الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميدان التحرير.. أعاد التلامذة للجد تاني

رائف بدوي

2011 / 2 / 11
المجتمع المدني


المخاض الذي تعيشه مصر هذه الأيام، ليس مجرد حالة لولادة عسيرة مضى عليها 30 عاماً من حكم فاشستي سيطر على مقدرات البلد وأحلام سكانه وقتل فيهم روح الأمل والنهوض والغناء والفن الجميل.

ما تعيشه مصر الآن من تحدّ يقوده تلامذة وطلاب ومهمشون وأبناء قاع المدينة، إنما هو ثورة في كل المقاييس ومحطة فاصلة وحاسمة ليس فقط في تاريخ وجغرافيا مصر وإنما في جميع الجغرافيات العربية التي تحكمها عقليات ديكتاتورية وأمنية.

فقد تمكن شباب ثورة 25 يناير الذين اتخذوا من ميدان التحرير منطلقاً لا يقبل سقفاً أقل من إسقاط نظام سياسي ديكتاتوري، حكمته عقلية أمنية نأت بنفسها عن واقع شعبها المؤلم والذي ما فتئ يعاني وكل يوم في سبيل تأمين رغيف الخبز، (الذي ليس به وحده يحيا الإنسان)، فما بالك إذا كانت المطالب بتأمين حياة كريمة كما تحياها شعوب العالم المتمدن.

لقد غاب النظام المصري طيلة أكثر من أربعة عقود عن الناس وعاش في وطن كسائح أجنبي، لا يعرف عن هموم المواطنين أكثر من تعدادهم الذي يتزايد بسرعة، لكن بدون أي قلق، فالتقارير التي يضعها رجال المخابرات كل يوم على طاولة الرئيس تؤكد أن الرعايا في سبات عميق والأمن مستتب.

لم يخطر ببال النظام المصري أن هذا الشعب الذي أنهكه الجوع قبل أي شيئ آخر، سيمر عليه يوم 25 يناير بشكل مغاير عن أيام السنة العادية، كما لم يخطر أن هذا التاريخ سيجرف كسيل عارم كل العفونة التي استمرأ فيها النظام طيلة الثلاثين عاما من حكم مبارك.

ولم يخطر على بال أصحاب العصي الأمنية، أن ميدان التحرير سيغير ملامح تاريخ من القهر والتنكيل وخلال أيام قليلة وبأقل الخسائر، كما لم يخطر على بال أي من الشعوب المحيطة بشعب مصر أنه بمقدور بضعة شباب من شعب مصر أن يزلزلوا الأرض من تحت حكامه وينتزعون النصر تلو النصر لهم.

لقد أكد تاريخ 25 أن عملية التغيير ليست بالمستحيلة، وأظهر ثوار ميدان التحرير عن أن إرادة الشعوب لا تقهر بالفعل خصوصا عندما تكون الهوّة سحيقة بين النظام الحاكم والشعب، كما كشفت ثورة 25 يناير عن عمق أزمة الأنظمة التي تبنى بتقارير مخابراتية دون الاهتمام بشعب يغلي من الداخل.

إذاً مصر على وشك التغيير هذا هو الواضح ــ حتى الآن ــ، وأصبح لدينا أمل ببزوغ مصر جديدة تخرج من رحم معاناة سكانها وتلامذتها، الذين اتخذوا من ميدان التحرير مسرحا لحدث تاريخي عظيم شهد هتافات الأحرار، وشهد نهاية حقبة الخنوع الذي رسخه النظام المهترئ عبر سنوات من الظلام.

تحية لك أيها الشعب الأبيّ الذي استفاق من غفوة وإن طالت، وتحية لميدان التحرير الذي حوّلته أجساد الشباب والصبايا إلى "باسيون" على حد تعبير الثوار (النّكتجية)، لكنه "باسيون" للحرية وليس للرقص، "باسيون" جعلنا نردد مع الشيخ إمام رائعته الشهيرة (رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني يامصر إنت اللي باقية وانت أصل الأماني).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا مصر انتي الي باقية
مارا الصفار ( 2011 / 2 / 11 - 15:35 )
منذ يومين وانا اغني هذه الاغنية
التي التصقت قويا بذاكرتي
وقد ذكرتنا بها احد الكاتبات هنا في الحوار المتمدن

نعم لقد رجعوا للجد وطالبوا بحقوقهم



طلعوا التلامذة ورد الجناين

اسمع يا ميلص و شوف و عاين

ملعون أبوك ابن كلب خاين

يا صوت أميركا

يا أمريكانـــــــي

رجعوا التلامذة يا عم حمزة

للجد تانــــــــــي

يا مصر إنتي اللي باقية و انتــــــــــي

قطف الأمانــــي
http://www.youtube.com/watch?v=TzBLmE2_BQw


2 - جميل
جهاد علاونه ( 2011 / 2 / 12 - 05:07 )
مقالكم جميل وبه حسن نابض بالحرية وبالمشاعر الوطنية تجاه أمة يقتلها الجوع من كل الاتجاها ويتقاسمها عهر السياسيين الدجاليين الذين أنهكوا الأمة بوطنياتهم المزيفة


3 - ياسبحان الله ..!!
عبدالله المُسلم ( 2011 / 2 / 12 - 13:34 )
الآن فقط
وكأنه نسيا منسيا ..!!
لماذا إذا ،، صمتم عن تذيله وظلمه وغطرسته طيلة ثلاثين سنة ... ؟!!


اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة