الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصلات بين التربية والتعليم

صاحب الربيعي

2011 / 3 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعدّ التربية غرساً قيمياً في اللاوعي، والتعليم غرساً معلوماتياً في الوعي للجيل الفتي وتهدف عملية الغرس الأولى إلى إحداث تغيير في السلوك وعملية الغرس الثانية تهدف إلى رفع مستوى الوعي. لأن المعرفة المكتسبة ليست مجرد معلومة جديدة لزيادة الوعي على نحو ظاهري وإنما في جوهرها الباطني يكمن أثر تربوي يُمكن الفرد التمييز بين السلوك السوي من غير السوي. ومن ثم فإنها تساهم في تعزيز القيم التربوية السوية ورفض القيم غير السوية المتعارضة مع أحكام المجتمع، بدليل التباين الكبير بين سلوك المتعلمين وغير المتعلمين على نحو عام.
لا يمكن اختزال مهنة التعليم إلى واسطة نقل المعلومات إلى المتعلم وحسب، بل إنها مهنة تعليمية تربوية تلحظها البرامج التربوية على نحو عام، فالمدارس التي توفرها الدولة تعدّ أحد وسائل إكتساب المعرفة لإعداد جيل متعلم لكنها تهدف أيضاً إلى غرس قيم الدولة في ذهن الجيل المتعلم ليكون سلوكه متوافقاً مع المنظومة السلوكية لقيم الدولة والعاكسة إلى حد كبير للقيم الاجتماعية.
يقول (( تولستوي )) : " إنه يستحيل فصل التربية عن التعليم، فلا يمكن أن نربي من دون أن نبذل جهداً تعليمياً لإكتساب معارف جديدة بعدّها تحمل في داخلها أثراً تربوياً ".
إن تكتسب معلومة جديدة خلال التعليم يعني اكتساب سلوك جديد أو تغيير سلوك ما في الذات، فكلما زاد الوعي التعليمي ارتقى السلوك فيؤثر بعلاقات الفرد مع وسطه الاجتماعي على نحو لاواعي. ومع الزمن يجري تغيير الوسط الاجتماعي على نحو كلي بالانتماء إلى وسط اجتماعي آخر يتوافر على قيم سلوكية متوافقة مع المكتسبات التربوية الجديدة ومنعكساتها الشرطية السلوكية.
إن زيادة وعي الفرد خلال التعليم والمكتسبات المعرفية الذاتية على الرغم من أنها آلية لتحديد انتماء الفرد إلى فئة اجتماعية معينة على نحو مباشر فإنها على نحو غير مباشر آلية تغيير السلوك على نحو يتعارض مع سلوك الفئة الاجتماعية السابقة وينسجم مع سلوك الفئة الاجتماعية الجديدة، بعدّ العملية التربوية تهدف إلى غرس قيم الدولة وسلوكها في لاواعي الفرد خلال التعليم ليكون منسجماً مع أحكام الدولة والمجتمع. وبذلك تحكم الدولة خلال برامجها التربوية قبضتها على سلوكيات أفراد المجتمع بما يحقق أهدافها البعيدة المدى، وبغض النظر عن توجهات سلطة الدولة السوية أو غير السوية في إحكام قبضتها على سلوكيات أفراد المجتمع فإنها تعدّ بمثابة الأب الروحي للمجتمع الذي يغرس قيم تربوية على نحو لاواعي في ذهن أفراده وإستخدام العنف على نحو واعي لقسرهم على الإستجابة.
تلخص (( أ. زيمنيايا )) أهم صلات التربية بالتعليم في المحاور أدناه :
1 – " تدخل التربية في صميم العملية التعليمية بعدّها تعليماً تربوياً.
2 – تدخل التربية في العملية التكوينية لمنظومة معينة أو مؤسسة ما خارج المؤسسة التعليمية وعلى نحو موازٍ لها مثل الحلقات الدراسية، والنشاط الاجتماعي، والتربية الأسرية.
3 – تدخل التربية من خارج العملية التكوينية، لكن تبعاً لأهدافها وقيمها العامة في الأسرة ومجموعات العمل والوحدات الاجتماعية وسائر فئات المجتمع حيث يحدث نوع من التعليم والتعلم العفويين.
4 – تدخل التربية من المؤسسات الأخرى غير التكوينية والتجمعات مثل الأندية، وأماكن الترفيه واللهو، والأصدقاء... وغيرها مقترنة بالتعلم والتعليم على نحو عفوي وأحياناً على نحو موجه بعدّهما التربية السائدة في الحياة وتأثيرها يكون قوياً من كبار السن والأقرب إلى الفرد في المحيط الاجتماعي على نحو فعال وحاسم ".
على الرغم من أن أساليب التعليم مختلفة إلى حد ما عن أساليب التربية بدالة المحطات العمرية لكنهما يشتغلان بآليات موازية لتحقيق أهدافهما المشتركة، فما يعيق تحقيق أهداف أحدها يعرقل مسيرة الأخرى. لذلك يجري إعداد البرامج القصيرة الأجل والطويلة للتعليم التربوي بعدّهما يسيران على نحو موازٍ لبعضهما وتحقيق أهدافهما يعدّ بمثابة قطار لا يسير إلا على سكتي التعليم والتربية ومن دون إحداها لن يصل القطار إلى محطته المنشودة، وبذلك فإن برنامج التعليم التربوي لن يحقق أهدافه من دون وجود سكتي التعليم والتربية وصلاحية مسارهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -دبور الجحيم-.. ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران


.. رحيل رئيسي يربك حسابات المتشددين في طهران | #نيوز_بلس




.. إيران.. جدل مستمر بين الجمهوريين والديموقراطيين | #أميركا_ال


.. مشاعر حزن بالفقدان.. إيران تتشح بالسواد بعد رحيل رئيسها وتبد




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مدينة بيت لاهيا