الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والسياسة في الإسلام (3)

رباح حسن الزيدان

2011 / 3 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أما الفاطميّون فقد قامت دعوتهم على تأكيد الإمامة وترسيخ قداستها والحرص على رسومها . وفلسفة الحكم عندهم من المذهب الشيعي الإسماعيلي , يعتقدون أن الإمامة هي ركن الدين وقاعدة الاسلام , وأن من كان في هذه الامة لا امام له عاش ضالاً تائهاً ومات كافراً منافقاً .
تنتقل في أعتقادهم الاسرار المكنونة والعلوم الدينية من الامام الاب الى الامام الابن وراثياً , فكل إمام يجعل لأبنه عقد الامامة من بعده ويودعه ما يحوز من أبيه عن جده .
ومن الشروط المهمة عندهم الوصية أو النص . يقولون بوجوب الطاعة , وجعلوا الطاعة في الامامة وأعتبروا الرافض للامامة رافضاً للطاعة . فالامام عندهم قيّم على الدين , وهو مثل الرسول بشير ونذير , وهبه الله السلطة وميزه على العباد ليعقد أحكام الله وأوامره ويهدي البشر ويصلح الدنيا ويكون سراطها . ووضح دعاة الفاطميين فضل الأئمة ووجوب طاعتهم والتسليم لهم في جميع الامور وموالاتهم والخوف منهم وتعظيمهم والسجود لهم تقديساً ومعاداة أعدائهم . فبعد ان كان الخليفة العباسي يتم تعيينه من الخليفة السابق بأن يعهد اليه بولاية العهد فأن الامام الفاطمي هو خليفة من سبقه بموجب الحق الالهي . ويتم أختياره ليكون وصياً للنبي وعلي بن أبي طالب . والشرط اللازم توفره في الامام هو الوصية عليه من الامام السابق .
وأكد الائمة في خطبهم لزوم طاعة "المهديين من ذرية الحسين أعلام الهدى وبدور الدجى وسادات الورى وأولياء الرحمن وحجج الزمان ودعائم الايمان ".
وأستعمل الفاطميّون الكيد السياسي أول ما أقاموا ملكهم في مصر , فلم يغيّروا أسلام الناس وفق مذهبهم "الاسلام سنة واحدة وشريعة متبعة " وتركوا الناس يؤدون فروضهم كما أعتادوا , الا أن ذلك لم يدم طويلاً , فما أن قام الامر للفاطميين حتى غيرتا الإصلاحات جوهر بعض الرتب الطقسية وجاء التغيير بترك المذهب السني في مصر .
وكان حكم المرابطين مزجاً بين الدين والسياسة وأشتهرت دولتهم بسيطرة الفقهاء الدينية والاقتصادية والسياسية .
وظهر في أخر عهد المرابطين المهدي بن تومرت الذي قوض حكمهم من خلال رفع شعار الامر بالمعروف والنهي عن المنكر , وتقديم بديل أسسه على دعائم ثلاث : تصور في العقيدة يقوم على التوحيد , ومنهج شرعي يقوم على التأصيل , وحكم سياسي يقوم على العدل . وما أن أخذ تومرت يدعو الى أفكاره حتى أنظم اليه الاتباع الذين أستحبوا فكرة ظهور المهدي ينصر الدين وينشر العدل . فبايع الناس أبن تومرت .
وذكرت المصادر التي وصفت حكم الموحدين والمراجع التي درست فترتهم أن عبد المؤمن كان "يعظم أمر الدين ويقويه ويلزم الناس في سائر بلاده بالصلوات ومن رؤي في وقت الصلاة غير مصل قتل ".
وقد رسمت رسالته التي بعث بها الى موحدي الاندلس الأسس الدينية لسياسته متوعداً الفسدين حاثاً على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وسار أبو يعقوب وأبو يوسف وغيرهما سيرة عبد المؤمن في أقامة الشعائر والتزام العمل بالمعروف والنهي عن المنكر وأقامة الحدود .
ولا يختلف المحدون عن غيرهم من الساسة في ذم من سبقهم في الحكم , فقد قامت دعوة أبن تومرت على هجاء المرابطين الذين حادوا عن الحق ولم يخلصوا للتوحيد وعذبوا الناس وظلموهم وأفسدوا في الارض وسفكوا الدماء وأستباحوا أموال الناس وجمعوا الحرام وشربوا الخمور وتهاونوا وأستخفوا بالحق .
ومجمل القول أن الامة التي كانت الخلافة الراشدة تحرص على توحيدها وتشريكها في الفعل السياسي أصبحت قوة رمزية توظف لتبرير الملك .
وقد تم الأنزياح عن تجربة المدينة في الواقع التاريخي مع تحويلها في نفس الوقت رمزياً الى تجربة لا تاريخية ثابتة مقدسة .
ولقد فرضت طبيعة المنصب التي جعلت الملك والدين توأمين , فرضت على الحكام المسلمين أن يظهروا للناس بمظهر الساسة الحارسين للدين المطبقين له , ومدهم كيدهم السياسي بأستعارة الظل لتسييس المقدس وتقديس السياسي وتفطنوا الى أمكانية مسرحة الدين للتأثير في العية وتدجينها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah