الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعوذة المفاهيم

حسن طويل

2011 / 2 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الشعوذة هي إعطاء للشيء قدرات لا يملكها,هذا ما يعلمنا إياه الدجالون. في المجتمع المتخلف هناك ميل للإعتقاد بأن مجرد ترديد المفاهيم يجعلها و اقعا معيشا؛ فهناك شطط في إستعمال النخب الحاكمة لمفاهيم مثل الديمقراطية و حقوق الإنسان و الحكامة و الإختلاف ....دون أن تعبر عن الواقع البئيس التي تعيش فيه الشعوب .يرجع هذا إلى طغيان الزيف المثمل في تقديس لغة الواجهة و إحتقارالأعماق ؛ففيه يسيطر منطق ثنائي الأبعاد و لم يكتشف البعد الثالث .إن الثقافة المتخلفة بارعة في إفراغ المفاهيم من مضمونها و ملأها بما يناسب معاييرها و مناهجها و ديمومتها.آلية الإ فراغ جاءت نتيجة ما يمكن تسميته بالحداثة الرثة التي يعرفها العالم المتخلف ؛بإعتبارها حداثة مقتحمة و ليست مستوعبة ,هي نتيجة و ليست صيرورة ,هي تدخل في علاقة معقدة مع ميكانيزمات إجتماعية و سياسية و نفسية ما قبل حداثية حيث تلتهمها الأخيرة .فتصبح الحداثة مشوهة لأن الثقافة السائدة تحافظ على شكلانيتها و تلغي روحها و فلسفتها ,تحولها إلى أداة في خدمتها حيث منهج الإجتهاد ينتصر على منهج الإبداع فيخضع التحديث إلى إستبداد التقليد.
المتخلف يعيش الحداثة أيضا بتخلف في كل مفاصل حياته ,ثقافيا و سياسيا و إقتصاديا.فالعلم بالنسبة له سترة يخلعها بمجرد خروجه من الجامعة أو المدرسة فيفصله عن الثقافة التي تؤطر سلوكه و ينتصر أول فرصة للسخرية و الشماتة منه أو إغتصابه بدعوى الإعجاز العلمي للسلف .آليات تحليله تهتم بالنتائج و لا تبالي بالصيرورات,تجتهد و لا تبدع ,تسيد منطق الثماتل بدل الإختلاف .إنه يعيش بنوع من الشيزوفرينيا بين جهاز معرفي مفلس في مواجهة واقع معقد حديث,مما ينتج عنه أزمة و جودية تترجم بكراهية للعصر و مزيد من الإنغلاق و البحث في الماضي عن هويات صافية التي هي في حقيقتها نوع من التسامي كآلية نفسية لإرجاع التخلف خصوصية و هوية وثقافة يجب الحفاظ عليها.في السياسة تصبح الدولة ضيعة للرئيس و حاشيته و الديقراطية شكلية تستهلك كواجهة بدون مس لجوهر النظام و إحترام القانون و سيادته مجرد شعار فارغ في خدمة الفئات المسيطرة,أما الدستور فهو في خدمة الحاكم (وليس العكس في البلدان المتقدمة) يفصل بمقياسه و لتأبيد نظامه .فتصبح لغة الواجهة هي السائدة فهناك البرلمان و الإنتخابات و القانون و العدل...و لكن بدون مضمون .الإقتصاد بدوره يصبح مرادفا للنهب و الإستغلال الوقح للعمال ويدمج الإرتشاء و الفساد إلى عوامل الإقتصاد التقليدية (الراسمال العمل الارض).إن الحداثة المشوهة تعطي كائنات مسخ تعيش أزمة و جودية و أخلاقية و معرفية نتيجة هيمنة الاليات الماقبل حداثية و كل تغيير يراد به الدخول إلى العصر يفترض نخبة جريئة تطرح الأسئلة الحقيقية للبلآد بدون خوف .إن أجمل ما علمتنا له الثورة التونسية أن الديكتاتوريات نمور من ورق و أظن أن مشاكلنا الحضارية خاصة مع الأ صولية هي أيضا ليست البعبع الذي يخيف يكفي شيء من الجرأة لتتحطم أصنامها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال