الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع والذوات المستقلة

صاحب الربيعي

2011 / 3 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعدّ المجتمع مفهوماً شمولياً معبراً عن ذوات مستقلة لكنها متوحدة في إطار نظام اجتماعي ينظم شؤونها ويحكم سلوكها ويشترط على أفراده الإقرار على نحو سابق بأحكامه العامة لإكسابهم عضويته، لكن الفرد يفقد عضويته عند إخلاله بشروطها فيسحب المجتمع الاعتراف به كذات مستقلة ويسقط حقوقه ويقسره على الواجبات عند اصراره العيش داخل النظام الاجتماعي. وليس شرطاً أن يكتسب الفرد الاعتراف به كذات من كل أفراد المجتمع بعدّه مكتسباً عضوية المجتمع، لأن اكتساب عضوية المجتمع تتطلب الإقرار بأحكامه العامة لكن الاعتراف بالآخر يتطلب اعترافاً متبادلاً بأحكامه الخاصة بدليل عدم توافق الفرد مع كل أفراد محيطه الاجتماعي وعدم سعيه إلى اكتساب اعترافهم به كذات خلال اقناعهم بأحكامه الخاصة ولا يقر في الوقت ذاته بأحكامهم الخاصة.
يقول (( هيغل )) : " إنه لا يمكن إثبات ذاتي في الحياة إطلاقاً من دون أن تقر بوجودها ذات أخرى، والإنغلاق على الذات يحولها إلى مجرد قشة في الهواء وإلى شيء يصعب إدراكه فإثبات وجودي في الحياة متوقف على اعتراف الآخر بي كذات ".
يرتبط الاعتراف بالآخر خلال أحكامه الخاصة وجود مصالح متبادلة لا يمكن تحقيقها من دون الاعتراف على نحو سابق بالأحكام الخاصة للذات الأخرى لخلق شبكة صلات خلالها يجري تبادل المصالح المشتركة وحال تقاطعها يسحب الاعتراف المتبادل بين الطرفين.
إن الاعتراف بالآخر ليس اعترافاً بذات متقابلة في النظام الاجتماعي وإنما الاعتراف بوقائع المحيط الاجتماعي ومدلولاته المشتركة بين الذوات الاجتماعية الساعية لتبادل المصالح المشتركة ولا يجري تبادل الاعتراف على نحو عام بين الذوات الاجتماعية التي لا تملك صلات مباشرة مع بعضها لأن المصالح المشتركة تعدّ مدلولات حسية تحقق منفعة متبادلة وتتطلب مسبقاً تبادل الاعتراف بأحكامهما الخاصة المحققة للمصالح المشتركة.
يعتقد (( فشته )) " أنه من دون وجود الذات لا وجود للحياة، ومن دون إكتساب الاعتراف بالذات لا يمكن أثبات مدلولات الحياة ووقائعها التي تقر الذات بوجودها ".
كلما تعزز الشعور بالذات بعدّها وحدة اجتماعية مستقلة في اطار النظام الاجتماعي ارتقى شأنها على نحو أكبر ما يزيد الاعتزاز بالذات، الأنا، مقابل الذوات الأخرى، نحن، فيجري الاعتراف المقابل بالذات بعدّها وحدة مستقلة ذات أحكام خاصة خاضعة على نحو غير مباشر إلى الأحكام العامة للمجتمع ما يزيد الصلات بين الذوات المستقلة لتحقيق المصالح المشتركة من دون تدخل مباشر من النظام الاجتماعي وأحكامه العامة.
إن المنظومات الشمولية الخاضعة لأحكام الراعي والقطيع تسعى إلى اضعاف مقومات الذات وتحقير مفهوم الذات المستقلة، الأنا، لقسرها الانصياع إلى الذات الجمعية، نحن، ليسهل عليها فرض أحكامها على القطيع ومن ثم اخضاع الذوات المُغيبة لتوجهاتها الخاصة المتعارضة كلياً مع توجهات الذوات المستقلة الرافضة لقيم الراعي والقطيع. وبذلك فإنها تعمل على نحو غير مباشر إلى تفكيك النظام الاجتماعي وتحقير أحكامه العامة خلال اخضاع قطاعات اجتماعية مُغيبة إلى توجهاتها وأحكامها الخاصة بعدّهم قطيع يحكمهم راعي ذو توجهات متعارضة مع الأحكام العامة لبقية الذوات المستقلة في اطار النظام الاجتماعي.
يعتقد (( ل. كولومينسكي )) " أن كل ذات فردية تندمج في ذوات جماعية على نحو غير مباشر، فمنظومات النشاط المعرفي المتباينة بمعاييرها ومقاييسها تتكامل داخل الذات على نحو كلي لتعزز الشعور بالأنا داخل الذات ".
إن تعزيز الشعور بالأنا داخل الذات خلال الغرس التربوي يشجع المنافسة الحرة لاحتلال الأدوار في الدولة والمجتمع تبعاً للكفاءة والخبرة والنشاط المعرفي وليس تبعاً للعزوة الحزبية والعائلية والمافوية التي ترفع شأن حثالات قاع المجتمع ورعاعه إلى قمة هرم الدولة والمجتمع على نحو غير عادل ومنصف.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تبدو كالقطن ولكن تقفز عند لمسها.. ما هذه الكائنات التي أدهشت


.. أصوات من غزة| سكان مخيم جباليا يعانون بسبب تكرار النزوح إلى




.. يحيى سريع: نجحنا حتى الآن في إسقاط 5 مسيرات أمريكية من نوع ط


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني في مدينة تبريز عاصمة محافظة




.. تحذير من حقن التخسيس لأصحاب هذا المرض