الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية إفيون الشعوب

واصف شنون

2011 / 3 / 9
المجتمع المدني



الشعار أعلاه رفعه متظاهرون لبنانيون خرجوا بالألاف وهم يطالبون بإلغاء النظام الطائفي والذي يعتمد دستوريا ًعلى توزيع الرئاسات السيادية على الطوائف اللبنانية المسيحية والإسلامية وتقسيم الوزرات والمؤسسات ...الخ ،ولعله النظام الدستوري الوحيد في العالم الذي يحط ْمن قيمة وتميّزالمواطنة لرصيد إنتماء المواطن الديني الطائفي الشاحب مهما تلوّن ،ذلك الإنتماء الذين تدينه قوانين بني البشر ،قبل أن يتبعه الساسّة العراقيون كحل لمشاكلهم الأثنية والدينية والحزبية ولكن بشكل أقل مدنّية وأكثر فساد وعدم إهتمام وإنتفاء المسئولية،وكان المؤرخ الفرنسي إرنست رينان قد وجد منذ القرن التاسع عشر أن هناك علاقة وطيدة بين التعصب وعدم التسامح عند الشعوب السامية وبين دياناتهم التوحيدية وقد عانت البشرية كثيراً ومازالت جراء ذلك ، وها نحن نعيش في عام 2011 ،عام الثورات الإجتماعية العظيمة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا والتي يقودها الشبان المتنورين المعطلين عن الفعل والحياة والحريات ، الذين رفعوا شعارات ُتشيد بكرامة الإنسان وحقه في العيش الكريم إسوة بباقي الشعوب والأمم ، فلا يمكن لمدمن على المخدرات او شابة تبيع جسدها من اجل الدولارات في دول الغرب أن يتمتعوا بالحرية الشخصية القصوى والرعاية الإجتماعية الوافرة ، بينما لايحظى مهندس كهرباء مصري او بحريني او عراقي شاب بالتعيين لأنه ليس من مؤيدي الحزب الفلاني العلاّني او الطائفة المتسيدة أو العائلة الحاكمة ..الخ .

الشعار في الأصل هو – الدين إفيون الشعوب – وهو عبارة مجتزأة من نص طويل ،والذي اصبح ومنذ اكثر 150 عاماً سلاحاً فتاكاً ضد َمنّْ يختلف مع فكرة الأديان او ينتقد تعصب المتدينين وتصرفات بعض رجال الدين او الدين السياسي – المُسيس - او المتاجرة بإسم الدين او الله او الرب او معارضة الأحزاب التي تنتهج الأديان وتعتبرها مطيّة سهلة وغوغائية للوصول الى اغراض سياسية وضيعة تسيء للدين المنتهك والمخطوف من قبلها ، او الإدعاء بان اعضاء ومناصري تلك الأحزاب هم – بوليس الله على الأرض - ،كما ان الشعار المذكور قد تم الإعتراض عليه ليس فقط من قبل الإيدولوجيين والمتعصبين الدينيين ،بل أيضا من بعض الليبراليين العلمانيين الذين يرون فيه مصادرة لحقوق الإنسان الروحية الخالصة والتي يحتاجها مليارات من البشر لإدامة التوازن النفسي او صيانة الأخلاق العامة من منطلقات دينية روحانية ، وان الأفضل للجميع هوالفصل المدني وليس نفي البعض للبعض الآخر .

ومع ذلك ورغم ما يشهده العالم وينظرُ إليه بإعجاب وبعيون ٍلاتنام وقلوب خافقة الى شبان وشابات الشعوب العربية والتي كانت قبل أسابيع فقط – ميئوسا ً منها تماما ً– فأن الآمال قد تورّدت في تلك الأقطار الموصدّة بالحديد والنار والتعصّب القومي والديني والمذهبي والفساد المبطن أوالمسموح به ومناهج التعليم العنصرية والطائفية وكراهية غير السائد والمختلف أو كراهية الآخرين وحكم وسيطرة الفاشية الدينية بمختلف طوائفها السوداء والتي ما فتأت ُتثير الصراعات غير الضرورية !! في بلدان الشرق الأوسط دون النظر بواقعية الى معاناة شعوبها وطموحات شبابها وحاضرهم ومستقبلهم .

لقدعمّتْ المظاهرات والإحتجاجات الشبابيةالمدنية وتناسلتْ في عدّة دول غير خاضعة لرياح التغيير ومحسوبة خارج الحداثة السياسية والديمقراطية التي غيرتْ مجتمعات العالم منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي وتحول ترسانته المسلحة الى عبءٍ يجب التخلص منه ،بعضها أسقط طغاة وديكتاتوريين بدرجات مختلفة في التوصيف والتمدن وحب العظمة وإدعاء الوطنية الفارغة ،وبعضها الآخر يطالب بالتغيير نحو حياة أقل مهانة ومستقبل أفضل ،وهذا حق إنساني مشروع ، ليس هناك من يعترض عليه ،ولكن الطائفية الدينية السياسية المتخلفة او المستفيدة ،لها شأن اخر في ذلك ، الملك السعودي دعم حسني مبارك ضد طموح ملايين المصريين وكذلك الأمارات العربية والتي اصبحت للأسف مركزاً مالياً لتجميع الثروات على حساب الشعوب المحرومة ، فيما دعموا وبقوة إنتفاضة الشعب الليبي البطل ضد العقيد الأخرق ،وأدانوا زعزعة الأنظمة الخليجية في البحرين وعُمان ولم يتطرقوا الى اليمن والعراق ولبنان والسعودية والكويت ، بينما أصدر السيد على الخامنئي ولي فقيه الجمهورية الإسلامية في ايران فتوى ُتحرم على المتظاهرين العراقيين والإيرانيين القيام بالإحتجاجات حفاظا ًعلى مصلحة الأمّة الإسلامية من الخراب والإرهاب والقضاء على الإسلام ،وأن من يتظاهر مصيره الجحيم ،بل سوف ُيرجم في الحياة الدنيا قبل ذلك ، فيما نفس السيد الخامنئي يدعو شبان وشابات البحرين على الإنتفاضة من أجل الحقوق الشرعية للمواطن وعدم التهاون أبدا ًعن مطالب الحق الذي يراها هو بعينه اليسرى ولا يراها بعينه اليمنى حينما رفع المتظاهرون الأيرانيون المطالبون بالديمقراطية شعارات مدنية تخلع السيد الخامنئي من ان يكون الولس الفقيه في عصر التكنلوجيا والرفاه الإجتماعي ونهوض مؤسسات المجتمعات المدنية في انحاء العالم ، ثم تبعه للأسف ابراهيم الجعفري الذي يؤيد حركات الحرية في كل مكان عدا ايران الدولة ذات الشعب العظيم ، الأمّة الحبلى بالتغيير الذي سوف يحصل آجلا أم عاجلا ً.
هذا هو الغباء الطائفي السياسي والديني ، فهو يتحيز للطائفة والتحزب والمصلحة في البقاء في القمّة رغما ً عن إرادات الشعوب والشباب المُحبط ، بينما يَجد المتحررون من تلك القيود السميكة أنفسهم ُطلقاء في تشجيع وتأييد جميع حركات التغيير بغض النظر إن كانت في إيران أو العراق أو البحرين او مصر وتونس وليبيا واليمن ولبنان وسوريا والسعودية ، في أي بقعة من الأرض وصولاً الى كوريا الديكتاتورية وكوبا المتعفنة برائحة الرفاق من الموميئات،بل الصين العظمى التي ألغت من على صفحات الأنترنيت مفردة – الياسمين- وشعار – سلمية ..سلمية -!!!.
إن كل مظاهرة إحتجاجية وفي أي بلد وفي أية مدينة او قرية تدعو وتحمل شعاراً ُيدين الطائفية الدينية او السياسية وكذلك التعصب الحزبي والتفرقة العرقية ،هو إشارة صارخة وبلون فاضح يقول: الشعوب ُتريد التغيير ، إنه تأسيس لمستقبل نتمنى ان نشهده ونحن أحياء . ياليت !!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون