقائدهم بل تقول الكنيسة انهم ابــاء ومعلمين وليس من الاخلاق شــتم الاباء والمعلمين فنحن واثقــون ان شـــريعة المحبة في المسيح قد قتلت شريعتهم الموسوية ومن لايصدق فليقرا شــــريعة حقوق الانسان وليرى من انتصر


3 - المحبه اقوى من الكراهيه
حكيم العارف ( 2011 / 1 / 15 - 13:54 )
تخيلت ان هناك ملاك هادئ يمجد الله وينتطر اوامره و ان هناك ايضا شيطان دائما الشغب و يسعى دائما لقتل الناس

اليس الملاك اكثر قربا من الله عن الشيطان الذى يصر على ايذاء الاخرين ...

دين الله الحقيقى لابد و ان يكون للمحبه

كلمة - محبه - توجد بكثره فى التوراه .. و اهمها فى الوصايا العشره
كلمة محبه هى اساس العهد الجديد كله ... لان الفداء هو قمة المحبه ..

هل يوجد تعليم محبه بالقران ....

معذره :محبة الاسلام للنكاح لاترتقى لمستوى الانسانيه لان هذا موجود فى الحيوانات ايضا تمام كمحبة القتل ... و ايذاء الاخرين


4 - التحريض هو أسلوب الإخوان
Amir Baky ( 2011 / 1 / 15 - 18:22 )
إسلوب غير محترم. فتلفيق كلام غير صحيح على أى إنسان هو عمل غير شريف. لقد تم إستخدام نفس الأسلوب فى تلفيق قصص على الأقباط و على أسلحة و كلام فارغ و نجحوا فى تسخيين المتطرفين ليقوموا بأعمال إرهابية ضد الأقباط. الأسلوب التحريضى هو عمل شيطانى بإمتياز وقد تفوق الإخوان على أبليس فى هذا الأسلوب


5 - و غدا شيطنة المسيحيين
محمد بن عبد الله ( 2011 / 1 / 15 - 19:03 )
لا نستغرب عندما يظهر الاخوان المجرمون كل عنصرية مقيتة

انهم يكرهون الجميع منطلقين من كتابهم البشع

بعد السبت يأتي الأحد...ثم لن يجدوا غير الشيعة ليفريغ شحنة الكراهية ...النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله...
ثم تموت


6 - طوبى للرحماء ، لأنهم يرحمون (مت 5 : 7)
علي سهيل ( 2011 / 1 / 16 - 04:17 )
تعاليم السيد المسيح المصلوب من اليهود وهو على الصليب وهو يتألم وقبل ان يسلم الروح قال -†فقال يسوع : يا أبتاه ، اغفر لهم ، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون . وإذ اقتسموا ثيابه اقترعوا عليها- (لو 23 : 34)، واوصى السيد المسيح بمحبة الاعداء لانهم اخوة لنا في الانسانية -†بل أحبوا أعداءكم ، وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئا ، فيكون أجركم عظيما وتكونوا بني العلي ، فإنه منعم على غير الشاكرين والأشرار (لو 6 : 35)،وايضا كان يسوع يدعو الوثنين والعشارين والخطاه إلى التوبة والمحبة لانهم يحتاجونها اكثر من الغير-†فلما سمع يسوع قال لهم : لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى . لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة- (مر 2 : 17)، وايضا وضح الفرق بين الانسان المؤمن الحقيقي والوثني-†لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم ، فأي أجر لكم ؟ أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك (مت 5 : 46)، فصانع السلام على الارض يكون ابنا للخالق لان الله هو ملك السلام وايضا للرحماء وانقياء القلب والودعاء -†طوبى لصانعي السلام ، لأنهم أبناء الله يدعون،للأنقياء القلب ، لأنهم يعاينون الله،للودعاء ، لأنهم يرثون الأرض، (مت 5 : 9).


7 - العبودية تتساوى مع الموت
رجا جميل حداد ( 2011 / 1 / 22 - 00:52 )
السيد جريس:
التاريخ دوائر صغيرة وكبيرة على صفحة نهر راكد تصغر بزوال مؤثر احوالها
وتكبر بحجم المؤثر الذي يحدثها فالحرية مساويةللحياة والعبودية تتساوى
مع الموت والدفاع عن الواجب امر مقدس.

لك اجل الاحترام


اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر