الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الاجتماعي ( الاستقرار والتطور )

صاحب الربيعي

2011 / 3 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


النظام الاجتماعي ليس نموذجاً مبستراً يصلح اعتماده في كل المجتمعات وإنما نموذجاً ديناميكياً يعبر عن الواقع المرئي للمكان والزمان والبيئة والمجتمع، ويعبر عن الرواسب الكامنة العاكسة لسلوكيات البشر المتباينة في علاقاتهم مع بعض بعدّه واقعاً غير مرئي.
وبما أن لكل مجتمع واقعه المرئي وغير المرئي فإنه يخلق نظاماً اجتماعياً خاصاً به يحمل في داخله بذور تقدمه أو تأخره، فإن كان الواقع المرئي للمجتمع وغير المرئي ذو طبيعة قابلة للتطور وآليات اكتسابه فعالة واكبة تطور العالم المعاصر، على خلافه إن كانت آليات اكتسابه غير فعالة تخلف المجتمع عن مواكبة التطور للعالم المعاصر.
وفي الوقت ذاته قد يعيق التاريخ الحضاري بواقعه المرئي وغير المرئي تطور المجتمع عند تعطل آليات اكتسابه ووجود عقبات مادية تحول دون تقدمه مثل البيئة والخلل الجيني المعيق لآليات تطوره غير المرئي أو وجود عقبات غير مادية متعلقة بالطبيعة الذاتية الكامنة لأفراد المجتمع العاكسة لمحمول رواسبها الكامنة الرافضة الانصياع كلياً إلى أحكام النظام الاجتماعي السائد وتميل على نحو أكبر إلى عدم الالتزام بالضوابط العامة والفوضى والعدوانية والأنانية وتنال من حقوق الآخرين.
يعتقد (( جوزيا رويس )) " أنه ليس سهلاً إقامة نظام اجتماعي مستقر لكل المجتمعات البشرية على نحو متساوٍ لوجود عقبات مادية مثل البيئة والأمراض والعجز البشري وعقبات غير مادية متعلقة بالطبيعة البشرية المتباينة مثل تفشي العداوة والأنانية والميل إلى الفوضى وضعف الإرادة وقصر الحياة. فضلاً عن أن الغرائز البشرية مثل الشجاعة والقدرة على تحمل المعاناة والذكاء تؤدي دوراً ايجابياً في التقدم والتنظيم وتطور النظام الاجتماعي واستقراره ".
يتطلب النظام الاجتماعي أجهزة ضبط وتحكم لفرضه على كل البشر وضوابط اجتماعية مغروسة في اللاوعي تُفعل آليات التحكم الذاتي لامتناع البشر من ذاتهم خرق النظام الاجتماعي، لكن لا يعني ذلك إطلاقاً فصل المجتمعات عن جذورها الأساس لقسرها الانصياع إلى نظام اجتماعي غير ملائم منعاً للفوضى والتسيب بفعل الاضطرابات الاجتماعية والكوارث الطبيعية.
إن المجتمع الذي يعاني في لاوعيه حالة انفصام عن أرثه الحضاري وإن كان منصاعاً لآليات النظام على نحو كلي حين تضعف أجهزة ضبطه وتحكمه في الأزمات الاجتماعية والاضطرابات يفقد استقراره على نحو أكبر من المجتمعات المتواصلة مع أرثها الحضاري والمغروس في لاوعيها خلال التربية ما يعيق انحدارها إلى الحضيض وتفككها.
تواصل المجتمعات مع أرثها الحضاري لا يعني انغلاقها على ذاتها وإنما على العكس تماماً الانفتاح على المجتمعات الأخرى للاكتساب والتواصل الايجابي للتعريف بشخصيتها التاريخية لتكتسب اعترافاً بذاتها الحاضرة، فالمجتمعات غير المُعرفة حضارياً ليس سهلاً قبول عضويتها في المجتمع الدولي من دون أن تبذل جهداً كبيراً في خلق تراكم حضاري لذاتها.
يقول (( بيل كلينتون )) : " إن المجتمع الذي يتخلى عن جذوره لن يستقر، والمجتمع المنغلق على ذاته لا، ولن يتطور وينتج أبداً ".
إن الحفاظ على الإرث الحضاري بعدّه جذراً يرفد المجتمع بالغذاء الروحي خلال نسق الحياة للتواصل مع الحاضر يلقي على عاتق الأجيال اللاحقة مزيداً من المسؤولية للتطور والتقدم، وكلما كان التراكم الحضاري بمكتسباته المعرفية كبيراً ومتواصلاً من جيل إلى جيل آخر ارتقى المجتمع بمرتبته السلم الحضاري للمجتمعات المعاصرة. وكلما كان المجتمع متحملاً مسؤولية الحفاظ على أرثه الحضاري بعّد جذره الأساس للتواصل مع الحاضر وبآليات معاصرة صحح أخطاء ماضيه ويميل أكثر إلى الاستقرار والتطور على نحو عام وليس سهلاً في الأزمات الاجتماعية الكبرى تفككه وتداعي استقراره عند ضعف أجهزة الضبط والتحكم لسلطته القائمة.
يعتقد (( توماس فريدمان )) " أن المجتمع الذي لا يستطيع تحمل المسؤولية، لا يمكنه الإقدام على تصحيح ذاته ".
إن الأزمات الاجتماعية والاضطرابات خلال مسيرة المجتمعات التاريخية من المؤكد تخل باستقرارها، فإن كانت مجتمعات غير منقطعة عن جذورها الحضارية بعدّه غذؤها الروحي المتواصل بالغرس التربوي اللاواعي يعينها على استعادة استقرارها لتتواصل مع الحاضر على نحو أسرع. على خلافه فإن المجتمعات المنقطعة عن جذورها الحضارية أو عديمة الجذور تعاني ضعفاً في غرسها التربوي اللاواعي ما يجعلها عرضة للتفكك وعدم الاستقرار على نحو كبير.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع شهيد سقط برصاص الاحتلال الإسرائيلي في بيت فوريك بالضفة


.. رغم سيطرة الاحتلال على المنطقة.. القسام تنجح في تنفيذ كمين ض




.. موكب دراجات نارية بمسيرة لدعم غزة في النرويج


.. نازحون في غزة يستغيثون: -تحملنا فوق طاقتنا وكل يوم ناكل رمل-




.. وزارة الصحة السعودية تؤكد للعربية عدم تسجيل أي أمراض معدية ب