الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الخطاب والفكر الديني

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2011 / 3 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الخطاب والفكر الديني

ان الاسلام له طبيعة خاصة وهي طبيعة أكثر من رائعة وهي الطبيعة الجمعية بمعنى أن هذا الدين ينص على أن المؤمنين اخوة وبينهم رباط وثيق لا ينحل وأنه ان أصاب الضرر عضو من أعضائه تداعى له سائر الأعضاء ، واضعآ في اطار ذلك مجموعة من القيم والمبادئ تجمع بين أتباعه ويتناقل أتباعه التأثيرات و المؤثرات فيما بينهم فان كانت خيرآ انتفعوا ونجوا جميعآ وان كانت شرآ انتهوا وهلكوا جميعآ ؛ وللأسف اللانهائي فان ما تناقلناه فيما بيننا منذ قرون طويلة هو محض شرور وأفكار وقيم متطرفة ومتشددة وتبريرات لأعمال لا أقول بأنها بعيدة عن الدين فقط بل انها بعيدة عن أن يقتنع بها العقل المنطقي والعلمي ، وتسجن العقل في غياهب الظلام والخرافات والوقوف على الشكليات الظواهر من الملبس و المظهر والسلوك دونما النظر الى الجوهر والمقصد والمبتغى دونما ايمان بأن الظواهر والشكليات لا يمكن أبدآ أن تكون دليلآ على صلاح أو طلاح ، لقد تناقل الكثير منا عبر القرون أفكارآ ومبادئ ترفض الحرية وتقدس السلاطين والملوك و الرؤساء اللذين كثيرآ وكثيرآ جدآ كانوا شر ما ابتلينا به ووجدوا أعوانآ لهم من كثيرين مما يقال عنهم رجال الدين وهؤلاء علاقتهم بالدين لا تختلف كثيرآ عن العلاقة بين دودة القز وشجر التوت فهم لا يتفقهون في الدين بل يتغذون عليه لينتجوا فتاوي وتبريرات لما يرتكبه هؤلاء الحكام والوجهاء من القوم ليظل هؤلاء يعيشون في حرير العيش بينما الشعوب تصطلي بخيش العيش .

واختراعات من الأحاديث والأقاويل نسبوها زورآ وبهتانآ للرسول محمد صلى الله عليه السلام ليضفوا عليها طابع القداسة وما اخترعوها الا ليبرروا بها ما أتته أياديهم من تفرقة بين المسلمين وزرع للبغض والكراهية ضد فريق دون آخر وتكريس للمذهبية والطائفية واختزال الدين الاسلامي في مذاهب وفرق وطوائف والوقوف على ما أتى به رؤساء هذه المذاهب وكأننا لم نستطع منذ ألف عام تقريبآ أن نأتي بمثل هؤلاء الأئمة و العلماء الأفاضل اللذين أقام لهم الناس مع أضرحتهم مذاهب وفرق رغم أن منهم من قال و أكد على ضرورة اتباع المنهج العقلي والتحليلي وادراك أن لكل عصر ظروفه ومداركه وأنه لا سلطة دينية في الاسلام فقد قال ابن المقفع( ان الدين يسلم بالايمان والرأي يثبت بالخصومة ، فمن جعل الدين خصومة فقد جعله رأيا ومن جعل الرأي دينا فقد جعل رأيه شريعة) .

فيما قال الامام ابوحنيفة النعمان(كلامنا هذا رأي فمن كان لدية خير منه فليأت به)
وقال الامام احمد بن حنبل (لاتقلدني ولاتقلد مالكا ولاالشافعي ولا الثوري وتعلم كما تعلمنا) .

وقال ابن القيم الجوزي (في التقليد ابطال لمنفعة العقل لانه انما خلق للتدبر والتأمل وقبيح بمن اعطي شمعة يستضيء بها ان يطفئها ويمشي في ظلام) .

وقال الامام الشافعي (رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب
والقائل أيضاً : إذا صح الحديث فهو مذهبي واضربوا برأيي عرض الحائط) .

والقاعدة الفقهية تقول (أينما كانت المصلحة كان شرع الله) .
والمقصود هنا بطبيعة الحال المصلحة الحقيقية لجموع الناس في تحقيق التقدم والرخاء والنماء وليس كما قال أحد المسؤولين عندما سئل عن تبرير توريث السلطة في بلد اسلامي المفترض أنه جمهوري ، وهؤلاء لن يتأتوا بطبيعة الحال في حال بقاء الظلم والاستبداد والفساد والفقر والجهل وهم سبب ونتاج لاحتكار السلطة والدين والرأي .

اننا نعيش في مجتمعات الأساسي فيها هو رفض الرأي الآخر طالما أنه مخالف في الرأي وتنتظره دعاوي التكفير والزندقة والفجور والسباب ، ان جل آراء التكفيريين عنوانها الارهاب والتشدد موغلة في الظلام وتقييد العقل ، فلا توجد ثقافة الحوار والنقاش واحترام الرأي والرأي الآخر . وقوم لا يروا الصواب الا في رأيهم بل يفضوا عليه ثوب القداسة ولا يرفضون فقط ماعداه بل ويكرهون ويرهبون من خالفهم في الرأي والمقولة ، يرفضون مجرد التفكير و التدبر فيما يقوله هذا الآخر حتى ولو فيه مسحة من منطق وعقل في مقابل جنون ما يقولون في ظل تعصب أعمى لهذا المذهب أو ذاك الشيخ .

اننا نعيش في مجتمعات يظهر فيها فجأة كثير من الناس يحللون ويحرمون وفقآ لمفاهيمهم و تفسيراتهم الضيقة والتي تستدعي آراء السلف في واقع الخلف اللذين لم يعودوا قادرين على التفكير والابداع ويظلوا فقط مرددين لمقولة تلوكها الألسنة وهي أن الاسلام صالح لكل زمان ومكان دونما أن يدركوا بأن ما يتفوهون به من فتاوي و أقاويل التزمت و التشدد تجعل الاسلام خارج الزمان وفي غير المكان وهو برئ مما يفعلون ؛ ذلك أن كل مؤهلاتهم هي الجلباب القصير واللحى الطويلة والقدرة الكبيرة على الحفظ والاستظهار وسرد أقاويل وحكايا تراثية منها من هو لا يستقيم مع العقل أو المنطق ومنها ما هو عفى عنه الزمان ووأصبح من المحال ولم يعد يصلح للواقع والحال ، والقدرة على البكاء والاستبكاء دونما حاجة أو داع والبسطاء من ورائهم يرددون الآهات ، وهم يغرفون من الأموال بل قل الكنوز ويسكنون في الفلل والقصور ويتزوجون ما طاب لهم من النساء مثنى وثلاث ورباع في حين أن غالبية مريديهم لا يملكون ما ينفقوه على زوجة واحدة هذا ان وجدت ؛ منذ متى كان الدين مهنة من لا مهنة له ومنذ متى كان الدين مطية وسببآ للثراء والمال والغنى الفاحش ، منذ متى كانت الهداية بأجر ومقابل هذا ان كان فيما يقولون هداية ودعوة للعمل الصالح وليس فقط الدعاء الصالح .

لقد قال الامام محمد عبده :
(المسلم الحق هو الذي يعتمد على العقل في شؤون الدنيا)
كما قال (ليس في الاسلام سلطة دينية سوي سلطة الموعظة الحسنة والدعوة الي خير والتنفير من الشر وهي سلطة خولها الله لادني المسلمين ينقر بها انف اعلاهم كما خولها لاعلاهم يتناول بها ادناهم) .

وقال أيضآ :
(الامة هي صاحبة الحق في السيطرة علي الحاكم وهي التي تخلعة متي رأت في ذلك مصلحتها فهو حاكم مدني من جميع الوجوه، ولايجوز ان يخلط الخليفة عند المسلمين بما يسمية الافرنج – ثيوكرتك- اي سلطان الهي لأن الاسلام لايجعل للقاض او المفتي او شيخ الاسلام ادني سلطة علي العقائد وتقرير الاحكام وكل سلطة تناولها واحد من هؤلاء انما هي سلطة مدنية لايسمح لواحد منهم ان يدعي السيطرة علي ايمان احدهم او عبادته لربه او ان ينازعة طريقة نظره اما الفكرة الشائعة عن الاسلام وتوحيدة للسطلتين المدنية والدينية فهي خطأ محض ودخيلة علي الاسلام ومن الضلال القول بان الاسلام يحتم قرن السلطتين في شخص واحد والزعم تبعا لذلك ا السلطان هو مقرر الدين وواضع احكامة ومنفذها وان المسلم مستعبد بدينة لسلطات السلطان) .

مشكلة الغالبية من الناس أنهم ينظرون الى هؤلاء المشايخ أنهم ظل الله في أرضه و أنهم هم الذين احتكروا الحقيقة وأن بأيديهم مفاتيح الجنة ومن خلالهم يتحقق ملكوت الله في الأرض وأن من خالفهم في الرأي مهدور دمه ، على الرغم أن مملكة الله ليست هنا بل هناك في السماء أما هنا فالأرض أمانة عرضها الله على السماوات والجبال فرفضوها وقبلناها نحن من سجدت لأبينا (آدم) الملائكة بأمر من الله جل في علاه ؛ان الشعوب الاسلامية فاقدة للأمل ومعانية للفقر والجهل وحتى المرض هذه الشعوب سمحت لمن يقنعها أو هي أقنعت نفسها أنها في بلاء من رب العباد لأنهم اختارهم واجتباهم لجانبه فما عليهم الا الصبر في الدنيا لنعيم الآخرة وأن الحكام والملوك والسلاطين الذين يضيعون الأمة ويحتكرون ثرواتها ويفسدون في الأرض انما جاءوا لا لعيب فيهم وانما فينا لأننا ابتعدنا عن الدين فكانوا هم البلاء .

والغريب أن الناس مصدقة لذلك وكأننا أصبتنا متلازمة استوكهولم نبحث عن المبررات التي نداري بها ضعفنا واستكانتنا وسكوتنا عمن ظلمونا من القوم واستباحوا دمائنا وأشاعوا الكراهية والحقد بيننا من قبيل أنك لن تغير الكون ، اننا لو جبنا العالم من مشرقه الى مغربه لما وجدنا أمة تتباري في بناء دور العبادة وتجهيزها بكل ما استطاعت من غالي و أغلى ونفيس و أنفس مثل الأمة الاسلامية اننا لن نجد أمة تمتلك مما يدعون التخصص والعلم في الدين ولهم مريدوهم ومصدقيهم كما أمتنا ولا مريدين لدور العبادة والحرص على قراءة كتابهم المقدس وهو القرآن الكريم كما أمتنا وترديد كلمة الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في أحاديثهم وارتداء لحجاب ونقاب واطالة للحى وتقصير للجلابيب كما نرى ونشهد وحرص على الصيام والحج كما أمتنا وبعد كل ذلك يخرجون علينا بالقول الأثير الذي اتفقوا عليه أننا أمة بعيدة عن الدين لذلك فنحن في هذا البلاء الممكوثين فيه طيلة القرون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 232-Al-Baqarah


.. 233-Al-Baqarah




.. 235-Al-Baqarah


.. 236-Al-Baqarah




.. 237-Al-Baqarah