الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة الاردنية وثقافة الالتفاف والانتهازية

وليد حكمت

2011 / 3 / 8
المجتمع المدني


بعد ان اشعل محمد بو عزيزي رمز الثورة العربية المعاصرة شمعة الأمل في قلوب ملايين المضطهدين لم يعد هناك شيء اسمه المستحيل إذا ما اقترنت الإرادة مع التضحية والوعي لتغيير الواقع ، فأصبح منارة لكافة الشعوب العربية لتقود نفسها بنفسها وتقرر مصيرها .
والمجتمع الأردني كغيره من المجتمعات العربية التي استلهمت روح الثورة التونسية والمصرية دفع حركته ووجه البوصلة نحو التغيير والإصلاح وشكل حراكه نوعا من الخطاب المتقدم الذي كان من المفترض أن يؤتي أكله بعد عام 1989 لولا الالتفافات الرجعية الانتهازية التي صادرت إرادته ومطالبه
وجاءت تلك الثورة العربية محفزة لبعث إرادة الشعب وإعادة روح الأمل من تحقيق الإصلاح من خلال الاحتجاج السلمي للضغط على النظام السياسي والمؤسسات المنغلقة على ذاتها والوجهة لمصالح القلة فكانت المسيرات الشعبية تجوب الشوارع الأردنية تطالب بقضيتين متلازمتين هما إسقاط الحكومة وتغيير النهج في تشكيل الحكومات ( نحو حكومة منتخبة منبثقة عن برلمان منتخب بقانون انتخاب عصري ) إيمانا من الشعب الأردني بضرورة التغيير السلمي دون اللجوء للعنف وركبت الموجة الشعبية تيارات سياسية وأحزاب لها مصالح إستراتيجية شعرت بالخطر يتهددها من أن ينكشف أمرها للشارع الاردني فبادرت وانخرطت في تلك الاحتجاجات بالحد الادنى من فعاليتها وفعلا سقطت حكومة الرفاعي بإرادة شعبية أردنية خالصة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال ، وتبين ان الشارع الأردني قادر على التغيير.
وجاءت حكومة البخيت لتشكل محكا تاريخيا مفصليا في تحديد طبيعة الخطاب السياسي والشعار السياسي سواء للقوى السياسية المتسلقة أو التيارات أوللشارع الأردني على حد سواء بصفته هو القائد الرئيس لمطالب الإصلاح والتغيير وهذا المحك التاريخي سيكون آخر فرصة تمنح المصداقية والشرعية لأي تيار سياسي وفي أي اطار كان يدعي انه يمثل طموحات الشعب ويسعى لتحقيقها
ورأينا كيف ان تلك الحكومة تشكلت كسابقاتها بل تمت مكافأة العديد من الفريق الوزاري الرفاعي المنحل واحلالهم في مناصب ومراكز ذات نفوذ كبير في رسالة واضحة للشعب الاردني في عدم التفريط بالقوى المتنفذة وعلى صعيد الاجراءات والسياسات لحكومة البخيت فاننا نلاحظ ان النهج لم يتغير على الرغم من تغير الشخوص ، سواء على الصعيد الاقتصادي او الصعيد السياسي او الصعيد الاجتماعي والثقافي والامني او على صعيد مكافحة الفساد او حتى على صعيد تحسين مستوى المعيشة للمواطن الاردني كحد ادنى وكبادرة حسن نوايا.
وعملت الحكومة على اجراء حوار وطني غير واضح المعالم وغير محدد بهدف امتصاص قدرة الشارع على الحراك والفعل وبهدف خلق صورة للرأي العام المحلي والدولي بان الحوار هو الطريق الذي تسلكه الحكومة ومؤسساتها السياسية مع مختلف شرائح وأطياف وتيارات المجتمع الأردني لينتهي الحوار بلا أية مخرجات واضحة وصريحة ومحددة لكي يقتنع الشارع بأن الحكومة جادة في الاصلاح والتغيير كما وعدت ، فانسحبت 5 أحزاب من الحراك بعد أن حققت امتيازات ومكاسب شخصية لقياداتها ولم نسمع شيئا عن نتائج لقاء المتقاعدين العسكريين مع الملك من قضايا تم طرحها هناك مثل تحسين رواتب المتقاعدين وتحسين احوالهم وغيرها دون التطرق إلى مناقشة الشعارات التي طرحها العسكر في بيان 1 ايار ومشروع الورقة الاقتصادية، وسبق هذا اللقاء لقاء الملك مع الإخوان المسلمين الذين كعادتهم يركبون الموجه لتحقيق مصالح حزبية وذاتية وربما سيكون منها إغلاق ملف جمعية المركز الإسلامي وقضايا خارجية كملف حماس ، أما هموم الشعب ومطالبه فلتذهب إلى الجحيم ، ولم يستثن الحوار تلك الأطياف التقليدية إلا انه استثنى رقما صعبا وهو الشعب الأردني في الجنوب والشمال والوسط ، مدينة معان على سبيل المثال لا الحصر أسهمت في الحراك وطالبت بالإصلاح الجذري وغيرها من المدن الأردنية - الخزان الشعبي لإسقاط أو إنجاح أية مبادرة سياسية - تم استثناؤها وتهميشها كالعادة وكأن الحكومة تتغاضى عن تلك القوى الاجتماعية وتعتبرها مجاميع سكانية ليس لها إطار اجتماعي أو تاريخي أو سياسي ، فإذا ما وضعت الحكومة تلك الأحزاب المأجورة في احضانها فان الأمور ستكون على ما يرام
وبالعودة إلى أحداث 1989 م التي انطلقت من معان لتشمل بقية المدن الأردنية لتشكل مرحلة متقدمة من الوعي السياسي وارتفاع سقف المطلب الإصلاحي لدى الجماهير عملت الاحزاب والقوى التقليدية على احتواء هذا الحراك وتآمرت على حقوق الأردنيين من خلال عقد الصفقات وتحقيق المنافع والمكتسبات على حساب دماء شهداء أبناء معان وعملت على إعادة ترتيب البيت الداخلي السياسي بما يتناسب مع المصالح المتبادلة ما بين تلك القوى والسلطات بينما تستثنى إرادة الشعب ومطالبه .
إن الشباب الأردني غير المؤطر هو الذي يقود وهو الذي يتابع وهو الذي يقدم التضحيات وهو الذي ينتظر الآن ما يسفر عنه تلك الحوارات الشكلية الانتهازية التي تسعى إلى تعطيل وتجميد مطالب الأردنيين وتشتيت الخطاب والشعار وتوجيه الأنظار إلى قضايا ثانوية لا تخدم الإصلاح ولا تؤسس له كما أن طرح الشعارات وإصدار البيانات فصلية أو ربع فصلية أو سنوية لا يكفي ولا يقدم خطوة إذا لم يرافقه خطوات ميدانية في الشارع وتقديم تضحيات حقيقية فالحقوق لا يتفضل بها إنما تنتزع انتزاعا ،
الشعب قال كلمته في المدن الأردنية وتم تهميشه وإقصاؤه وتجاهل مطالبه الإصلاحية كالعادة وهو ينتظر الآن ويتابع ما الذي سيسفر عنه هذا الحوار وما هي ابرز نتائجه ،سيكون مصير القوى التقليدية المعارضة التي كانت بالأمس تطالب بدستور جديد وانقلبت اليوم على ذاتها لترضى بالفتات القليل على حساب قوت أبناء الأردن ومستقبلهم وسيكون هذا آخر مسمار في نعش المعارضة التقليدية التي سقطت بسقوط مطالبها واحتوائها سياسيا وستكون القيادة هي للشباب في الشارع الذي يطمح نحو الحرية والديمقراطية السياسية والانتقال إلى مرحلة الحداثة والتطور بعد أن كسر حاجز الخوف والرعب مطالبه محددة (قانون انتخاب عصري – حكومة منتخبة – ملكية دستورية - والباقي يأتي لاحقا )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا