الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والسياسة في الإسلام (1)

رباح حسن الزيدان

2011 / 3 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إسلام الساسة حقيقة تاريخية في الأسلام , إذ لا فصل البتة بين الديني والسياسي في الثقافة الأسلامية . والحقيقة البديهية الأخرى هي أن السلطة السياسية ليست مجردة كلياً عن صفة القداسة , إذ إن المقدس , خفياً كان أم ظاهراً , حاضر دوماً في السلطة وملتصق بها أشد الالتصاق .
تم التركيز في الاسلام على الوحدة العضوية الدينية أي على جماعة تلتف حول الدين , وتتعاون على البر والتقوى , وتكبر الأيمان , وتقوى بنشر الاسلام والذود عنه , فأرتبط الأجتماع بالدين , حيث يقول برهان غليون في هذا الصدد : "أصبح الدين هو المؤسس للأجتماع السياسي , والاشتراك في العقيدة أساس هذا الاجتماع , وغاية هذا الاجتماع السعادة في الدنيا والاخرة سعادة مستمدة من الخضوع لله وتعاليمه والقيم السماوية ".
إلا أن الدولة لا تتم ولا تكتمل وتقوى وتعظم إلا إذا ما ارتكزت على أصل أساسي هو المجتمع نفسه . وهذا ما بينه ابن خلدون حين أشار الى أن الوازع الديني وحده لم يكف لقيام الدولة وتطورها في الأسلام , وقدم ابن خلدون وازع العصبية , وهو وازع أجتماعي , شرطاً لقيام الدولة , ورغم تخلص هذه الدولة التي أشار اليها ابن خلدون من الدين , فإنها احتاجت اليه ليضفي عليها الشرعية , ويكرس صبغتها الإكراهية الضاغطة .
ويقول الجابري في هذا الصدد : "لا أحد من الحكام في التاريخ الأسلامي استغنى أو كان في أمكانه أن يستغني عن أعلان التمسك بالدين , لأنه لا أحد منهم كان يستطيع أن يلتمس الشرعية لحكمه خارج الإعلان عن خدمة الدين والرفع من شأنه ", فقد أعلن بنو أمية أبقاءهم لمعاني الخلافة "من تحري الدين ومذاهبه والجري على مناهج الحق ", وساست دولة بني العباس "العالم سياسة ممزوجة بالدين والملك ", وكانت العقيدة الأسماعيلية الأساس الذي أرتكزت عليه الدعوة الفاطمية .
ورغم أنقلاب الخلافة الى ملك , وقيام السلطة الأموية عل القهر , واستعمال القوة وتحكيم السيف وتحول الجيش الى أداة دفاعية أمنية أكثر منها جهادية , والأخلال بمبدأ الشورى عند أثبات نظام ولاية العهد , فإن الأمويين أذاعوا أن خلافتهم تقليد من الله , وأن ملكهم بقضاء من الله وقدر , وأنهم يعملون بإذنه طائعين لأمره , وأن خضوع المسلمين لهم وطاعتهم قدر سماوي . ولم يعتبر الأمويين أنهم أفضل العرب نسباً وأقواهم عصبية فحسب , بل هم أحسن المسلمين ديناً وتقى جاؤوا ليوحدوا الجماعة التي تفرقت , ويجمعوا أمة شقت فيها عصا الطاعة .
فقد أدرك الأمويين أن قرابتهم لعثمان لا تشكل مبدأ ينشر شرعية خلافتهم , فجنحوا الى مذهب الجبر في الخلافة , واعتمدوا عليه لإثبات شرعيتها . ودعم شعراء بني أمية هذا التفويض الإلهي في قصائدهم , وبرر الخلفاء بالجبر هدفهم الى توحيد الجماعة وقضاءهم على شق عصا الطاعة , واستعملوا هذين المبدأين في مواجهة المعارضين , فهذا يزيد بن معاوية مثلاً يبرر قتل الحسين بن علي بقضاء من الله الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء .
فإعتبر الأموييون الخلافة مؤسسة مصونة بحفظ الله ورعايته , وهي وسيلة الى أظهار الحق وإقرار العدل وتطبيق الشريعة , وقد رووا عن الرسول أحاديث في معاوية , الذي حرص على الظهور بثوب الدين .
وها هو يزيد بن معاوية يقول عند وفاة والده : "كان حبلاً من حبال الله , مدّه ما شاء أن يمدّه ثم قطعه حين شاء أن يقطعه".
وألحّت خطب ولاة الأمويين هي أيظاً على الطاعة للسلطان , وصورت صور العذاب الأليم لأهل المعصية , وحذرت من أنتهاك حرمة الإسلام وجعلت السلطان يسوس الناس بسلطان الله . فهذا زياد بن أبيه يخطب في أهل البصرة قائلاً :"أيها الناس إنا أصبحنا لكم ساسة وعنكم ذادة نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا ونذود عنكم بفئ الله الذي خوّلنا . لنا عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا ولكم علينا العدل فيما ولّينا".
ورغم حرص الأمويين على لباس ثوب الدين , فأن قوة السيف في ملكهم كانت أظهر من سلطة الدين , ودور العصبية أبين من الوازع الديني .
وللحديث تكملة .......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كفاية - أستخفاف بالعقول و المتاجرة بالدين
Amir_ Baky ( 2011 / 3 / 8 - 08:39 )
أيها الناس إنا أصبحنا لكم ساسة وعنكم ذادة نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا ونذود عنكم بفئ الله الذي خوّلنا . لنا عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا ولكم علينا العدل فيما ولّينا-. . بصراحة هذا الكلام قمة فى الصراحة وهذا التفكير هو جوهر فكر الإسلام السياسى منذ نشأته. فالحكم المطلق مفسدة و إدعاء أن الله يلهم الحكام كلام ضد المنطق يسوقه الحاكم ليتحكم فى الرعية. إن هذا الفكر هو نفس فكر الفراعنة الذين يحكمون بأسم آمون. نفس فكر ولاية الفقية. فمواطن النت و القرن 21 فهم هذه السياسات المفضوحة التى حولت معظم الشعوب الإسلامية إلى شعوب غير فاعلة بين المجتمعات البشرية.

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah