الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معنى وجود شرق أوسط إسلامي

هشام محمد علي

2011 / 2 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بدلاً من أن تلقي الدكتاتوريات القبض على دعاة التطرف والعنف، تشجع السلطات المنتخبة ديموقراطياً سيادة الفكر الواحد وإلغاء الأخر! هكذا سيكون الشرق الأوسط أو بعض دوله بعد إنتخابات ديمقراطية حرة توصل الإسلاميين إلى الحكم. أحزاب تحكم عبر مسلكٍ من مسالك الحرية و وئد الحرية أول مهامها. والنماذج لدينا عديدة، مثلما حدث في الجزائر في ثمانينيات القرن الماضي، او مع حماس في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة.

وبغض النظر عن إختلاف البلدان سياسياً، إقتصادياً، أو إجتماعياً، فهي مشتركة في كون غالبية السكان من المسلمين، والإسلام كدين لا يتفق والحريات الفردية أو الجماعية، فهو عقيدة جوهرها القرآن، والقرآن وحسب قول رجال الدين المسلمين لم يترك شيئاًَ إلا وأحصاه، بذلك فلكل سلوكٍ من سلوكيات المسلم نصٌ يحدد كيفيته، وليست حرية حدودها حرية الأخرين.

لا يقبل الإسلاميون بالحريات إلا عندما تكون في صالحهم، ومعظم الحريات محظورة شرعاً. حتى حرية التنظيم لا يقبل بها الدين، والتنظيم مقتصر على حزب واحد يتحدث عنه القرآن على أنه حزب الله، وبقية الأحزاب فاسدة و "حزب الله هم الغالبون". لذلك لا وجود لثقافة الأخر في المجتمعات الإسلامية عبر التاريخ، وإن وجد الأخر فهو مواطن بواجبات دون حقوق. وأمور البلاد تُدار بالشورى والشورى لا علاقة لها بحرية التنظيم أو بالديمقراطية كما يدعي البعض، لأنها هي الأخرى ملتزمةٌ بالقرآن والحديث وسلوكيات الأولين كدستورٍ ومرجعٍ للفصل في الأمور.

وأحدث حالة على كيفية تعامل الإسلاميين مع الحريات تحدث منذ اسابيع في عدد من المحافظات العراقية بما فيهم العاصمة بغداد. فقد تم الغاء مهرجان بابل الدولي لأنه كان يحوي فقرات غنائية ورقصات والخ. في مدينة اخرى سُن قانون يشترط على العضو الانثى في مجلس المحافظة وهو بمثابة برلمان المدينة، أن لا تحضر جلسات المجلس دون محرم (أي دون أب أو أخ أو زوج يرافقها) لأن المرأة عورة!. وايضاً تم إغلاق النوادي ومحلات بيع المشروبات الروحية، رغم وجود تاريخي يصل إلى قبل الإسلام بكثير، لعراقيين لا يحرمون الخمر كالصابيئة والمسيحيين وغيرهم. وهنالك قصص مأساوية كثيرة.

أما النموذج التركي، فهو برأيي تقليد لبداية ظهور الاسلام، فعندما ظهر الاسلام في بادئ الأمر لم يكن يدعو سوى الى التوحيد ونبذ الأصنام. وقد تطورت الدعوة بالتوازي مع تطور القوة العسكرية السياسية للمسلمين. وكل شيء كان يحدث بالتدريج الزمني وبنضج تام، مع مراعاة خصوصية أهل مكة. ومثال التدرج الزمني في العمل الإسلامي واضحٌ في تحريم الخمر الذي كان على دفاعات. وخصوصية اهل مكة كانت في الكثير من العادات والتقاليد التي كانت سائدة انذاك، كطقوس الحج، الأشهر الحرم، أفضلية الرجل على المرأة، والكثير. وحسب هذه الإستراتيجية يعمل حزب العدالة والتنمية التركي، فهو لا يستطيع فرض الإسلام جملةً واحدة على بلدٍ علماني إلا بالتدريج الزمني، والإسلام أكثر انتشاراً اليوم في تركيا مما كان عليه البارحة، وسيزداد وجوده يوماً بعد يوم في سياسات البلد الداخلية والخارجية. فبعد تقليم اظافر الجيش لم يعد من حاجز امام الحزب لتبديل علمانية تركيا إلى "الإسلام المعتدل" سوى طموح دخول الإتحاد الاوربي، ويوم تخلي تركيا عن هذا الطموح سيكون يوم نقلةٍ نوعية إلى الإسلاموية.

أما في مصر فالأخوان المسلمين حتى الأن هم الأكثر حظاً في الفوز في أي أنتخابات تجرى مستقبلاً. وكذلك عاد الإسلاميون إلى تونس بعد إنقطاعٍ جبريٍ قرابة العشرين عاماً. وللإسلاميين دور في العديد من الإحتجاجات والثورات الجارية هذه الأيام في معظم بلدان الشرق الأوسط.

عانت البشرية ولازالت من الإرهاب الإسلامي يوم بدأت افغانستان دولة مسلمة وحيدة في العالم، ناهيك عن السعودية وايران فهما دولتان تعملان بالإسلام الممكن وليس المتمكن – سنخصص مقالاً لهذا الموضوع - فإلى ماذا ستؤول الأمور بتحول معظم الشرق الاوسط إلى الإسلام السياسي؟ خاصةً وأن ايران والعديد من القوى السياسية ستعمل جهدها على تحقيق تحالف لإزالة اسرائيل صاحبة المجتمع الديمقراطي الوحيد في المنطقة!. وعلى الأغلب حينها إما أن تزول اسرائيل أو أن تحدث حرب عالمية ثالثة. ولا أعتقد ان تتأثر ايران أو سوريا أو حزب الله ولا حماس بموجة الثورات التي تجتاح دولاً مجاورة لهم. وهم يشكلون محور تهديد الوجود الإسرائيلي.

أما على المستوى السياسي العالمي فإلى جانب مكامن الضعف العديدة لهذه البلدان فهي تمتلك عدد من مصادر القوة، من اهمها الشباب والنفط، فنسبة الشباب في المنطقة هي الأعلى على مستوى العالم، وكذلك معدلات النفط الخام. ولا سياسة بلا إقتصاد ولا اقتصاد بلا نفط. وهذا يعني أنها قد تساهم في إعادة توازنات القوى في المنطقة وربما على مستوى العالم ايضاًَ.

للشرق الأوسط ثقل إقتصادي وسياسي كبير على المستوى العالمي، وطالما قيل الكثير عن أن امريكا تشجع الدكتاتوريات فيها كما كانت تفعل مع شاه ايران، وفعلت مع حسني مبارك، وهي مستمرة مع دكتاتوريات دول الخليج. ومما لا شك فيه أن حكام الخليج هم طغاة ومتعجرفون، ولكنهم قد يكونوا الملاذ الأخير لأسرائيل والغرب في إحداث توازن قوى إذ حافظوا على عروشهم من خلال اللعب على الوتر المذهبي الشيعي السني، وهو وتر حساس جداً ولايمكن أن يتوحد ن داخل إطار الإسلام الواحد إلا بوجود عدو ديني خارجي، وليس باحدٍ أفضل من اسرائيل لإعطائه ذلك الدور الذي يشغله اليهود عموماً منذ أن رفضت قبائل يثرب اليهوية مناصرة الدعوة الإسلامية.
ودول الخليج يدركون يقيناً في حال إنتهاء ايران من اسرائيل سيكونون الهدف القادم لها، وستحرق نارها الشعوب والحكام على حدٍ سواء، في حين أن اسرائيل لا تريد من هذه الدول سوى معاهدات سلم، والإلتزام بهذه المعاهدات. وأعتقد ان من مصلحة هذه الدول التعامل مع اسرائيل لا مع ايران، لأنها ستؤكل حينها يوم أٌكل الثور الأبيض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أين ارادة الشعوب
علي الرسام ( 2011 / 2 / 26 - 12:31 )
استاذ هشام مقالك قريب جداَ للواقع العربي وربما هو مرحلة ماقبل ناقوس الخطر . ولكن تساؤلي هو ان وصول الأسلاميين الى السلطة يأتي عن طريق الشعب أو غالبيته ربما . فهل يعني هذا أن الشعوب التي اختبرت الحكم العلماني لسنوات عديدة قد اكتشفت فشل هذا النظام وعدم تلبيته لطموحاتها ثم ارتأت العودة الى الحكم الأسلامي كحل أفضل (كما تتوقع حصوله في مصر مثلاً) وكما حصل في حماس غزة ايضاً ؟ . ولانغفل النظام التركي الذي ترسخت فيه مبادئ العلمانية منذ عقود . وسؤالي هو بالتحديد هل ان عودة الأنظمة الأسلامية الى الحكم ستكون بطريقة استغفال الشعوب بأسم الأسلام أم هي رغبة حقيقية وحاجة ملحة يراها الشعب في استبدال النظم العلمانية بالأسلام ؟ وشكرا


2 - العدو الأول
أديب خان ( 2011 / 2 / 26 - 18:14 )
ايران و السعودية دولتان قائمتان على الفكر اللاهوتي الشمولي و هما لا يزالان مستلبان للفكر اللاهوتي القروسطوي لأنه يناسب مجتمع دولتيهما القائم على القبلية و الروابط الدينية و المذهبية لذلك انا ارى ان العدو الرئيسي لكليهما ليس اسرائيل و لا امريكا و انما هم اعداء لبعضهما البعض اولا .لماذا :لأن الفكر اللاهوتي متعارض لكليهما تماما و لا يرجى إصلاحه البتة،و من ثم فإن كلا النظامين سيحاولا التنافس الشرس و بكل طرق الخداع و التضليل من اجل إمتلاك المركزية الدينية لعموم المسلمين ، لأن هذان النظامان اللاهوتيان لا يزالان يعتقدان في إمكانية إستلاب و تجييش الشعوب العربية و الإسلامية بإسم العاطفة الدينية في حين ان الشعوب تتطلع إلى تفكيك و عزل مثل هذه الأنظمة و الدخول سريعا في الدولة الديموقراطية الحديثة .فإلى متى ستضل هذه الشعوب تدفع من جهدها و مالها من أجل فكر مريض و متجاوز تماما ؟..وشكرا . .


3 - أجوبة
هشام محمد علي ( 2011 / 3 / 1 - 16:55 )
السيدين، علي الرسام و أديب خان،
الحكومات العربية لم تعرف نظاماً علمانياً يوماً من الأيام، فعدم الحكم بالنظام الإسلامي لا يعني بالضرورة الحكم العلماني، والشعوب ملت اللانظام الموجود في الدول العربية، وليس النظام العلماني، وهي لم تعرف طوال تاريخها تنظيماً نظامياً كالنظام الإسلامي، وهي برغبتها بالعودة إلى الدين - الحديث نسبي - تمشي على مقولة -المجنون الذي أعرفه أفضل من العاقل الذي لا أعرفه- وايضاً لأن مصدر العلمانية هو الغرب، الذي طالما ينظر اليه على انه الأخر المسيء الذي لا ينفك عن التآمر على الأمة ومكاسبها.

وبخصوص السعودية وايران، نعم هما نظمان متعارضان ولكنهما ليسا لا هوتيان بنفس قدر بعضيهما، فالنظام السعودي ملكي، والملكية ليست في الإسلام من شيء من الناحية العقائدية وليس تاريخياً، ولكن الأدق أن السنى والشيعى هما فكران متضادان في العديد من الأمور، ولكنهما متفقان في أهم الأمور وهي: الله، محمد النبي، اليهود الأعداء الأزليين، السير على نهج الصالحين الأولين، أن تكون راية الله هي العليا.... الخ..


4 - أجوبة
هشام محمد علي ( 2011 / 3 / 1 - 16:59 )
وأعتقد أن هذه المشتركات أقوى من ان تجعلهم اعداء في ظل السبات الذي يعيشه .العالم الإسلامي، والحضارة التي يسودها الغرب اليوم

اخر الافلام

.. فنيش: صاروخ الشهيد جهاد مغنية من تصنيع المقاومة الإسلامية وق


.. الأهالي يرممون الجامع الكبير في مالي.. درّة العمارة التقليدي




.. 121-Al-Baqarah


.. 124-Al-Baqarah




.. 126-Al-Baqarah