الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخوان المسلمون بين التمثيل الديني والتمثيل السياسي. حوار مع الطاهر إبراهيم..3

غسان المفلح

2011 / 1 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لدينا في منطقتنا العربية نظريات كثيرة تشتق منها شعارات سياسية أيضا تستخدم في معاركنا مع المختلف، كنظرية المؤامرة وما تستوجبه بالتالي من شعارات واتهامات بالعمالة لهذا الفصيل أو ذاك لهذا الطرف الدولي أو ذاك، في تناولي عبر مقالاتي عن جماعة الإخوان المسلمين في سورية في جريدة النهار وغيرها أو عن أي تيار سياسي، لم ترد في هذه المقالات ولا في غيرها اتهام بالعمالة لأي طرف سياسي، وعندما تحدثت عن تاريخية نشوء الجماعة في مصر، تحدثت بوصفه نشوء سياسيا بغض النظر عن الغلاف الديني، وهو حقيقي وليس مزيف، وبغض النظر عن التسمية، والتي هي اشتقاق سياسي راهن بتلك المرحلة، وليس اشتقاق ديني كما يوحي الاسم بذلك، وبالتالي هم يطمحون إلى تمثيل كل الإسلام السني دينيا وسياسيا، ومن أجل ذلك يعملون، ويضعون الخطط والبرامج الدعوية والسياسية، أم أنا مخطأ في هذه النقطة يا صديقي؟
مع ذلك تحاول دوما جر الحديث باتجاه مفاهيمك عن العلاقات السياسية بالغرب أو بالشرق سابقا، إنها كره وحب، أو عمالة ووطنية، ولتصحيح معلومة شخصية، أنا لم أكن من اليسار المدعوم من السوفيييت، بل العكس تماما حتى قبل انضمامي لحزب العمل الشيوعي المعروفة مواقفه من السوفييت ومواقف السوفييت منه، وتبريرهم لاعتقالنا من قبل النظام السياسي السوري، كنت ضد السياسة السوفييتة وضد ديكتاتوريتها الداخلية. كل ما أردت البرهنة عليه هو أن الجماعة تنظيم سياسي في كل مراحل نشوءها وممارساتها، هكذا تعامل معها العالم ولا يزال، وهي ليست امتدادا لتاريخ ديني ولا ترميزا معاصرا له، بل هي نتاج دخول الاستعمار الإنكليزي تأثرا بحداثته السياسية، وما خلقته في مصر، أفي هذه شتيمة؟
لهذا أية علاقة سياسية بالنسبة لي أنظر إليها من زاوية برنامجها المؤطر لها وأهداف هذا البرنامج من أجل تحقيق مصالح سياسية معينة، وهذه النقطة هي التي تحكم تفكيري وحكمت تناولي للجماعة، واستندت إلى مصادر تاريخية مصرية وغير مصرية ذكرت بعضها في سياق المقال الأول، وبالتالي إذا كانت هذه المصادر مرفوضة وغير صحيحة، فأقله انت لم تقدم مصادر بديلة، مع أنني قرأت كل ما رد به الشيخ المؤسس حسن البنا على كل من اتهمه بالعلاقة مع ألمانيا النازية أو الإنكليز، ولكن كل ذلك أكد أنكم طرف سياسي! وحاولت تفنيد كل مقولات الغرب حول الإسلام، وكي لا نبقى ندور في حلقة مفرغة، ساعتبر مصادري كلها عن أية علاقة بين الإخوان وأمريكا والغرب عموما كلها كاذبة، مع ذلك يا صديقي سؤال، ينهي الخلاف بيننا حول هذه النقطة" هل علاقة الإخوان المسلمين السوريين مع النظام العراقي السابق، بوصفه نظاما يساريا قوميا وفق منطق تلك الأيام، رغم ديكتاتوريته المشخصنة والمفرطة ، هل هي علاقة دينية أم سياسية؟ هل تمت بناء على تبادل المصالح بين الطرفين أم لا؟ أليس إسقاط النظام السوري آنذاك هو ما حكم العلاقة مع النظام العراقي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي؟ لم أشك لحظة لا في السابق ولا حاليا أن الجماعة كانت عميلة للنظام العراقي آنذاك. ولو كنت أشك لكنت كتبت عن هذا الأمر بوضوح، لهذا أنا تناولت العلاقة مع الغرب بوصفها تبادل مصالح في ذلك السياق، ولم تجب أيضا عن نقطة، كيف أعاد المرحوم الرئيس السادات الجماعة إلى العمل العلني ولماذا؟ ولماذا قبلت الجماعة بذلك؟ هل قبلت ذلك بمبررات دينية أم مبررات ودوافع مصلحية سياسية؟
إذا الموضوع الأساس الذي أردت ان يهتم به الصديق الطاهر إبراهيم القيادي في الجماعة، هو" الإخوان المسلمون بين التمثيل الديني وبين التمثيل السياسي" للإسلام كما تراها الجماعة وتمارسها، أعتقد لم يعد بوارد الجماعة أنهم يمثلون الإسلام دينيا، أو أنهم كهنوت الإسلام السني، هم يقولون دوما في تصريحاتهم أنهم يمثلون الإسلام المعتدل الوسطي، الاعتدال والوسطية هنا ليست كل الإسلام من جهة، وربما يراها مسلمون آخرين أنها ليست وسطية، وليست معتدلة، التنافس بين التيارات الإسلامية هو سياسة ونتاج سياسي ومحكوم بالسياسة في مفعولها التاريخي المتحرك، ولن أذهب بعيدا، أليس المشروع السياسي لمستقبل سورية كما طرحته الجماعة هو سياسة أم دين؟ هو تعبير عن رؤية الجماعة لنفسها بوصفها قوة سياسية أم بوصفها قوة دينية؟ هذا الخلط في أذهان الناس بين النظر للجماعة بوصفهم تمثيلا دينيا أم بوصفهم تمثيلا سياسيا؟ وأيضا نظرة الجماعة لنفسها؟ أحيلك أيضا على مقالين لي في القدس العربي الأول" سورية بين التمثيل الديني والتمثيل السياسي 2010-10-24" والثاني"الحرية بين الديني والسياسي 2010-10-13"
وإذا كانت قوة سياسية يترتب على ذلك مترتبات مختلفة عن كونها قوة دينية، والعكس أيضا، أما ما نراه في الواقع أن الجماعة تتعامل مع نفسها بوصفها قوة دينية سياسية، وليس أدل على ذلك شعار دستورها في مصر" الإسلام هو الحل" وكأن غير المسلمين هم خارج تاريخها السياسي وتصورها. أما الجماعة في سورية فيتنازعها الإطار الإخواني المصري وما يمثله موقع المرشد العام بوصفه حامل شعار" الإسلام هو الحل"، وبين ما تمثله تجربة حزب العدالة والتنمية التركي الآن، كما ألحظ.
وقضية التمثيل الديني والسياسي، يجب النظر إليها في إطار التمثيل على المستوى الوطني في كل بلد، وعلاقة هذا التمثيل بالدولة والمجتمع وتعايشه، وفي سورية عدم قدرة أي مواطن سوري، غير سني على الانخراط بالجماعة كحامل لمشروع سورية المستقبل، هو منع ديني أم سياسي أم كلاهما معا، وبذلك تحجب هذه المعادلة أن يكون الإخوان حزبا عابرا للإديان والطوائف، بينما حزب العدالة والتنمية التركي تحول إلى حزبا عابرا لكل المكونات التركية.
هذا الحد الفاصل بين تحول الجماعة إلى حزب على المستوى الوطني وبين بقاءها ممثلة لما تراه هي أنه الإسلام السني، ألا يترك بقية المكونات تتعامل مع الأمر بوصفه حدا طائفيا؟ هل هذه القضية دين أم سياسة؟
مثال آخر استخدام دائم لمفهوم الأمة، هل هي الأمة الإسلامية دينيا والتي تتعامل مع بقية الأديان بوصف اتباعها ذميين؟ أم هي الأمة بمفهومها السياسي المعاصر؟
في حواري أيضا أردت التأكيد على أن الغرب الآن وفق منطق هذه اللحظة والإسلام فوبيا المنتشرة، بعداء مع التنظيمات السياسية الإسلامية عموما ومنها الجماعة خصوصا، وهذا ما لم يكن من قبل في سلوك الغرب، بل بالعكس كان الغرب يريد لهذه الجماعات دورا سياسيا في محاربة ما يمكننا تسميته اليسار المحسوب على المعسكر الشرقي وضربت أمثلة على ذلك، لهذا قلت أن المصطلحات تستخدم في حقل المصالح والقوى والصراع، وخارجها لا قيمة لها، تماما كما رفض مصطلح الصحوة الإسلامية الذي كان الغرب يتعامل معه في تلك الأيام، والذي لم يعد يدخل قواميس الغرب السياسية والإعلامية الآن!
ثمة نقطة أخيرة أردت من خلال كل هذه الحوارات أن نصل إليها، أن توجد مؤسسة تحتكر التمثيل الديني أمر مشروع لكل مكون ديني، كأن نقول دولة الفاتيكان، ويتعلق بالحرية الدينية ومأسستها بعيدا عن السياسة والحرية السياسية، لكن السنة أبدا لم يكونوا بوارد هذا الأمر تاريخيا، فليس لديهم كهنوت كما أعلم، هل تنوي الجماعة احتكار التمثيل الديني؟ إذا كان الموضوع كذلك فله متعلقاته، أما أن يترافق ذلك مع احتكار سياسي أيضا، وتبرير كل سلوك سياسي للجماعة بأن منبعه ديني هنا تكمن الخطورة، وهنا لب المسألة تشريع السياسة بالدين! الجماعة لا تتعدى كونها تنظيم سياسي يتعامل مع الدين كما تتعامل كل النظم التي تخلط الدين بالسياسة، أو أن الجماعة تنظيم ديني يريد اللعب بالسياسة لأهداف دينية؟ وفي كلا الحالتين، الأمر خطير على أي مجتمع معاصر.
بالتأكيد الحوار لم ينتهي، ولكن صديقي الطاهر إيراهيم أنا كنيتي" المفلح" وليس" مفلح" بتحفظ غامز أو لامز...! لنخرج من التناول الشخصي إذا أردت الاستمرار في الحوار بنفس الحرص...وحتى يكون الحوار أكثر جدوى...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا سيد مـفـلـح
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 1 / 22 - 14:16 )
يا سيد مفلح
ما من شيء, ولا أية تجربة, باطنية كانت أم ظاهرية, يمكن أن تبيض وجه الأسلاميين السياسي, لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في أي مستقبل مريع. لا التجربة التركية, ولا الأفغانية, ولا خاصة وختاما التجربة الإيرانية...ولن يتخلص المشرق أو المغرب من جراحة وآلامه وتجاربه الفاشلة, ما لم يفصل الدين نهائيا وبشكل جذري عن الدولة, وتعميم العلمانية بشكل كامل واضح. وكل محاولات التبييض والتلميع والحداثة التي تحاول بعد تجاربك اليسارية السورية الفاشلة, أن تقترب من هذه الأنتليجنسيا الإسلامية التي ترتدي بدلات آرماني وكرافتتات هيرمس,لا يغير حقيقة خطرهم البعيد الأمد على ما يسمى بالحريات العامة وحقوق الإنسان.. ومقالك المعسول اليوم ليس إلا ذر رماد مسموم في عيوننا...كرهك وعداؤك للنظام السوري, لا يفوضك اليوم بيعنا نظام ديكتاتوري أبدي أخطر.
ولك مني حسب الأصول تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


2 - الامة الاسلامية الواحدة الموحدة
آلان كاردوخ ( 2011 / 1 / 22 - 18:33 )
السيد المفلح
بالعربي الفصيح مهما ابلغت ومن توجيه الكلمات والمشورات والتفسيرات فان الجماعة متمسكة بنصوصها المنزلة عفوا ليست المنزلة من القرآن وانما نصو ص من البنا وسيد قطب والعوا , في نظرهم تبقى الامة امة ولاثاني لها , الامة الاسلامية اي الخلافة الاسلامية والبقية اما كفار او ملحدين , ويبقى ذلك الافغاني الذي يقاتل في تورا بور مجاهدا وكذلك الذي في الصومال والواق الوق مفضلا على ابناء اقوامهم , خطابهم وشعاراتهم هي الامة والاسلام هو الحل اما المصطلحات من ديموقراطية وحرية وعدالة ومساواة فهي فقط للتجارة وهي بنظرهم شطارة وتجارة اليس التنظيم الاخواني العالمي هو بحد ذاته خلافة اسلامية من وجهة نظرهم اي المرشد العام هو الخليفة والمراقب العام هو الوالي, هل لك ان تفسر ماهو الفرق في التنظيم الهرمي لدى الجماعة وبين المحفل الماسوني لايمكن باي شكل من الاشكال المقارنة بين حزب العادالة التركي وبين الجماعة بالرغم من ان حزب العدالة خرج من احشاء حزب اخواني وهو من حيث المقارنة مثله مثل الاحزاب الديموقراطية المسيحية في اوربا اما الاخوان فهم متمسكون بنصوص البنا المستمدة من فكر ابن تيميه
اما الجدال معهم فهو عقي


3 - انزال حكم الله على الارض
ابراهيم الحمدان ( 2011 / 1 / 22 - 21:15 )
السيد غسان تقول
أية علاقة سياسية بالنسبة لي أنظر إليها من زاوية برنامجها المؤطر لها وأهداف هذا البرنامج من أجل تحقيق مصالح سياسية معينة
اشرح لي كيف ستتعامل مع الهدف النهائي لاي برنامج سياسي اسلامي وهوى
انزال حكم الله على الارض


4 - السادة بسمار كاردوخ والحمدان
غسان المفلح ( 2011 / 1 / 23 - 05:27 )
أولا أن لا أسوق لأحد صديقنا بسمار، وهم ليسوا بحاجة إلى تسويق من أحد معهم قسم من الشارع الشعبي هو مصدر مشروعيتهم وليس أنا أو أنت، وكل ما هو مطلوب منا أن نتقاطع على مساحات تضمن للوطن تجربة ديمقراطية حقيقية، السيد كاردوخ لا أعرف إن كان تنظيمهم يشبه المحفل الماسوني أم لا ولا تعنيني هذه القضية، ما يعنيني أن نقبل بعضنا على المستوى الوطني العام، وإلى السيد الحمدان ما هو الضمانة التي كان الشيوعيون يقدومونها عندما كانوا يرفعون شعار ديكتاتورية البروليتاريا؟
لا يوجد ضمانات سوى القانون والدولة التي فوق الجميع...حتى لو فصلت الدين عن الدولة كما نتمنى جميعا، واتخذوا أسما آخر هل تستطيع منعهم من العمل، أسما كحزب العدالة والتنمية؟
وشكرا لمروركم الثري..


5 - آخـر رد للسيد غسان مفلح
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 1 / 23 - 11:34 )
يا سيد مفلح. هل تعتقد, رغم تجاربك السياسية وخبرتك التحليلية, أنه من الممكن المشاركة مع الأحزاب الإسلامية, المتطرفة منها ومن تدعي الاعتدال ظاهريا, أية تجربة طيمقراطية, أو بما يتعلق بالحريات الطبيعية العامة. ولو أن قسما من الشارع المخدر بالغيبيات الدينية يطيب معهم ويهتف معهم . الله أكبر.. الله أكبر...الإسلام هو الحل؟؟؟!!!...........إنه الموت النهائي لكل ما تبقى من آمالك وآمالنا...
أين هي علمانيتك المعهودة.. وتجاربك اليسارية؟؟؟ أم أنك قلبت الجاكيت بحكم الغربة والطفر؟؟؟...
ولك مني تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


6 - يا رجل...يا بسماري
غسان المفلح ( 2011 / 1 / 23 - 14:43 )
الدنيا ليست أبيض وأسود...هنالك يساري يريد محاورة المختلف معهم وهنالك يساري متشدد كحضرتك..لهذا اسمح لنا فيها هذه وهذه ليست قضية جديدة علينا يا أبو الشباب...شكرا لك

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah