الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبرهة النيل

ماهر علي دسوقي

2011 / 2 / 9
المجتمع المدني


أبرهـــــة النيـــــــــــــــــــــــــــــــــل

ماهر دسوقي

قيل لحكيمٍ كيف تقيّم نظاماً ما؟ فأجاب: أسأل ، كم فقيراً في البلد؟ وكيف وصل الحاكم الى الحكم؟ ومن هي بطانته ؟ وما هي ثروته قبل السلطة وبعدها؟ وكم وعداً قطع ولم ينفذ؟ وكم مواطناً قتل في عهده؟ وكيف هو نظام القضاء والصحة، والتعليم؟ وكيف هي الحريات العامة ؟ وأين تذهب ثروات البلاد ؟!
فإن حسنت الإجابات حَسُن النظام .. وإن لا.. فترقبوا الثورة ..

أما مصر .. فاجتمعت فيها كافة الموبيقات من نهبٍ ولصوصية ، وفساد وإفساد ، وقتل وتخريب ، وإهدار للمال العام والكرامات .. فدخلت أرض الكنانة بأزمات مركبة .. وقف على رأسها أبرهة النيل .. الذي أراد هدم مصر التاريخ والحاضر .. ليقيم إقطاعيته الخاصة .. فعبد امريكا هذا إستمرأ إذلال البلاد .. وظن أن الحال إستقام له ولإبنه من بعده وصولاً لبعض الأحفاد ..

على أن مصر سليمان الحلبي ، وجون جمال، والشيخ إمام، أبت الظلم ، فأرسلت عليه ثورة ترميه بحمم من غضبٍ .. وببركان شعبٍ خَبِر الثورة لا الهذيان .. ولطالما رفض الذل والإذعان .. وهذا ما لم يتخيله أبرهة وأسياده الجرذان ..
واندلعت الثورة وهي مشتعلة حتى الآن ..

ففي زمن الثورة تتسع المساحات الشعبية وأشكال الإحتجاج والعصيان والمقاومة .. وتضيق على أهل القمع والتسلط وأصحاب النفوذ مساحات كانت مشرعة .. فيتراجعون بضع خطوات الى الخلف لإمتصاص الغضب الشعبي العارم ، لترتفع عقيرة الماكينة الاعلامية الخاصة بهم وتبدأ "بقصف" المواطنين "بحنان" الزعيم والقائد المبجل ، وتأخذ في نهش أشخاص ادمنوا قرب الرئيس وإظهارهم على غير ما ألف الناس من تلك الوسائل ، ولترتفع وتيرة الأنغام عن المحاسبة والملاحقة وإسقاط رموز الفساد الذين "خدعوا" رأس النظام وأبعدوه عن ابنائه وبناته بمعلوماتهم المغلوطة ، ليظهر للعموم وكأن النظام اخذ في التهام مضلليه ..

ويشرع الأشخاص الأكثر قرباً وأدواتهم بالحديث عن الاصلاحات والتغيير وحرية الرأي والصحافة والانتخابات النزيهة واصلاح القضاء والتعليم والصحة والى غير ذلك من السلوكيات السياسية المراوغة .. لإمتصاص نقمة الجموع الغاضبة واعادة عقارب الساعة الى الوراء ، ليتسنى لنظامهم الاستمرار في النهب والتسلط والارهاب .

وفيما يبدو من حركة المنتفضين الحالية في أرجاء من الحالة العربية.. ان هذه الكلاشيهات اصبحت مستهلكة وغير ذات قيمة لذلك تعلو الاصوات المطالبة بإسقاط النظام برمته لا رأسه فقط.. فالمستبدون وفق ما درجت عليه العادة يتحدثون الى جموع الكدح والفقر بغير تلك اللغة التي يتحدثون فيها فيما بينهم ..

والثورة حين تطل برأسها وتظهر شرارتها الاولى تكون قد أسست لمرحلة جديدة بأبعادها المختلفة .. فتكسر حاجز الخوف .. وتحطم قيود البنية "البهيمية" التي حشر فيها المجتمع.. وترفع الغمامة عن عيون المقهورين .. وتسلحهم بوعيٍ غير ذاك المزيف الذي فرضه المستبد وزبانيته عليهم.. فهي لم تأت من اجل قائمة مطالب تجميلية او لإعادة بناء تراتبية الخضوع والقهر البيروقراطية.. وإنما لهدم تلك البنية المتهالكة وبحثاً عن الإنعتاق والكرامة .

إن أعمق الثورات حضوراً وتفجراً هي تلك التي تنشأ عن الظلم العميق والإسترقاق ، فالجهد الساعي الى إستعباد الآخرين لإرادة الحاكم الفرد او الطاغية او الديكتاتور .. وزجهم في ردائه أو حذائه .. غالباً ما يلقى مقاومة حثيثة ومتعددة الأشكال والمظاهر .. لا بل ثورة ذات مضامين اجتماعية وسياسية تنويرية..

غير أن الثورة وإن اختلفت مظاهر بعضها من شعب لآخر .. تبعاً لإختلاف الظروف والشروط التي استدعتها و/او اوجدتها ، تبقى في جوهر الفعل المتأصل .. واحدة ، ويدخل فيها من النشاط والمبادرة ما اتفق عليه الناس او توافقوا عليه ، من صور الإحتجاج العام او العصيان المدني او التمرد على دفع الضرائب ، او استخدام العنف الشعبي المنظم الواعي .. وتتداخل اساليب النضال المجرب من قبل الأجيال السابقة والجيل الجديد .. ولربما ايضاً يستفاد من تجارب شعوب أخرى كما هو حاصل الآن بين التجربتين التونسية والمصرية .. ويبقى الهدف الأسمى إسقاط نظم اللصوصية والتبعية والفساد والعقب الحديدية ..

وتصل الثورة في مداها ومعالم نهضتها في كثير من الأحيان الى القاء القبض على المستبد المتغول لتحاكمه شعبياً ولتقتص منه أمام الجموع التي سبق وأن امتهن كرامتها .. كما أن تجارب أخرى شهدت.. قيام رأس حربة لمجموعة من المغاوير المحاطة بحماية شعبية بقنص رأس الأفعى .. فيما شهدت ثورات اخرى إنقضاض مواطن شجاع بمفرده وبحماس الحالة القائمة.. لينفذ إرادة الشعب باللص الحاكم .. وما اكثر هذه الحالات ايضاً .

فهل ستشهد مصر أي من هذه الحالات الثلاث؟ أم أن المتسلط "أبرهة" سيهرب وبمال الشعب المنهوب الى الخارج دون اي ملاحقة او محاسبة ؟ كحالة هروب طاغية تونس؟!
وتبقى هذه الاسئلة وغيرها برسم إرادة الشعب المصري .

وإذا كانت الثورة بحد ذاتها معلماً تاريخياً فارقاً في مسيرة الشعوب المضطهدة، فإن لما بعد الثورة ما بعدها .. من اعداد وترتيب ووعي ونظام .. حتى لا يستبدل الطاغية وطغمته .. بطغاة أخر .. فتتحول الثورة الى تبدل في الملامح .. والبدل فقط .. ويكون جزاء الثائرين كجزاء سنمار ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما اروع التسمية
جمبلة الجزائرية ( 2011 / 2 / 10 - 06:45 )
كل الاحترام اما ابرهة فلة محكمة الشعب


2 - ابرهة فى اكثر من بلد عربى
ناصر التونسى ( 2011 / 2 / 10 - 06:55 )
نحن فى تونس مع كل الاحرار واللعنة والنر على روؤس الطغاة


3 - لنحذر من اعداء العدالة الاجتماعية
منتهى اشرف ( 2011 / 2 / 10 - 07:02 )
هناك متربصون يسعون لاجهاض الثورات وهناك من يسعى لسرقتها لاجندتة الخاصة النصر للشعوب وتحية خاصة للك اخ ماهر


4 - ما اروعك
رحاب صالح ( 2011 / 2 / 10 - 07:13 )
الشعب المصرى عظيم وارادتة قوية بقوة النيل لن يفلت ابرهة وسيلاحق بقية ايامة التى لن تطول


5 - حكم الميدان
مازن الفقى ( 2011 / 2 / 10 - 07:22 )
نعم نحن فى الميدان ونطالب بحساب عسير للمجرم اخ ماهر نتداول مقالك وسيرفع شعار فى التحرير بذات المعنى


6 - الشيخ امام
ايمن ابراهيم ( 2011 / 2 / 10 - 07:45 )
تذكر اخ ماهر سجن جنيد 1986 يعد ضرب الغاز علينا من الجرمين وكيف عليت الاغانى الوطنية وخاصة اغنية الشيخ يا فلسطينية مشهد التحرير والغاز بذكرنى بهذيك الايام ويبدو انك لم تتغيرر ر


7 - اللة ع دى تسمية
مارى جريس ( 2011 / 2 / 10 - 07:55 )
ازاى هيهرب الشعب صاحيلة اووى مال الشعب والغلابة مصيرة يرجع وللى اية


8 - ميدان السكندرية
امام الامام ( 2011 / 2 / 10 - 08:07 )
ميادين مصر كلها لينى احنى الغلابة واللص حيتحاسب حيتحاسب


9 - الجزائر قادمة
جميلة الجزائرية ( 2011 / 2 / 10 - 08:10 )
الجزائر الثورة قادمة


10 - صدقت اخ ماهر
هدايه الابراهيمي ( 2011 / 4 / 16 - 13:06 )
بقيت الاسئله برسم ارادة الشعب المصري الذياصر على اعتقال ابرهة النيل ومصر المذموم مبارك
مبارك وافراد عائلته في السجن
حكم الشعب سينفذ وليس بارادة الامريكي

اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر