الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سفينة نوح اكلت عقولنا

علي جاسم

2011 / 1 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



تعودت كل صباح ان اقرأ جميع الصحف بحسب طبيعة عملي، لكن للاسف دون فنجان قهوة ، اقلب الصحف اقرأ اخبارها مقالاتها ، كل شيء فيها يستهويني خاصة عندما ابحث عن اخطاء صحفية بين المواضيع المنشورة وما اكثرها في الصحف العراقية ، اليوم قرأت في صحيفة الشرق الاوسط خبر بعنوان "جدل حول مكان واستقرار سفينة نوح في النجف ام كردستان..سفينة نوح تفجر خلافاً في مؤتمر حوار الاديان" .
مفاد الخبر ان الخلاف وقع بين الباحث سامي البدري الذي قدم بحث يؤكد فيه ان سفينة نوح استقرت في مدينة النجف وان البشرية بعثت من جديد بعد الطوفان انطلاقاً من ارض النجف الامر الذي دفع الملا عبد الله رئيس اتحاد علماء مسلمي كردستان الى الرد عليه بشدة من خلال بحث قدمه في المؤتمر يؤكد ان تحليلات البدري تتناقض مع المعطيات العلمية التي تؤكد حسب رأي الملا ان جبل جودي في كردستان تركيا هو الذي استقرت عليه سفينة نوح وليس النجف.
بصرف النظر عن المكان الذي استقرت به السفينة اجد ان مجرد طرح هذا الموضوع وفي هذا الوقت تحديداً مضيعة للوقت لانه نقاش جدلي لا يزيد من محصلة التقارب والتجانس الاجتماعي بقدر ما يزيد من هوة التناحر والتفرقة لاسيما اذا كان النقاش بين اشخاص يفترض انهم يمثلون الطليعة الدينية وفي مؤتمر يفترض ان يكون لتقريب وجهات النظر بين الديانات والمذاهب.
الامر مضك ومحزن في الوقت ذاته ، لاننا نرى المدافعين عن المذهبية والطائفية هم اصبحوا رجال البلاد وهم من يتحكمون بمقدراتنا السياسية وانتمائاتنا الدينية والعرقية ، ان المسلم او المسيحي او اليهودي او الصابئي او من ينتمي لاي ديانة اخرى اذا شئنا ان نعرف حقيقة انتمائه لابد ان نقيس مدى تمسكه بالطائفية الدينية والمذهبية فاذا كان هؤلاء من دعاة التمسك والانحياز الطائفي فانهم لا يمتون للدين باية صلة لان المؤمن الحقيقية بغض النظر عن طبيعة ايمانه وانتمائه هو من يتجرد من اي التزام طائفي وعرقي وان يكون مؤمناً بالاختلاف الفكري والعقائدي وهو امر للاسف الشديد لا ينطبق على اكثر هؤلاء الحاضرين بمؤتمر تقريب الاديان لانهم يتصارعون على حقيقة مجهولة مر عليها الاف السنين ولا يعرفها الا الله وحده ، للاسف نحن نعيش بمأزق حقيقي لا ندرك خطورته الا مع الوقت عندما تضيق مساحة التفكير بالمستقبل وتبقى افكارنا مشدودة نحو الماضي المجهول.
العراق الان يعاني بشدة من نقص في الامن والخدمات العامة ، فاكهرباء تكاد تكون معدومة والماء شبه مقطوع وفي بعض المناطق يأتي ممزوج بمياه الصرف الصحي، البطاقة التموينية تلفظ انافسها الاخيرة ،الشوارع مختنقة بالمرور بسبب ضيق الطرقات وكثرة الحواجز الكونكريتية ونقاط التفتيش، الموظف يخرج قبل شروق الشمس ويعود الى بيته قبل غروبها بقليل واحياناً بعد غروبها ، البطالة متفشية ،ازمة السكن قاهرة بمعنى ان المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بلغة ذروتها ، وطليعة المجتمع الدينية لا يشغلها كل ذلك لان سفينة نوح تبحث عن هوية جغرافية ولست اعلم ان البحوث المقدمة خضعة لمعايير بايولوجية بمعنى هل رجال الدين خبراء بعمليات البحث والتنقيب عن الاثار؟!! .. بدلاً من التمسك بجغرافية السفينة كان الاحرى التمسك باخلاق ومبادئ راكبيها.
ان البلاد تغرق ودعاة الدين هم جزء كبير من اسباب الغرق ، نحن لا نكن عداوة لاحد ولسنا ضد احد لان الحرية مكفولة للجميع، لكننا نطالب بضرورة ان تسخر المؤتمرات والنقاشات من اجل حل مشاكل المواطن العديدة لاننا ذات يوم سنكون مظطرين للوقوف امام المسجد والحسينة وامام كل مقر للاحزاب وقصور المسؤولين حاملين بيدنا عود الكبريت ليس لحرق انفسنا كما فعل التونسيون والجزائريون والمصريون الغاضبون من سوء حياتهم المعيشية انما لحرق تلك الافكار المدمرة التي اكلت عقولنا ولم تبقي شيء ، فاذا كنا نعيش في اتون الماسي والمعاناة وطليعتنا الدينية تتصارع من اجل سفينة نوح فماذا يفعل بقية الشعب؟ هل من يجب على هذا السؤال؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاتدوخ سيدي
سعد البياتي ( 2011 / 1 / 18 - 15:49 )
مساكين ملعونين في غيهم يعمهون استاذي الفاضل لاتعب حالك تابع هؤلاء عندما
تسمع انهم اتفقوا نمسح ايدينا وارجلنا عند الوضوء (النظافه) ام نغسلهه خذهه مني مضت 1400 سنه مايريدون يتفقون على النظافه شلون ونسوا او الالعن انهم يتناسون
ان الأسلام الذي احترفوه جاء بشكل او بآخر (لتقويم الحياة الأجتماعيه)خلينه يااستاذي
بالمصيبه التي نعيشها وطني ممزق تاريخنه يقول اخوه بكسر الألف غرباء تزاعلوا على حكم العراق والخلاف: واحد يحب الطلي الأسود والاخر يحب الخروف الأبيض تذابحوا جدي اوجدك دفعوا الثمن كانت المعلومه في كتاب القراءه المقررفي الخمسينات .
دوله حكموهه غربه سعوديين 38 سنه وبعد المرار والدمار حكمهه عراقي مسكين مخلص
عباله الشغله صدك عشنه وياه سنتين شم النسيم احاطوا به المردشوريه الى ان استشهد استلموها الجهله باسم الوحده والقوميه والجمع المؤمن ووو الى ان باعوهه
للاجنبي بثمن بخس كمشوهه الأفراريه لتبدأ مرحلة المساومات التي نعيشها
مصالحه محاصصه وحده وطنيه ووو الحبل بيد الشعب المسكين يسحل بيه في الشارع
ولكن بدون بعير مربوط بيه والكل تضحك عليه اعتذر سيدي لست متشائم ولكن
حسرة في قلبي طلعت لك الف تحيه


2 - وجدوا السفينه وسيجدون الجودي
Jamal Roz ( 2011 / 1 / 18 - 20:57 )
لقد اكد كل العلماء وجودسفينه نوح على الجودي ولم يبقى لهم سوى العثور على مكان الجودي .


3 - ما اشبه اليوم بالبارحة
كوريا الرابن ( 2011 / 1 / 19 - 07:38 )
في اتون الحرب العراقية الايرانية وبالذات عندما قدم العراق اكثر من 48 الف شهيد خلال اقل من ثلاثة اسابيع، اجتمع البرلمان العراقي( الصدامي) لمناقشة فيما اذا كانت التسمية عباد الشمس ام زهرة الشمس هي الصحيحة. اما بخصوص سفينة نوح فهي لم تسقر في اي مكان لانها غير موجودة اصلاً الا في قصص الميثولوجيا ولهذا فان الجدال حول استقرارها في مكان ما عقيم اكثر من مناقشة البرلمان الوارد ذكره.0

اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ