الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشتراكية الدكتاتورية أم الاشتراكية الديمقراطية 4 - 4 .

شامل عبد العزيز

2011 / 3 / 14
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


انتهينا من قواعد النظرية الثلاث بين النظرية والتطبيق في روسيا في المقالة السابقة .
بما أننا قدّمنا تفنيداً لهذه القواعد ومن وجهة نظر شخصية لابدّ من تبني / رأي مخالف / وإلاّ سوف نكون سلبيين في ما طرحناه .
أدى تطبيق النظرية التي قامت عليها اشتراكية الدولة إلى خروج الواقع عنها في كل قاعدة من قواعدها .
ما معنى هذا ؟ هذا معناه : لابدّ أن يكون ثمة خطاً في النظرية أو في التطبيق .
إذا كان الأثنان صحيحين فإن معنى ذلك أن التطبيق لابدّ أن ينحرف عن النظرية بما يقتضيه بُعد الواقع عن مجرد النظر .
التطبيق بتلك الصورة التي عرضناها ادى إلى خروج نموذج جديد للرأسمالية هو : رأسمالية الدولة أو / رأسمالية الطبقة الحاكمة / . لماذا ؟
لأن الدولة تلقي مقاليدها للحزب الذي يترك سلطة التوجيه والتقرير للفئة الحاكمة .
هذه الفئة أصبحت في حقيقتها / الرأسمالي الواقعي في الدولة / لأنها تستقل بحق التصرّف في فائض القيمة وبذلك تكون الوريث الحقيقي للسلطة .
التطبيق الاشتراكي في روسيا المتخلفة أساء إلى الاشتراكية .
لقد أدّت الضرورة المطلقة للتغلّب على التخلّف إلى المطابقة بين أهداف الاشتراكية وأهداف المرحلة الأولى من الكفاح – مرحلة تراكم رأس المال – ثم أدّت هذه الضرورة و لا ننسى القسر والقهر إلى تسجيل بصمتها على التاريخ اللاحق ثم عملت الوطنية والقومية على صبّ النتائج في قوالبها القاصرة .
وهذا ما أكده الواقع وأثبتته التجارب وما السقوط المدوي إلا خير دليل على ما نقوله ونؤمن به .
الاتحاد السوفيتي أصبح وصياً على الاشتراكية وأيدلوجيته اقترنت بالتبريرات التي تزعم أن التطبيق الاشتراكي قد نجح فيه , ليس هذا فحسب بل أدّت هذه الوصايا إلى تصدير نموذج واحد من التطبيق الاشتراكي / هو نمذج رأسمالية الطبقة الحاكمة / .
هذا النموذج تستأثر فيه فئة من الحكام بالسلطة وبالحق في التصرّف في فائض قيمة كل إنتاج الدولة وعقاراتها يصاحب ذلك جهاز قوي من الشرطة باجهزة سرية متعددة تفرض الحكم بالقوة والقهرثم كيف هو الحال إذا رافق كل ذلك إعلام يبرر كل تصرفات السلطة الحاكمة .
هل هذا هو واقع الاتحاد السوفيتي في تلك الفترة أم لا ؟ مجرد سؤال .
الإعلام يحول اللامعنى إلى معنى والمعنى إلى لا معنى ثم يقوم بمحاولة تقديم أُطُرِ فكرية لوصف ما يجري وما يحدث طبعاً مع استبعاد المفاهيم التي تساعد على فهم هذا الذي يجري ويحدث .
هل هذا هو الذي حصل في الاتحاد السوفيتي أم لا ؟ مجرد سؤال آخر .
أتمنى أن لا ينزعج بعض الأخوة من الأسئلة التي نُكررها فغايتنا ليس تشويه النظرية بل العكس هو الصحيح , ليس لدينا غاية معينة كما قد يتوهم البعض , حرية الرأي والرأي الآخر هو الذي نؤمن به ومن المحتمل جداً أن يكون الرأي الذي نتبناه بعيداً عن الواقع واحتمال الخطأ فيه كبير جداً - ليس هناك حقيقة مطلقة نؤمن بها حتى نُصر على الرأي الذي ذهبنا إليه .
النموذج الذي بدأت روسيا بتصديره بالرغم مما في هذا النموذج من تشويه لم تتجرّد من النوازع القومية والعوامل الوطنية .
هذا النموذج لايكون لصالح الإنسان بأي حال من الأحوال وكذلك لايكون لحساب حرفية التطبيق الاشتراكي مجردة من أي عامل إنساني .
التصدير ضمن الأغراض الحزبية للطبقة الحاكمة في البلد المصدَّرة أو الأهداف الوطنية لها .
الصين بدأت بتطبيق نموذج آخر بدأ بتغيير العلاقات الاجتماعية لا العلاقات الاقتصادية .
يوغسلافيا لها نموذجها الخاص بها .
بعض دعاة الاشتراكية طالب بأن يكون لكل بلد نموذج خاص به ينبع من ظروفه الخاصة .
هذه الدعوة ترجع إلى التنقيحات الأولى للنظرية والتي ذكرناها في الأجزاء السابقة .
إلى جانب اشتراكية الديكتاتورية هناك اشتراكيات آخرى تقوم على ذات الأهداف ولكنها تختلف عن اشتراكية الديكتاتورية لأن اشتراكية الديكتاتورية وكما تراه الاشتراكية المخالفة كان فهماً ناتجاً عن الظروف التي وُضعت فيها النظرية الخاصة به من حيث الوقت أو المكان .
الأسلوب السديد هو الأسلوب الديمقراطي / تطبيق الأهداف بالنظم البرلمانية , والتكوينات النقابية والتشريعات المتتالية / .
أشهر الاشتراكيات في هذا الصدد / الاشتراكية الفابية / والتي ذكرناها في الجزء الأول .
هذه الاشتراكية وضعت قانونها الأساسي عام 1887 ومن أهم ما جاء فيه :
تتكون من اشتراكيين – تهدف إلى إعادة تنظيم المجتمع بتخليص الأرض ورأس المال الصناعي من الملكية الفردية والطبقية وجعلها في يد المجتمع لمصلحة الجميع .
هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن تحقيق العدالة في توزيع المزايا الطبيعية والمكتسبة التي تمتلكها الدولة على الناس جميعاً .
في تبرير الفارق بين الاشتراكيتين قيل أن النهوض الذي حققته الطبقة العاملة جعل لها تأثيراً على التشريع – عقود العمل .
إذا كانت الدولة ديمقراطية ولديها استعداد لأن تلزم نفسها بالإصلاح الاجتماعي وللطبقة العاملة نفوذ وقوة اقتصادية وكان للأمة وعي اجتماعي متزايد فإنه لا يكون ثم مبرر للتعامل على أساس من الثورة والصراع الطبقي .
اشتراكية الدكتاتورية اختارت أسلوبها في العمل قبل نشأة الاشتراكية الديمقراطية وكذلك في ظروف لم يكن روادها قادرين على غير التفكير في الثورة .
كان يتعين عليهم أي الرواد إزالة النظام القديم وبعد ذلك خلق جهاز سياسي لإعادة تنظيم المجتمع على أساس جماعي .
ولكن في حالة وجود مجتمع ديمقراطي ودولة تعرف التزامها نحو التشريع فلا تكون هناك حاجة إلى ثورة من اجل خلق جهاز سياسي جديد لأن الجهاز السياسي السليم قائم و لا يحتاج الأمر إلاّ إلى استخدامه .
الفابية كان لها أثر كبير في انكلترا يصورة خاصة وإليها يرجع الفضل في تأسيس حزب العمال البريطاني سنة 1900 فهو يؤمن بمبادئها ويعمل من خلال النظام النيابي والسلطة التشريعية على تطبيق هذه المباديء .
للفابية أيضاً تأثير مشع على كافة بلاد غرب أوربا وانتهجت نهجها في الأهداف الاشتراكية .
هذه هي غايتنا وهذا هو مُرادنا وهذا ما نتمناه لباقي دول العالم و لا شيء غير ذلك .
دائماً نُكرر القول التالي :
ليس هناك مثالية , هناك أفضلية , لا يوجد شيء كامل , هناك عيوب وفي نفس الوقت هناك امتيازات , هناك حريات هناك احترام لكرامة الإنسان , لا يوجد تكميم للأفواه – ليس هناك قمع و لا قهر ولا ظلم ولا طغيان – الإنسان هو اعلى وأغلى قيمة . ليس هناك فئة واحدة أو حزب واحد يفرض أفكاره بالقوة او التسلط , فلا يصح إلا الصحيح ولو بعد حين .
العاقل من اتعظ بغيره ؟
/ ألقاكم على خير / .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مساوئ الاشتراكية ليس فقط في التطبيق
طلال عبدالله الخوري ( 2011 / 3 / 14 - 14:07 )
اشكر الاخ شامل على جهوده بكتابة هذه المقالات وبعد.. أسمح لي يا سيدي ان اختلف معك قليلا وهذا لا يفسد للود قضية كما تعرف ..
برأيي, ان مساوئ الاشتراكية ليس فقط في التطبيق وانما بالنظرية ايضا .., وما يهمنا عمليا بالتطبيق وبالنظرية هو نوع الاقتصاد المعتمد ؟؟؟
أي شئ لا يتم بناؤه على اقتصاد السوق وقانون العرض والطلب سيفشل , وهذا سبب فشل لينين وستالين وليس اي شئ اخر.
حزب العمال البريطاني يؤيد اقتصاد السوق وقانون العرض والطلب وكل سياساته مبنية على هذا المبدأ فقط لا غير!! وجميع مستشاري حزب العمال والذين يتخذون القرارات هم مختصون بعلم اقتصاد السوق وقانون العرض والطلب.
يصبح الشعب شريكا بالاقتصاد عن طريق شراء الاسهم فقط لا غير .

تحياتي للجميع.


2 - ملخص عن الإشتراكية الفابيّة
رعد الحافظ ( 2011 / 3 / 14 - 17:35 )
سُميّت كذلك نسبةً الى الجمعية الفابية التي أنشأها مفكرون بريطانيون
منهم / برنارد شو وسيدني ويب وغراهام والاس عام 1884
والإسم إشتقوه من فابيوس كونكتاتورد / الجنرال الروماني الذي تصدى لهانيبال (الذي كان قد أوقع هزائم كبيرة في صفوف الرومان )
فابيوس هو الذي وضع خطة يتفادى فيها اللقاء المباشر مع العدو القوي
فكان يناور ويحاور حتى يستنزف قوى عدوه وعندئذ يضرب ضربته
***
عام 1920 إنضمّت الجمعيّة الفابيّة الى حزب العمال ( الذي كانت الحركة النقابية قد أسسته، وأصبحت بمثابة هيئة آيديولوجية له )
كما كسّبَ العمال كاتبًا ومؤرخًا مرموقاً هو / ج. د. كول
وظلت الحركة الفابية تعمل بوسائلها حتى شاعت أفكارها وآمن بها عدد كبير من الجمهور البريطاني و الحركة النقابية
عام 1945 حانت ساعة الإنتصار ,عندما إكتسح العمال الانتخابات السياسية وهزموا تشرشل / معبود الشعب حينها ,والذي قاده إلى الانتصار في الحرب العالمية
لكن الإنكليز قالوا / تشرشل هو بطل الحرب وقد كسبها
نحن الآن نواجه السلام ,وأبطال السلام هم العمال
الحكومة العمالية رفعت شعار / دولة الرعاية ونظام التأمين الإجتماعي ,بدل دولة القهر السوفيتية


3 - المنير الشامل
سامي ابراهيم ( 2011 / 3 / 15 - 22:15 )
تحية حب لك أيتها المنير الشامل.
أتشكرك من كل قلبي على هذه السلسلة الرائعة التي لخصت فيها وأستعرضت سريعا أنواع الإشتراكيات في العالم. وهذا يحتاج إلى جهد كبير وبحث مضني وثقافة عظيمة وسعة إطلاع كبيرة ورؤية متعمقة للأمور، اردت به التنوير ووالإفادة وتقديم المعلومة جاهزة ودسمة وكثيفة ومستوفية لحاجة طالب المعرفة حول موضوع الإشتراكيات، مع تقديم لمسات سحرية من قلمك تمرير قناعات وآراءك القيمة جدا بشكل متقن وإحترافي رائع.
لا يوجد شيء اضيفه في هذا الصدد أيها المنير الشامل.
لقد كفيت ووفيت. لك ألف شكر أيها الكاتب الرائع المنير. دمت بخير


4 - تعقيب
شامل عبد العزيز ( 2011 / 3 / 17 - 14:01 )
الدكتور طلال تحياتي وتقديري , حتى وإن اختلفنا فالحياة متنوعة ولا تقبل اللون الواحد ولكن النتيجة واحدة في هذا الاختلاف فأنا معك في تفسيرك واتمنى أن تتمتع بلداننا بالحرية ليس في السوق والتنافس بل في كل شيء
خالص الاحترام
الأخ رعد تحية وتقدير شكراً جزيلاً على الإضافات وخصوصاً برنارد شو والذي قال عنه أحد المفكرين لو أنه في بلداننا لقمنا باعدامه ,, شكري وتقديري
الأستاذ سامي - خالص شكري لمرورك ولجهودك المبذولة عزيزي , انا من قراءك وأتفق معك عزيزي اتمنى لك المزيد مع احترامي وتقديري

اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت