الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم العالي في العراق بين المحاصصة وتحقيق الجودة والاعتماد

تركي البيرماني

2011 / 2 / 11
التربية والتعليم والبحث العلمي


التعليم العالي في العراق بين المحاصصة وتحقيق الجودة والاعتماد



إلى أنظار السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي المحترم



تحية طيبة:

لا نأتي بجديد حين نقول إن تقدم الشعوب والأمم ورقيها وقدرتها على الإسهام الفاعل في بناء الحضارة الإنسانية وإسعاد شعوبها مرهون بنوع تعليمها العالي لا بل إن وجودها على خارطة العالم في القرن الحادي والعشرين يعتمد على جودة تعليمها علما إن جودة التعليم ليس شعارا يرفع بل عمل ميداني متواصل يتطلب خبرة تراكمية وقيادات إدارية تمتلك وعيا فلسفيا وفكرا ناقدا وديناميا وخبرة ميدانية تمكنها من اتخاذ القرارات الراديكالية التي تتجاوز المصالح الذاتية والفئوية وتتعامل مع الإحداث من مفهوم تحليل النظم وتنظر إلى التعليم كنظام وجزء من نظام اجتماعي متخلف عشائري وطائفي وذو ثقافة فقاعية أسهم النظام المباد في إرساءه. هذا الإرث المتخلف يضرب أطنابه في مختلف مؤسسات الدولة وفي مقدمتها مؤسسات التعليم العالي فعلى مستوى الديوان تجد تجمعات فئوية وطائفية كل منها يغني على ليلاه إما على مستوى الجامعات فالمشكلة أكثر تعقيدا فقد احتلت المراكز القيادية إدارات لا تمتلك المهارة الإدارية لما تتسم به من أمية وظيفية ورغبة جامحة في الاحتفاظ بالكرسي والتفنن في الدفاع عنه ناهيك عن الفساد الإداري والمالي وانتشار المحسوبية والشللية وشخصنة العمل هذا الرهط من الانتهازيين والوصوليين غير قادر على عملية التجديد والتجويد ولا يهمه منها سوى الدعاية والإعلام لتحقيق مآرب شخصية. وكان للنظام المباد اليد الطولى في تنمية هذه الظاهرة التخلفية وتفاقمت نتيجة للمحاصصة التي تبناها الأمريكان ونفذها الساسة العراقيون هذه المحاصصة جلبت معها أسوء الكوارث خلال السنوات السبع المنصرمة من خلال اعتمادها قيادات مطواعية وفتحها الباب على مصراعيه إمام أفواج المتدفقين على الدراسات العليا داخل الجامعات العراقية دون ظوابط أكاديمية أو مهنية أو قيمية حقيقية ودون توفير ابسط مستلزمات هذه الدراسات كوجود كوادر تدريسية كفوءة أو مصادر علمية حديثة أو لجان مناقشة علمية وموضوعية. هذا الجيش من التدريسيين الجدد هم قادة المستقبل ومصدر عطاءه العلمي إذا كانوا على مستوى المسؤولية ومعدين إعدادا جيدا وبعكسه فهم أداة للتخريب والتغريب. التدريس الجامعي ليس وظيفة لمن لا وظيفة له العراق بحاجة إلى تعليم عالي الجودة وان مثل هذا التعليم يتطلب وجود قيادات إدارية كفوءة وتدريسيين على درجة عالية من الكفاءة الأكاديمية والمهنية والقيمية. إن سياسة التجهيل المعتمدة تجعل من مهمة الوزارة الحالية صعبة ومعقدة وتتطلب تظافر جهود كافة العاملين لتحقيق الجودة والاعتماد لان مستقبل العراق يعتمد على جودة تعليمه ولنا بالدول المتقدمة أسوة حسنه حيث جعلت التعليم هاجسها الأول وهدفها الأساس ومؤلها الذي تؤل إليه كلما ألمت بها المحن فاليابان بعد خسارتها الحرب اتجهت إلى التعليم وحققت ما تريد ويصدق ذلك على ألمانيا وكوريا الجنوبية وحتى الولايات المتحدة الأمريكية عندما تواجه ازمة تستنجد التعليم وتغير برامجها التعليمية فغيرت مناهجها عند إطلاق السوفيت قمرهم الاصطناعي عام 1957 وغيرت مناهجها عندما شعرت بالمنافسة الحادة لليابان في المجال الاقتصادي في ثمانينيات القرن العشرين وغيرت مناهجها في تسعينيات ذلك القرن عند ظهر تقرير امة في خطر. إما نحن فقد واجهتنا كوارث كثيرة الحكم الدكتاتوري والحروب العبثية والمقابر الجماعية والقتل على الهوية وسياسة المحاصصة كل هذه الأزمات وتعليمنا يرقد في سبات عميق وكأن شيئا لم يحدث . التعليم خلال العقود المنصرمة تدار مؤسساته وجامعاته بحكم المنطق السياسي ونظرية المحاصصة وليس وفقا لإستراتيجية تربوية حكيمة تهدف إلى تشخيص الواقع المتمثل بقصور في الانجازات وقصور في القدرات وضعف في الاستجابة للتجديد والتجويد وبالتالي القصور في التخطيط الإستراتيجي الذي اتسم عجزه في القدرة على تشخيص أين نحن وماذا نريد ومن يحقق هذه المهمة ومتى نبدأ وأين ننتهي وما معاييرنا للمخرجات المراد انجازها.

السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي المحترم

انك إمام امتحان صعب ومعقد وعسير ونجاحك في تحقيق المهام الوطنية لهذا التعليم انتصار للعراق والعراقيين وللنظام الجديد. وإيمانا منا بضرورة تظافر كافة الجهود نضع إمام ناظريكم المقترحات التالية:

1- البدء بوضع إستراتيجية للتعليم العالي يشارك في وضعها النخب المتميزة من الادارين والتدريسيين المتقاعدين والمستمرين في الخدمة مهمتها تشخيص الواقع وتحديد الحاجات وفقا لمعايير الجودة على إن تتسم الإستراتيجية بالواقعية والقدرة على التنفيذ.

2- إبعاد الإداريين والعاملين على مستوى الديوان وفي الجامعات الذين ثبت إن ثورة المعلومات قد تجاوزتهم ولم يتمكنوا من انجاز وتطوير ما أوكل إليهم من مهام.

3- إعادة النظر بهيئة الرأي وإشراك تدريسيين من مختلف الجامعات ممن يتسمون بالنظرة الثاقبة والفكر الناقد والحريصون على مصلحة العراق.

4- إعادة النظر بالقطاعية أو إلغائها لأنها تتعارض مع فلسفة الجودة.

5- إعادة النظر بفلسفة كليات التربية والتربية الأساسية وأهدافها وتقنياتها واختيار قيادات إدارية وتدريسية كفوءة ووضع معايير لقبول الطلبة وإعطاء محفزات لخريجي هذه الكليات لما لها من أهمية متميزة في إعداد قادة المستقبل.

6- التخلص من المناهج التقليدية التي تؤكد على المعرفة لأننا بحاجة إلى ما فوق المعرفة Meta cognition thinking هذه المناهج أكثر قدرة على المساعدة في إعداد جيل من الشباب قادر على مواجهة المعضلات التي يتعرض لها الوطن والمواطن.

7- إرساء أسس علمية للبحث العلمي وللدراسات العليا وربطها بحاجات سوق العمل وحاجات المجتمع وإعطاء أولوية للبحوث التي تهدف إلى تنقية فكرنا من الظواهر المتخلفة وتسهم في تطوير ثقافتنا الاجتماعية فمشكلتنا في الأساس ثقافية تربوية.

8- تشجيع التأليف والترجمة ودعم المكتبة الجامعية.

9- التخلص من التدريسي الملقن وإبعاد غير المواكبين الذين تجاوزتهم ثورة المعلوماتية وإيجاد مجال أخر يناسب إمكاناتهم خاصة في الكليات التربوية. من الظلم إن نبقي تعليمنا الجامعي مرهون بأيدي من ثبت إن زمن التعليم الحديث قد تجاوزهم.

10- منح رؤساء الجامعات حرية اتخاذ القرارات المتعلقة بجامعاتهم من اجل التخلص من المركزية الخانقة بشرط إن يتسم رئيس الجامعة بالقدرة على اتخاذ القرار ويعرف متطلباته وإجراءاته.

11- العمل على زيادة التمويل الحكومي والمجتمعي للجامعات.

12- العمل على تنويع الجامعات من خلال إنشاء جامعات نوعية جديدة مع إجراء هزه عنيفة للجامعات القائمة من اجل تحسين أدائها.

13- تحرير الجامعات من كل ما يعيق إسهامها الفاعل في مجريات الإحداث داخلها وفي مجتمعها المحلي.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات