الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو وعي مدني

محمد لفته محل

2011 / 2 / 1
المجتمع المدني


إحدى علامات المجتمع الحديث الأولى هي احترام الإنسان والنظام والنظافة والهدوء وأي مسافر للغرب أو متعامل مع المنظمات المدنية أو العسكرية الغربية سيلاحظ بوضوح هذه الأشياء، وهذا ما لا نجده في مجتمعنا العراقي حيث أن الإنسان عندنا اقل قيمة من أشياء كثيرة خاضع لتراتبية هرمية على أساس جنسي وطبقي و وظيفي، فهو ممكن أن ُيقتل بسبب ثأر أو غسل عار أو معتقد أو فكرة أو شجار أو يموت بطلقة نارية طائشة بسبب ظاهرة إطلاق النار في المناسبات، أو يموت في العمل لعدم توفر وسائل السلامة الضرورية كالإسعافات ألأولية والخوذة والمطافئ، التي لا أهمية لها عندنا لا في البيوت ولا في المعامل ولا المؤسسات الرسمية، ويصل الإهمال للإنسان حتى في بعض المستشفيات ما يدل على عدم الاهتمام لحياة الإنسان وسلامته؟ وأحداث القتل والاغتيال والتعذيب أثناء الحرب الطائفية في العراق عام 2006 كم دللت على رخص حياة الإنسان وكرامته، وظاهرة عمالة الأطفال وتسولهم في الشوارع بموافقة آبائهم يؤكد ذلك أيضا. هذا عدا عدم احترام أراء الإنسان وكرامته وإرادته أمام كل شخص أعلى منزلة منه بحسب التراتبية الهرمية كأن يكون أبوه أو أخيه الأكبر أو عمه وخاله أو رئيسه في العمل أو الوظيفة وحتى المعلم والمدرس والأستاذ يتسلط أحياننا، فالأدنى دائما غير محترم لا أهمية له ولحقوقه بعين رئيسه أو من هو أعلى منه منزلة اجتماعية أو وظيفية، بل يتعرض للأهانة أو للشتم أحياننا الأدنى من قبل الأعلى منه، وظاهرة الشتم أو الأهانة منتشرة في الأسرة من ِقبل الأب أو الأم، وفي العمل من ِقبل رب العمل، وفي المدرسة من ِقبل المعلم، والحوار بصورة عامة قائم على المقاطعة لكلام الآخر وعدم سماعه بالكامل والخلاف معه وليس احترام الاختلاف معه. أما النظام فنسخة أخرى لسابقه، فلا ُيطبق إلا بالخوف عندنا، فكل شخص يحب أن يطبق الناس القوانين إلا هو! فالشوارع مزدحمة بسبب عدم التزام اغلب السواق بأخلاقيات المرور والسياقة، فكل سائق يسير عكس السير إذا رأى آخرون قبله يسيرون! أو إذا تأخر قليلا أو عدم وجود شرطي المرور، وكل سائق يريد أن يتقدم أمام غيره في طابوره أو أمام غيره في الطابور الآخر(مع تبادل الشتائم)، كذلك إن ثقافة الطابور ذاتها في أي مكان تتطلب وجوده غير محترمة عندنا، لأن كل شخص يريد أن يكون أول الطابور بطرق غير شرعية وهذا ما نلمسه واضحا في الدوائر الحكومية حيث الفوضى والازدحام والتدافع. أما النظافة فهي من أوضح الأشياء أمامنا حيث الزبائل منتشرة في اغلب أماكن المدينة، فنحن نرى إن أي شخص ينتهي من شرب قنينة الماء المعدنية أو المشروبات الغازية يقوم برميها في الشارع أو أي مكان عام! أو يقوم برمي أعقاب السجائر أو علبتها أو أكياس المشتريات أو أغطيتها الكارتونية! وهناك بيوت ترمي الزبائل وسط مناطق سكنية! بل أن هناك زبائل وسط الأسواق التي يتبظع منها الناس غذائهم حيث تنتشر الكلاب والقطط والجرذان الحاملة للأمراض الخطرة! فالحاويات غير موجودة أو قليلة جدا مع ذلك يتم تدميرها أو سرقتها أو عدم رمي النفايات فيها! لقد لاحظ كل من عمل مع الشركات الأوربية إن كل شخص منهم لا يدخن في قاعة مغلقة أبدا، ويرمي أعقاب السجائر في جيبه إذا كانت حاوية القمامة بعيدة عنه ليرميها فيها فيما بعد، ولا يأكل في قاعة النوم لأن الفتاة الذي يسقط من الطعام يجلب الحشرات والقوارض ثم الأمراض.
أما الهدوء فحاله ليس بأفضل من غيره نصادفه يوميا طوال النهار ابتدأ من كلامنا العالي بيننا إلى رنين الهاتف العالي أو تشغيل محتوياته في الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية رغم وجود سماعة الأذن! إلى رنين السيارات المفزع ومسجلها العالي الصوت وسط الشوارع المأهولة بالسكن بدون أي مبرر سوى للتسلية أو التحرش بالنساء، إلى ضجيج بائع قناني الغاز والنفط ومنبه سيارة الزبائل المفجع، إلى مفرقعات الأطفال المدوّية والطلقات النارية الحية في المناسبات، إلى مكبرات المساجد والشعائر دون مراعاة للنائم أو الطفل أو المريض أو الذي يستمع لأي شيء آخر.
إن الناس تمارس هذه الأشياء بدافع العادة وِقلة الوعي المدني رغم تضايقها منها،يجب أن نتعلم و نتثقف ونتربى على احترام ألإنسان والنظام والنظافة والهدوء. من خلال تفعيل القوانين والعقوبات التي تنظم هذه الممارسات كأن تخصص أماكن خاصة للتدخين وليس في الأماكن العامة ويعاقب كل المخالفين،وكل متجاوز لمكانه في للطابور، ويغرم كل من يرمي الزبائل في الأماكن الغير مخصصة لها وكل ُمسبب للضوضاء والإزعاج للآخرين كما في الدول الأوربية، مع التوعية التربوية في الأسرة والمدرسة بالمكافئة والإقناع لترسيخ الوعي المدني، حتى نعيش حياة أفضل، يجب أن يكون الإنسان غاية بذاته لا وسيلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة


.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين




.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت


.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا




.. الأمم المتحدة تكرم -رئيسي-.. وأميركا تقاطع الجلسة