الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أما آن للثبات من تحول ؟!

نضال شاكر البيابي

2011 / 1 / 18
المجتمع المدني


مدخل: يقول الرصافي:
متى يتأتَّى في القلوب انتباهها فَينْجاب عنها رَيْنُها وجمودها

(1)
لستُ أدري كيف يمكن أن ينهض هذا الشعب من سباته الأزلي القدري ، وما تزال محاولات النقد الجادة للسائد الثابت ، ثقافيا واجتماعيا وسياسيا ، تجابه من أعلى السلطات ، السياسية والدينية والاجتماعية، بالحديد والنار، حتى غدت أية محاولة للقطيعة لما يعرقل سيرنا في اتجاه التحول نوعا من الكفرالمخرج من الملة، سواء كانت المحاولة في مجال الأفكار أوالمعتقدات؟!
ومتى سنتجاوزأعرافا وتقاليدَ ( ينُظر إليها بوصفها مسلمات يقينية لا تُمس) جعلتنا نشازا في إيقاع القرن الواحد والعشرين؟!
ومتى كان الدين نقيضا للذاتية والفرادة، أي الحرية بمعناها الجمالي ، وليخبرنا السادة الفقهاء، هل صار الدين عدوا للتنوع والتعدد، وللتجريب والاستقصاء، وللتساؤل والتفكر؟
أليست أهم مخرجات التيارات الدينية المسيطرة على واقعنا السعودي ، انغلاق الفكر على نفسه ، وانغلاق المؤمن على معتقده، والتوجس من الآخر المغاير أيا كان هذا المغاير، هذا فضلا عن إرهاصات المحو والإلغاء بين التيارات الدينية فيما بينها ، ولا غرو في ذلك ، إذا كان النسق نفسه لا ينبجس منه سوى الأمر والنهي ، واصرار مطلق على ديمومة الثابت ، ناهيك عن التحريض المستمر ضد كل جماليات التحول..!
والجمهور بطبيعة الحال ينحاز للسائد بشكل عفوي وتلقائي، لأن في الثابت ما يطمئن والذي هو مرتبط عضويا بالنظام السياسي والديني والاجتماعي وفي المتحول ما يقلق لعدم معرفة أفقه من جهة ، ولتشكيله نوعا من التمرد المحفوف بالمحاذير من جهة أخرى .
وفي هذا السياق ثمة أسئلة عالقة:
ما مفهومنا للحقيقة ، والحرية ، والمساواة ؟
الحقيقة مختطفة لموروثات معينة، تتخذ في ظل ثقافتنا السائدة أنظمة للهيمنة والسلطة..! ونلاحظ في واقعنا إن المختطفين للحقيقة، يحاصرون كل القراءات الخلاقة المناوئة لهم بالاتهامات والرقابات والإقصاءات لما تشكله هذه القراءات من تهديد حقيقي لمؤسساتهم السلطوية التي أفادت ماديا واجتماعيا واعلاميا أيما إفادة من حالة الاحتكار الديني ، وما تبع ذلك بالضرورة من احتكار سافر للإنسان ، وجعله تابعا ذليلا للسلطة ، السماوية والأرضية ، التي تمتلك مساحات الجنة والنار.
أما الحرية المذبوحة من الوريد إلى الوريد ، وأعني بها " الحرية الحرة" كم يعبر عنها رامبو ، لا يمكن أن تتأصل تأصلا حرا في مجتمع يتنفس نهارا وليلا كل أشكال الطغيان ضد أبسط مفاهيم الحرية في كل مؤسساته بلا استثناء!! وهل يمكن للحرية أن تتنفس في ظل مناخات الإكراه؟
أما المساواة فهي صنو الحرية، والنتيجة الحتمية لها، وما دام النظام القضائي تكتنف عدالته ونزاته الشك فعلى "المساواة" السلام.
وكما يقول أدونيس" إنسان الحرية والمساواة، لا تشغله بداية العالم أو نهايته . يشغله أمر واحد: أن يُنهي ليله ويبدأ نهاره بحرية ومساواة."

(2)
ما يزال الكثيرون في واقعنا السعودي على وجه التحديد، يقعون في خلط بين الدين كنصوص مصدرها الوحي وبين التأويلات التي هي نتاج عقول بشرية قد تصيب وتخطئ ، والملاحظ إن التأويلات أرتقت إلى مرتبة التشريع والقانون ، وليتها تكون ملزمة فقط لأصحابها ومن يؤمن بها، إلا أن المحتكرين ومن منطلق أنها تمثل الحقيقة الخالصة ، هذا فضلا عن كفرهم بمبدأ النسبية في الفهم والتلقي ، يستميتون بكل ما لديهم من وسائل وأدوات بإلزام غيرهم بهذه التأويلات وإلا مصيرهم الطرد من تخوم الفضيلة والحق والإسلام..إلخ وقد يجيز بعضهم استخدام العنف من أجل إرغام الآخرين الضالين عن جادة الصواب بالقوة والسلطة كما نجد في قضايا الرأي والتعبير وحقوق الإنسان وقضايا المرأة .
إن التأويل يلعب دوره في جعل النص ملهما للكراهية أو منارة للتسامح والمساواة والمحبة.
(3)

ولا يعلم هؤلاء الأصوليون المتشددون أنهم السبب الرئيس لتشويه صورة الإسلام وتجريده من قيم التسامح والمحبة والروحانية وتحويله لسلطة متعسفة متلصصة على النوايا والعقول لا يطيقها إلا البهائم والمتجردون من كينونتهم الإنسانية.
ألا يعلم هؤلاء إنهم حولوا الإسلام إلى طقوس شكلية قشورية ، مختزلة في الحجاب، واللحية ، والجلباب القصير، وما إلى ذلك من شكليات فارغة ؟!
أهذا هو الإسلام الذي كان في يوم ما منتجا لحضارة عظيمة وتجربة روحية ثرة ومنبعا للإبداع والخلق ، إن كان على المستوى الأدبي أو الفكري أو الفلسفي . وكما يقول أدونيس أيضا- الذي يسمى عدوا للإسلام وللحضارة العربية- :" وحين يسأل أحدنا: أين، إذاً، الإسلام - الرؤية والرؤيا، إسلام التجربة الإنسانية الروحية - الفكرية التي نشأت في كنفِها، وباسمها، حضارةٌ عظيمةٌ، شعراً وفناً وعمارة، علماً وفكراً وفلسفة، فإنه لن يرى أثراً عملياً لهذا الإسلام " واليوم تحول الإسلام بسواعد السلفية المباركة وبمشاركة أخوانهم من الفقهاء التقليديين إلى عدو للإبداع والفكر ، ومركزا للإلغاء وأداة لخضوع الأفرد وشرعنة الفساد.
(4)
يتساءل الكثيرون ، لماذا لا توجد لدينا في السعودية مناقشات فكرية حرة – تحت الأضواء- تتناول تاريخ الفكر الديني تناولا نقديا موضوعيا هادئا، وكيف تكونت مذاهبه واتجاهاته في السياق التاريخي والاجتماعي بطريقة تضيء الزوايا المعتمة في أقبيتنا الفكرية المهترئة؟!
ألا توجد لدينا ثمة مفاهيم وتصورات وتأويلات بشرية " لنصوص الوحي " تحولت عبر سيرورة تاريخية وبدوافع أيديولوجية إلى ثوابت دينية ومسلمات بمنأى عن النقد والمراجعة ، وعلى الرغم من انعكاساتها الخطرة على واقعنا الثقافي والاجتماعي، إلا أن طرق أبوابها ما يزال محرما وممنوعا ؟!
ولماذا ما نزال نتعامل مع كل رأي شائع مغلف بالتأويل الديني ، بحذر وتوقير شديدين بدون فحص ونقد ؟!
أليست هذه الكلمات ، "الشك"و"المراجعة" و" إعادة النظر" تعد نوعا من العورات التي تشين قائلها على المستويين الديني والاجتماعي في واقعنا الطهراني ؟!
وبالمقابل، نجد أن " التقليد " و " التبعية" و"الطاعة" و"اليقين" أهم مخرجات الفكر الديني الذي يكاد يكون سائدا في مجتمعنا ، والمجتمعات العربية عامة ؟
وهل الدين مهمته مطاردة العقل ، وسن القوانين التعسفية ، وتحريم التساؤل ، واضطهاد المرأة ؟
قد يقول قائل : وما شأن الدين في قضايانا الشائكة ؟ فمشاكلنا سياسية، كالبطالة والفقر والمحسوبية والفساد الإداري والقضائي، وسؤالي: من يشرعن للسياسي؟! وهل يمكن فصل السياسة عن الدين في واقعنا السعودي ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري


.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو




.. بعد توقف القتال.. سلطات أم درمان تشرع بترتيبات عودة النازحين


.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما




.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب