الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلوك والمنعكسات الشرطية واللاشرطية

صاحب الربيعي

2011 / 1 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعدّ الأفعال الإرادية أفعالاً واعية ذو أهداف واضحة وموجه إلى ذات أو كائن ما تبحث عن صلات لانجاز هدف مشترك تعيه على نحو مباشر الذات المطلقة للفعل والذات المستجيبة له، وليس في الضرورة أن يحقق الهدف المشترك مصلحة متكافئة لكلا الطرفين لكنه على نحو عام يحقق معادلة السلوك وانعكاسه الشرطي بمدولاته الكثيرة والمتباينة الخاصة بصورة الفعل وشدته ومستلم الفعل وعاكسه على نحو شرطي.
إن القيام بالفعل أو التلويح بإشارة أو منبه أو مثير ما إلى ذات أخرى، لابد أن يخلق رد فعل ما لكنه ليس رداً عشوائياً وإنما رداً مقصوداً وواعياً ومترجماً لمفردات الفعل وجوهره الموجه لتحقيق الهدف. فعند تلويح الأم برضاعة الحليب لوليدها الجائع الباكي غير المدرك كلياً لماهية الفعل فإنه يستجيب لصورة المثير الماثل في ذاكرته البسيطة سابقاً ويستعيدها على نحو آني بعدّها الصورة التي تحقق هدفه الغريزي لإشباع حاجته الغذائية فيتوقف عن البكاء.
إن الإشارة، المنبه، الصور... بعدّها فعلاً قصدياً واعياً على نحو مباشر أو غير مباشر تستدعي استجابة شرطية، رد فعل، مقابل لإنجاز هدف يحقق غائية الفعل. ولابد للفعل القصدي أن يكون مدركاً عند الطرف الآخر لتحصل الاستجابة الشرطية المتوافقة مع ماهية الفعل وشدته ودوافعه. على خلافه فإن الفعل القصدي والموجه، رضاعة الحليب، إن لم يدرك صورتها الطفل على نحو سابق لن يستجيب إلى الفعل. لأن التلويح برضاعة الحليب إلى الطفل غير المدرك لصورتها سابقاً قد يصدر عنه استجابة ضعيفة أو استجابة غير محققة لغائية الفعل مثل البكاء لخوفه منها أو استجابة غير مطابقة للإشارة القصدية حيث يجري مقاربة بين صور رضاعة الحليب غير المدركة ذهنياً مع صورة مشابهة أو أقرب إلى التصور تبعاً لحجم الادراك والمكتسبات الذاتية فيعكس سلوكاً على نحو لاشرطي يتناقض مع الفعل القصدي.
يعتقد (( فيغوتسكي )) " أن الاختلاف الرئيس بين المنعكس الشرطي واللاشرطي يكمن في الآلية الانعكاسية الخاضعة لاشتراطات المنعكسات الشرطية ".
تحفظ المكتسبات الذاتية المتباينة في الذاكرة على نحو أنماط كثيرة مثل الرموز، والاستدلال، والصور، والإشارات، والمنبهات، والصلات... بعدّها أحد عوامل المحيط المؤثرة في الذات ويجري استحضارها من الذاكرة عند الحاجة، فمسميات الأشياء والظواهر والعوامل في الطبيعة أبتكرها الإنسان على نحو رموز وإشارات وصور ومنبهات ليكون سهلاً إدراكها ومن ثم حفظها في الذاكرة، فالمادة أو الكائن الذي لا يحمل اسم، أو رمز، أو صورة، أو إشارة... تكون غير معرفة ومدركة ذهنياً. وعلى الرغم من ذلك فإن الذاكرة لا تحفظ فقط الأسم، الرمز، الصورة، الإشارة على نحو مجرد وإنما تحفظها مع صلاتها بعوامل المحيط ومكوناتها ليجري إدراكها على نحو أسرع. لذلك الفعل القصدي وصلاته تحفز في ذهن الآخر استجابة مقابلة على نحو شرطي يعكس الرمز المقابل وصلاته المحفوظ في الذاكرة.
يقول (( بافلوف )) : " إن تشكل المنعكسات الشرطية الايجابية أو السلبية في نصفي الكرتين المخيتين مردها الأساس وجود أعداد لا حصر لها من مدركات عوامل المحيط ".
تعدّ الأفعال القصدية ومنعكساتها الشرطية واللاشرطية ممارسات يومية للأفراد تستجيب على نحو لاواعي للأفعال القصدية وغير القصدية لتعكس ردود أفعال أو إشارات حسية أو غير حسية مقابلة لتحقيق الأهداف المعلنة أو غير المعلنة لكل الأطراف المشتركة في معادلة السلوك ومنعكساته.
يثير (( أورهان باموق )) بإشاراته أنتباه القارئ ليستدعي منعكساته قائلاً : " انتبه إلى إشاراتي، أني اتحدث عنك حين اتحدث عن نفسي وأروي قصتك حين استعرض ذكرياتي ".
لا يوجد سلوك من دون دافع قصدي بعدّه فعلاً واعياً، وبذلك فإن السلوك الموجه إلى ذات ما يعكس في الضرورة سلوك مقابل. وبغض النظر عن سوية السلوك من عدم سويته المرتبط أساساً بالذات ومكتسباتها فالاستجابة لفعل واعي موجه يتطلب رد فعل واعي على نحو شرطي، والاستجابة لفعل غير واعي وموجه يتطلب فعل لاواعي على نحو لاشرطي.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنتكاسة أوكرانية جديدة..والغرب محرج!| #التاسعة


.. نتنياهو يهاجم القيادة العسكرية للجيش بعد الإعلان عن -هدنة تك




.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز نتائج تحقيق جيش الاحتلال في استهداف


.. سرايا القدس: مقاتلونا من داخل العقد القتالية والكماي?ن في يو




.. غزة.. ماذا بعد؟ | خلاف متصاعد بين القيادتين السياسية والعسكر