الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحرشات والاعتدات الجنسية على الاطفال، وتاثيرها على حياتهم ومستقبلهم.

اواصر يوسف خالد

2011 / 2 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



التحرشات والاعتدات الجنسية على الاطفال، وتاثيرها على حياتهم ومستقبلهم.
الاعتداء الجنسى هو، عندما يتعرض شخص ما سواء كان طفلا او كبيرا الى اجباره او توريطه فى عمل جنسى، حيث يكون غير راغب فيه، ولا يعرف النتائج والعواقب المترتبة عليه.
تعتبر الاعتداءات الجنسية من اخطر التجارب التي يمر بها الانسان، وفي كثير الاحيان، اكثر ايذاءا من غيرها من التجارب القاسية الاخرى، مثل سوء المعاملة او الحرمان. لان التجربة المريرة التى يعيشها الطفل تحت هذه الاعتداءات تجعله يشعر بانه مختلف بشكل سلبي عن الاخرين، وان وجوده خطأ وانه محمّلا بالخطيئة والقذارة، ويؤدي هذا الشعور الى الخجل الشديد من الاخرين ومن النّفس، كما يؤدي الى الشعور بالذنب وفقدان الثقة بالاخرين.
تكثر نسبة المتعرضين للاعتداءات الجنسية عند الاشخاص الضعفاء والمعوزين والمحرومين، ولذلك فان الاطفال المعوقين، المحرومين من الاهل، الّذين يعانون من الضائقة والحرمان من جرّاء عدم التعليم او الفقر، الذين يقعون فريسة العمالة او اطفال الشوارع هم الاكثر عرضة لهذه الانتهاكات من غيرهم.
امّا الّذين يقومون بتلك الاعتداءات، فانهم غالبا ما يكونون من الذين يعانون من التهميش والحرمان، ضحايا الجريمة او المخدرات او الذين تعرضوا اثناء صغرهم لاعتداءات مشابهة دون ان يسعوا الى العلاج للتخلص من اثار تلك الاعتداءات بطريقة علمية وطبّية سليمة. ان الاعتداءات الجنسية تزداد في المجتمعات المغلقة والبيئة المنعزلة والنائية، كما تختلف نوعيتها ايضا، حيث تكثر نسبة الذين يقومون بتلك الاعتداءات من الاقارب او حتى اهالي الاطفال انفسهم مثل الاب او الام او الخال او العم اوغيرهم.
تكون للاعتداءات الجنسية اثار مستقبلية خطيرة على البناء النفسي للطفل، بسبب كونها تحدث امّا بالاجبار والاغتصاب، او بسبب التغرير بالضحية وايصالها الى حالة العمل الجنسي، دون معرفة تلك الضحية المسبقة بما تنطوي عليه تلك العملية ـ مع احساسها بالتوريط والرغبة القوية في توقف الاعتداء دون جدوى، او عن طريق الابتزاز والتهديد الذي يوصل احيانا الى الخضوع القسري للاعتداء الجنسي تحت وابل الاحساس بالقسر والاهانة والدونيّة وسوء المعاملة والاغتصاب. وبهذا فان الاعتداء الجنسي بجميع حالاته يعتمد امّا على القوة الغير متكافئة او الاستغلال عن طريق المكر والخداع.
هناك جانب اخر مهم في هذا الاطار وهو التحرشات الجنسية، فبرغم انها ليست بالخطورة الظاهرة على الضحايا كما في حالة الاعتداءات المباشرة، الا ان لها تاثيرات وتداعيات مستقبلية خطيرة على الضحية وخصوصا في حالات تكرارها المستمرة، حيث ان خطورتها لا تقل في حالات كثيرة عن الاعتداءات الجنسية المباشرة، وهذا لاينطبق على الاطفال فقط، بل على النساء ايضا، وخصوصا في ظروف العمل، كما انها لا تقتصر على مجتمع بعينه. ان الاحصاءات والتقارير تشير الى ان نسبة حدوثها في الدول الغنيّة والمتطورة ثقافيا عالية ايضا، وهي معروفة اكثر في تلك الدول ويتناولها الاعلام بشكل مستمر. الا ان الفرق هو ان الدول الغربية وضعت التشريعات والقوانين الواضحة لحماية الضحايا من تلك التحرشات بينما لاتزال الدول الفقيرة عاجزة سن القوانين التي تحاسب على حدوثها
لا يقتصر تعريف التحرش الجنسي على العمل الفيزيائي فقط، بل ان الالفاظ والاشارات وحتى النظرات وطريقة التلفّظ او اية ايماءة تشير الى الدعوة الى الجنس تعتبر تحرشات جنسية، مثلها مثل القبلة او الاحتكاك بالاعضاء الحساسة، او الاستمناء او محاولة التقرب الاجبارية.
ماهو تاثير الاعتداء الجنسى على مستقبل الاطفال:
ان التعرّض للاعتداء الجنسى هو ليس تشخيصا، وانما هى حادثة قوية تبقى لها اثار سلبية طول العمر، كما انها قد تسبب في امراض كثيرة وخطيرة مستقبلا سواء كانت بيولوجية او نفسية او اجتماعية مثل:ـ
ـ فقدان الثقة والعزلة الاجتماعية: ان الطفل الذى يتعرض للاعتداء الجنسى من قبل الكبار يتنامى لديه الشعور بانه لا يستحق الاحترام ولا يحسّ بالامان، وانه موجود لتلبية احتياجات للكبار كريهة على نفسه، وبالتالى فانّه يفقد ثقته بالاخرين، ويبقى كذلك الى الكبر اذا لم يتلقى العلاج النفسي اللازم، حتى مع الاشخاص الذى يحبهم ويود التقرّب لهم، مما يؤدي الى صعوبة بالغة في تكوين علاقات حميمة، والى شعور بالوحدة والعزلة يتزايد مع تقدم العمر. كما ان بعضهم يبدا بالاعتقاد بان سيء الحظ بشكل كبير وانه الوحيد فى هذا العالم الذي تعرض لمثل هذا الاعتداء.
ـ الشعور بالذنب والخجل: عندما يكبر الصغير وتمتلىء عضلاته ويتحسس قدرته على اداء الاعمال التي تتطلب القوة والشّجاعة يتولّد لديه الاحساس بلوم نفسه على عدم ممانعته القوية للاعتداءات التي كان يتعرّض لها في صغره، او يفكر بانه شريك بتلك الاعتداءات طالما انه لم يسعى الى مساعدة الاخرين من الكبار، او انه يبدا بالخجل من نفسه بانه كان ياخذ الحلوى مقابل استغلاله جسديا، وكل ذلك يتعاظم عندما يكبر الطفل ويستشف نظرة المجتمع السلبية لتلك الممارسات وانتقاد الدين والعادات والقيم والتقاليد الاجتماعية لها وعدم تعاملها العلمي والمنصف مع الضحايا، ووضع الضحية والجلّاد في خانه واحدة توصف بانها قذرة وواطئة ومبتذلة وتنسب اليها جميع صفات الدونية والخيانه والجبن والغدر، بل تذهب بعض الاديان والمجتمعات الى تبرئة المعتدي في تقاليدها من تبعية تلك الاعمال والاصرار على لصق كل تلك الصفات السلبية بالضحية واصرارهم على معاقبتها على تلك الفعلة
ـ الصعوبة فى تكوين علاقات مع الاصدقاء او التقارب مع الجنس الاخر: حتى في حالة وجودهم في اطار شرعي وقانوني معهم. مثلا يجد الكثيرون ممن تعرضوا للانتهاكات الجنسية في الصغر او حتى في الكبر صعوبة بالغة في ممارسة الجنس والاستمتاع به مع الشريك الشرعي وتكثر تلك الحالات بين النساء اللواتي يقضين سنين طويلة مع ازواجهن وهنّ غير قادرات على التمتّع بالجنس معهم، او ان يجد الشخص صعوبة فى الملامسة الغير متهيئه مع الجنس الاخر حتى لو وجدت الرغبة لذلك، او عدم التقرّب بالملامسة من اطفالهم، حيث يعتريهم الخوف من الاساءة لهم.
ـ الاضطراب وعدم الاحساس بالهدوء طوال الوقت واينما كان: مما يؤدي الى عدم استطاعة الضحية الاستقرار على مهنة معينه، او الاستمرار في العلاقات والارتباطات العاطفية في الصداقة والحب. وعدم القدرة على التعلّم والاستمرار فى المدرسة
ـ الكابة والخوف.
ـ الصعوبة فى التركيز نهارا، والنوم ليلا، والتعرض للكثير من الكوابيس: لان كثير من الاطفال يكتمون ما يتعرّضون له ولايخبرون احد بسبب الخوف اوالخجل او التهديد او غيرها، مما يؤدي الى تعامل العقل معها على مستوى الاحلام والرموز التي قد تصاحب الانسان حتى اخر ايام حياته، اذا لم يتم تلقي العالج النفسي اللازم
ـ ظهور بعض الحالات والاعراض المرضية التي تصاحب الضحية في الصغر او تظهر عند الكبر: مثل الرغبة في التقيؤ، عضّ الملابس او الاظافر، تجريح اليدين، الصّداع المستمر او المبالغة الكبيرة في تنظيف كل ما يتلامس معه من اثاث او ملابس او غيرها، ولدينا حالة في الدنمارك عن امراة كانت تستمر في الجلف القاسي صدرها بالليفة والصابون كلما دخلت الحمّام الى حد خروج الدم، حيث كانت ضحية الاعتداء الجنسي من قبل الاهل .
ـ البغاء عند النساء او الاستمرار في ممارسة دور الضحيّة عند الرجال حتّى بعد البلوغ، ويكون ذلك في كثير من الاحيان نتيجة الاعتداء الجنسي عند الطفولة، فالبغاء في هذه الحالات هو تعبير عن الشخصية والحدود الجنسية التى تم استغلالها والتعدي عليها والاساءة اليها مما ادى الى تحطيمها ومن ثم التعبير عن الامنية والرغبة الداخلية فى السيطرة الجنسية التى فقدت فى الطفولة او محاولة التحكّم في شخصية المعتدي والحصول على السلطة الشكلية والتعويض عن الحرمان الذى فقدوه.


1- Katrine Zeuthen, Barnseksualitet og seksuelle traumar, 1997.
2- Thor Larsbeldt, Det må du godt.
3- Stevn høj, Børn og seksualitit.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقد الظاهرة
لحسن وزين ( 2011 / 2 / 10 - 12:18 )
تحية طيبة
قرأت المقال السابق ووجدته رائعا لكن أود لن أضيف إلى مسالة خوف الطفلة من السفر بدون الأهل إلى ما يمكن أن تفيدنا فيه نظرية التعلق بين الطفل وأمه ثم مع أهله حيث أن مشكلة الهجر النفسي التي يستحضرها الطفل في مثل هذه الحالات تجعله يعيش صراعات داخله تعيق توافقه وتحقق قيمته الذاتية إننا أمام وضعية سيكولوجية الانفصال حسب تعبير جون بولبي أو ميلاني كلاين
أما هذا المقال الذي يطرح مشكلة واقعية وشديدة التعقيد وخصوصا ونحن نعيش في زمن الصورة وهي بطبيعتها حسية تؤثر في الرؤية والإدراك مما يتطلب إعداد الأهل والمربين لكيفية التعامل مع الصورة التلفزية أو على الانترنيت حتى نتمكن من حماية أطفالنا من التحرش الجنسي الذي يتضمنه العنف الرمزي على مستوى اللغة والصورة ...


2 - تتمة
لحسن وزين ( 2011 / 2 / 10 - 12:19 )
وهناك عنف أخر تتضمنه اللغة العربية باعتبارها لغة حسية تشكل إدراك الناس فتجعلهم اقرب إلى الحسية في حياتهم الاجتماعية ففي حياتهم اليومية كالتسوق مثلا يلمسون الأشياء ويفحصونها قبل شرائها وكان العين لاتكفي لإصدار الحكم الصحيح وحتى الطبيب عندنا يفحص ولايرى ويمكن أيضا أن نضيف بان ثقافة الأذن عندنا عبر التاريخ أقوى من ثقافة العين لذا نستعمل العين كذلك للمس أي ما يمكن تسميته اللمس بالعين وهي تمارس كتحرش جنسي في شوارع مجتمعاتنا البطريكية التي تفكر مشاكلها إما بالحجاب أو الحماية الخارجية بعيدا عن تكوين ذوات مستقلة محصنة من الداخل بالعلم والتفكير العقلاني والنقدي . هكذا يتضح أن المسالة عندنا يتداخل فيها اللغوي والثقافي والاجتماعي ...الذي يعمل على إنتاج وتكريس التحرش الجنسي بل وجعله في الكثير من الأحيان طبيعيا


3 - مصيبة الازدواجية
علي المشاط ( 2011 / 2 / 11 - 19:51 )
شكرا للكاتبة على هده الدراسة القيمة
العرب والأخص منهم العراقيين وبسبب مصيبة الازدواجية التي تغلف سلوكهم وعقولهم يبتعدون دائما عن مناقشة اضطهادات مرحلة الطفولة وخصوصا التحرشات الجنسية باعتبارها أمور مخجلة وكأن الطفل الضحية مسؤول عما تعرض له من تجاوزات . وبالرغم من سعي الطفل الضحية الى النسيان ودفن ما تعرض له
ولكن آلية العقل البشري تأبى النسيان وتحتفظ بكل المشاعر السلبية المصاحبة للحدث بالأضافة الى الكلمات والحركات وحتى الروائح المنبعثة في الأرشيف المظلم
وهدا الأرشيف المظلم هو الدي يتحكم بسلوكنا بما فيه من نقاط قوة وضعف وأولها أضطهادات ومخاوف الطفولة التي تعمل بمثابة الفيروسات الخفية التي تربك ألأرادة والتفكير
وتسبب أمراضا عضوية وتعكس أعراضا لأمراض كادب أحيانا
يرجى مطالعة مقالنا
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=160297
تحياتي


4 - مصيبة الازدواجية
علي المشاط ( 2011 / 2 / 11 - 19:51 )
شكرا للكاتبة على هده الدراسة القيمة
العرب والأخص منهم العراقيين وبسبب مصيبة الازدواجية التي تغلف سلوكهم وعقولهم يبتعدون دائما عن مناقشة اضطهادات مرحلة الطفولة وخصوصا التحرشات الجنسية باعتبارها أمور مخجلة وكأن الطفل الضحية مسؤول عما تعرض له من تجاوزات . وبالرغم من سعي الطفل الضحية الى النسيان ودفن ما تعرض له
ولكن آلية العقل البشري تأبى النسيان وتحتفظ بكل المشاعر السلبية المصاحبة للحدث بالأضافة الى الكلمات والحركات وحتى الروائح المنبعثة في الأرشيف المظلم
وهدا الأرشيف المظلم هو الدي يتحكم بسلوكنا بما فيه من نقاط قوة وضعف وأولها أضطهادات ومخاوف الطفولة التي تعمل بمثابة الفيروسات الخفية التي تربك ألأرادة والتفكير
وتسبب أمراضا عضوية وتعكس أعراضا لأمراض كادب أحيانا
يرجى مطالعة مقالنا
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=160297
تحياتي


5 - مواقعة الجن
علي المشاط ( 2011 / 2 / 11 - 20:55 )
تكملة
هناك بعض النساء/ متزوجات أم عازبات/ ينتابهم كابوس متكرر ألا وهو ان جنيا قد مارس الجنس معهن.. ولهدا فهن يشعرن دائما بأنهن غير نظيفات بالرغم من الوسواس الشديد في النظافة
وهدا الأحساس المغلوط متأتي من الشعور بالنقص نتيجة لأضطهادات الطفولة التي تتحول الى كره الدات الدي يتم تبريره من قبل العقل الباطن على ان المرأة غير نظيفة لأنها مارست الجنس مع جني. أن آلية العقل البشري المعقدة تلصق وساخة أرشيفنا المظلم بأشخاص أو
أ شياء أخرى وأدا تعدر عليه يلصقها بمجودات خيالية
وهدا مايحصل للشخص الدي يمارس الوسواس في الأستحمام والوضوء
تحياتي


6 - التحرش الجنسي
شموئيل بولص زومايا ( 2011 / 3 / 3 - 12:00 )
تحية واعتزاز
حقا انها لتجربة خطيرة جدا وخاصة بحق الاطفال والتي اصبحت تستغل وتمارس بلوحشية من قبل الضعفاء في كل الماكن بدا من البيت ومرورا بدور التعليم حتى وصل الامر الى دور العبادة..... اشكرك واحيك كثيرا


7 - شكرا للوضوح مرة ثانية
اواصر يوسف خالد ( 2011 / 3 / 7 - 15:11 )
الاعزاء جميعا

شكرا لكم على التعليقات المفيدة والبناءة والتي سوف اخذ الكثير منها بالتاكيد في نظر الاعتبار في المرات القادمة
للاستفسار عن التجارب والمعايشات الخاصة يمكنكم الاتصال بي مباشرة على الايميل
[email protected]
اشكركم ثانية واتمنى منكم التواصل البناء في المستقبل
اواصر

اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع