الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثير الإشارة في السلوك

صاحب الربيعي

2011 / 1 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعدّ السلوك انعكاساً لفعل قصدي في حالته السوية، ولا يوجد سلوكاً عفوياً من دون فعل قصدي مصحوب بإشارة تحريض راسب كامن أو مكتسب سلوكي في الذات، فتُفعل الأداة وسائلها الكثيرة لتستجيب لفعل الإشارة الداخلي للذات بفعل موجه إلى خارج الذات. على خلافه فإن السلوك غير القصدي يعدّ فعلاً لاإرادياً ناتج عن خلل بأجهزة الضبط والتحكم الذاتي. ولا توجد على نحو عام إشارة موجه إلى ذات من دون هدف محدد ينتج عنه سلوك يترجم فعل الإشارة القصدي وشدتها، وهدفها يعكس على نحو غير مباشر شدة السلوك الموجه إلى الذوات الأخرى.
يهدف التأثير المباشر لفعل الإشارة الموجه إلى الذات أو إلى ذات مغايرة إلى انتزاع سلوك ما منها، يترجم رموز الإشارة على نحو دقيق لأن الإشارة ذاتها صادرة عن ذات تعي فعلها القصدي على نحو عام لذلك فإن هدفها لابد أن يكون واضحاً ومحدداً.
إن الإشارة، المنبه، حاملة لرموز الفعل ومن ثم الهدف ومرتبطة بعوامل المحيط وبالذاكرة السلوكية المتوارثة لذلك يجري فك رموزها على نحو موحد في الذوات الأخرى، وبذلك فإن أهداف أنعكاستها السلوكية لابد أن يكون موحداً أيضاً سواءاً منها الموجه إلى ذات مغايرة لاستمالتها إلى سلوك هادف أو موجه إلى أحد عوامل المحيط لاخضاعه إلى السلوك البشري.
يقول (( فيغوتسكي )) : " إن الإشارة أحد وسائل التأثير في السلوك الذاتي أو سلوك الغير تبعاً لشدتها ويكون اتجاهها إلى داخل الذات، وفي المقابل تعدّ الأداة وسيلة لنقل الفعل القصدي الموجه إلى خارج الذات لإخضاع الطبيعة ".
يعدّ الفعل القصدي الموجه إلى ذات أخرى فعلاً شرطياً يستوجب رد فعل شريطة أن لا تعاني كلا الذاتين خللاً ما في أجهزتهما العقلية أو الغريزية على نحو عام. وفي المقابل فإن فعل الذات القصدي الهادف يتطلب استجابة من الذات المقصودة بالفعل لانجاز الهدف وإلا فإن الفعل يعدّ فعلاً عديم القيمة لا ينجز هدفاً محدداً، وفي الوقت ذاته كل فعل ذي هدف إن لم يحقق مصلحة إلى الذات لا يعدّ فعلاً قصدياً وكل ذات موجه إليها الفعل لا يحقق لها مصلحة تضعف استجابتها.
كما أن الفعل القصدي والاستجابة مرتبطان بالهدف المنجز الذي يحقق فائدة ما إلى كلا الطرفين، وليس شرطاً أن تكون الفائدة، المصلحة، موزعة على نحو متساوي وعادل لأنها مرتبطة بكل ذات وحدها فإن كانت شدة الفعل القصدي قوية تطلب استجابة قوية من الذات الأخرى على نحو عام لكنها قد تكون استجابة ضعيفة إن لم تحقق فائدة حقيقية. فمثلاً حين تلوح الأم إلى طفلها بلعبة جديدة، فعل قصدي، تبغي خلاله كسب ود الطفل فيبدي استجابة كلية أو جزئية تبعاً لشدة الفعل وتأثيره، نوع اللعبة، الذي يحقق هدفه، مصلحته، فكلاهما حقق هدفه الذاتي المعلن وتبقى الأهداف غير المعلنة من الأفعال القصدية والاستجابات غير المرئية لربما ذي فائدة أكبر من الفائدة المرئية المعلنة.
يعتقد (( فيغوتسكي )) " أن العلاقة الاشتراطية بين الإشارة، المنبه، والاستجابة مردها الأساس أداة الفعل القصدي وشدته ".
يعدّ السلوك الهادف سلوكاً موجهاً صادراً عن فعل قصدي موجه ذي هدف محدد ويتطلب تحقيقه على نحو كامل استجابة واعية للفعل وهدفه خلال سلوك يترجم شيفرة الرموز لمحمول الفعل القصدي لتكون الاستجابة ايجابية.
إن الإشارة، المنبه، لغة جسدية غير منطوقة مرتبطة بعوامل المحيط والمكتسبات السلوكية المعرفية للذات العاقلة أو غير العاقلة، ولا يمكن أن تحقق الإشارة الموجه هدفها من دون أن تعكس في الآخر رموزها اللغوية غير المنطوقة لتكون الاستجابة ايجابية. على خلافه فإن الإشارة الموجه إلى ذات لا تجييد اللغة الجسدية غير المنطوقة ومن خارج المحيط وتفتقد إلى المكتسبات السلوكية المعرفية تكون الاستجابة سلبية لأن الذات المستقبلة للإشارة لا تجييد فك رموزها اللغوية، فكل بيئة سلوكية اجتماعية تبتكر إشاراتها، لغتها الجسدية غير المنطوقة، قد لا تجييدها بيئات سلوكية اجتماعية مغايرة. وهذا لا ينفي وجود إشارات موحدة يصلح استخدامها في معظم البيئات السلوكية الاجتماعية، وبذلك فإن الإشارة الموحدة والموجه بفعل قصدي تحقق الاستجابة شريطة تحقيق فائدة لكلا الطرفين.
لا تقتصر الإشارة الموحدة في البيئات السلوكية الاجتماعية المختلفة على الكائنات العاقلة وحسب، بل يمكن أن تكون الإشارة موحدة بين كائنات عاقلة وغير عاقلة شريطة أن تكون رموز الإشارة، المنبه، في ذهن الآخر ذاتها ويجيد لغة الجسد غير المنطوقة وبغض النظر عن فك رموز الإشارة بآلية عقلية أو آلية غريزية.
يعتقد (( بافلوف )) " أن استجابة الفرد للمثير الخارجي أو الداخلي الوارد إلى نصفي الكرتين المخيتين يرتبط بنوع الإشارة وشدتها وتأثيرها في السلوك ".
إن الإشارة، أو المنبه، أو المثير... لغة جسدية غير منطوقة خاصة بكل بيئة سلوكية اجتماعية تجييد فك رموزها سواءاً بين الكائنات العاقلة خلال آلية عقلية أو الكائنات غير عاقلة خلال آلية فطرية، أو بين الكائنات العاقلة وغير العاقلة خلال آلية غريزية. ومن ثم فإن الفعل القصدي المصحوب بإشارة موجه وهادفة تستدعي استجابة ترتبط شدتها الايجابية أو السلبية بشدة الفعل القصدي الموجه أو ضعفه وما يحمله من أهداف تحقق مصالح الأطراف المعنية بالإشارة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنتكاسة أوكرانية جديدة..والغرب محرج!| #التاسعة


.. نتنياهو يهاجم القيادة العسكرية للجيش بعد الإعلان عن -هدنة تك




.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز نتائج تحقيق جيش الاحتلال في استهداف


.. سرايا القدس: مقاتلونا من داخل العقد القتالية والكماي?ن في يو




.. غزة.. ماذا بعد؟ | خلاف متصاعد بين القيادتين السياسية والعسكر