الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعريف مبسط للعلمانية

إسماعيل حسني

2011 / 2 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يكثر الحديث هذه الأيام عن العلمانية، بين مؤيد ومعارض، بينما لا يستطيع أكثر الناس تحديد ما يعنيه المصطلح على وجه الدقة، لهذا نحاول في السطور القليلة القادمة أن نقدم شرحا مبسطا لمعنى المصطلح ومدلولاته.
العالماني هو الشخص الذي يهتم بأمور العالم المادي، أي يرتزق من خلال عمل يؤديه في أي شأن من شئون العالم المادي (الدنيا)، كالنجار والطبيب والقاضي والفنان والمعلم.
وهو عكس الشخص الكهنوتي الذي يهتم بأمور العالم الآخر "اللاهوت"، أي يكسب رزقه من خلال العمل في هذا المجال، مثل المشايخ والقساوسة والحاخامات وسائر رجال الدين، والعرافين والسحرة والمنجمون ومن إليهم.
بهذا المعنى البسيط يكون كل الناس في الأصل عالمانيون، سواء كانوا متدينون أو غير متدينين، فالطبيب شخص عالماني، ولكنه إذا قرر أن يتفرغ للعبادة أو للدراسات الدينية، وأن يرتزق بشكل كامل من خلال الإهتمام بشئون العالم الآخر فإنه يتحول إلى شخص كهنوتي، أي غير عالماني.
من هنا نفهم أن لفظ العالمانية قد جاء من كلمة عالم وليس من كلمة علم. ذلك أن رجال الدين كانوا يحكمون أمورالعالم المادي وأمور العالم الآخر (الدين) بأحكام مشتقة من الكتب الدينية، فلما ثبت في الكثير من الأحيان خطأ ما تصدره الكنيسة من أحكام مثل القول بأن الأرض مسطحة، وأنها مركز العالم، وأن الشمس هي التي تدور حول الأرض، وغيرها، طالب الناس رجال الدين بالتوقف عن حكم العالم من خلال الكتب السماوية، وترك الناس يحكمون العالم المادي بقوانين هذا العالم التي بدأ العلم في اكتشافها في مختلف مجالات الحياة العلمية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية. وكانت انطلاقة الفكر العلماني هي بداية عصر النهضة والحضارة الحديثة.
أي أن العالمانيون يقولون دعونا نحكم العالم بقوانين العالم، ونحكم الدين بقوانين الدين، لأن الخلط بينهما يؤدي إلى التخلف والجمود.
فالدين مطلق، ثابت، لا يقبل القسمة، أما العالم فهو نسبي، متغير تحكمه الحركة الدائمة، والخلط بين المطلق والنسبي يؤدي إلى إحدى حالتين، إما سيطرة المطلق على النسبي مما يؤدي لجمود العقل وعدم التطور، أو تحطيم النسبي للمطلق إذا كان النسبي من القوة بمكان، مثل انتشار الإلحاد بعد اكتشافات كوبرنيكيس وجاليليو وكريستوفر كولمبس وغيرهم.
إذن فالعالمانية مجرد أداة لتنظيم المجتمع، ومنع الخلط بين المطلق والنسبي، أو بين أحكام الدين وأحكام العالم الدينيوي، وذلك لمصلحة كل من الدين والدنيا.
هذه الأداة إذا استخدمها نظام استبدادي معادي للحرية كالأنظمة الشيوعية السابقة مثلا، فإنه سينكر حرية العقيدة كما ينكر سائر الحريات الفردية الأخرى، مما يؤدي لإضعاف العقائد الدينية والتضييق على المؤسسات الدينية، وإذا استخدمها نظام ليبرالي يقدس الحريات الفردية السياسية والدينية والإقتصادية مثل الأنظمة الليبرالية في أوروبا وأمريكا، فحينها تنتعش الحرية في كل مجالات الحياة، ويتمتع المواطنون بحرية التعبير، وحرية المشاركة السياسية، وحرية النشاط الإقتصادي، وحرية ممارسة العقيدة الدينية.
ويؤدي النظام العالماني خدمات جليلة للمؤسسات الدينية، فهو يعتقها من سيطرة المؤسسة السياسية، ويمنحها بحكم القانون الإستقلالية الكاملة في شئونها الإدارية والمالية والدعوية، مما يعيد ثقة المؤمنين فيها لاستقلالها عن السلطة ويؤدي لازدهار هذه المؤسسات وازدياد قدرتها على الدعوة والتبشير.
ولعله من العار أن يرانا العالم نطالب بتدعيم النظام العالماني في الهند والصين ودول أوروبا وأمريكا من أجل حماية حقوق الأقليات الإسلامية في هذه البلاد، ثم نتنكر له في بلادنا لمجرد أننا نشكل أغلبية عددية.
هذه هي العلمانية أو الدولة المدنية التي تهاجم ليل نهار من الأنظمة الإستبدادية ومن رجال الدين، لأنها تقضي على كل أنواع الإستبداد السياسي والديني، وتمنع المشايخ والكهنة من العمل في بلاط السلطان، وتخلق مجتمع الحرية والعدالة والمساواة، مما يتعارض مع مصالح هؤلاء ورغباتهم في التسلط والسيطرة وجني الثروات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلمة علمان أوعلماني
عبدالقادر شامخ ( 2011 / 2 / 20 - 13:36 )
كلمة علمان تعني إتقان . ومنها وعلى وزنها عرفان . وقول علماني يقال للذي يتقن عمله وهي كلمة آرامية مصرية قديمة وصف بها النبي يوسف عليه السلام يوم أن ولاه أخناتون منصب العزيز لأنقاذ مصر من سنواتها السبع العجاف . ومن حيث معناها لا تناقض الدين لأن الموصوف بها تاريخيا كان نبيا . أما ما يراد بها اليوم وهو فصل الدين عن الدولة أعتقد أنه خطأ . لأن المصطلح التاريخي الذي تم اعتماده في عهد النبي يوسف عليه السلام للفصل بين بيت الإله أمون وبيت الملك أخناتون هو مصطلح لا ئلا هيكيت وهذا ما يعني لا إلى بيت الإله . أي أن المؤمنين بالتوحيد في عهد يوسف عليه السلام كانوا يصدون الناس عن ذهابهم إلى بيوت الكهنة وإلى بيوت الإله أمون . والله أعلم


2 - موقف فى القرية
Hossam Hosein Khater ( 2011 / 2 / 21 - 09:49 )
أمس مر على شباب من القرية ومعة ورقة بها عنوان وتحتها أمضاءات كثيرة ,,, وقاللى أمضى على هذة الورقة عنوان الورقة أو المنشور عبارة عن بيان يقع تحت معنى رفض تغير المادة الثانية من الدستور بس مكتوب بطريقة غريبة وشاذة وتحتها أمضاءات كثيرة ؟؟ سألتة من أين لك بهذة الورقة ,, قاللى موجودة فى كل مصر ,, مين اللى بيوزعها قاللى هى منتشرة ولم يعطنى أجابة مباشرة ( أنت جايبها منين أو من أعطاها لك ... ؟؟ لم أجد أجابة ) وقلت لة ماذا تعنى هذة الورقة قاللى الجماعة العلمانين عايزين يغيروا الشريعة ومايخلوش الشريعة الأسلامية موجودة فى مصر ,, ومصر مش تتحكم بالدين الأسلامى . رفضت الأمضاء لأننى لم أجد شخص فاهم أصلاً مايريد ؟؟؟ وقلت لة أنا هاشترك فى هذة الورقة على النت وشكراً لك . الذى مر على ومعة هذة الورقة واحد معة دبلوم تجارة أو صنايع وأخوة الصغير فى المرحلة الأعدادية ؟؟؟؟ هذة عينة لبعض مايحدث الأن ؟؟؟ بغض النظر عن النقاش فى معنى العلمانية أو طبيعة المادة الثانية من الدستور !!!
ولسيادتكم جزيل الشكر
حسام حسين خاطر






3 - طاولة الإجتماع
آيا برجاوي ( 2011 / 8 / 22 - 02:52 )
كي يحافظ المتدينون على دياناتهم يجب أن يجعلوها فقط محاطة في منازلهم وكنائسهم ومساجدهم وأن لا يضخلطوا اديانهم بين من لا دين لهم..فالعلمانية هي الحل الامثل لكلا المتدينيين والا متدينيين في البلد الواحدة نجد الإسلام والمسيحية واحيانا اليهودية وديانات اخرى ومن لا دين لهم..فالأفضل ولحا النزاعات هو إستخدام النظام العلماني..كي نكف عن الصراعات الدينية ونلتفت إلى واقعنا قليلا ونجتمع كلا دينيين ودينين على طاولة واحدة نفكر في التقدم ولا نفكر في حل مشاكلنا الأهلية بين الدينيين والا دينيين..

تَحياتي..

اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah