الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يعتذر المصري المسلم عن انتمائه للإسلام؟

نهرو عبد الصبور طنطاوي

2011 / 1 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثير منا لا يفرق بين النقد العلمي الموضوعي الممنهج وبين الازدراء والسخرية والاستهزاء بالآخرين، فشتان بين شخص يرى خطئا ما أو انحرافا ما في بعض العقائد أو الشعائر أو المظاهر الدينية ثم يقوم بوضعها على طاولة البحث العلمي الجاد المسئول ليتبين ويبين للناس صحتها من خطئها ومناقشة أدلة المؤيدين والمعارضين بأسلوب راق مهذب ثم الخروج بنتيجة علمية موضوعية مقنعة، وبين شخص آخر يرى خطئا ما أو انحرافا ما في بعض العقائد أو الشعائر أو المظاهر الدينية ثم يقوم بعمل جلبة وثورة وضجيجا من السب والشتم والاتهامات والسخرية والاستهزاء بمن يخالفونه في فهمه ونظرته للدين، وهذا بالضبط ما يحدث الآن في معظم وسائل الإعلام فكثير من الناس إلا من رحم ربك حين يريد أن يسجل اعتراضه على ما يراه هو أفعالا وسلوكيات ليست من الدين
تراه أول ما يبدأ، يبدأ بالسخرية من الناس واحتقارهم ورميهم بالجهل وبكل نقيصة وكأنه يتحدث عن أعداء دخلوا بجيوشهم أرض الوطن.

من السهل جدا تغيير وتعديل أفكار ومعتقدات الناس، إلا أن ذلك لا يكون إلا بالحوار الهادئ والفكر الناضج والمعرفة الحقيقية والمنطق السليم وبحسن العرض واللباقة في توصيل المعلومة والمجادلة بالتي هي أحسن، وبغض النظر عن خطأ بعض معتقدات المسلمين أو صوابها، وبغض النظر عن أن الحجاب والنقاب واللحية وغيرها من المظاهر الشكلية هي تشريعات دينية حقيقية أم لا، فعلينا ألا يغيب عن بالنا أن كل صاحب دين يرى في الدين الآخر أنه ليس هو الدين الحق، بل إن كل صاحب مذهب في الدين الواحد لا يرى في المذهب الآخر أنه المذهب الحق، إلا أنها جميعا تظل عقائد ومظاهر وشعائر دينية تعد حقا خالصا لكل الناس في كل الأديان وحقا لهم أن يعتقدوا ما شاءوا من معتقدات وأن يتمظهروا بما شاءوا من مظاهر دينية سواء اتفقنا معها أو اختلفنا، وسواء كانت من صلب الدين أو من خارجه، فالقوانين الدولية والدينية والإنسانية تجرم ازدراءها والسخرية منها.

فلو نظرنا إلى ما حولنا من أديان فسنجد أن تسعين بالمائة من عقائد وشعائر ومظاهر كل الأديان بما فيها الإسلام والمسيحية واليهودية وغيرها ليست من أصل الدين ولم يأت ذكرها أو فرضها في نصوص الكتب المقدسة لتلك الأديان، فلا يعني استخدام البعض لتلك المظاهر الدينية في أغراض سياسية أن نقوم بازدراء المظاهر والمعتقدات والشعائر الدينية ذاتها نكاية فيمن يستخدمها في غير موضعها، وإلا لماذا لم أر أو أسمع قط أن ربط أحد الإعلاميين أو المثقفين أو الكتاب بين القلنسوة اليهودية وجدائل الشعر واللحية الطويلة التي يتسم ويتمظهر بها اليهودي المتدين المتطرف المتعصب وبين ما يرتكبه اليهود من جرائم إرهابية في حق الشعب الفلسطيني، بل لن يجرؤ أحد ممن يهاجمون المشاعر والمظاهر الدينية للمسلمين عند كل حادث إجرامي يستهدف أحد المسيحيين المصريين أن يتناول بنفس اللهجة وبنفس السخرية وبنفس الازدراء القلنسوة اليهودية أو جدائل الشعر أو اللحية اليهودية ويسخر منها كمظاهر دينية يهودية ردا على ما يفعله اليهود المجرمون في أطفال ونساء ورجال الشعب الفلسطيني الجريح.

بل إن ما أراه وأسمعه أنه حين يتعرض كاتب ما للشعائر والمظاهر الدينية اليهودية يتم زجره من قبل كثير من الكتاب قائلين له لا تربط بين الديانة اليهودية ومظاهرها وشعائرها وبين التطرف والإرهاب الصهيوني؟، فبالمثل لماذا لا يتم زجر من يتهجم ويسخر من المظاهر والشعائر والمعتقدات الدينية للمسلمين؟، ولماذا عند كل حادث إجرامي يحدث ضد الأبرياء المسيحيين يتم الزج بالحجاب والنقاب واللحية وعذاب القبر وقراءة القرآن وتلاوة الأذكار في عربات المترو في هذا الحادث أو ذاك؟،

إن ما يثير الدهشة والاستغراب حقا أنه مع كل حادث إجرامي يحدث للأبرياء المسيحيين يتحول ذلك الحادث على يد كثير من الصحافيين والإعلاميين والمثقفين إلى ما يشبه فرح العمدة الذي يتسابق إليه كثيرون لتسجيل الحضور ودفع (النقطة) من باب مقولة: (نحن هنا) كنوع من المداهنة والمجاملة والنفاق ولحاجة في نفس يعقوب لدى العمدة ومسانديه، إلا أن (النقطة) في غالب الأحيان تكون على حساب ازدراء عقائد المسلمين وإهانة شعائرهم ومظاهرهم الدينية. أنا أتوقع أن يأتي يوم يحدث فيه حادث طائفي ما، ومن كثرة جلد الذات بحق وبباطل وادعائنا الملكية أكثر من الملك أن أرى صحفيا أو كاتبا أو مثقفا مسلما يخرج في أحد البرامج أو يكتب في إحدى الصحف معتذرا ومتأسفا ونادما أنه ينتمي إلى الدين الإسلامي.

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شهاده جق
أيمن قدرى ( 2011 / 1 / 16 - 20:18 )
يجب أن يشهد الجميع شهاده حق على قدره الإسلامجيه على التلون والتكيف مع كل الظروف
واللعب بالكلمات وتلبيس الحق بالباطل والباطل بالحق للوصول لاهدافهم
وإيراد اليهود كمثل أعلى عند اللزوم رغم أن عليهم ما عليهم
للوصول فى النهايه الى نتيجه هى أقر الى عنوان فيلم رائع يقول
يا عزيزى كلنا إرهابيون


2 - بل يجب ان يعتذر عن اعتقاده فى القران
حكيم العارف ( 2011 / 1 / 17 - 02:59 )
الكتاب الوحيد الذى يحرض على القتل والكراهيه هو القران ....

عادات وتقاليد الشعوب لا تفصل بين الناس على اساس الدين ولكن الدين هو الذى يفرض عليك شكل معين فى تعاملاتك مع الناس ..

اذا كنت تشعر بحرج من دينك لانه يخلق ارهابيين ... فلماذا لاتوبخ الارهابيين بحزم بدلا من الدفاع عنهم !!!

هل انا عدوك من ذاتى ام ان دينك هو الذى خلق عداوة بينى وبينك وجعلنى كافر ويجب قتلى !!!

استأصلوا الكراهيه من الاسلام لتعيشوا فى سلام


3 - صباح الخير لجميع الطيبين
حازم الحر ( 2011 / 1 / 17 - 04:21 )
قبل اسابيع كان هناك فتوى من مجموعة من الحاخامات المتشددين اليهود بتحريم بيع او تاجير المساكن للعرب في اسرئيل
فقامت مجموعات لا يستهان بها من المفكرين والفنانين اليهود بالتظاهر في تل ابيب لاستنكار هذه الفتوى والتهديد للجوء للقضاء واتهام الموقعين على الفتوى بالعنصرية مما دفع الكثير منهم للتراجع . مع ان العنصرية واوامر الطرد والقتل لغير اليهود واضحة في التوراة وينادي بها الكثير من المتشددين اليهود في اسرائيل الا ان استنكارها ومستنكريها اكثر
القصد -- ان النصوص الدينية في الاسلام واليهودية تشجع المؤمنين بها على الكره والطرد لدرجة القتل ولكن الفرق بين اليهود والمسلمين ان اليهودي يستطيع ان ينكر ويستنكر النصوص التوراتية العنصرية دون ان يتعرض للاذى والمقاطعة من جيرانه وزملائه في العمل . فهل يجرؤ مسلم في بلد مسلم ان ينكر نص قرآني او حديث نبوي عنصري دون ان يفقد جيرانه او عمله او حتى حياته في بعض البلدان . ويسعد صباحكم


4 - سنعطيكم لأنكم اخوانا في الوطن
نورس البغدادي ( 2011 / 1 / 17 - 06:27 )
يقول الأستاذ طنطاوي : (فلو نظرنا إلى ما حولنا من أديان فسنجد أن تسعين بالمائة من عقائد وشعائر ومظاهر كل الأديان بما فيها الإسلام والمسيحية واليهودية وغيرها ليست من أصل الدين ولم يأت ذكرها أو فرضها في نصوص الكتب المقدسة لتلك الأديان) انتهى
لا يا استاذ نهرو فأن ما يجري في العراق ومصر من اضطهاد للمسيحيين وقتلهم هو قراءة فعلية وتطبيق لنصوص قرآنية هي من اصل الدين الأسلامي ، وقد طبقها محمد من قبل وقال لا يجتمع دينان في الجزيرة ، يا سيد نهرو الى متى ستظلون سائرين في تضليل الحقيقة وممارسة التقيه ؟ انكم ماضون نحو تجزأة اوطانكم وتمزيق وحدة شعوبكم وسيأتي يوم تجف فيه مياهكم ومحاصيلكم وتقطع عنكم المساعدات الدولية حينها ستلجؤن الى الكنائس لطلب المعونه والصدقات وصدقني سنعطيكم ونتقاسم الرغيف معكم دون ان نجعلكم صاغرين ، تحياتي للجميع


5 - في حاجة الي توضيح اكثر
محمد البدري ( 2011 / 1 / 17 - 06:49 )
الفاضل المحترم د. طنطاوي، اعتقد انك كنت متسرعا او علي عجلة في كتابة هذا المقال. فالنوايا الحسنة ونبل القصد ظاهر وجلي فيما تهدف اليه وهو امر يستحق الشكر والتقدير، فلك الشكر والتقدير. لكن هناك امور تبدو مغلوطة لتاكيد المعني والنيه الحسنة في المقال. فسورة التوبة والاعراف والحشر وغيرها كثير تؤكد معاني اضطر بعض الافاضل المعلقين وحتي رقم 4 منهم الاختلاف الحاد معك. وانا بدوري لن اعيد ذكر الايات التي هي من صلب القرآن ما يؤكد وجهات نظرهم ومخاوفهم في آن واحد. فانت كاستاذ جامعي وباحث اسلامي في الازهر اكثر دراية منا جميعا.


6 - لا نريد اعتذار بل نريد العيش معا بمحبة وتسامح
علي سهيل ( 2011 / 1 / 17 - 07:36 )
ماذا تريد من الاقباط والاشورين والكلدان والعرب المسيحين ان يرحلوا عن ديارهم ووطنهم الذي ناضلوا من اجله وضحوا بالغالي والنفيس وقدموا ارواحهم فداءا لوطنهم ضد جميع انواع الاستعمار ان كان فرنجي صليبي او انجليزي او فرنسي او مريكاني او اسرائيلي كما هو في فلسطين فقد استشهدوا وقدموا قوافل الشهداء من اجل تحرير القدس والاقصى والقيامة من براثن الاحتلال الصهيوني، وكل هذه التضحيات لم تشفع لهم عند اخوتهم في الوطن، يكفرون ليل نهار كانهم هم الاعداء ، تفجر كنائسهم ومنازلهم ومحلاتهم وتنهب وتسرق اراضيهم ويذبح اولادهم واطفالهم، وكل هذه الافعال تتم باسم الدين الاسلامي، ولم تدان او يحاكم من يقوم بهذه الاعمال إلا شكليا، فلم اسمع بشيخ جليل او مفتي او رجل دين يتصدى لهذه الافعال ولو فعل ذلك عن خجل ، وايضا لم تتصدى الدولة لحماية مواطنيها المسيحيين من هذه الاعمال بكل حزم كانهم من المريخ. حدث ولا حرج عندما يتم اصلاح كنيسة ترجم بالحجارة امام اعين الشرطة ولا تتحرك ساكنا، وعندما يعرف بان المعتدى عليه مسيحي تتباطئ الشرطة بالمجيء، وايضا عندما يسرق بيت مسيحي لا يعرف من الجاني،والقضايا يتم التغاضي عنها! نحن شعب واحد.


7 - لا نريد اعتذار بل نريد العيش معا بمحبة وتسامح
علي سهيل ( 2011 / 1 / 17 - 08:13 )
لماذا تريد قلب الموازين، من يتعرض للاعتداء ليل نهار؟؟، من يقتل ويذبح وتفجر بيوتهم ومحلاتهم وكنائسهم؟؟ وباسم من ترتكب هذه الجرائم؟؟ ا؟؟؟ لا نريد ان يعتذر المسلم بكونه مسلم لانه اخا وجارا ونحن في خندق واحد من اجل بناء ورقي ورفعة الوطن، المعيار الحقيقي هو الانتماء والاخلاص للوطن.
المصريين الاقباط والعراق الاشورين والكلدانين والعرب المسيحيين انتماؤهم واخلاصهم لوطنهم وامتهم وهم قدموا دائما قوافل الشهداء والرجال المخلصين لتحرير القدس الاقصى ورقي امتهم العربية والاسلامية.
والسؤال بكل وضوح ماذا تريدون ان يقدموا اكثر من ذلك؟؟ لقد تم تهجير وقتل وذبح اكثر من مليون عراقي مسيحي، باسم من؟؟ ، وفي مصر تم تفجير وقتل الاقباط وباسم من اليس باسم احزاب تحمل الاسلام عنوانا وعددهم في فلسطين اصبح اقل من1% وفي ...
سيدي.. من يجب عليه التصدي لهؤلاء اليس الخطباء والشيوخ ورجال الدين والمسلمين جميعا، اليس من المفروض على الدولة وعلى الجميع حماية اخوتهم في الوطن من البطش والذبح والقتل والتهجير.
هذا واجبكم لاحباط المخططاط الصهيونية لتفريغ الوطن من المسيحيين، وواجبكم للتصدي لمخطاط التقسيم والتقزيم، لنتعاون جميعا يد بيد


8 - عزيزي فضيلة الشيخ نهرو،
منتظر بن المبارك ( 2011 / 1 / 17 - 09:14 )
أعتقد أنه حدث خلط في تشبيه اضطهاد الأقباط وقتل وحصار الفلسطينيين، فالأقباط مصطهدون من شركاء الوطن بينما الفلسطينون بقتلون من عدوهم. لا توجد قضية واضحة لقتل واضطهاد الأقباط اللهم إلا إذا تصور البعض أن ذلك أمر ديني، بينما تدافع إسرائيل عما تعتقد أنه أمن الوطن. لم يرفع الأقباط سلاحا في وجه المسلمين بينما أقض الفلسطيميون مضجع اليهود شعبا وجيشا. وهناك فروق كثيرة يضيق بها المقام.
أما عن غضبك بسبب هجوم الإعلام على الإرهابيين ولمز الإسلام أثناء ذلك، فأطمئنك أن هذه أول دماء قيطية تسيل ويقف الإعلام هذا في صف المظلوم، ومثال نجع حمادي لم تمض عليه سوى سنة واحدة، فمجلة اكتوبر لم تكتب كلمة واحدة عنها. أعتقد أنك تشاركني الرأي أن هناك نصوصا (قرآن وحديث) فهمها المتعصبون أنها تشجيع على قتل وقتال الكفار من أهل الكتاب.
تقديري لشخصك الكريم


9 - الكثير من المغالطات
إيمان المصرية ( 2011 / 1 / 17 - 17:08 )
الحكومة الإسرائيلية تقوم بإستبعاد اليهود المتعصبين من الوظائف الحكومية, أما في مصر أصبح الدعاة الجدد وشيوخ الوهابية هم السلطة الحقيقة التي تتحكم في البسطاء, وما أكثرهم..
من الممكن أن نقول أن اللحى والحجاب من الحريات الشخصية.. لكن لايمكن أن يكون إرتداء النقاب حرية شخصية.. كيف نسمح بملثمين ,لا أعرف إذا كانوا نساء أم رجال.أن يتحركوا بكامل حريتهم؟؟
أما أن الإعلام يقوم الآن بالسخرية من المظاهر الدينية, فهذه مغالطة.. حتى في البرنامج الذي إنسحبت أنت من الحوار فيه, لم يستهزء أحد الضيوف بأي من مظاهر التدين. مع إحترامي, أنت من بدأت كلامك بالتهكم على ماقاله الضيوف المحترمين بدون مبرر..

اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran