الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة المراة في منهاج اللغة العربية للصف الثامن في فلسطين

زياد خداش

2004 / 10 / 1
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


بين تهميش الدور وتهشيم الروح
زياد خداش

لست متفاجئا ابدا بالصورة العادية للمراة في مناهجنا الفلسطينية والعربية ، لست حانقا على احد ، لكني مستاء الى درجة الملل ، من هذا الكم الهائل من الطمأنينة التي يغط في سباتها صائغو وجدان اطفالنا واجيالنا ، وراسمو تضاريس ذهننا ، وتفكيرنا ، اولئك الذين ينامون بهدوء وكانهم لم يرتكبوا ذنبا ضد احد ، بالعكس هم يعتقدون انهم حافظوا على ذهن الجيل وصحته الجسدية والنفسية واخلاقه وقيمه ودينه وشرفه ، حين وضعوا دروسا وقصائد مترعة بالمثل ، ما يحيرني هنا بصفتي ادرس مادة اللغة العربية للصف الثامن ، وبصفتي ايضا من انصار وحلفاء فكرة الانسجام والصدق مع النفس : هو هذا التناقض المروع و الغريب في مفهوم الاخلاق والمثل ، بين الحياة الواقعية التي يحياها الناس على الارض ، وبين الحياة الورقية او الخيالية المفترضة التي يحلم بها المنهاج ، لكن هذا ليس موضوعنا بالضبط ، حتى لو كان يلامسه ويتقاطع مع بعض زواياه ، في كل درس في في منهاج اللغة العربية للصف الثامن ، سواء كان قصة او قصيدة او مقالا ، ابحث بشكل عفوي عن : الضمير ، العدل ، الصدق ، الجمال ، وهذه الكلمات : تتجلى في احترام انسانية الانسان ، عقله وروحه وجسده وذهنه ، في تفهم قيمة الاختلاف ، وجهات النطر بين الناس في التدرب على الاقتناع بعدم نهائية الامور وعدم وحدانيتها في اطلاق روح الكائن البشري ، لتصل الى اقصى مغامراتها واكتشافاتها واختباراتها ، لان قمع هذه الروح وحجزها في دوائر ومربعات ، يدمر طاقتها على الابداع ويؤذي كرامتها و انسانيتها ، وهكذا تمضي بي السنة الدراسية وروحي تتمزق حصة وراء حصة تحت سياط الطابع النهائي والجاهز و الضيق و الاستبدادي والمغلق للدروس قصصا ومقالات وقصائد ، فيما يتعلق بصورة المراة ، ما يخيفني ويؤلمني هو ما ذكرته سابقا عن الطمأنينة الفظيعة التي تحتل المنهاج صفحة صفحة ، وحرفا حرفا ، في هذا المنهاج يتم تكريس صورة المراة كما صنعتها بمهارة فائقة وجنونية ازمان الخوف والعذاب والحصار ، لكني كما قلت سابقا غير متفاجيء ابدا ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، اذ كيف نطلب من السجان ان يعطينا حريتنا ، هذا السجان المسكين تم برمجته ، ذهنيا وجسديا ونفسيا دون ان يدري ، على مدار تاريخ كامل وقديم ، على خنق رغبتنا في الخروج الى الشمس ، هذا السجان يعتقد انه يقوم بحمايتنا من حرارة الشمس القاتلة ، وهو يقوم بعمله بكامل احساسه بالشرف والكرامة والحب والاخلاق ، صورة المراة في منهاج الثامن تتوزع ما بين الام الفقيرة التي تحتاج الى شفقة كما في قصة : اسرة فقيرة للكاتب الايطالي جوزيف سيزار، و البنت اللعوب الجميلة الفارغة ، كما في قصيدة : ليت هندا لعمر بن ابي ربيعة ، والعروس التي يتم تشبيها بالقضية والقرية والمهدومة القوية الصامدة اثارها امام محاولات المحتلين طمسها ، ويا للمفارقة ! مؤلف هذه القصيدة هو امراة ، هل تصدقون ؟؟؟ او زوجة عاذلة وحيدة بين اربع جدران ومنتظرة زوجها الغائب بالدموع والخوف ، ولا تفعل شيء سوى الانتظار واللوم والخوف كما في قصيدة : القصيدة الفراقية لابن زريق البغدادي او مولود قادم للتو يتم الفرح له كما في قصيدة بشرى سعاد للشاعر اللبناني زكي قنصل ، وهكذا لا نجد المراة المكتشفة او العالمة او الشاعرة المتمردة ذات المفردات الخاصة بها بعيدا عن هيمنة الذكورة ولغتها وصياغاتها ، وهذا طبيعي مادام واضعو المنهاج هم امتداد طبيعي ومواليد اوفياء لذهن ذكوري مطمئن تماما وراض عن نفسه ، لا وجود لامراة ، تبادر الى فعل ، تدل على طريق ، وهكذا تمضي باقي الدروس لتتحدث عن الفواكه وغزة ومرض الانفلوزا والمستقبل وتحديات المستقبل وجزاء الاحسان واعلان دولة فلسطين ، ورعاية المراهقين ، وفتح طبريا وقصص حنين لوطن ضائع ، الخ---- وتبقى صورة المراة هي هي ، وحيدة بين اربع جدران تنتظر زوجا غائبا ، او تتسلل خفية لترى عاشقا كاذبا ، او اما فقيرة تموت بصمت ، في برد كوخ ، وتنتظر شقفة الجيران ، واضح ان الموضوع اكبر من مجرد عمود في جريدة ، هذا المقال مجرد نطرة عامة لموضوع كبير وعميق وخطير جدا يمس مستقبلنا جميعا كشعب يخوض معركة تحرر وطني مستمرة ،
في العام الماضي وانا ادرس لطلابي قصيدة الشاعر المصري على محمود طه فلسطين ، وهي القصيدة التي غناها عبد الوهاب وتبدا بجملة : اخي جاوز الظالمون المدى ، كنت اتخيل مجموعات كبيرة من النساء يحتشدن على مداخل مدينة معدنية وغبية و عابسة ، وهن يهتفن بصوت مبحوح وملامح متعبة : اخي لقد تجاوزت المدى ، حقا لقد تجاوزت المدى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة لجنة الشؤون الاجتماعية في المجلس البلدي لمحافظة ظفار آ


.. لمستشارة بوزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة الموريتانية




.. نائبة رئيس مجلس محافظة معان عايدة آل خطاب


.. أميرة داوود من مكتب ديوان محافظة الجيزة في مصر




.. رئاسة الجمهورية اليمنية فالنتينا عبد الكريم مهدي