الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحقق أمل التغيير وأصبح واقعا ولكن كيف نترك الفاسدين ؟ قراءة في حكاوي المصريين .

أحمد صقر

2011 / 2 / 12
المجتمع المدني


تبدأ الحكاية عندما سألني أولادي ونحن خارج مصر , لماذا تركنا بلدنا وسافرنا إلي الخليج ؟ ولماذا تتقاضي راتبا يفوق ما كنت تحصل عليه من قبل ؟ ولماذا بلدنا مزدحمة بالمحتاجين والمتسولين وكثيرا ممن يسألون الناس المساعدة حتي أضحي المشهد ممزقا لقلوبنا جميعا ؟ ولماذا يغني أولادي ويحيون كل صباح في المدرسة منذ المرحلة الابتدائية نشيد هذا البلد الذي ضمنا ولم يبخل علينا حتي تذكرت أن لهم نشيدا لابد أن يعرفوه ؟ولماذا بكينا ذات مساء عندما استمعنا إلي أغنية شادية : يا حبيبتي يا مصر ؟ ولماذا أعود كل صيف متلهفا إلي بلدي فاتحا ذراعي لاحتضن كل من اقابله غير أني سرعان ما أفكر في العودة لقضاء ما تبقي من اجازتي بالخليج في حر الصيف؟ ثم لماذا غضبت وقررت ومعي زوجتي بضرورة أن نشرع في عمل طابور الصباح الذي تعلمناه من "يوميات ونيس " وننشد نشيد بلادي وعظيمة يا مصر وغيرها من الأغاني التي تربينا عليها ؟ لماذا نسمع من أهل الخليج أننا أغني منهم غير أننا نسرق كل يوم ممن غابت ضمائرهم وتحجرت قلوبهم وتوحشت نفوسهم وفقدوا كافة الصفات الإنسانية ؟ ولماذا تشاهد وأنت خارج من المطار وتلحظ هذه المشاعر المختلطة من فرحة الاستقبال وتمني كلا منهم أن يصبح مثلك وكأنك عدت من الجنة ؟ لماذا يشحذ الناس وكروش وجيوب وحسابات المحتالين السارقين فاضت حتي وصل بهم الغرور إلي استيراد الطعام الفاسد بكافة أنواعه دون رحمة أو أخلاق ؟لماذا فضحتنا أفلامنا ومسلسلاتنا حتي اصبحت اللحمة حلما كبيرا لكافة المصريين ؟ ولماذا اصر كثير من العاملين في الحقل الفني والأعلامي علي ضرورة تصوير الفساد المادي والأخلاقي والسياسي والاجتماعي في كافة مناحي الحياة دون أن تتحرك لذلك أقلام النقد والرفض ؟ والاجابة بسيطة لأن مصر تشهد عهد الاعتقالات والاحكام العرفية والتسيب والفساد وقل كل ماتشاء , وعليك إما أن تشارك وقد شارك الكثير أو أن تعتزل هذه الحياة حتي تصبح مجرد فرد يسعي للقمة العيش دون أن تفتح فاك مهما اختلفت مكانتك ومهما كنت في أي منصب لأن الغلبة للسفلة وراكبي الموجة , لذا ستصبح محل سخرية لهولاء؟ ولماذا لا تصلي لأنك إن فعلت ذلك ستحارب ؟ لماذا لا تهتف لأنك إن حاولت أن تهتف وسط هولاء الساقطين سيتحول هتافك إلي محاولة لقلب نظام الحكم ؟ وبعد أود أن أقولها صراحة أن الذي منعنا وحرمنا في كل ما ذكرته هم رجال النظام المخلوع الذي تقوي علينا وجاء اليوم لكي نطالب كوننا أفرادا عاديين من أبناء هذا الشعب أن يحاكم كل من شارك أشياع واتباع النظام المخلوع وتقلد المناصب من أعلي هرم السلطة العفنة وصولا إلي أصغر موظف تثبت التحقيقات تورطه في الاستيلاء علي أموال هذا الشعب منذ العقدين السابقين بعد أن تحصن النظام المخلوع في المارقين المدربين وغمسوه معهم في هذا المستنقع العفن واستباحوا من خلاله كل ما حرمته الأديان والشرائع حتي بلغت ثروة كبير السارقين 70 مليار دولار مضافا إليها ثروات باقي أفراد العصابة . علينا أن نعيد إلي شعوبنا هذه الحقوق المسلوبة وأن تضم إلي ثروات البلاد لإنشاء المشاريع التي تكفينا ذل السؤال للأمريكان وغيرهم .
علي قادة الجيش الذين كانوا ولايزالوا صمام الأمن والأمان لهذا البلد أن يدركوا جيدا أن التاريخ لم ينس يوما وقفاتهم المشرفة منذ التاريخ القديم وصولا إلي حرب 1973 وثورة 25 يناير 2011 حينما أحتضن الجيش شباب مصر وشيوخها ونسائها وأطفالها هذا الحضن الذي جعلنا دائما نشعر بالرفعة , كما لا ننسي شهداءنا الأبرار الذين حققوا لنا بدمائهم العزة والرفعة واطاحوا بهذا النظام الذي سيتحمل أمام الله والتاريخ مغبة ظلمهم وحرمانهم أن يعيشوا هذه اللحظات , بل والأيام الخالدة التي نحياها جميعا .
علي الجيش ألا ينسي هذه الأموال المسروقة وعليه أن يتذكر أننا لن نرضي يوما أن يضم ثري مصر الغالي جثامين الخونة والعملاء وسارقي أقوات المصريين , وسيعلم كل منقلب مكانته ومصيره , فهو دون شك بين الملفوظين وسقط متاع المارقين وهم جميعا عارا علي أنفسهم وأولادهم وأهليهم ولن يشرف أي بلدا في أي بقعة شريفة من أرض المعمورة أن تحتضنهم أحياءا أو أموات .
عندئذ أكون قد أدركت لماذا غادرت بلدي , ولماذا ليس لدي بطاقة انتخابية , ولماذا أصر علي ضرورة أن يغني أولادي وأنا وزوجتي معا أغنية عظيمة يا مصر ويا حبيبتي يامصر , ولماذا بكينا عند سماع نبأ خلع هذا النظام الساقط, بكينا وضحكنا وغنينا وفتحت نوافذ شقتي ورفعت أصوات التلفاز وادرت جهاز الكمبيوتر واسمعت كل من حولي أجمل أغاني الحرية والكرامة واعلنتها وزوجتي إنها لحظة فرح فاقت ليلة زواجي ولحظة رزقت فيها بأولادي إنها لحظة لاتدانيها لحظة إلا لحظة أن أقف بين يد الرحمن وأهلي وكل الشرفاء أمام رب العرش ويقول : يا عبادي أدخلوا جنتي يا عبادي هل أنتم راضون عني حتي أرضي عنكم يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ...لابد من القصاص علي الأرض قبل أن تلفظهم الأرض من بطونها فلا يجدون لحدا ولا مكانا يأويهم فما بالهم وعذاب وعقاب من لا ينام في انتظارهم , فليهربوا بأموالنا فغدا يحملون اوزارهم واوزار كل من ظلموهم علي اكتافهم , يوم يفرح كل من ظلم وهم لن يفرحون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا


.. الأونروا مصممة على البقاء..والوضع أصبح كارثي بعد غلق معبر رف




.. كلمة أخيرة - الأونروا: رفح أصبحت مخيمات.. والفلسطينيين نزحوا


.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة




.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم