الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحريّات تستشهد لاحتلالك أيها الكردي في سوريا

ابرام شاهين

2011 / 1 / 27
القضية الكردية


... وأحمد الكردي أو السوري المتحدر من التجاعيد الوطنية يتصبب على جبين التاريخ سيداً ومعتقلا في مثل هكذا يوم لعين، في مثل هكذا زمن تصنع به الأحداث الرجال والشخصيات، بينما أحمد يصنع الحدث ذاته والفعل بعينه لأنة نص مفتوح على مسودات أيامنا، أنه أسير إبتساماتنا المرّة، ومؤامراتنا الركيكة، وهو رهن إعتقال شخصياتنا الهشة، ضحية زعماء افتراضيين غير موجودين، أوجدتهم الأحداث ولم يصنعوها، سكريتيريون وليسوا زعماء، سكرتيريون يتربعون على العاطفة الكوردية مستفيدين من العطش والجوع والحرمان الكوردي والمعيشي كأنهم في شراكة مع المضهد الحقيقي لبناء شركة متعددة الجنسيات تحمل اسم الوطن الغالي.
مثل هكذا سكرتيريون جائوا إلى الميدان عن طريق صندوق مغلق ليس فيه إلاّ الفراغ والظلام تماما مثل سجن أحمد، لسنا بحاجة لهم حتى وإن كنّا نعيش في عواطف متصحرة، أما الزعيم الذي يتشبه به السكريتيريون بل ويزيدون في التشبيه أنهم مخلصون أيضا، فهو إنسان يخلق من روح الشعب يأتي من الميدان مباشرةً إلى مسؤلياته وإلتزاماته ووعودة التي إن لم تتحقق استقال أوتألم على أقل تقدير، ولا يأتي من الصناديق التي تهرّب الأصوات والظلام. نرفض مبدأ الصندوق لأننا غير قادرين على صناعة دبوس في عصر الهندسة الوراثية، وأغلب الصناديق التي تصنع في بلادنا تكون ذات شكل مفتوح وتُسمى "سحّارة" تستخدم لعرض الخضار والفواكة والسكرتيريون على الزبائن! أسألوا سوق الخضرة في حي "الشيخ مقصود" بحلب والمخبز والمؤسسة التموينية التي كانت تهمّش أحمد وتتركة أسيراً لشهوة ما في تناول تفاحة، تناولها سيدكم آدم في بداية البشريّة، ولم يحصل عليها أحمد حتى يومنا هذا، أحمد الذي يعيش دون الإعتماد على المؤسسات التموينية لأنّ الموظف الحكومي أولى من توزيع جوعه على الآخرين، وهو أكبر من أن يتغذى على جوع "الشيخ مقصود" فكيف له أن يقتطع جزءاً من تراب الوطن لصالح معدة عميلة تستوطن في بطون أبناء الشيخ مقصود. فهل الجوع عمالة يا وطن؟!
وأحمد ابن السماء، لا دماء تحد وراثته السامية، كذلك لا تحده الأوطان والشركات والفقراء، وحدها الحريات تحاصره، تستنزفه تستهلك منه كل شيء عدا الحب. أربعة جدران أسمنتية ولن يكون الجدار الخامس من لحم ودموع أحمد. لكن تمهل فالقبعات من حديد والأشخاص قش من حولك. تمهل المبادئ فخاخ الفقراء والشعراء، وكل شيء نعايشه مبدئي. تمهل لا تكتب شيئاً على الجدران كما مقاعد الدراسة تنفيذا لأوامر الأستاذ صاحب الإمتياز لأمن الأطفال
فقط انفجر يا أحمد، كأنك دعاية لأحدا المفرقعات التي يمنع أستخدامها في الأعياد الرسمية والغير رسمية. نحن شعوب لا نسعد إلاّ بالإنفجارات، حتى الكون ذاته جاء عن طريق إنفجار، موسيقى أطفالنا هي أصوات بنادق. انفجر في داخلك وأسعد من حولك، فالتقهر أكثر، الكون ينهش من لحمك كما المسيح والفرق الوحيد بينكما يكمن في عالم الدعاية، فكل شجعان العالم اجتمعوا في مكان واحد هو الغربة، ورميت أنت والرسالة في المكان الذي يجتمع فيه الجبناء حيث العزلة والوطن والسجن. إياك أن تزورني بعد كل هذا الموت يا أحمد، أقشط جلدك وعظمك عن هذة المقالة وعن الآلام المشبة بالدعاية وعن الجدران الأربعة. أحزانك هي ملكك لا أحد يدركها سواك عندها سأرتمي على بقاياك كبذور حية تنبت في داخلنا ككلمة حقيقية، في عالم كاذب ومراوغ، ونتحدث عن الشخص التالي الذي سيزودنا بالدخان والعَرَق والحياة. نتحدث عن الشعراء التافهين والأوطان البالية لأننا بلا نص أو وطن، ونتحدث عن الحب ونضع المعايير والمقاييس لأننا في الحب لا نتملك أحداً. ننتقد أيّ شيء، أيّ حزب، أيّ دين، لأننا لا ننتمي ولا نكتب ولا نحب سوى حريتنا يا أحمد. فأين أنت من هذه الحرية الآن؟ أربعة جدران كانت كفيلة بأن تحجب عنك عرس أخيك ورقص أمعاء الشيخ مقصود وزغاريد أمك.
علق دموعك على الخارطة، ستمحو ما رسمه سايكس وبيكو، أو بذات الخريطة امسح بها بلل خدك، وعندما تلمح تلويحة يدي لك وأنت في الطائرة إلى بلاد الرسامين الذين يجيدون تشريح غضبنا ابتسم، ودع للتاريخ وقتاً للتصفيق، فلم نكن مهرجين ولا شهداء إنما أكراد بطعم الوطن!
ببخار فمك أكتب على مرايا الريح مغادر. أهرب منا يا أحمد... نحن لا نحب المرايا تشبهنا فتتكسر. لملم الرياح العالقة بين أصابعك وردها للمصافحين والمودعين. أهرب وغادر، أهرب من مياه بقين، أهرب من ماء الفرات، ارمي بحجرك على نهر عفرين، ودعها دوائر مغلقة في إتساع، دعها تتسع حول المواسم وحول الطبل والزمر، حول الأحزاب والأجساد فلا أحد يحب القاع، لا أحد يحب التاريخ، لا أحد يحب الغرق، النهر لا يبكي ولا يجف وأنت في السجن تفيض. أهرب من الطبل والزمر، أهرب من أمن المجتمع والحزب ودوريات الضمير والأدب، أهرب من أمن الجسد والثياب الواقية للحر والبر والجنس، أهجر الأمن كله ودعهم يحرسون القبور وخوذ الخوف، غادر بجوازك إلى وداع آخر لا يُمهَر بعوطفنا.
لا طبالين ولاحزبيين ولابقايا العقد النفسية التالفه التي علقوها على جدرانك الأربعة، يصيغون منها أربع أجزاء للوطن، وأربع أرجل لكرسي واحد وأوحد لسكرتير معقد، ولأربع عناصر في الطبيعة فلسفتها زردشتية وقرائتها الخاطئة كالمصيبة كردية (بمعنى الإنتماء) كي تكون كارثة في قصيدتك، فاحذر القراءات التي تعشق الطبيعة تحت المكيفات!
اهرب ليس عندي ما أكتب. أنت الأستاذ الأكبر وأنا التلميذ الذي تعب من هذا الوطن المتجول بين أربع ممرات وأربع جهات، ومن هذا الحزب الذي يتشقق في جدار أخلاصنا كفأر يريد أن يقضم كل ضميرنا، متعب من السكر ومن الحب ومن الأرصفة التي يباع عليها كل ثلاث جوارب مقابل عرض خاص لكتاب جكرخوين. متعب من رؤية ماركة أديداس عند الصباح على ثوب حبيبتي بدلا من ذلك الفستان الذي كانت تفصلة أمي، متعب من عادت الشرق والغروب للشمس. لم يعد عندي قضايا كبرى، ياأحمد، لقد استهلكوا كلّ شيء. أنت القضية الأخيرة في حياتي، ونصك هوعنوان وحدتي كما كُرديتي. والآن دعني أبكي. ألقاك عند أول طائرة إلى السماء حيث تكون البلاد سُحبْ...
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تنويه
ابرام شاهين ( 2011 / 1 / 27 - 15:39 )
كتب هذا المقال الصحفي السوري (علي ع. ع.) وهو موجود في سورية وفي متناول الأجهزة الأمنية السورية لذلك تعذر نشر المقال بأسمه. ونظرا لأهمية المقال آثرت على نشره في مدونتي بتفويض من الصحفي علي كي لا يتعرض هو لمشاكل امنية جديدة هو بغنى عنها. اما أنا فموجود خارج سورية ولست بمتناول الأجهزة الأمنية
وقد أشرنا لهيئة التحرير بذلك قبل النشر

اخر الافلام

.. بانتظار تأشيرة للشرق الأوسط.. لاجئون سودانيون عالقون في إثيو


.. الأمم المتحدة تندد بـ -ترهيب ومضايقة- السلطات للمحامين في تو




.. -جبل- من النفايات وسط خيام النازحين في مدينة خان يونس


.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان




.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي