الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دناءة!!

سعد تركي

2011 / 2 / 20
المجتمع المدني


يمكن أن نلتمس عذراً لسارق دفعه جوع وبطالة ورفقة سوء إلى السرقة.. قد نجد له تبريراً بأنه ناقم على نظام اجتماعي وضعه حين رفع آخرين، أو حاقد على نظام سياسي انشغل عنه ولم يوفر له عملاً يعتاش منه.. قد يقول بعضهم إن السرقة نتاج لفوارق هائلة بين متخم تكلّ يداه عن الإنفاق ولا تشح أمواله، وآخر لا يجد ـ مهما نقّب في جيوبه المثقوبة ـ فلساً ينفقه على كسرة خبز..
ما لا يمكننا فهمه ولا تقبله أن تمتد يد ـ مكتفية كانت أو مترفة ـ إلى ما لا تحتاجه أو مقتدرة على نيله بواسطة جيوب تهدلت من ثقل ما فيها من مال جامد وسائل.. ما لا يمكن تفسيره أن يسيل لعاب مدير عام ـ مثلاُ ـ إلى علبة دبابيس مخصصة لاستعمال الموظفين، ويشكل ثمنها مبلغاً تافهاً قياساً إلى ضخامة راتبه، أو يعمد زبون مطعم إلى الاستيلاء على ملعقة أو مملحة ليس بحاجة إليهما.. مالا يمكن فهمه أن (يغلس) راكب ما على أجرة عجلة نقل ويضع بقية الركاب في حرج شديد!!
ليس لدي تبرير لسلوك شاذ كهذا سوى دناءة يتمتع ويستمتع بها الدنيء.. أفترض أنها تعود إلى لذة سلب أي شيء ـ مهما كان ضئيلاً وحقيراً ـ ولا يمكن له أن يتخلص منها مهما علت منزلته الوظيفية والاجتماعية ومهما تضخمت رواتبه وامتيازاته وموارده.. لذة أن تستلب شيئاً لا تملكه من دون حرج وخجل ووخزة ضمير، من دون أن تشعر باستهجان الآخرين أو عقوبة ما تردعك، فالآخرون هم أيضاً يفعلون الشيء نفسه ـ إن سنحت الفرصة ـ والقانون عاجز ومشلول عن ردع كبار الفاسدين ولا يتابع أموالاً طائلة ابتلعتها غيابة الجب!!
تبدأ الكوارث، عادة، بخطأ صغير أو إهمال بسيط.. ينهار سد عملاق بثقب صغير لا يُرى، ويتداعى بيت بحشرة ضئيلة تغافل عنها الساكنون، ويتمدد أبناء الحي خارج بيوتهم لأنهم سمحوا لأحد الجيران أن ينشئ كراجاً أو محلاً خارج حدود البيت.. تتحول محلاتنا السكنية وشوارعنا إلى مكبات للقمامة حين لا نبالي أين نرمي الأوساخ والفضلات.
كما تحدث كل كارثة تطيح باقتصاد بلد ما أو تسلب أرواحاً لأن العين التي يفترض أنها تسهر وتدقق وتبقى مفتوحة ـ أداءً لواجبها ـ تغافلت وغفت وأهملت، فإن الفساد المستشري في كل مفصل من مفاصل الحكومة والدولة بدأ بسرقة صغيرة (غلّس) عنها بعضهم وشجعها آخرون.. السرقات الكبرى التي نهبت المال وحولته إلى حسابات خاصة في بنوك ومصارف عالمية لم تكن لتحصل لولا أن النظام السياسي الجديد ائتمن الدنيئين.. ما كان للبلد أن ينافس بشراسة أفسد النظم في العالم لولا عجز أو رضا صاحب القرار الأول عن رؤية أموال مشاريع عامة تأخذ طريقها بسلاسة ويسر إلى جيوب المتحاصصين.. لولا أن يد القانون تفشل في إيقاف أحد باستثناء من لا ظهر ولا سند له.
توزع وزارة التربية كتباً وقرطاسية قد لا تكفي الطلبة، وبرغم شحتها فإن بعض أعضاء الهيئة التعليمية يستولون على قسم منها أمام مرأى ومسمع طلبة صغار ما زالت تتشكل لديهم القيم والمبادئ والأخلاق.. إلى أي ليل بهيم نسير مع جيل نعده للمستقبل؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تدعو إسرائيــــ ل إلى وقف عمليتها في رفح بلا تأخير.. م


.. أغلبية ساحقة لصالح -دولة فلسطين- بالأمم المتحدة.. وإسرائيل:




.. موجز أخبار الواحدة -رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار أحقية ف


.. ماذا يعني تأييد «غالبية دول الأمم المتحدة» لعضوية فلسطين في




.. تفاقم معاناة النازحين في خيام الإيواء في رفح في ظل تواصل إغل