الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قداس السقوط

أحمد دلباني

2011 / 2 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


1

لقد دقت سَاعة الحسم: لا عاصمَ اليوم من أمر الثورة والتغيير. الطوفانُ سيكتسحُ كلَّ شيء. وسَيستيقظ تنينُ التاريخ على دربنا برُؤوسهِ السَّبعة. ولكن شأن الأنظمةِ العربية المُتحفيَّة هُو كشأن ابن نوح: قد تأوي يائسة ًإلى أيّ جبلٍ أو ملاذٍ يَعصِمُها من شرار ماءِ الثورة المُتفجر من كل مكان. ولكن لات حين مناص. لا مناصَ من الإصغاءِ الجيّد إلى إيقاع القدَّاس الجنائزي المَهيب على رُوح المُومياء العربية التي طال مَواتها. لا مناصَ من إخلاءِ سَبيل التاريخ كي يدخلَ ديارًا طال غيابهُ عنها حتى جفَّ ماءُ الحياة في أوصالها. رُبما ظللنا نحتمي، طويلاً، بالمُطلق كي نُجابهَ زمن الصَّيرُورة، ونحتمي بالآلهة كي نجعلَ من مُجرَّد التفكير في الحُرية خطيئة ً أصليَّة، وندفنُ رؤوسنَا في رمال المَاضي هربًا من حاضر- شبح ٍ يذكّرُنا دومًا بالسُّقوط من جنة الخدَر اللذيذ.

لقد دقت ساعة الحَسم وانتهت الكُوميديا المُبتذلة حدَّ الملل الفاجع. كوميديا وُجودنا الأرضيّ الذي نسف – مُنذ أحقابٍ – جسُورَ الضوءِ التي كانت تربطهُ بالعلوّ والجدارة الوُجودية. انتهت كوميديا حياتِنا البرزخيَّة بين قبر الكلام الأول وكلام العَدم العابث على كينونتنا التي لم تعُد تنبجسُ من صَخرتِها عيُون المَعنى. انتهى كل شيءٍ وارتفعَ نشيدُ الغبطة. ولكن من سيُعلّمُنا أغنية السَّفر وأبجدياتِ الرّيح من جديدٍ؟ من سَيوقظُ في أحشائنا اليابسةِ الحنينَ إلى البحر وإلى ليل الحياةِ وأبَّهة المُغامرة؟ من سيُعلّمُ، مُجدَّدا، آدم الذي يَسكُننا فضيلة اقترافِ مدّ اليد إلى شجرةِ الحُرية بوصفها بدعة ً وابتداعاً؟ من سيمنحُهُ إكسيرَ مقاومةِ الآلهةِ والخروج من زمن الطاعةِ إلى زمن الخلق والتأسيس؟

لقد دقت سَاعة الحسم: كان المعنى يتدلى أمامنا – نحن العرب - من أيقونةِ السَّماءِ الفارغةِ عُودًا يابسًا وجرسًا أخرس وها هُو اليوم يتمطّى كفرس جمُوح في بيداءِ الرُّوح الخالية. كانت الأرضُ سقوطاً دائماً وعذراء نسفحُ دمَها على مذبح مرضاةِ السَّماء وسيفِها المُسلَّط وها هيَ تنتفضُ كطائر ناريّ في رمادِ الأيام. هذا زمنُ الميلادِ بامتياز، فهل نعي جيّدًا دبيبَ اللحظة القاصمةِ القارعة؟ هل نرفعُ الشراعَ ونُصادقُ الرّحلة أم نواصلُ اعتصامنا بحكمةِ الرواقيّ القديم وهُو يخشى انهيارَ جدار العالم على بيضةِ سكينتهِ ومَسكنتِه؟ هل نستجيرُ من سَديم التاريخ ورحِمهِ الحُبلى بالكواكب والأشِعَّة بأسْفار مُقدَّسةٍ طالما علَّمتنا ألا نرى إلا باطلَ الأباطيلَ في كل شيء؟

2

تمثُّل الزمن بُعدٌ أساسيٌّ في كل ثقافةٍ. الزمن بوصفهِ مجالَ التجربةِ الإنسانيَّة وأفقَ تحَقق الكيان. هذا ما ندعُوهُ التاريخ. إنهُ زمن الإنسان الذي أفلت من المُصادفة الكونية العمياءِ، وطفقَ يصنعُ من طين اللاَّجدوى الفادحةِ كهيئة المعنى المُحلّق طائرًا ضوئياً في عَتمةِ الأزمنة. لقد ظلَّ وعي التاريخ، بهذا المَعنى، شرفة ً تطلُّ على الكينونة الجَمعيَّة وتمنحُ الثقافة خصُوصيَّتها وتحدّدُ طبيعتها العامَّة وحُدودَها. فكيف كنتُ – أنا العربيّ – أتمثلُ الزمن؟ وهل رأيتُ في التاريخ بيتاً أم منفى؟ هل صادقتُ عطيَّة الحياة الفادحة مُحتضناً أسرارَها أم قرأتُ في ثناياها فاجعة السُّقوطِ من جنةٍ أولى؟

لا ريبَ في أن ما أسَّس لوُجودي على الأرض هُو الشعورُ بالعبوُر والهَشاشةِ. كنت أقفُ على الجسر الخشبيّ الرَّابطِ بين ضفتين مُنذ قرون ٍ مُتأملاً حصادَ العدَم ومُتلفعاً بنوستالجيا البدَايات. سَكنتني أعمقُ الصَّبواتِ إلى الأبديَّة ولم أحفل يوماً بحفر اسمي على شجرةٍ غريبةٍ طلعت قبالة َ قنطرةِ الرَّحيل. لذا، لم يكن التاريخُ إلا منفىً يُبعدني عن الانهمَام بشبق العودةِ إلى بينيلوب التي تنتظرُني: دار الأوبةِ الأبديَّة. لم يكن التاريخُ إلا سقوطاً وتراجيديا تذكرني دوماً بتُفاحَةِ الغوايةِ وخطيئةِ البحث عن السّر وعِصيَان الأب. فكنتُ على ذلك حتى فاجأتني ريحٌ صَرصرٌ كنسَت تعاليمي وعرَّفتني بنفسي: لستُ إلا حُورية محنَّطة ً في حضن المُطلق.

وُلدَ التاريخُ الذي سَيتولَّى أمرَ المعنى بعيدًا عني. كانت الأزمنة ُ الحديثة مَهدهُ وملعبَ طفولتهِ المُتوثبةِ الجَمُوح مُنذ بدأ يرمي بألواح الوَصايا المقدَّسةِ في نهر النسيان. وُلدَ التاريخُ وأصبحَ بيتاً للإنسان مكانَ المُطلق. كان ماهرًا في فن المَحو وعلَّم الإنسانَ أن يترقبَ شجرة المُستقبل من بذرتها. علّمهُ، أيضاً، العُلوَّ الوثني العظيم: التقدُّم. كنتُ غريباً عن الحداثة وظِلتُ أعتصمُ من نارهَا بهشيم الذكرى. ولكن هيهَات. لم يعُد لي جندٌ يواجهُون أسنَّة الضوء وأبابيلَ الزحفِ الأوروبيّ إلى أقبيةِ خمرَتي الفاسِدة. وُلدَ التاريخُ وأنا واقفٌ في مفازةِ المعنى الجديدِ أحاولُ أن أهُشَّ على زمن الإنسان بصدأ الوقت. ولكن هيهات.

ما عادَ لحُرَّاس قلعتي المُتآكلةِ قوة ٌ أو سطوة. أصابت سهامُ الأزمنة الحديثة بناءَ الرمز والدلالةِ في جذوره. وجَدتُني عارياً يومَ دينونة المَاضويَّة من كل سلاح وأنا أشهدُ ميلادَ الذئب البشريّ الذي علِقت بمخالبهِ دماءُ الآلهة المسفُوكة. سقطتُ تحت سنابكِ هولاكو جديدٍ لا قِبلَ لي بمعرفته. غابت شمسي الذابلة وتوارت بالحجاب. قاومتُ انعتاقَ طائر العقل وفتُوحاتِ العلم بالأشعريَّة والغزالي. قاومتُ مدينة الإنسان بابن تيمية والوهَّابية. قاومتُ صبواتِ الذات المُبدعة وتوثباتِها بسُلطة الآباء والمَعايير المُؤبدة. كُنت الحصن الوحيدَ الهشَّ الذي يحمي الأبَ في عالم يجهرُ عاليًا بمَوته. اعتقدتُ أن انهيار الماضي يعني موتي غريقاً كابن نوح في الطوفان. كُنتُ مُخطئا.

3

لبستُ الحداثة مُرغماً ودخلتُ أزمنة التحديث وفي حلقي مرارة ٌ لم تخمد بعدُ. لم أحبَّ الإنسانَ يوماً لأنهُ كان يُشوّش على الآلهةِ نُعاسَها ويُربكُ قبة السَّماءِ السَّاهرة على رعايةِ المعنى الأبديّ. لم أحبَّ ابن رشد ولا ابن الراوندي ولا رهين المَحبسين. لبستُ أسمالَ التحديث التي رَمى بها الغزاة وحاولتُ أن أتهجَّى لغة العصر. كنتُ أبدُو كمن يودُّ أن يكونَ حديثا دون أن يُحققَ شَرطيْ حُبّ الإنسان وإرغام الآلهةِ على الخرُوج من مدينة التاريخ. لذا كانت حداثتي تحديثاً شكليًّا لم يُبوّئ الإنسانَ عرش التدبير ولم يخرجهُ من دورانهِ كجرم صغير حولَ شمس المُتعالي والمُقدَّس في لَبُوسهِ العقائديّ الجديد.

وبدأتُ بناءَ مدينتي الجديدةِ على أنقاض مدينة الله: قرأتُ ميكيافلي ولينين أكثر من لُوك ورُوسو. ابتهجتُ لفكرة الثورة أكثر من فكرة الحُريَّة. دافعتُ عن الوحدة بحميَّةٍ أنستني ضرورة احترام التعدُد والاختلاف. كنتُ كمن يريدُ أن يجعلَ زمن الحَاكم الأرضيّ ظلاً للحاكم السَّماوي المخلوع منذ أصبحتِ الحداثة ُ قدرًا جديدًا أشرقت الأرضُ بنورهِ واضمحلت السَّماء. واجتهدتُ بكلّ ما أملكُ من تكنولوجيَا السُّلطان الجَديدِ في الترهيب في جعل الشعب رعيَّة ً تُسبّحُ بحمدِ الزعيم وتُقدّسُ له. نجحتُ - بقدرة قادر - في تدبيج أسفار السّياسة الجديدة في إصلاح الرَّعية، وفي بعث الآلهةِ القديمة ووصاياها في جُبَّةٍ مدنية. لم أكن حديثا بما يكفي كي أفتحَ عينيَّ على خيُوط الفجر الأولى وثمر الكلام الجديدِ في شجرةِ الصَّيرورة الأرضية.

وها أنا اليوم أترنَّحُ على أرصفةِ البطالة الحضاريةِ من جديدٍ وأدفعُ ثمنَ سَحقي الإنسانَ باسم الأمَّة ووصَايا العقائديَّات الحديثة. لم يعُد لديّ ما أقولُه في عالم يفضحُني، يومًا بعد يوم، ويكشفُ عن فشلي الكبير في احتضان وجيب العصر القائم على الأنسنةِ وعلى القوَّة بوصفها بديلاً وُجوديًّا للذات التي فقدت العُلوّ. وأينما ولَّيتُ وجهي في مفازة الحاضر السَّديمي المهزوم لا أجدُ ما أتفيَّأ ظلالهُ إلا الحنين الخائب إلى الأب الغائب. لا أجدُ ظلاً إلا لفحَ شجرة الأصوليَّة الملعُونة التي طلعت في أصل الجَحيم: جحيم أرض الخيبةِ والفشل والطلاق مع إيقاع العصر. آثرتُ الزواجَ بالأبدية من جديدٍ وحاولتُ هجرانَ الزمنية التاريخية التي لم يطب لي الرقصُ مع ماردِها وهُو يهدمُ الأشكال ويُبدّل الأحوال. صار كلُّ ما أقومُ به وما أتلفظ به نشيدًا آخر للبجعة: موتي الذي لم يكُفَّ يوما عن الحَياة.

4

كلُّ خطوةٍ كنتُ أخطوها كانت سمفونيَّة ناقصة. لم أستطع أن أصادقَ العصرَ الحديث ولم أفلح في فك طلاسمهِ. انتابني شعُورٌ فاجعٌ أنني طائرٌ عجوزٌ منهكٌ في بيداء لا تخوُمَ لها. كلُّ شيءٍ كان يسقط أمامي ولم يبقَ من خلصائي الأوفياء إلا السُّقوط. عاشرتهُ حتى أصبحَ غودو الوحيدَ الذي لا يُخيّب الانتظار. تبدلَّ الناسُ وأولادُ حارتنا على ما هُم عليه ينادُون الجبلاوي كعادتهم. صَارت حياتي حربًا مسعُورة ً على كل جديدٍ وانتقامًا من الزمن الأهوج الذي حرمني من حق المُواطنة في مدينةِ العصر. لاحقتُ العقلَ ونصبتُ المشانقَ في السَّاحات العامَّةِ كي تتدلَّى منها الأعناقُ المكسُورة لكلماتٍ أفلتت من بركاتي. سيَّجتُ حدائقي بالعسَس والحُرَّاس وخوَّنتُ كل بُرعم جديدٍ يتفتَّحُ خارجَ رقابتي.

لم يعُد لديَّ إلا التكفير وسيلة ً كي أحميَ المدينة من الانهيار. بدأت تتهاوى أمام ناظريَّ شرعية وُجودي منذ جعلتُ الحربَ انتصارًا على الملل، ومنذ جعلتُ الفقرَ خبزًا فوق رأس المدينةِ تأكلُ الثورة ُ القادمة منهُ، ومنذ سفحتُ دمَ الحُرية على مذبح شهواتي في احتكار المعنى والقوة. لم أتأسف طرفة عين وأنا أفصلُ بين المُفكر النقدي وزوجهِ. لم أخجلْ وأنا أجلدُ امرأة ً إعلامية بعد ارتدائها سروالاً. لم أتحرَّج من تناقضي الفاضح الفادح وأنا أعلّمُ القطعان البشريَّة المُدجَّنة كيف يكونُ جَحيمُ الأرض الاستبداديّ كتاباً أخضر. كان عليَّ دوماً أن أجعلَ آدم يتناسلُ بلا انقطاع في الإنسان العربيّ حاملاً خطيئتهُ أمامَ مغفرتي التي تسعُ فضيلة َ التشابُه والطاعة الأبدية. كان عليَّ أن أراهنَ على القتل كي أكون. " أنا أقتل، إذن أنا موجُود ": هذا هُو الكوجيتُو الذي دخلتُ به العالمَ الحديث وأنا أرتدي جُبَّة الثورة العربية ومشاريع النمَاء. ألا بُعدًا لها من مشاريع.

رُبما كانت مُشكلتي الكبرى رغبتي في الانتقام الأبديّ من برُوميثيوس العربيّ الذي أيقظ الآلهة من نُعاسِها ونثرَ على سَريرها الشوك. كانت مُشكلتي معَ الإنسان الذي أوهمتُهُ أنني أفتحُ لهُ خزائنَ بركاتِ العصر فيما كنتُ أصعدُ به إلى الجلجلةِ فداءً لزبانيةِ الحياة العربيةِ الذين تفنَّنوا في سَرقة الحُلم. أحببتُ – حدَّ الفناءِ الصُّوفي – نشيدَ القطيع المُتجانس الواحد، لذا لم أطق يومًا نشازَ الحرية ولا فضائلَ النعاج الضالَّة أو الوُعول البرّية. ظِلتُ أقنّعُ رغبتي في التدمير ونزُوعي إلى سَحق الآخر المُختلِف بالادّعاء أنني مسكونٌ بشَهوةِ المُطلق أبديًّا. كنتُ حارسَ الأحاديَّة. رأيتُ في الواحدِية الفكرية والسّياسية عِصمة ً وملاذا يقيني السُّقوط في العدميَّة وقد فغرت فاها على خرائب المعنى المُتهدّم بفعل الحداثةِ واحتجاجاتِها. دافعتُ عن الكلمةِ الأولى وذيَّلتُ شرُوحي لها بالهَوامِش والحَواشي. لم أرَ يومًا في العَالم لُعبة نردٍ هائلة أو فيضَ احتمال أو غابة ً لا تعِدُ المُسافرَ بالجهاتِ الواثقة. أحببتُ السَّوادَ الواضحَ كسَوطِ الجلاَّد وكرهتُ الأغنية الرَّمادية.

أنا الذاتُ الأطولُ عمرًا بكلّ تأكيدٍ. مددتُ ظلي عبر العصُور كأنني جُثة ٌ مُنتِنة ٌ فقدت ماءَ الحياة وأصبحَ بَينها وبين توثب الحركيَّة والإبداع أمدٌ بعيد. ماتت في أوصالي حَمحمة الرَّغباتِ العميقةِ وشبقُ الرَّكض في بَراري الحياة لشهُودِ ميلادِ المعنى مع خيُوط الفجر الأولى. كنتُ فارساً ومُنشدًا جوَّالا وباحثاً عن إكسير المعنى الذي يُشفي من داءِ الزمنية قبلَ أن أسقُط ويَراني العالمُ أتحوَّلُ إلى تمثال ٍ من المِلح في مفازةِ التاريخ. أنا الذاتُ الأطولُ عمرًا والغصنُ الأكثر يباساً في شجرة الحضارة. آن أن أسقط. لم يعُد لي مكانٌ في مأدبةِ العالم. آن أن أسقط كي أكونَ الدليل الأخيرَ على جدارةِ الحياةِ وأريحيَّة القيم التي أسَّست لأبَّهةِ المُغامرة في متاهةِ الوُجود. آن أن أسقط إكراماً للقلبِ والعقل والرُّوح. آن أن أسقط انتصارًا للكرامة الإنسانيَّة وللحُرية وللشقائق الصَّغيرةِ الحَمراء التي خرجت من شُقوق قِلاعي المُتآكلة.

5

لقد دقت ساعة ُ الحَسم ولا عاصمَ اليوم من أمر الثورة والتغيير. العالمُ العربيُّ ظل ضيفاً ثقيلاً على التاريخ منذ زمن بعيدٍ ونسيَ الترياقَ السحريَّ الذي بإمكانهِ أن يبعثهُ من الرَّماد. كان الفشلُ سِمتنا الأساسيَّة في مُحاولاتنا دخولَ العصر الحدِيث وتحقيق التنمية الشاملة وتدشين مدينةِ الإنسان على أنقاض مدينة اللاهُوت والطائفة الغالبة والحَاكم بأمر الواحدية. لم نتغيَّر في العُمق. ظل تغييبُ النَّاسُوت لازمتنا التي لا تفارقُ اجتهاداتِنا الفكرية ومُمارساتِنا السّياسية. لم يُولد فينا كوبرنيكوس الأخلاقي كي يقومَ بثورتهِ في ردّ شمس الوعي والعقل المُستقلّ والذات الحُرَّة إلى مكانها الطبيعيّ في مَركز دائرةِ القيم. لم يخرُج ماردُ الإبداع فينا من قمقم البطريرك التاريخيّ والثقافيّ والحضاري. لم نقف على أرض الحداثةِ البكر التي امتلأت بمدافن الآلهة. فمَا العملُ؟

6

" أفتحُ للنسيان بُحيرة ً
وأغرقُ فيها تاريخِي " ( أدونيس – احتفاءً بالأشياءِ الغامضة الواضحة ).

شكرًا على هذه المُؤانسةِ البصيرةِ أيُّها الصديق ُ الكبير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احييك على هذه الصرخه
حكيم العارف ( 2011 / 2 / 15 - 22:47 )
احييك على شجاعتك ونقدك لاسلوب الاسلام السياسى اذ تقول

-لم يعُد لديَّ إلا التكفير وسيلة ً كي أحميَ المدينة من الانهيار. بدأت تتهاوى أمام ناظريَّ شرعية وُجودي منذ جعلتُ الحربَ انتصارًا على الملل، ومنذ جعلتُ الفقرَ خبزًا فوق رأس المدينةِ تأكلُ الثورة ُ القادمة منهُ، ومنذ سفحتُ دمَ الحُرية على مذبح شهواتي في احتكار المعنى والقوة. -

ليس كل من يقراء هذه الصرخه سيفهم ماتقول ... ولكنك مبدع


2 - شكر
الفقير الى الله ( 2011 / 10 / 2 - 18:19 )
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اشكر لك مجهودك الكبير و قوتك في التعبير عن افكارك بشكل مثير و كذا محاولتك بنهوض بالفكر العربي الاشسلامي بشكل حديث وصل عملك وفقك الله

اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في