الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدستور المصري وصيغة الدولة المدنية

نادية عيلبوني

2011 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



لا يمكننا منذ الآن، التسليم بقدرة ثورة الشباب المصري في 25 فبراير،على الوصول إلى صيغة الدولة المدنية الحديثة دون الحديث عن ضرورة تذليل العقبات الكثيرة التي تقف في طريقها، والتي تأخذ في جلها ،طابعا دستوريا يحدد شكل الدولة المبتغاة ،ومضمونها.

ولعل أهم تلك العقبات الدستورية لا تتوقف فقط، على تغيير المادة 76 والمادة 77 من الدستور، بل أن هناك أيضا ، المادة الثانية منه والتي تلغي من حيث الأساس صيغة الدولة المدنية المرغوبة.

فالدولة المدينة التي تسير على نهجها الدول الديمقراطية الحرة في العالم ، تقوم بالأساس على نظرية العقد الاجتماعي الذي يعتبر أن الشعب هو مصدر السلطات جميعا،في حين أن المادة الثانية من الدستور المصري تتناقض مع تلك الصيغة لأنها تقوم على اعتبار "الإسلام دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".

هذا يعني أن الدستور المصري يحمل في صيغته الحالية، مفخخات كثيرة تبعده عن صيغة الدولة المدنية المرتكزة إلى نظرية العقد الاجتماعي، وهذه المفخخات يمكن أن تنفجر في وجوه الجميع في المستقبل إذا لم يتم استدراكها منذ الآن وإزالة صواعقها القابلة للانفجار لتعرض كل انجازات الثورة للضياع.ونحن هنا لا نعني بالمفخخات ، المعارضة المحتملة للجزء القبطي بما هو مكون رئيس من مكونات الشعب المصري فقط، بل أيضا ، وجود الحق الإلهي الذي يلغي ويناقض إلى حد بعيد الحريات الأساسية للأفراد، وحريات أخرى تتعلق بالأساس بحقوق الإنسان وحقوق المواطنة، بما فيها حق الأفراد بالاعتقاد،وحقهم بعدم الاعتقاد على نحو مماثل،دون أن ينتقص هذا من حقوقهم كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات. أضف إلى ذلك أن صيغة الإسلام هو "المصدر الأساسي للتشريع"هي صيغة فضفاضة وتحتمل تفسيرات واجتهادات كثيرة ومتناقضة لهذا المفسر أو ذاك،وتجعل الفرد المواطن، عرضة لمزاج المفسر أو المجتهد أو الفقيه.

لا بد إذن من فتح النقاش من الآن حول وظيفة الدولة المدينة في المجتمعات الحرة، فالدولة في النهاية ليست فردا لتدين بديانة معينة، الدولة هي مؤسسة اعتبارية ، و ما ينطبق على الأفراد لا ينطبق عليها، فالدولة لا تصوم ، ولا تصلي ، ولا تذهب إلى الحج.بينما الأفراد هم الذين ينطبق عليهم ذلك. وظيفة الدولة المدنية تتحدد بحماية حرية التعبير وحرية العقيدة لجميع أبنائها، دون تبني عقيدة بعينها .كما أن وظيفة الدولة المدينة في المجتمعات الحرة يمكن إجمالها بما يلي:

المساواة أمام القانون للجميع.

تحقيق الأمن لجميع أفرادها.

حماية الوطن من الاعتداءات الخارجية.

ضمان التداول السلمي على السلطة وفقا للدستور.

توفير الصحة لجميع أفراد المجتمع.

العناية بالتعليم من خلال فتح المدارس والجامعات ومراكز البحوث العلمية للجميع.

تأمين المياه الصالحة للشرب لجميع أفرادها.

شق الطرق والجسور وكل ما يحتاجه المجتمع من بنية تحتية.

الرعاية الاجتماعية والتي تشمل:

تأمين الضمان الصحي والاجتماعي والشيخوخة.

العناية بالعاطلين عن العمل و كل الضعفاء في المجتمع.

العناية بذوي الاحتياجات الخاصة،وتأمين كل ما يلزم لتطوير أوضاعهم.

العناية بالمرأة والطفل.

العناية بكافة المؤسسات، وخاصة تلك المعنية بالمحاسبة والمساءلة في قضايا الفساد.

تأمين فرص العمل لجميع أفراد المجتمع وفق مبدأ تكافؤ الفرص.

وكما نرى أن وظيفة الدولة المدنية لا علاقة لها بشؤون السماء ،بل هي وظائف أرضية بحتة يحتاجها جميع الناس في حياتهم اليومية.

لا بد إذن من العمل منذ الآن ، واستثمار حالة الزخم السياسي الحالي الحر وفتح حوار جاد بين مختلف القوى السياسية ،وخصوصا منها، تلك الداعية إلى إقامة الدولة المدنية القائمة على صيغة العقد الاجتماعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل


.. 106-Al-Baqarah




.. 107-Al-Baqarah


.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان




.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_