الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موسم العودة إلى الحجاز

أحمد التاوتي

2011 / 1 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اللافت للانتباه في انتهاء لجوء الرئيس الهارب بن علي إلى مملكة آل سعود هو طبيعة الجرم الذي دفعه إلى الهروب و ما يقتضي ذلك من التشابه بين المجار و المجير.

لا يمكن أن يكون عمل الرئيس الهارب على تطوير الثقافة العلمانية ببلده خطأ في ذاته..، فهذا بدون شك مأثرة يتميز بها على سائر نظرائه. و لكن الخطأ هو أنه لم يطور من أدائه الشخصي في الحكم حيث بقي في أدائه مسلما حتى النخاع.

و لو طور حكمه كما طور مجتمعه لما حدث له هذا الزلزال و لكانت تونس الخضراء منذ زمن في مصاف الدول المتقدمة قلبا و قالبا.

فعلى باقي الأنظمة العربية اليوم إذا أرادوا البقاء أن يتفادوا نشر الثقافة المدنية الحديثة، و عليهم خصوصا أن لا يضيقوا على الإسلاميين، و أن لا يغيروا قانون الأحوال الشخصية. فهذه أشياء خطيرة من شأنها أن تنشر سموم الوعي و رذيلة الحقوق و كفر الحرية و وقاحة المساواة.

حكم بن على كان حكما مسلما لا غبار عليه، و هذا هو الأمر الأساس الذي خانه.

و هذا الحكم بقي فاعلا في الأنظمة العربية منذ العهود الأولى لدولة المدينة. و هو يتأسس على ثلاث ركائز لم يفرط فيها أي نظام عربي على طول التاريخ السياسي للوطن العربي.

1) الحكم الأبدي.. فلا يوجد حاكما مسلما منذ الخليفة الأول إلى يومنا هذا تنازل عن الحكم أو آمن أو وصى بالتداول عليه. في بعض الحالات النادرة يتنازل الفرد عن الحكم الذي يبقى متداول بين نفس أعضاء اللوبي .
و إذا كانت المرجعية في التطبيقات الإسلامية تجد وجاهتها في العهد الراشدي الأول فلنا في الخليفة الثالث أصدق مثال على ذلك، حيث ثارت عليه حركات احتجاجية من منطلق اجتماعي، و مع ذلك لم يجد في عقيدته أو دستوره ما يبرر تنازله و عبر عن ذلك بمقولته الشهيرة:" أما أن أخلع لهم أمرهم، فما كنت لأخلع سربالا سربلنيه الله".

2) الشورى داخل اللوبي الحاكم فقط.. فالشورى الإسلامية هي التداول حول انشغالات الحكم داخل اللوبي أو العصابة فقط.. و هي ليست الديمقراطية التي نعرفها على أساس توسعة الاستشارة قدر الإمكان على سواد المواطنين.. فالشورى هي مهمة أهل الحل و العقد و فقط.. و هم بطانة الخليفة أو السلطان أو الملك أو "الجملكي" .
طبعا هناك قاعدة إسلامية ذهبية تقضي بان نحلب في إناء السياق عصرا و عرفا، جعلت جملكياتنا المعاصرة تمرر قسرا جميع ما يراه أهل الحل و العقد عن طريق استفتاءات مدروسة، و تهيؤات نظامية حديثة مكيفة على المقاس و مندوبة على الإشارة.

3) الخمس لله و رسوله..، و قد جرى تقليد و حق منذ عهد المدينة الأول.. و مرت فترات بالعالم الإسلامي تجاوز فيها الحكام الخمس بالكثير.. و نحن لا نزال إلى اليوم نرى عصابات و عائلات الأنظمة تستأثر بالكثير من الامتيازات و المداخيل ، أكثرها احتراما لشعوبها تطبق ذلك بالحلب في إناء العصر بأسلوب ناعم عن طريق استخدام صلاحيات الإدارة و تشريعات تنظيم الثروة و تسيير الميزانيات.

ما بال الإسلاميين يطالبون بدولة إسلامية و أنظمتنا العربية (و الحمد لله) إسلامية/مسلمة بامتياز

هذه ثلاثة ركائز تميز الحكم الإسلامي شكلا و ماهية.. فهل شذ زين العابدين بن علي عنها؟
و هل يشذ الآن واحدا من الأنظمة العربية عنها؟


لذلك لم استغرب أبدا أن يعود هذا الحكم من حيث أتى.. و أتمنى من كل قلبي أن يكون فرار بن علي فاتحة لموسم عودة هذه الثقافة الغازية غير الإنسانية إلى منشئها الأول لتتحرر الشعوب و ثقافاتها و حضاراتها الأولى و تتواصل مع ثقافة الإنسان الحديثة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب


.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت




.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط