الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعنة (بو سليم ) تطارد القذافي في - باب العزيزية -

ادريس الواغيش

2011 / 3 / 1
المجتمع المدني


لعنة (بو سليم ) تطارد القذافي في " باب العزيزية "

إدريس الواغيش / المغرب

ولأن قدر الأخضر أن يكون مطاردا بالحصاد ، أو الصفرة في أحسن الأحوال حتى في الطبيعة ، كان لا بد أن يكون مآل ( الكتاب الأخضر) شبيها بصاحبه ، ولم ينفعه معه مدح ولا مديح بعض وسائل الإعلام طيلة (42 سنة) من الحكم حتى الإشباع . كان ( نيرون) قد أشعل النار في روما ، وجلس يتفرج عليها وهو يتغنى بأشعار هوميروس ، ويستعيد أحداث طروادة . وفي منظر يكاد يكون مشابها ، اعتلى معمر القذافي (جنكيز خان العرب ) بلباسه (الغريب جدا) سورا عاليا في طرابلس ، ليخطب في أنصاره من النساء والأطفال ، الذين جمعوا (وفق شهود) من دور اليتامى أو دفع لهم نقدا لضمان حضورهم بكثافة ، كأي قائد من التتار أو المغول ، وبصوته المبحوح من فوق برجه العالي ، في إشارة لم تعد تحتاج إلى تأويل ، على أنه أصبح عاجزا عن النزول إلى الأرض ، أنذر في خطبته العصماء قبائل وعشائر و (جرذان) خرجت عن طاعته ، وليبشر المؤمنين بأن النهر الصناعي العظيم سيؤمن لهم أحواضا من البترول في الجنة ، وأن " ارقصوا و...غنوا " ولو على رؤوس وجماجم بشرية مرمية في الشوارع ، وقد فصلت عن أجسادها تماما‼. مشهد يذكرنا بعصر تعتصره ذاكرتنا وتحاول نسيانه ، خطب فيه الحجاج نفس الخطاب في شعب العراق : " والله إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها ، وإني لصاحبها.... ".
كل إنسان سيخلده التاريخ بقدر ما قدمه في مجال تخصصه (سياسة - فن - رياضة - علوم -...) . أما القذافي فلن ينساه التاريخ أبدا ، خصوصا في السياسة التي سيدته زعيما استثنائيا ، سواء بالطريقة الديمقراطية التي اختارها منهاجا لحكمه (اللجان الشعبية) ، أو الطريقة التي أراد أن يفني بها شعبه ، حينما اختار التمرد على ( الأب الخالد ، وعميد الحكام العرب أو ...مجد ليبيا ) وما شاء له من الأسماء (الحسنى) التي يهواها. وهو ليس استثناء رغم ذلك ، كل رؤوس الأنظمة العربية التي سقطت حتى الآن ، أبت إلا أن تجر للهاوية أسماء تورطت معها عن طيب خاطر في جرائم اقتصادية ، إنسانية أو سياسية ، حتى تطمئن إلى أن سقوطهم لن يكون وحدهم .
وأمام هذا الزخم من التساقط السريع للكراسي العربية ، لم يكن الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) محظوظا البتة مع تركة من سبقوه إلى البيت الأبيض ، فقد أبت الفوضى الخلاقة التي روجت لها وزيرة الخارجية (رايس) طويلا ونظرت لها ، إلا أن تأتي بعكس ما كانت تدعو إليه أيام جورج بوش الابن ، فوضى أزعجت ( الأمريكيين على الأقل) .فقد أطاحت ببن علي في تونس ، ومن بعده (حسني مبارك) أكبر حلفائهم في الشرق الوسط. بل أكثر من ذلك ، هددت أمن إسرائيل في العمق ، حين هدد حسن نصر الله باحتلال شمالها بالمباشر لا بالتلميح كما العادة ، إن هي أقدمت على شن حرب جديدة على جنوب لبنان ، ومرور بارجتين حربيتين إيرانيتين إلى سوريا عبر قناة السويس ، في تحد واضح لحليفة الغرب المدللة ، وفتح معبر رفح في الاتجاهين من مصر إلى فلسطين ، حتى لا أقول غزة .
و بين آخر رصاصة لكتائب القذافي ، وآخر قطرة دم للمتظاهرين في شرق وغرب ليبيا ، يبقى التحدي قائما بين الشعب الليبي وملك ملوك إفريقيا ‼. ليزيد من ثقل الغيوم وسوداويتها في سماء الشرق الأوسط خصوصا والمنطقة العربية عموما ، لن تكون تبعاتها مضمونة العواقب ، على الكثير من الأطراف العربية والغربية على السواء ( نزوح جماعي / لاجئين / المصالح / النفط ) وأخيرا ( لا قدر الله) أزمة إنسانية على الحدود الليبية / المصرية / التونسية.
وتبقى ذمة الغرب في مثل هذه الظروف ، غير بريئة اتجاه العرب عموما في السلم كما في الحرب ، وأن حقوق الإنسان (كما تعودنا عليها دائما) ورقة حاضرة وضاغطة في علاقتنا بالغرب . لكن ظهر جليا هذه المرة أنها ورقة زائفة ، وأن الانتهازية هي من يحكم علاقة الغرب بنا كعرب ، عرتها الانتفاضات الشريفة التي كانت أولاها في تونس ، مرورا بمصر واليمن . وأن الدم العربي ، أرخص من قطرة بترول في محطات الوقود الأوروبية والأمريكية‼.
حين أطلت علينا صور الفضائيات من ليبيا ، التي ظلت دائما غامضة كعادتها في عهد العقيد ، الذي أصر أن يكون أولها وآخرها وعنوانها ، تبين كم هو الغبن الذي عاشه الشعب الليبي ، لأكثر من (42 سنة ) من الاستبداد وتبذير ثروات تقدر بالمليارات ، من أجل نزوات شخصية تافهة . شوارع ، ساحات وبنايات تخلو من أي بنية تحتية عصرية ، ومظاهر تبدو أقرب إلى ما نراه في دول إفريقية فقيرة ، وليس لدولة بترولية ، كما تعودنا على ذلك في دول الخليج البترولية ( قطر - الإمارات العربية - ...) رغم كل ما قد يذكر من شبهات .
البداية كانت في 1996 ، حين قتل القذافي بدم بارد ، أكثر من (1200) سجين في سجن ( أبو سليم) بمدينة بنغازي شرق ليبيا . من يومها وإلى الآن ، لازالت لعنته تطارد (ملك الملوك) إلى يومنا هذا . مجزرة سجن(بوسليم) من أكثر المجازر بشاعة في القرن العشرين ، لكن أموال البترول كانت حاضرة دائما كعادتها ، من أجل التضليل وتكميم الأفواه وتجفيف الأقلام التي تحاول إماطة اللثام عن الحدث المأساوي. من يومها هناك في ( بنغازي / مدينة عمر المختار) وإلى يومنا هذا ، بدأ ربيع الثورة و ملامحها يطارد القذافي الفيلسوف / الزعيم / القائد / الثائر /المفكر/ المجد ... ، قبل أن يدق ناقوس القيامة و يخطب العقيد في (الجرذان/ الشجعان) منذرا ومحذرا ، ونسي أن قبضته الحديدية بدأت في الارتخاء القسري : " أنا حاميكم وأنا قاتلكم / أنا محييكم وأنا مميتكم / أنا مجدكم وأنا خذلانكم . أخيرا وبمعنى أصح : " لا خيار لكم معي.....أحكمكم أو أقتلكم .......".
تعددت أسماؤه ( الحسنى‼ ) أمام ما يقوم به من دناءة في مدن ليبيا وشوارعها. (نحن لسنا تونس... ولا مصر) قالها القذافي وأصر عليها نجله (سيف الإسلام / البتار) في خطبه التهديدية ، ومن قبله قالها صاحبه مبارك ، إذ هما معا في مزبلة التاريخ ( نحن لسنا ....تونس) ولم تنفع بعد أن تجاوزت صلاحيتها ، وها هو خليلهم علي عبد الله صالح يكررها مشروخة في اليمن : " نحن لسنا تونس ولا مصر....ولا ليبيا ...‼) يا سلام على البديهة ‼.
مد شعبي عارم يعيشه العالم العربي ، وسحابة ثورية أخرى تنذر بمطر ثوري في ربوع الوطن العربي ، يخلخل أنظمة حكم عربية لم تتزعزع كراسيها لمدد طويلة : ( البحرين - الأردن - وآخرها وليس أخيرها..... لبنان ) الذي يطالب شبابه بتغيير من نوع آخر : " الشعب يريد تغيير.... النظام الطائفي ".
قد تختلف المطالب هنا أو هناك ، لكن يبقى المطلب واحد ووحيد : ( التغييييير). وهذا يدفعنا إلى التساؤل : " هل صحيح أن التاريخ كاذب ؟ وأن أصل العرب فرعوني ؟ ".
بيل غيتس المسكين كان واهما ، حين صدق أنه الملياردير الشهير في العالم ، ولم يعتقد للحظة واحدة أن الحكام العرب ينامون على أكوام من الدولارات . لنتأمل هذه اللائحة التي قد توحي لنا بأشياء كثيرة :

- بن علي / حكم تونس 23 سنة // ثروته........ 35.-40 مليار دولار( وفق التقديرات)
- مبارك / حكم مصر23 سنة // ثروته .......... 70- 100 مليار دولار( وفق التقديرات)
- القذافي / حكم ليبيا 42 سنة // ثروته....... 100- 130 مليار دولار (وفق التقديرات)

من هنا نستنتج أن الثروة تتضخم وتتراكم كلما طال حكم (الزعيم الخالد) ، وهو تعاظم له ما يبرره في عالمنا العربي ، نتيجة ما يمارس من احتكار ونهب وسلب دون حسيب أو رقيب ، في حق ثروات الشعوب العربية. لن تكون آخر الثورات المنهوبة في وطننا العربي ، ولن تكون آخر فضائحها (هم) بكل تأكيد ، لكن نرجو أن لا يكون المستور في البنوك الغربية أعظم.
تبقى الإشارة واجبة إلى نقطة أخيرة وضرورية في هذه الورقة ، وهي عدم التركيز على المرتزقة من جنسيات إفريقية معينة والاكتفاء بالتعميم ، كما ألح على ذلك المفكر العربي عزمي بشارة ، حتى لا يفسر ذلك أو يترجم ، وأيضا لكي لا يستغله الأعداء المتربصين بنا ، ويسعوا جاهدين إلى دق إسفين آخر في علاقتنا (كعرب) بإخواننا الأفارقة ، الذين هم أولا وأخيرا إخوان لنا في الانتماء الجغرافي على الأقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
موسي سوف الجين ( 2011 / 3 / 1 - 02:41 )
تحياتي... اردت فقظ تصحيح ماأورده الكاتب حول موقع سجن (بوسليم).. السجن الرهيب ليس في بنغازي بل يقع في مدينة طرابلس ..


2 - شكر لك
ادريس الواغيش ( 2011 / 3 / 1 - 15:36 )
شكر خاص لك
كنت أعتقد أنه في بنغازي ، حتى بعض المصادرالتي ذكرته بالاسم ، لم تشر إلى مكانه بالتحديد ، واكتفت بالتفاصيل
مودتي

اخر الافلام

.. الحكم بالإعدام على الناشطة الإيرانية شريفة محمدي بتهمة الخيا


.. طفل يخترق الحكومة التركية ويسرب وثائق وجوازات سفر ملايين الس




.. أمهات الأسرى الإسرائيليين تنظم احتجاجات ضد حكومة نتنياهو في


.. الفيضانات تغرق خيام اللاجئين في بنجلاديش إثر الأمطار الغزيرة




.. كارثة وبائية تهدد النازحين وسط قطاع غزة