الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن خلدون علقمي دمشق

علي هصيص

2011 / 3 / 13
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عندما سقطت بغداد، عدنا إلى التاريخ قليلا، تاريخ بغداد على وجه التحديد، وقرأنا سطورا عن ابن العلقمي الذي سهّل على الغزاة دخول بغداد.
يبدو أن التاريخ لدينا تاريخ مناسبات وأحداث فحسب؛ فنستذكر صلاح الدين عند ظهور بطل ما، ونستذكر ابن تيمية عند وفاة عالم جليل أو عند مسلسل رمضاني، ونستذكر ابن العلقمي عند ظهور خائن عميل، لنقول بعد ذلك عبارتنا المعهودة: التاريخ يعيد نفسه .
دمشق حماها الله وحمى أهلها، وجد تيمورلنك عندما غزاها من يعينه عليها، ومن يسهّل الطريق أمامه ليقنع أهلها بالاستسلام، لا حفاظاً على الأرواح أو الأموال ودور العبادة، بل ليحظى بمنصب عند تيمورلنك عندما يتسيّد فوق رقاب العباد، ويبني عرشه فوق جماجمهم.
أبرز هؤلاء المفاوضين الذين سهّلوا الطريق أمام تيمورلنك كان العلامة الفهامة المؤرخ الكبير ابن خلدون!.
ابن خلدون الذي ازدانت مناهجنا بصورته وكثرت صفحاتها بكتابة سيرته، واجتزاء فصول من مقدمته.. كان مفاوضاً بارعاً وسبباً من أسباب سقوط دمشق في يد الغزاة. ولكن التاريخ يعرف التزوير أكثر مما يعرفه مزورو الدولار وسارقو الآثار والمعادن والأحجار الكريمة، بل ويعرف التاريخ نظرية الهرم المقلوب أكثر مما يعرفه محرر الأخبار والمراسل الصحفي.
فما كان خيانةً يأتي التاريخ المكتوب ليصوره لنا نزاهةً أو دبلوماسية، وما كان حقيقةً يأتي التاريخ المكتوب ليضع الأدلة والبراهين التي تثبت سوء النيات، فيصير الكاذب صادقاً والصادق كاذباً.
بعد أن أنهى ابن خلدون مهمته الجليلة في تسليم دمشق أعمل تيمورلنك سيفه في الرقاب، وأطلق يد الخراب، فزلزل الأرض وقوّض الأركان وأزهق الأرواح والأجساد!
وبعد أن استتبّ الأمر للفاتح المغولي الكبير، ذهب ابن خلدون إلى تيمورلنك ليقدم له هدية هي مصحف وسجادة أنيقة ونسخة من بردة البوصيري، وأربع علب من حلاوة مصر الفاخرة، ولما قدمها له وضع تيمورلنك المصحف فوق رأسه، بعد أن عرف أنه هو القرآن الكريم، ثم سأله عن البردة، وذاق الحلوى، ووزع منها على الحاضرين في مجلسه، والتمس ابنُ خلدون منه في هذا المجلس أماناً للقضاة والرؤساء والعمال، فأجابه إلى طلبه وأصدر الأمان.
إن القارئ في سيرة ابن خلدون يجد أنه رجل قناص للفرص، يبحث عن مصالحه وعن نفسه.
ولست هنا بصدد مناقشة سرقاته؛ فقد وُجد في مؤلفاته نقولات كثيرة من مصادر عدة كانت وقع الحافر على الحافر.
ولكن ما يستحق أن يُذكر في هذه العجالة هو مسؤوليتنا تجاه هذا التاريخ الذي يمتد بنا ولا ينتهي، وما نزال نحاول أن نظهر الوجه المشرق له، حتى لو وصلت بنا الأمور إلى حد يمكن أن نسميه التزوير لنعود إلى نظرية الهرم المقلوب، فتبين لأبنائنا ولأنفسنا الحسنات سيئات والسيئات حسنات.
وما يستحق أن يذكر أيضا في هذه العجالة أن ابن خلدون ليس العلقمي الأخير في تاريخنا، ففي كل يوم يولد حاوٍ ومغتصب، يظهر بوجه ويخفي وراءه وجوها وأقنعة، يتستر إما بلباس العلم أو بلباس الأخلاق والقيم ليقتنص الفرص، ويحقق المآرب. ولكن هل نظل ننتظر حتى يأتي من يتحدث عن هؤلاء بعد فوات الأوان، وبعد أن يغتنم هو الفرصة وتضيع من الغافلين جميع الفرص؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقيقة مرة
ح. العلوي ( 2011 / 3 / 13 - 13:50 )
اغلب السوريين يحملون افكار بعثية قومية ويعتبرون العرب امة عظية شريفة كبيرة و جبارة . ابن خلدون كان ضد قوميتكم وغتصابكم لشعوبنا ووصفكم باحسن الاوصاف عندما قال ان العرب امة وحشية تحب القتل والسلطة. هل كذب؟ اذن من البديهي ان تكون ضد ابن خلدون . ابن خلدون كان يكره جبروتكم عنصريتكم وغتصابكم لشعبه الامازيغي. اذا حاول الاطاحة بكم فهو شريف.


2 - إن صح ما قال الكاتب
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 3 / 13 - 18:55 )
إن صـح ما كتب السيد علي هصيص عن ابن خلدون الذي تألق ذكره ودرسنا عنه من صفوف الحداثة حتى نهاية الدراسة الثانوية, وفي بعض الدراسات الجامعية, نتساءل بتلبك معدي وفكري, هل كان ابن خلدون الانتهازي الوحيد في تواريخنا العربية والإسلامية, من أقدم الأزمنة حتى يومنا هذا؟ وهل أتيحت لنا الفرص الحقيقية لدراسة تاريخنا بشكل علمي آكاديمي؟ أم أنها صيغت دائما حسب رغبات السلطان ومطبليهم ومزمريهم, كما تفعل وزارات الإعلام في أيامنا هذه في جميع الحكومات العربية والتي تبدع وتبرع بما يسمى أبدا اللغة الخشبية. الحقيقة؟ الديمقراطية؟ الحريات الإنسانية؟ إنها مبادئ وممارسات لم نعرفها أبدا بفعالياتها الطبيعية... متى نبدأ بتعلمها وممارستها؟
مع أطيب تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الثائرة

اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا