الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللهم زدني كفراً

آلان كيكاني

2011 / 2 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أن تتزاوج فكرة معينة مع عقلك وتلتصق به التصاقاً محكماً وتحيط به إحاطة كاملة أمر وارد وخاصة في المجتمعات المتخلفة التي لا يتم فيها تغذية العقول بالعلم والمعرفة بشكل كاف , ويسمي الأطباء النفسيون هذه الحالة بالوسواس القهري وهي حالة شائعة في مجتمعاتنا الشرقية عامة والمسلمة منها بشكل خاص وفيها يسيطر الفكر الديني على العقول ويحتلها إحتلالاً تاماً بحيث لا يستطيع العقل الخروج عن طاعة هذه الفكرة والتمرد على سلطانها ويبقى أسيراً لها وينظر إلى العالم من حوله من خلالها حتى إذا كان على يقين بتفاهتها .
صورة نموذجية من هذه الحالة عايشتها منذ أيام في العمل من خلال شخص قضيت معه أمسية في مناوبة ليلية , كنت على علم مسبق بتدينه الشديد حد التطرف لذا كان احتكاكي معه يأتي عن طريق الصدف , رأيته يسير في الطريق راجلاً فتوقفت بسيارتي لأوصله معي لكنه ما إن تربع على الكرسي بجانبي حتى مد يده إلى الراديو وأطفأه دون استئذان مني كي يُسكِت صوت المغنية وهو يستغفر الله ويشكره ويحمده من فمه الذي يستحيل عليك رؤيته لطول لحيته .
ثم كان وقت العشاء وكان علينا أن نجتمع على صينية واحدة عليها رز ولحم فباشر بتناول طعامه بيده دون استخدام الملعقة ولم أبد له استيائي من منظر يده التي تراكم عليها الزفر احتراماً لمشاعره وقناعاته إلا أنه هو الذي بادر بإبداء امتعاضعه من استخدامي الملعقة وقال : أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نأكل بيدنا وأن نأكل بيميننا فلماذا لا تأكل بيدك أيها المسلم وتتجنب تقليد الكفار بهذه الملعقة ؟؟!! وفي استراحة بعد العشاء تناولنا في حديثنا أحد زملائنا الذي ترك العمل مؤخراً وكان مسيحياً خدوماً طيب الخلق واسع الصدر وذا سمعة كالمسك حتى أحبه القاصي والداني والمسلم أكثر من المسيحي , فقلت إن رحيله خسارة كبيرة لنا وبالتأكيد سنشتاق لغسان , وكان أسمه غسان , لأنه ترك أثراً طيباً وذكرى عطرة , وبكل بساطة رد جليسي علي بقوله : لكنه كان كافراً .
وقبل أن نخلد إلى النوم في غرفة خصصت للمناوبين الليليين تمددنا على سريرين متجاورين , مددت يدي إلى حقيبتي وأخرجت منها ديوانا للشاعر الكبير محمود درويش وتصفحته , نظر صاحبي إلى صورة الشاعر على الغلاف وقال : اليس هذا المرتد الذي يتغنى بريتا اليهودية ؟
هنا خرجت من صمتي الذي اعتدت عليه مراعاة لسخافته وعدم رغبة مني في النقاش مع عقل متحجر أسير في معتقل الدين فقلت له : أنظر يا أخي , لك آراؤك في الموسيقى وطريقة الأكل وفي محمود درويش وفي المسيحيين وأنت حر فيما ترى , أما أنا فأقول لك إذا كان الاستماع إلى الموسيقى وقراءة محمود درويش والأكل بالمعلقة وحب غسان المسيحي كفراً , فأرجو الله أن يزيدني كفراً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ومن نكــد الدهر
كنعـــان شماس ( 2011 / 2 / 9 - 21:25 )
اعانك الله يا كيكاني فانه من نكــد الدهر على الحر ان يجامل هكذا طبـــول موتورة وصف جميل للزناخة على يده واجمل للزناخة التي تخرج من فمه وان كان الكفر ماوصفه فاقول معك اللهم زدني كفرا ككفر الكيكاني تحية وتقدير


2 - الم يعلم هذا الشيخ ...
حكيم العارف ( 2011 / 2 / 9 - 22:37 )
امثال هؤلاء البشر هم اسواء سمعه للاسلام والمسلمين ... فتخلصوا منهم فورا والا لطردوكم الاجانب من بلادهم لقذارة افكارهم واشكالهم ...

الم يعلم هذا الشيخ ان الراديو والتلفاز والتليفون والسياره يستعمله الغرب الكافر ايضا ...


3 - حمداً لله على السلامة
إحسان عبدالله الزعموط ( 2011 / 2 / 10 - 06:00 )
الحمد لله أنه لم يكن يحمل حزاماً ناسفاً في ذلك الوقت وإلا لما كنا قرأنا لك الآن


4 - صباح الخير لجميع الطيبين
حازم الحر ( 2011 / 2 / 10 - 06:56 )
اخي الكاتب واخوتي المعلقين
كم هو مؤلم ان تعيش ولو ساعات مع متحجر يعيش بطريقة متخلفة متشبها ومتبعا تعاليم رجل ظلم وقتل وسلب واغتصب ولا يزال اتباعه يفجرون المراكز والمطاعم ومحطات القطارات أحياأ لسنته ويسعد صباحكم


5 - أهلا ومرحباً بكم
آلان كيكاني ( 2011 / 2 / 10 - 10:02 )
أهلا بكم أخوتي كنعان شماس وحكيم العارف إحسان الزعموط وحازم حر وأشكركم على التعليق , ما يجبر على المر إلا الأمر يا أعزائي وكثيرا ما نضطر إلى التواجد في مواقع ليست مستحبة لدينا ولكن هذه هي الحياة , ومن نعم الله على خلائقه أنه منّ علينا بنعمة التكيف والتأقلم تحسبا لمواجهة أشخاص مثل صاحبي الذي ذكرته في مقالتي وعموما أرى الاختلاط مع هكذا ناس ولأجل محدود مفيداً لأننا نتعلم منهم الدروس ونتعلم كيف يكون التطرف والتزمت وبالتالي نعرف كيف نعالجه ونحاربه ونحمي الأجيال القادمة منه . صدقوني أن التعامل مع هكذا ناس وبقدر ما هو متعب ولكنه يجعل المرء أحيانا يتعاطف معهم ويشفق عليهم مثل التعاطف مع أي مرض لأنهم مرضى بالفعل , هم مرضى نفسيون وذكرت ذلك امسمى بالوسواس القسري . وقانا الله وإياكم من شرور هذا الصنف من بني البشر وهداهم الله إلى جادة الصواب وإلى الاعتدال في ممارسة دينهم
مع ودي لكم


6 - من هم
زمان دريج ( 2011 / 2 / 27 - 18:05 )
هذه الكاركترات تمثل في الحقيقة تيارا كبيرا لازال له مروجون وودعاة واقنية فضائية وهذا التيار ومن خلفه لايقبلون حتى المعتدلين ويعتبرون اي رأي مناقض لرأيهم كفرا وخروجا عن الدين مع العلم ان اكثرهم لا يملك اي ثقافة دينية او اجتماعية او فكرية تبرر معتقداته وهو يستند على احاديث وايات مجتزاة ومأولة بما يخدم مصالح فئات من هذا التيار لاتريد ان ينفتح العقل المسلم على الحوار وتقبل الاخرين لدرجة ان القنوات المروجة لهذا الفكر لا تعرض نهائيا برامج تحوي موسيقا حتى للاطفال ولا تظهر صور النساء بل ان الاطفال من الاناث لايظهرن ابدا او يظهرن محجبات ... ولكم ان تتصوروا اطفال ينمون بلا موسيقا وبلا عواطف وبلا احتكاك مع اقرانهم من الجنس الاخر ....... م

اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال